البطاقة التموينية وجدوى وجودها

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: ما أن يأتي الموعد المحدد لتسلم الحصة التموينية حتى تستلهم الأسرة العراقية درسا أخر من دروس التجربة الديمقراطية المعاصرة من خلال ما يطرح من تصورات وأفكار تصب في خانة التحليل والقراءة المتأنية لواقع البطاقة التموينية على الرغم ما يتركه ذلك السجال من فوضى وارباك في محيط الأسرة، وربما تمتد آفاق النقاش لتشمل الحراك والعراك الحضاري تأسيا بما يدور في أروقة العملية السياسية العراقية، وقد تتناول مساحة الآراء العديد من القضايا ومنها ما يتعلق بآخر المستجدات الطارئة، وعن أحوال تلك البطاقة التي لم يعد لها معنى في نظر البعض سوى ما تشكله من مصدر مهم للدوائر الرسمية وشبه الرسمية وهذا على ما اعتقد سر وجودها وديمومتها وبقائها على امتداد السنوات السبعة الماضية التي أعقبت دخول القوات الأمريكية الى العراق، حيث لم يعد بمقدور الجهات المسئولة الوفاء بالتزاماتها في ظل الواقع الراهن وهي عاجزة عن تلبية أبسط مقومات الحصة التموينية هذا مما يضع المواطن في حرجا كبير أمام تنامي المواد الغذائية وارتفاع أسعارها.

لذا كان لزاما علينا أن نستعرض فرصة التساؤل عن جدوى وجود وزارة ووزير وموظفين قد يصل عدادهم الى الآلاف ناهيك عن التخصيصات المالية الكبيرة التي يصل قوامها الى الملايين بل الى المليارات من الدولارات فضلا عن الامتيازات الوظيفية الأخرى ونحن بصدد اخذ آراء المواطنين بهذا الخصوص.

حسين كريم عامل خدمة في احد الدوائر حيث يعتبر ما تقوم به وزارة التجارة مهزلة إنسانيه كبيره فليس هناك من رقيب أو حسيب وإلا من غير المعقول ان يصعب على الحكومة توفير قوة للشعب فالبطاقة لم تعد هي المنقذ للطبقة الفقيرة بل على العكس باتت تشكل منفذ مهم للسخط عليهم من خلال غياب مفردات البطاقة مما يعطي فرصة كبيره للتجار لاستغلال الناس.

رشيد محمد تاجر جمله وهو يعمل بتجارة المواد الغذائية حيث ينسب ذلك التلكؤ الحاصل في مفردات البطاقة التموينية على عاتق المؤسسة الحكومية ويتهمها بالتقصير سيما وهي تشكل المصدر الأساس لقوة الشعب وخصوصا الطبقة الضعيفة وهي بمثابة المرتكز الأهم بالنسبة للوضع الأمني كما هو حال باقي الخدمات الأخرى، وبحكم مجال عملي في تجاره المواد الغذائية تربطني ببعض التجار صلات وثيقة وهو دائما يشتكون من عدم وجود ثقة متبادلة بين الدولة والتجار حيث لا توجد آلية دقيقة في عملية صرف المستحقات المالية للتجار العراقيين الموردين للحكومة بعض مفردات البطاقة التموينية وهم الى الآن ينتظرون منذ سنتين او أكثر من اجل الحصول على مستحقاتهم المادية فكيف يتسنى لأولئك التجار مواصلة العمل مع وزارة التجارة وهي غير ملزمة بدفع تلك المستحقات وهذا على ما اعتقد سبب رئيسي ومهم في تخلي الكثير من التجار عن التعاقد مع وزارة التجارة ناهيك عن ما يعتري تلك الوزارة من فساد مالي وإداري وآخرها ما تعرضه له وزير التجارة السابق فلاح السوداني وربما يضاف الى ذلك مفاصل الروتين الممل وكل هذه الأسباب وأسباب أخرى جعلت من انسيابية تكامل البطاقة التموينية شيء مستحيل على المنظار القريب.

ليلى كزار علي وهي موظفة فتقول لا نستطيع أن نحكم على الأمور من مبدأ الافتراض أو النظر من زاوية واحده فهناك حلقات معقده ومتشابكة في إستراتيجية تغطية البطاقة التموينية فيجب أن تكون هناك تخصيصات ماليه كافيه تستطيع من خلالها الوزارة تغطية ما تحتاجه البطاقة التموينية خصوصا ونحن نعلم بان كافة مفردات تلك البطاقة تأتي من خارج العراق وهي تكلف الدولة مبالغ تقدر بمليارات الدولارات وهذا على ما أظن هو سر ذلك التباطؤ فما تم تخصيصه هذه السنة والسنوات السابقة لا يوازي ما تحتاجه البطاقة من مبالغ ماديه وقد تضاف الى ذلك بعض السلوكيات غير المسئولة وغير المنصفة في ظل تنامي أطر المحاصصة الحزبية وهذه مشكلة أخرى قد تعترض سبل نهوض الدولة بهذا القطاع او القطاعات الأخرى بالإضافة الى ذلك فان الروتين و بعض الإجراءات الأخرى هي أيضا تسهم في تعطيل برنامج البطاقة التموينية من قبيل أمور الشحن وإجراءات الفحص الصحي للسماح عبر الموانئ العراقية والمنافذ الحدودية وكل هذه الأسباب عوامل مهمة في تأخير توريد المواد الغذائية بل وحتى الإجهاز على البطاقة التموينية لذا كان من المفترض ان نعتمد أليه جديدة قوامها تشكيل لجنة مختصة تشمل كافة التخصصات الإدارية والطبية والرقابية حيث يقع على عاتقها مسؤولية إبرام العقود والكشف على الصلاحية ومتابعة التوريد من منشئ عالمي معتبره ومن ثمة متابعة تلك السلسلة الطويلة العريضة من الإجراءات الروتينية ابتداء من التعاقد الى ان تصل الى المواطن هذا مما يعطينا فرصه للتأكيد بان البطاقة التموينية يمكن أن تكون بمتناول الفرد العراقي وإلا فليست هناك بطاقة بل هي مجرد ورقة بيضاء نستفيد منها في حال مراجعتنا للدوائر الرسمية وشبه الرسمية وليس من دور تضطلع به سوى ذلك.

محمد مجهول مدرس تربيه رياضية يذهب الى حد القول بان هناك ثمة أحكام ارتجاليه من قبل الكثير من الناس حيث يقتصر دورهم على التشهير بالحكومة ومحاولة فرض واقع عدم الاطمئنان وحتى المساس بوطنية الحكومية وبالمقابل يضعون أنفسهم في خانة المتفرج فليست هناك من مسؤولية تقع على عاتقهم وهذا على ما اعتقد خطا كبير وفادح في منظار الدولة العصرية فالكل هنا مشترك في بناء الدولة ابتداء من الرئاسة ومرورا برئيس الوزراء والوزير والموظف البسيط وكذلك الحال ينسحب على الناقل وموظف الجمارك ونحن جميعا نسهم من حيث ندري أو لا ندري بعملية انهيار الأسس الأساسية لبناء المؤسسة الحكومية فيجب علينا أن نكون في موقع المسؤولية وان نكون جادين في الطرح سيما ونحن نشهد حالة الركود العالمي من خلال تدني أسعار النفط والعراق من الدول التي تعتمد بصورة مباشره على عائدات النفط في كل أمورها ابتداء من الرواتب والى مفردات البطاقة التموينية هذا مما يضعنا جميعا تحت المجهر من اجل إعادة الحسابات في كيفية تخطي تلك المرحلة واني إذا أشير الى هذا المعنى وذلك لاعتقادي ويقيني بان الجميع سواسية في تحمل المسؤولية لان الأمر برمته لا يرتبط بشريحة دون أخرى ومن اجل أن نعتاد على أسلوب المواطنة الصحيحة بعيدا عن أسلوب الاتكاء على الغير.

محمد حميد الصواف أعلامي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلامي وهو يصف حال البطاقة التموينية بأنها كمن يعيش في غرفة الإنعاش وليس هناك من مسعف يستطيع انه يقدم له العلاج الناجع أو ما يستحقه من رعاية طبية، واني أتصور بان البطاقة التموينية هي جزء لا يتجزأ من أمراض الماضي القريب وكان من الأولى على أولئك المتسترين بالبطاقة التموينية بان يستثمرون روحهم الوطنية والإسلامية والإنسانية من اجل المضي قدما نحو تهذيب النفس ومحاولة زرع سمة التعاون والتكاتف بين مكونات الشعب العراقي لتخطي تلك المرحلة العصيبة فالدولة اليوم تعيش أيام حرجه وصعبه خصوصا وهي تحارب على أكثر من صعيد فهي تحارب الإرهاب الخارجي والداخلي وكذلك تواجه مطامع الدول الإقليمية ناهيك عن النقص الحاصل في مناسيب المياه فضلا عن انخفاض أسعار النفط ناهيك عن البنى التحية ومشكلة الكهرباء وكل هذه الأزمات أزمات صعبة جدا في الحسابات التقليدية في ظل بناء دولة حديثه وهذا ليس تبرير للتجاوزات الحاصلة في مرافق الدولة بل هو تقييم منطقي للواقع الراهن فيجب علينا أن نكون على قدر كبير من المسؤولية ومحاولة التخلي عن مبدأ الشك وسوء الظن لكي نحقق إستراتيجية جديدة همها الأول أن تنتزع روح المواطنة من براثن المصالح الشخصية الضيقة وأنا على يقين مطلق بان الشعب العراقي سوف يتخطى هذه المرحلة بأقل الخسائر وبثبات اكبر وسوف لن نموت إذا ما تأخرت وجبة السكر او الرز أو الدهن الا أننا لدينا أهداف أعظم وأعمق من تلك الأشياء البسيطة والمهم في تلك التجربة إن نكون قد سعينا الى تحقيق الهدف الأساس وهو بناء الفرد إنسانيا ووطنيا وليس إشباعه على حساب المصالح العليا وهذا ما سعى الى تحقيقه طاغية العصر حيث أغدق علينا الطحين والرز وأحالنا الى ركام هامد حيث ليست هناك روح وطنيه وليس هناك من إحساس وطني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/تشرين الأول/2010 - 6/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م