المسلسلات المدبلجة... بين الازدراء والاستحسان

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: من ان تاتي الساعة الثامنة مساءا حتى ينتاب بيت ام محمد كما هو حال اغلب بيوت العراقيين نوبة من التدافع والزحام امام شاشات التلفزيون والموعد ساعتها مع المسلسلات التركية المدبلجة التي انتشرت كالنار في الهشيم وهل تقلك الى عالم المودة وعوالم السحر والمناظر الخلابة فضلا عن ما تكتنزة من مشاهد الاثارة والاباحية، وهذه بحد ذاتها عوامل قد تلقى حالة من الانقسام الشعبي بين مؤيدا او رافض لهكذا نوع من المسلسلات واليكم ما اورده المواطنيين حيال هذه ظاهرة الجديدة على واقعنا العراقي.

آراء متباينة

أم محمد قالت إن سر إعجابها وتعلقها بأحد المسلسلات سببه المعاملة الحسنة بين الزوجين والتي عز نظيرها في أيامنا هذه، وهو ما يستشف من المعاملة الطيبة لدرجة التدليل الزائد أحيانا.

بالمقابل فإن مريم التي قالت إنها بدأت مشاهدة مسلسل مدبلج منذ حلقاته الأولى وهي تصب عنايتها عليه أسلوبا وتمثيلا، وتؤكد أنها قطعت على نفسها عهدا أن لا تتابعه منذ عرفت مخاطر أهدافه، وهي تعتقد بوجود ثوابت يجب أن لا تغيب عن بال أي متابع يحترم قيمه وأخلاقه لمثل هذه المسلسلات، وترى أن بعضها أضر بالقيم العراقية.

من جهته يرى الاستاذ محمد مجهول وهو خريج اكاديمية الفنون الجميلة فرع بابل بأن المسلسلات المدبلجة لم تتميز من حيث الحبكة الدرامية فقط، وإنما من حيث تعقيد الأحداث واقترابها من أحداث يعيشها العالم العربي مثل شكل الأسرة في المسلسل وتركيبتها التي لا تختلف كثيرا عن شكل وطريقة الأسرة لدى الباشوات في مصر مثلا، أو العائلات في الخليج.

وأشار محمد مجهول إلى أنها لم تقف كغيرها من المسلسلات الأخرى عند قصة حب تقليدية بين رجل وامرأة، بل تجاوزتها نحو تعقيد أكثر.

اما علي ابراهيم ، فيقول، تحظى هذه المسلسلات بنسبة مشاهدة هي الأعلى في العراق لاسيما من طرف الشباب، وهي عودة بمؤشرات الزمن إلى الوراء، وتحديدا إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي التي مثلت أوج اهتمام العراقيين بالمسلسلات.

تلك الظاهرة التي لم تسلم من تأثيراتها اجهزة الموبايل ومقاطع الفيديو ووجهات المحلات والصحف، واليوم فإن الانبهار بالمسلسلات المدبلجة يعود بشكل أقوى ليصل الإعجاب حدود تحميل صور أبطالها على شاشات الهواتف.

ويتابع، سر الانجذاب الجارف وراء متابعة الحلقات يراها البعض في تناولها قضايا اجتماعية غير بعيدة عن اهتمام ووجدان المتابع العربي كحلم الثراء والدفء الأسري والعلاقة المتوازنة بين أفراد العائلة، كل ذلك في محيط اجتماعي لا يختلف كثيرا عن ما يجده هذا المتابع في بيئته الأصلية كالمسميات العربية.

ويختتم، انها تستدعي المشترك التاريخي من خلال حياة باشوات الأتراك وقصص ألف ليلة وليلة، فضلا عن التدفق الدرامي المتصاعد والتجسيد الفني الرائع للأحداث والمشاهد.

في المقابل لا يبدو أن المسلسلات التركية قد غيرت من قناعات الكثيرين، ولم تفلح في التأثير على آرائهم حول هذا النوع من المسلسلات التي يرونها مطية للغزو الثقافي وأداة لنقل أنماط وسلوكيات مشبوهة ووسيلة لإشاعة الفاحشة.

مشاهد محرجة

(مها .ش) طالبة بكلية التجارة، هي الأخرى من متابعي المسلسلات المدبلجة تقول، في الواقع كنت مغرمة جداً بها في البداية، خاصة وأنا في المرحلة الثانوية، وبدأت أتابع أول مسلسل مدبلج وانتظره بلهفة نظراً لأن البطل كان شديد الجاذبية والوسامة، طبعاً أنا أضحك على نفسي الآن، لكن هذا كان هو السبب الرئيسي.

وتضيف مها، بالإضافة إلى أن القصة كانت مشوقة، حتى أنني كنت أحاول أن أنتهي من المذاكرة باكراً أو أؤجل الدراسة لما بعد نهاية المسلسل، وأحياناً أجد بها مشاهد غرامية كثيرة، اشعر بالحرج الشديد بوجود إخواني الذكور أو والدي.

انا سوسن.ع، وهي طالبة بكلية الآداب، تقرانها مولعة بمشاهدة المسلسلات المدبلجة فتقول، أتابع ثلاثة مسلسلات مدبلجة في نفس الوقت خاصة التي تذاع على قناة m.b.c4 وقناة A.R.T وهي مسلسلات في معظمها علاقات رومانسية شفافة وأبطالها دائماً شخصيات طيبة تواجه الصعاب من شخصيات سيئة وشريرة إلا أن النصر في النهاية يكون دائماً حليف الطيبين، وما يجذبني فيها أن أحداثها دائماً متجددة، وحبكتها الدرامية جيدة لأنك لا يمكن أن تتنبأ بما سيحدث في نهاية القصة بعكس المسلسلات العربية!

خلو الساحة الفنية

 الى ذلك أكد الخبير الاجتماعي حسن حناني أن أهم مبررات تعلق البعض بمشاهدة المسلسلات المدبلجة خلو الساحة الفنية العربية من مسلسلات اجتماعية بهذا المستوى الفني والدرامي الذي يجد فيه كل من أفراد الأسرة طلبته.

وأضاف، أن أحد العوامل الأخرى يكمن في حجم المشاكل النفسية والتحديات التي تجابه الحياة الأسرية في بلادنا في ظل ارتفاع نسب الطلاق والتفكك الأسري، ما يجعل أفراد الأسرة يحلمون بالدفء العائلي واللمسات الحانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/تشرين الأول/2010 - 11/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م