ظواهر اجتماعية عراقية... الطلاق

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: من الظواهر الاجتماعية الناشئة في نسيج المجتمع العراقي والتي اخذت تعمل على تفككه ظاهرة الطلاق المتزايد وارتفاع معدلاته الى ارقام غير مسبوقة طيلة عقود طويلة.

كل منا يمكن ان يكون قد تعرف على حالة او اكثر من حالات الطلاق التي تكون قد وقعت له او لاحد افراد اسرته او لاحد اقاربه او اصدقائه، وهي حالات اصبحت غير نادرة الوقوع وهناك نوع من القبول الاجتماعي المتزايد لها بين الكثير من الاوساط الاجتماعية.

اعرف احدى الحالات المتسرعة لزواج غير متكافىء الشروط لم يستمر اكثر من سنة واحدة وانتهى بالطلاق لتتزوج الفتاة العشرينية مرة اخرى وتنجب طفلا ثم تتطلق مرة اخرى وهي لم تتجاوز الواحد والعشرين من عمرها، كم ستتزوج وتتطلق خلال خمسة عشر عاما هي الفترة الزمنية التي ستكون حظوظها متواجدة في الزواج بها من قبل الاخرين؟

تستبطن هذه الحالة وحسب قربي منها عدة اسباب للطلاق:

صغر سن الزوجين.

عدم النضج العاطقي.

عدم التكافؤ في المستوى التعليمي بين الزوجين.

سكن الزوج في بيت اهله.

العلاقة المرضية بين الام وابنها المتزوج.

العنف الزوجي من قبل الزوج اتجاه زوجته.

تدخل اهل الطرفين في حياة الابن والابنة.

وهناك اسباب اخرى قد تقترب مما ذكرته في الحالات الاخرى وقد تبتعد عنها، الا انها في المحصلة النهائية تقود الى اروقة المحاكم وايقاع الطلاق بين الطرفين.

حسب احصائية قدمها المجلس القضائي الأعلى الذي يشرف على محاكم العراق فان دعاوى الطلاق لعام 2004 كانت 28 ألفا و689. ارتفعت إلى 33 ألفا و348 في 2005.

ثم ارتفعت مجددًا إلى 35 ألفًا و627 في 2006، وهي الفترة التي شهدت نوعا جديدا من الطلاق في المجتمع العراقي وهو الطلاق على اختلاف الهوية الطائفية التي ينتمي اليها الازواج.

 وارتفعت مجددا في العام 2007 إلى 41 ألفًا و536 حالة طلاق، وحققت نسبة الطلاق انخفاضا في الأشهر الأولى من العام 2008. إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 820 ألف و453 حالة طلاق.

المختصون يقدمون عددا من الاسباب في تفاقم ظاهرة الطلاق فهي اضافة الى العامل الاقتصادي يشيرون الى الانفتاح الذي بدأ يشهده هذا البلد بعد العام 2003، والذي قاد بدوره في تبدل الكثير من المفاهيم المجتمعية، إذ بات المجتمع، مثلاً، لا يعتبر الطلاق عيبًا.

دخول الفضائيات والمسلسلات الأجنبية لبيوت العراقيين، وما تتضمنه من أفكار وأحداث تؤكد أن الطلاق ظاهرة عادية، وهو ما دفع العراقيات لتقبل أمر الطلاق كحادثة عابرة.

ويقع الطلاق بين الفئات العمرية التي تتراوح بين 28-38 سنة، وخلال السنوات الثلاثة الأخيرة ارتفعت حالات الطلاق بشكل هائل، وربما يمكن إيجاد حالة طلاق واحدة بين كل حالتي زواج أو ثلاثة، والأمر يشمل تقريبا كل محافظات العراق دون استثناء.

تشير سجلات محكمة واسط إلى ارتفاع نسب الطلاق والتفريق بين الشباب خلال عام 2008 بنسبة 19% عن السنة التي سبقتها.

في كردستان العراق فقد وصلت حالات الطلاق في عام 2008 إلى 3663 حالة وفي عام 2009 بلغت 4237 حالة طلاق، اما بالنسبة للعام الحالي اي لغاية نهاية شهر حزيران فقد بلغت حالات الزواج 22845 حالة اما حالات الطلاق فوصلت الى 2555 حالة.

وتسجِّل محكمة الأحوال الشخصية بمدينة العمارة معدلات غير مسبوقة من حالات الطلاق تتراوح بين 50-70 حالة يومياً،

وتشيرالارقام إلى إن محافظة بابل تغرق في هذه المشكلة الخطيرة منذ عام 2003 حيث كانت نسبة الطلاق لا تتجاوز إل 3% ارتفعت إلى نسبة 25% ثم قفزت إلى 50% مع مطلع عام 2010.

الباحثون الاجتماعيون الذين يتواجدون في المحاكم العراقية لتقريب وجهات النظر بين الزوجين الطالبين للطلاق اجمعوا على ان السبب الرئيسي لكثرة الطلاق هو تغير نظرة الناس، وسيادة النظرة المادية وغياب القيم التي كان يؤمن بها المجتمع العراقي، فالعوائل لم تعد تسأل عن اخلاق الشخص وانما تسأل عن احواله المادية قبل اي شيء إلى جانب قلة الوازع الديني والأخلاقي لاسيما بعد احتلال العراق.

وقالت الباحثة الاجتماعية فوزية العطية إن (ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي آخذة في التزايد، وهو مؤشر يدل على تفكك أواصر المجتمع، وساهم في ذلك بدرجة كبيرة قلة الوعي الاجتماعي والديني).

وأوضحت العطية أن (المجتمع العراقي مر بمراحل تفكك بدءا من الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج والحصار حتى سقوط النظام السابق في 2003 وما أعقبها من تهجير قسري للعوائل" مبينة أن "الاقتصاد في البلد والتعليم والمؤسسات العلمية أصابها الركود والتفكك ما اثر سلبا على الفرد العراقي).

وتابعت (لا تخفى مضار الفضائيات على العائلة العراقية خصوصا أنها آخذة بالتكاثر واغلبها بدون مضمون، وباتت تؤثر بطريقة أو بأخرى على المفاهيم الاجتماعية السائدة).

اما علماء النفس فكان لهم رأي اخر حيث يتحدث استاذ الصحة النفسية في قسم الارشاد النفسي - الجامعة المستنصرية - كلية التربية الدكتور محمود كاظم التميمي قائلا: ظهرت بعد عام 2003 ظاهرة نشطة ومتزايدة للزواج، وهذا الزواج شمل مواليد التسعينات ولا يقترب اطلاقا الى مواليد السبعينات وان تعدى الى مواليد الثمانينات وشاع الزواج لدى الموظفات لوفرة نقودهن وما يمتلكن من مصوغات ذهبية او دفاتر توفير.

وتزايدت بشكل متسع حفلات الزفاف دون التأهل بشروط الزواج الناجح والتأمل في الانسجام العائلي والتوافق الاسري والتوافق الزواجي الحاصل من مجموعة توافقات عمرية وثقافية واجتماعية واقتصادية.

وازاء اللا توافق او سوء التوافق الزواجي برزت في المجتمع العراقي في السنوات الماضية ظاهرة الطلاق التي هي (ابغض الحلال عند الله) وتقديرنا يعود ذلك لاسباب جمة منها:

اولا: الاختيار غير الصحيح، او التسرع في الاختيار دون معرفة تفاصيل حياة الطرف الاخر،

ثانيا: اسباب عمرية وزمنية او مايسمى بسوء التوافق الزمني فقد يكون الزوج من جيل بعيد عن الزوجة ولكل جيل له تطلعاته وطموحاته ورغباته فمن الصعب التوافق احيانا بين الاجيال لاختلاف العقلية والافكار والتطلعات وقد يؤدي ذلك الى الفراق.

ثالثا: عدم الشعور بالمسؤولية ازاء الشراكة المراد انشاؤها سواء كان ذلك من الزوج او الزوجة.

رابعا: اغلب الزيجات التي قد تؤدي الى الانفصال هو عدم قدرة الزوج على انشاء اسرة مستقلة في شؤونها الاقتصادية والاجتماعية فتدخل عائلة الزوج او الزوجة في الحياة الداخلية للزوجين حديثي العهد قد يولد مشاكل جمة توصل حياتهم القصيرة الى الطلاق.

خامسا: سوء التوافق الثقافي والاجتماعي وحتى الحضاري بين طرفي الزواج، فأن كان احدهما من بيئة ثقافية وحتى اجتماعية بل وحتى اقتصادية او حضارية تختلف عن الطرف الاخر قد يولد ذلك سوء التوافق الزواجي.

 وثمة أسباب عديدة يذكرها المختصون يمكن اجمالها في نهاية الموضوع على الشكل التالي :

أ- أسباب غير مباشرة في حصول الطلاق وهي

أولا- تردي الوضع الاقتصادي للعديد من الأسر.

ثانيا- عدم الاستقرار الأمني والسياسي يلقي بضلاله على عدم استقرار العائلة.

ب- أسباب مباشرة في حصول الطلاق.

اولا- شيوع حالات زواج القاصرين ,فالقاصر لا يعرف معنى الزواج وغير مستعد لتحمل مسؤولية وحين يصطدم بمهام جسام فلا يجد وسيلة أسهل من الطلاق.

ثانيا- الاختيار الخاطئ لشريك العمر.

ثالثا- تدخل الأهل والأقارب.

رابعا- وجود فجوةأخلاقية أو علمية بين الزوجين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/تشرين الأول/2010 - 12/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م