الصدق والكذب لهما استخدامات تتقبل الوجهين من الحلال والحرام ولكن
المهم هو المجال الذي يستطيع به المرء جعل الكذب حلال والصدق حرام، نعم
هنالك ضرورات لهذا الامر واهم مجال يتم التلاعب بالضرورة هو الاعلام
والذي ظاهرا يعتمد الصدق ولا كذب في قاموسه هذا هو الامر الطبيعي ولكن
اين هو من الواقع ؟
الاعلام الامريكي وبعيدا عن المجالات التشريعية التي تجيز استخدام
الكذب ورفض الصدق فانها تحسن استخدامهما بالرغم من ان الغاية في ذلك
غير نبيلة ولكن الملاحظ هو تاثر العقلية العربية بالاخبار والتقارير
التي تبثها وسائل الاعلام الامريكي، فالخبر الذي تبثه وسائل الاعلام
الامريكي يتاثر به المتلقي العربي ولو نفس الخبر اذاعته وسائل الاعلام
العربية لن يلتفت اليه المتلقي فاذا كان صحيح قيل انه كذب والعكس
بالعكس.
السياسة الامريكية المتبعة في اعلامها تكاد تكون الحرية معدمة فيها
شبه مطلقا ولكنها لا تظهر للمتلقي ابدا وكان الحرية الاعلامية بعينها
موجودة عندهم خصوصا عندما تنتقد وسائل الاعلام حكومتها معتبرين ان هذا
هو الحرية الصحيحة بل العكس هو الاسلوب الامثل في استخدام الصدق والكذب
في المجالات التي تحتم عليهم استخدامهما.
على سبيل المثال فضائح ويكليكس التي تتحدث عنها كل وسائل الاعلام
وبدأت بكتابة المقالات والتقارير على هذه الوثائق التي لا ياتيها
الباطل من بين يديها !!!! وكانها معصومة من الدس والتحريف وفي نفس
الوقت لا يمكننا ان نجزم ان كلها مزيفة ولكن الخلطة التي استخدمتها
الاجندة التي بثت هكذا العوبة اتقنت استخدامها ونالت تاثيرها.
قدمت الاستاذة "سلافة الزعبي" رسالة عملية عن الاعلام الامريكي
والتي نشرت في كتاب مؤخرا بعنوان "صورة العرب في الإعلام الأمريكي"، أن
الإعلام الأمريكي يتبع السياسة الأمريكية، وليس حقلا محايدا مفتوحا
للسجال الديمقراطي، وأن الإعلام الأمريكي لا يتمتع بالحرية المتوقعة أو
التي يظنها كثير من العرب على الأقل في ميادين السياسة الخارجية
الأمريكية، وليس مهما جدا لنا نحن العرب إذا كان الإعلام الأمريكي يملك
حرية واسعة في مناقشة قضايا الإجهاض والضرائب والأسرة وحمل السلاح في
الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا".
وبسبب التاثر العربي بالاعلام الامريكي فان الحكومات العربية قدمت
تسهيلات للاعلام الامريكي في سبيل تاثيره في الوسط العربي، ولاحظنا كيف
لعب الاعلام الامريكي دورا مهما في التاثير على الاحداث السياسية في
العراق سلبا وايجابا بحيث ان كثير من الاخبار المفبركة تظهر على الساحة
العراقية لتنال من شخصية معينة كما فعلت في ابتداع فرق الموت وتنسيبها
الى الحكومة العراقية وهم اعلم بمن يرتكب المجازر في العراق كما وانها
من جهة ثانية تظهر الفساد المالي والاداري في دوائر الدولة وهي صحيحة
ولكن تسليط الضوء عليها حتى يؤدي الى الاحباط لدى المواطن العراقي من
عمل هذه الدوائر.
الوثائق والصور التي تنشر من على مواقع الانترنيت لو لم تزيف
لاعتمدت لدى المحاكم القضائية كدليل ولكنهم يعلمون من السهولة تزييف أي
وثيقة ونشر أي صورة يمكن ان تجمع المتناقضات.
كثيرا ما تنشر الصحف الامريكية اخبار تدث ضجة في الوسط الاعلامي
العربي بل حتى كتاب المقالات يستشهدون بهذه الاخبار ولو سالت امريكيا
عن هذا الخبر فانه سيقول لا اعلم به ولم اطلع عليه، لماذا يعتقد
الاعلامي العربي ان الخبر صحيح ؟
من الاساليب الرخيصة والتجارية التي تعتمدها وسائل الاعلام الامريكي
فمثلا جريدة النيويورك تايمز نشرت تحقيق عن الكتب الجديدة التي ظهرت في
الفترة الأخيرة تنتقد ادارة جورج بوش، في محطة سي بي اس التلفزيونية
برنامج اخباري نصف اسبوعي اسمه ستون دقيقة هذا البرنامج عرض حوارا مع
وزير الخزانة الأمريكية السابق المستقيل من ادارة بوش الابن يعرض فيها
محتويات كتابة الجديد حول ادارة بوش ولقي الكتاب صدي كبيرا وانتقد بشكل
حاد ادارة بوش، وبعد ذلك في نفس البرنامج اعلان عن كتاب آخر لمنسق
مكافحة الارهاب في الادارة الأمريكية ريتشارد كلارك الذي استقال من
الادارة الأمريكية اعلن عن الكتاب في نفس الأسبوع الذي سيمثل فيه
ريتشارد كلارك أمام اللجنة المسؤولة عن التحقيق فيما حدث يوم الحادي
عشر من سبتمبر 2001 م وانتقد ريتشارد كلارك ادارة بوش انتقادا كبيرا،
كذلك نفس البرنامج عرض للقاء مع الصحافي بوب ودورد يعرض فيه كتابه خطة
الهجوم الذي حكي فيه سعي ادارة بوش للتخطيط والتنفيذ لعملية الهجوم علي
العراق وصور بوش متدينا منغلقا لايسمع الي أحد بل صوت الرب، كل هذا قد
يكون مجرد تعاون وذكاء في تسويق كتب جديدة، ولكن حين نعرف أن الشركة
التي تملك محطة التلفزيون التي تنتج البرنامج هي نفسها الشركة المالكة
لشركة طبع وتوزيع الكتاب وهي نفس الشركة التي تملك شركة انتاج فيلم
سينمائي حول قصة أحد هذه الكتب، بل وتملك محطات الاذاعة التي تسوق
الكتاب وكذلك الجريدة التي يتم فيها تقييم الكتاب ونقده.
بقي ان تعلموا ان هنالك لجنة فيدرالية للاتصالات متخصصة في مراجعة
القواعد المنظمة لعملية امتلاك الوسائل الاعلامية، هذه المركزية
الجديدة التي تعتمدها ادارة البيت لاابيض توفر سيطرة من يتحكمون في هذه
الشركات بالسيطرة علي كل نشاط المجتمع وليس هناك كابح للسلطه ذاتها. |