غسل اليدين

ثقافة تفتقدها المجتمعات الاسلامية

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: قبل أيام إحتفل العالم أجمع باليوم العالمي لغسل اليدين، تقديرا من ذوي الاختصاص لأهمية هذه الظاهرة الصحية والذوقية في آن، فهي وإن بدت عملية بسيطة في معناها وصورتها، إلا أنها غالبا ما تؤدي الى نتائج مادية ومعنوية مهمة في مجالي الصحة والذوق العام.

فهذه العملية البسيطة التي لايتجاوز وقت القيام بها دقيقة واحدة، ولا يتطلب فعلها سوى القليل من الماء والمنظفات المتاحة، تحمي الانسان من أمراض كثيرة قد يُصاب بها في حالة إهماله لغسل يديه، إضافة الى أنها صورة واضحة وسهلة من صور النظافة التي لا تتطلب كثيرا من الوقت او الجهد او المال، ناهيك عن تشكيلها لثقافة ذوقية يمكن أن تسود المجتمع أجمع، وبالتالي ستصبح وسيلة من وسائل الحفاظ على الصحة الفردية والجماعية وعلى الأموال الفردية والعامة أيضا.

ولكن تشير الوقائع الى أن المجتمعات العربية والاسلامية لم تعر هذه الثقافة الصحية الذوقية ما تتطلبه من درجة اهتمام مطلوبة، مع أن الاسلام جعل النظافة قرينا بالايمان إستنادا الى الحديث النبوي الشريف الذي ينص على أن (النظافة من الايمان) وعملية غسل اليدين تنتمي الى النظافة جوهرا وصورة، لكن المسلمين يفتقدون في الغالب الى هذه الثقافة، وحين نبحث في الاسباب التي تقف وراء ذلك، ستظهر اللامبالاة وعشوائية السلوك وعدم الاهتمام بالنظافة الفردية والعامة في مقدمة ذلك.

وهذا دليل على أن المسلم او العربي لا يهمه تطبيق الجوهر الاسلامي الداعي الى وضع النظافة بمرتبة الايمان، فلا ايمان صحيح وكامل مع غياب (مقصود او خلافه) للنظافة، وما غياب ثقافة غسل اليدين عن مجمل حياتنا وسلوكياتنا إلا دليل على عمق اللامبالاة التي نتعامل بها مع النظافة وهي قرين الايمان وسنده.

وهنا لابد أن نشير الى أن المسؤولية في هذا المجال لاتقع على الفرد أولا، مع انه يتحمل جانبا منها، لأن الفرد يشكل جزءً من منظومة كلية، وهذا الكل المجتمعي لم يحصل (كما يبدو) على الرعاية والتثقيف المطلوب لنشر ثقافة (غسل اليدين) وجعلها حالة سلوك يومي للفرد والمجتمع، وهذا ما يقود بدوره الى تقاعس الجهات المعنية بالتربية الصحية والذوقية والتتثقيفية أيضا، فالمجتمع المثقف يقوم تلقائيا بتثقيف أفراده الجدد او المنخرطين فيه حديثا كالولادات او العودة من سفر او هجرة طويلة وما شابه، وهكذا تصبح العادات السليمة سلوكا حياتيا سليما، فتقل نسبة الامراض الى اقصاها الأمر الذي يسهم بزيادة موارد الشعوب ومدخراتها.

فقد صرّح وزير الصحة العراقي -على سبيل المثال وليس الحصر- في احتفالية أقيمت في جامعة كربلاء بمناسبة اليوم العالمي لغسل اليدين قائلا: "إن عملية غسل اليدين توفر للبلد نحو مليار دينار من ميزانيتها لأنها تعد وقاية من الكثير من الأمراض" .

وأضاف الوزير"ان لعالم كله يحتفل منذ الجمعة الخامس عشر من الشهر الجاري باليوم العالمي لغسل اليدين وهذا يعني إن لهذه العملية البسيطة أهمية بالنسبة للمواطنين” وأشار الوزير إلى "أن ما نحتاجه هو ثقافة لهذه الطريقة التي تعد من ابسط أنواع الثقافة في التطبيق وان بدت عملية بسيطة، إلا إنها وقائية وفي غاية الأهمية".

ولكن لابد أن تكون هناك خطط عملية مبرمجة لنشر هذه الثقافة بين عموم الناس، كما أننا لا نستطيع أن نغفل الدور الرسمي الكبير في هذا المجال، من حيث توفير المستلزمات المطلوبة لنشر هذه الثقافة، خاصة ما يتعلق برصد الاموال المطلوبة لبناء الحمامات العامة، بالتزامن مع اطلاق مجموعة من البرامج التثقيفية التي ترد ضمن خطط موضوعة من لدن المختصين، ولابد أن يتم التأكيد على الدور الاعلامي الهام بشقيه الرسمي والاهلي في هذا المجال، مضافا الى ما تقدمه المنظمات المعنية من جهود تثقيفية تساعد على نشر هذه الثقافة بين عموم المجتمعات التي تفتقد لها لتصبح سلوكا معتادا من لدن الجميع.

وأخيرا لاننسى دور الفرد نفسه في مساعدة نفسه لكي تعتاد هذا السلوك الصحي الذوقي الرفيع، فيحصل بذلك على خصلتين مهمتين، إحداهما مادية تتمثل في تمتعه بصحة جيدة، وأخرى معنوية تتمثل بتحصيله للذوق السليم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/تشرين الأول/2010 - 16/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م