أفريقيا قادمة

القارة السوداء وفرص إعادة التأهيل

 

شبكة النبأ: بعد ان كانت تشغل مركز أكثر الدول فقرا وانتشارا للأمراض وفقدان الخدمات الصحية بالإضافة إلى إنها كانت تعتبر المصب الأكثر حاجة في العالم لتدفق انهر المساعدات التي تقدمها جمعيات حقوق الإنسان وجمعيات عالمية وجهات متنفذة تقوم بإرسال كميات كبيرة من المساعدات الغذائية والصحية والطبية في محاولة للقضاء على انتشار الأمراض التي تؤدي للموت بسبب ضعف التغذية وانعدام النظافة والمعدات الصحية.

ولكن الآن تغير الحال وبدأت بدايات موجة جديدة يرى المتابعين إنها قد تغسل كل هموم السنوات التي مرت بها أفريقيا، لاسيما وان مشاريع التطور وفي عدة مجالات عسكرية او خدمية بل وحتى ترفيهية، ويرجح هذا التحول الكبير الى اكتشاف ثروات نفطية كبيرة تتجاوز ميزانية السنين السابقة، ولكن هذه المشاريع ما زالت قيد التنفيذ في مخاض الدراسة وذلك يعود وكما يراه المحللون الاقتصاديين ان إفريقيا وبحكم سنوات الفقر التي عاشتها وكلفتها ما كلفتها من أرواح ومن دمار في المنشآت الخدمية مما جعلها متأخرة وبفترات كبيرة عن التطور الحاصل في العالم لذلك هي تحتاج الى مساعدات ولكن بشكل آخر ليس كما كان سابقا فهي تحتاج الى مساعدة في الخبرات في مجال البناء والتطور، بالإضافة إلى مساعدة من الجهات الغنية كخطوة لدعم البلاد في هذه المرحلة لحين وقوفها بشموخ ولأول مرة في تاريخها.

نصائح لأفريقيا

حيث قالت لجنة أنشأها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير انه يجب على الدول الغنية أن تدفع للحكومات الأفريقية لتتمكن من الحصول على مشورة بشأن التفاوض لتأمين أفضل الصفقات لاستغلال مواردها الطبيعية.

كما دعت (لجنة أفريقيا) التي تضم زعماء أفارقة حاليين وسابقين واقتصاديين كبارا بين أعضائها السبعة عشر الدول المانحة لتقديم ما بين 10 و20 مليار دولار إضافية كل عام لمساعدة أفريقيا على التكيف مع التغير المناخي.

وبعد خمس سنوات من إصدارها تقريرا أوليا ساهم في تركيز الجهود الدولية على تعزيز التنمية في أفقر قارة بالعالم أصدرت اللجنة تقريرا جديدا يشيد بالتقدم الذي أحرزته الدول الافريقية على صعيد الاقتصاد والإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والزراعة. لكنه ذكر أنه لا يزال يتبقى الكثير لفعله. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وحث التقرير الدول المانحة على تقديم تمويل لمساعدة الحكومات الإفريقية على الحصول على أفضل النصائح القانونية والفنية كي تتمكن من "التفاوض حول صفقات لاستغلال موارد بلادها الطبيعية وهو ما سيعود بأفضل النفع على سكانها." وقالت اللجنة انه يجب على الحكومات الإفريقية التحرك سريعا لوضع استراتيجيات لمكافحة التغير المناخي مضيفة أنها ستحتاج لعشرات المليارات من الدولارات سنويا بالإضافة إلى تمويل من الدول الغنية لمواجهة " التحدي الهائل".

ومن بين أعضاء (لجنة أفريقيا) رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ورئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون ورئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي والرئيس التنزاني السابق بنجامين مكابا ووزير التخطيط في جنوب أفريقيا تريفور مانويل ومحافظة البنك المركزي في بوتسوانا لينا موهوهلو والناشط والموسيقي بوب جيلدوف.

المعلومات تذكرة أفريقيا

من جانبه قال أجاي شودري مؤسس ورئيس شركة "إنفوسيستمز،" العالمية إن على البلدان الأفريقية أن "تستثمر في مجالات البنية التحتية لأنظمة النطاق العريض،" من أجل تحسين رفاه شعوبها.

وأضاف رجل الأعمال الهندي الذي كثيرا ما وصف بأنه بيل غيتس الهند أن "الحصول على المعلومات سيكون عاملا حاسما في حل العديد من مشاكل القارة السمراء."

وتابع "لقد اعتقاد قوي جدا بأن أفريقيا يجب أن تتخذ موقفا قياديا في طرح خدمات النطاق العريض وإيصالها إلى كل قرية، وعندها سنرى التغيير.. إن أعطيت الناس المعلومات، فيمكنك أن تحول واقع أفريقيا."

وكان شودري الرئيس المشارك للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في دار السلام، مايو/أيار الماضي، تحت شعار "إعادة النظر في إستراتيجية النمو في أفريقيا،" حيث ركزت المنتدى على علاقة القارة مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين، والنظر في الخيارات المتاحة أمامها.

وحث الخبير الهندي الدول الأفريقية على الاتصال مع بعضها البعض على نحو مماثل للاتحاد الأوروبي، قائلا إن "القوة والزخم التي تمنحك شروطا أفضل في التفاوض، تصبح أفضل إذا كنت متحدا مع مجموعة."

والتواصل والربط، أمر مألوف عند شودري، إذ حصلت شركته، التي يعمل فيها 65 ألف موظف، على عقد كبير من قبل الحكومة الهندية لتنفيذ مشروع "عموم أفريقيا"،" المعني بالربط الشبكي، والذي سيمكن 53 من رؤساء الدول الأفريقية بالاتصال ببعضهم عبر خدمة "مؤتمرات الفيديو."

وتحدث شودري حول العلاقات التجارية بين الهند وأفريقيا، قائلا "هناك العديد من الروابط التقليدية بين أفريقيا والهند، لأكثر من 40 عاما، وإذا نظرتم إلى عام 1949، فالعملة المحلية هنا في تنزانيا كانت الروبية الهندية." ومضى يقول "الكثير من الأفارقة ذهبوا إلى الهند للدراسة وللسياحة الطبية، وذلك لأن لدينا مرافق طبية كبيرة.. ورئيس وزرائنا يتمتع بعلاقات عميقة مع رؤساء مختلف الدول في أفريقيا، لذلك هناك الكثير من الاهتمام سواء من القطاع الخاص أو الحكومة." بحسب وكالة السي ان ان.

وعندما سئل عما تكسبه الشركات الهندية من العمل في أفريقيا، قال "إنها مسألة مليار هندي،  ومليار أفريقي، فالمشاكل والحلول في الهند هي بكل تأكيد نفسها في أفريقيا.. فإذا كنت تصنع منتجات للهند، فيمكن بالتأكيد بيعها في أفريقيا."

وقال شودري "لا شك أن الهند هي بلد واحد، ولكن في أفريقيا  هناك 50 بلدا غريبا، تحكمها قواعد وأنظمة وحكومات مختلفة، وهذا في الواقع تحديا كبيرا أمام القارة." وأردف "لكن إذا اتحدت أفريقيا، على غرار ما حدث في أوروبا، أعتقد أن الوضع سيتغير كله، ويمكن في الواقع أن يتفاوضوا بشكل أقوى مع الأجزاء الأخرى من العالم.. قوتكم للتفاوض تصبح أفضل إذا كنتم متحدين."

وقال الخبير الهندي "إذا سألت نفسك: لماذا الفقراء فقراء؟ فإن الإجابة بسيطة، وهي أنهم لا يملكون المعلومات، فإن أنت أعطيت الناس المعلومات يمكن أن تغير أفريقيا.. أنا مؤمن بأن أفريقيا يجب أن تتخذ موقفا قياديا في طرح خدمات النطاق العريض وصولا إلى كل قرية."

اكتشاف النفط

بينما يمثل اكتشاف النفط في أوغندا أخيرا، مؤشرا على تدفق ثروة لم يسبق لها مثيل بالنسبة لهذا البلد الذي يعيش أكثر من ثلث السكان فيه تحت خط الفقر.

وبفضل الاحتياطيات المؤكدة التي تقترب من نحو ملياري برميل، ستصبح هذه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا قريبا، مصدرا مهما للنفط، وربما مركزا رئيسيا محتملا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وتعد شركة "تولو أويل،" البريطانية الايرلندية، اللاعب الرئيسي في عالم النفط الجديد في أوغندا، إذ وقعت عقودا مع الحكومة لتطوير احتياطياتها النفطية، وهو استثمار بمئات الملايين، حيث تقول الشركة إنها ستنتج أول شحنة من النفط بحلول نهاية عام 2011.

وقال مدير فرع شركة "تولو أويل،" في أوغندا برايان غلوفر سي إن "من الواضح أننا نعتقد أنها عائدات كبيرة.. قد تصل إلى ملياري دولار سنويا، وهذا الرقم هو تقريبا عائدات أوغندا اليوم قبل النفط."

ومنذ الثلاثينيات من القرن الماضي، كان يشتبه بوجود نفط في أوغندا، ولكن في الآونة الأخيرة فقط، قالت "تولو أويل،" وغيرها من الشركات إنهم اكتشفوا احتياطيات كبيرة، تتواجد بشكل رئيسي في حوض ألبرتين على الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية. بحسب وكالة السي ان ان.

ويمكن ان يكون النفط اكتشافا ذا فائدة كبيرة لجهود التنمية، خصوصا وأن اقتصاد أوغندا قد تضاعف حجمه خلال 10 سنوات، ولكن يخشى مراقبون من أن يصبح النفط لعنة لعدم وجود الشفافية في مثل هذه الصفقات.

ووفقا لاستطلاعات مستقلة، فإن الكسب غير المشروع والفساد متجذر في أوغندا، ما دفع الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة إلى تعليق بعض المساعدات للبلاد بسبب "بطء التقدم" في مجال مكافحة الفساد.

ويحاول الصحفي انجيلو إيزاما، وهو مراسل صحيفة "ديلي مونيتور" المعروفة، مقاضاة الحكومة الأوغندية، لإجبارها على جعل اتفاقات تقاسم الإنتاج مع شركات النفط، علنية ومتاحة للشعب. ويقول إيزاما "كل أوغندي يعلم أن المال العام تتم سرقته.. ان الحكومة اليوم هي مثل دراكولا عندما يكون مسؤولا عن بنك الدم، وليس من الصعب أن نعرف أن عائدات النفط، تماما مثل أموال المنح أو أموال دافعي الضرائب، يمكن سرقتها."

10 مليارات دولار للبناء

وفي السياق ذاته، فهل راودتك في أحد الأيام فكرة اصطحاب أسرتك أو أصدقائك لقضاء يوم مشمس في متنزه تم إنشاؤه على أذن حيوان وحيد القرن "الخرتيت"، أو ممارسة رياضة "الغولف" على صدر زرافة؟.. هذه الأفكار لم تعد خيالية، وإنما ستصبح أمراً واقعاً خلال السنوات القليلة المقبلة.

فقد كشفت حكومة إقليم "جنوب السودان"، عن خطة "طموحة"، تتجاوز تكلفتها عشرة مليارات دولار، ويستغرق تنفيذها عدة عقود، لإقامة مدن عصرية على شكل حيوانات، وهي الخطة التي لفتت أنظار العالم إلى الإقليم الذي يُعد واحداً من أكثر المناطق فقراً على سطح الكرة الأرضية.

الرجل الذي يقف وراء هذه الخطة، دانييل واني، وهو وكيل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بحكومة الإقليم، قال إن الانتباه الذي جذبه مشروعه على المستوى العالمي، قد منحه دفعة إضافية للمضي قدماً نحو جعل هذا الاقتراح واقعاً حقيقياً.

وقال واني، في تصريحات للصحفيين بمدينة "جوبا" عاصمة الإقليم الذي يستعد لاستفتاء عام حول الانفصال عن السودان مطلع العام القادم، إن "ردود الفعل التي تصل إلينا جيدة جداً، فنحن نتلقى اتصالات من مختلف الأنحاء"، وتابع قائلاً: "بشكل عام، ما نتلقاه من ردود أفعال يؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح."

وتتضمن الخطة، التي تُقدر تكلفتها الاستثمارية بـ10.1 مليار دولار، إعادة تصميم عواصم الولايات العشرة التي يضمها إقليم جنوب السودان، بما يجعل منها "مدن أحلام"، قد تسحب البساط من مدينة "دبي"، بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تشهد طفرة معمارية فريدة.

ويُعد إقليم جنوب السودان، الذي يعاني عجزاً كبيراً في بنيته التحتية، ولا يوجد به شبكة طرق تربط بين مدنه الرئيسية، جزءاً من جمهورية السودان، التي يحكمها نظام الخرطوم، والذي خاض الجنوبيون ضده حربين طاحنتين، خلال ما يقرب من نصف قرن. بحسب وكالة السي ان ان.

ويستعد سكان الإقليم للاستفتاء الذي من المقرر إقامته في يناير/ كانون الثاني 2011، للانفصال عن السودان، بموجب اتفاق سلام تم التوصل إليه حكومة الخرطوم وقادة الجنوبيين عام 2005، وهو الاتفاق الذي منح الإقليم حكماً ذاتياً حتى إجراء الاستفتاء.

وبعيداً عن التصميمات المميزة لتلك المدن، فإن التكلفة التقديرية لتلك الخطة، تثير هي الأخرى عدة تساؤلات حول قدرة حكومة جنوب السودان على توفير تلك المليارات، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه ميزانية الإقليم لعام 2010 ملياري دولار، تأتي 98 في المائة منها عائدات النفط. ورغم الانتباه الخارجي الذي نجحت الخطة الطموحة والغريبة من نوعها، في جذبه إليها، فقد لقيت العديد من الانتقادات من جانب أبناء جنوب السودان.

وقال بن جيرومي غانا، البالغ من العمر 28 عاماً، والذي يقيم بأحد الشوارع القذرة في إحدى ضواحي مدينة "جوبا" لم يصل إليها التيار الكهربائي بعد: "هناك العديد من الأولويات التي ينبغي التركيز عليها قبل أن يبدؤوا في بناء مثل هذه الأشياء."

كما ذكر أوتشيرا بوسكو، الذي يعمل بأحد المطاعم، ويبلغ من العمر 27 عاماً: "لو حدث ذلك، فإن الجميع سوف يأتون لمشاهدة البلد، وهذا قد يعني أننا تطورنا"، إلا أنه شدد على أن الحكومة يجب أن تزيد ميزانية القطاعات الحيوية الأخرى أولاً.

وتابع قائلاً: "لو بنوا تلك المدن، ونحن ما زلنا نعاني من نقص المستشفيات، أو المدارس الملائمة، والطرق الجيدة، فإن ذلك لن يكون جيداً." أما واني فقد دافع عن مشروعه بقوله إنه يجب على المرء أن يبدأ التخطيط لمستقبله اعتباراً من اليوم.

ازدهار الصناعة العسكرية

وفي سياق متصل وعلى مدى السنوات الـ15 الماضية، كان إيفور أيشكوفيتز في طليعة صناعة الدفاع المزدهرة في جنوب أفريقيا، فشركته هي أكبر مقاول مملوكة للقطاع الخاص في البلاد، وتورد المعدات العسكرية والأمنية لدعم الحكومات والوكالات التابعة لها لحفظ السلام والدفاع والأمن الداخلي، في القارة الأفريقية.

وقد أطلق أيشكوفيتز شركته "باراماونت،" في عام 1994، وهو العام الذي سقط فيه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وعن ذلك يقول "ولدنا في نفس الوقت مع جنوب أفريقيا جديدة، ونتيجة لذلك، لدينا رؤية تتبع مسار البلاد التقدمي."

وكشف عن اختبار عسكرية بالقرب من بريتوريا حيث تنفذ مجموعة "باراماونت،" اختبارا لقيادة مركبات مضادة للألغام، يطلق عليها اسم "ماتادور،" والتي تعني "مصارع الثيران." وقال أيشكوفيتز، الذي ينحدر من أصول لتوانية، "هذا تصميم متكامل يحوي أعلى مستويات الحماية من الألغام في العالم اليوم، لدينا مستويات عالية جدا من الحماية للتغلب على العبوات الناسفة، وكل شيء مجرب على أرض الواقع."

وقد نمت صناعة العسكرية في جنوب أفريقيا إلى حد كبير، بسبب أن البلاد أجبرت على صناعة معداتها العسكرية الخاصة، في وقت فرض فيه المجتمع الدولي عقوبات على نظام الفصل العنصري الذي كان سائدا في البلاد.

وقبل سقوط ذلك النظام، كانت صناعة البلاد الدفاعية ترتكز مكافحة الحروب التي أقصت حزب المؤتمر الوطني الأفريقي خارج السلطة. وأصبحت المركبة المضادة للألغام سيئة السمعة "كاسبر،" رمزا كريها للفصل العنصري في البلاد في عقد الثمانينيات، عندما كانت تستخدم لمكافحة الشغب والاضطرابات، لكن قدوم الديمقراطية في عام 1994 حرر صناعة الدفاع ورحب بالقطاع الخاص. بحسب وكالة السي ان ان.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت جنوب أفريقيا مصدرا رئيسيا للمعدات العسكرية، ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فهي تحتل المرتبة 17 عالميا في اكتشاف التسلح بين عامي 2004 و2008، بينما خلال العقد 2000-2009 زاد إنفاقها العسكري بنسبة 40 في المائة.

وفي عام 2008، باعت جنوب أفريقيا أكثر من 2.5 مليار دولار من المعدات والذخائر والعناصر الأخرى إلى 96 بلدا، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز."

وتعتمد البلاد البلد صارما لمراقبة الأسلحة، ولكن صناعة تصدير الأسلحة لديها تتعرض دائما للهجوم والانتقادات الدولية، بحجة أن الصادرات العسكرية تصل في نهاية المطاف إلى الأيدي الخطأ. ومع ذلك، يقول محللون أمنيون إن بعثات حفظ السلام الأفريقية، يجب تسليحها وتجهيزها من قبل القطاع الخاص، أفضل من استخدام أموال المانحين لشراء السلاح.

محرومون من التعليم

فيما كشف تقرير أن 69 مليون طفل، في سن الدراسة، محرومون من التعليم في القارة الأفريقية. وعددت منظمة "الحملة الدولية للتعليم"، ومقرها جنوب أفريقيا، الصومال واريتريا وهايتي ضمن أسوأ دول العالم من حيث توفر التعليم.

وتصنف المنظمة الدول وفق معايير تحددها منها الحصول على التعليم الأساسي، ونسبة المعلمين مقارنة بالطلبة وتوفير التعليم للبنات. وأوضحت أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت سلباً على التعليم وأن أكثر أن 69 مليون طفل، في سن الدراسة، خارج مقاعد الدراسة. وخلصت دراسة المنظمة إلى أن "ملايين الأطفال أصبحوا ضحايا الأزمة المالية حيث خفضت الدول الفقيرة موازناتها المخصصة للتعليم بواقع 4.6 مليار دولار للعام. بحسب وكالة السي ان ان.

وقال رئيس الوزراء البريطاني السابق، غوردون براون، الذي عين مؤخراً  للجنة العليا للحملة الدولية للتعليم في بيان: "أجيال سيحكم عليها بالفقر ما لم تحمى موازنات التعليم من الأزمة المالية." ولفتت المنظمة في دراستها إلى عدم المساواة في إتاحة التعليم الذي ألقى بـ8.2 مليون طفل خارج المدارس الابتدائية في نيجيريا حيث تتلقى الفتيات قسطاً من التعليم  يصل مجموعه إلى ستة أشهر فقط طيلة حياتهن.

وناشدت قادة العالم المشاركين في قمة أهداف تنمية الألفية في نيويورك لجعل تمويل التعليم كأولوية لتحقيق هدف إتاحة التعليم الأساسي للجميع بحلول عام 2015. ولفتت بأن توفير التعليم سيساهم في خفض تبعات الفقر، منها تحسين الصحة وتقليل الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة المكتسب HIV بـ7 ملايين، وخفض وفيات الأطفال إلى دون النصف، إذا تلقت الأمهات قسطاً من التعليم.

التهاون مع الحصبة

في حين يصيب أسوأ تفش للحصبة منذ سنوات الآلاف ويتسبب في وفاة المئات في أنحاء إفريقيا ويمثل دليلا صارخا على ما يحدث عندما تتخلى السلطات الصحية عن حذرها تجاه هذا المرض شديد العدوى.

ويقول خبراء الصحة ان النجاح الهائل خلال العقد الماضي في تعزيز التطعيم ضد الحصبة على مستوى العالم وخفض معدلات الوفيات أدى إلى مستويات خطيرة من التهاون في بعض الدول كما أن تركيز السياسات والأموال لم يعد منصبا على هذا المرض.

حتى الأمهات -اللاتي كن حتى وقت قريب في بعض الدول الأكثر تضررا لا يطلقن أسماء على أولادهن إلا بعد نجاتهم من الحصبة- تولد لديهن إحساس زائف بالأمن على اعتقاد أن المرض تم القضاء عليه ولم يعدن في حاجة إلى زيارة المراكز الطبية للتطعيم. وتقول (مبادرة الحصبة) التي تضم منظمات مثل الأمم المتحدة وصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية ان نحو 164 ألفا توفوا من الحصبة عام 2008 بانخفاض 78 في المئة مقارنة بعام 2000 عندما كان العدد 733 ألفا.

لكن يونيسيف تخشى من أثر تراجع الالتزام السياسي والمالي تجاه الحصبة وما قد ينتج عنه من قضاء على المكاسب التي تحقت مما قد يؤدي إلى ما يقدر بنحو 1.7 مليون حالة وفاة مرتبطة بالحصبة على مستوى العالم بين عامي 2010 و2013 . وقال اندريا جاي مدير صحة الطفولة في مؤسسة الأمم المتحدة "الحصبة شديدة العدوى وفي نطاق مساحة صغيرة سوف تنتشر بسرعة كبيرة حقا."

وتشهد إفريقيا بالفعل بعضا من أكبر موجات التفشي للحصبة وأكثرها فتكا منذ سنوات ولقي أكثر من 1400 شخص الكثير منهم من صغار الأطفال حتفهم حتى ألان هذا العام. لكن عدد الوفيات في افريقيا صغير نسبيا مقارنة بالهند التي مثلت نحو 75 في المئة من وفيات الاطفال بسبب الحصبة عام 2008 لكن الخطورة تكمن في أن الاستمرار في التهاون سيجعل هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه ينتشر بسرعة.

وتقول منظمة الصحة العالمية ان أكثر من 28 دولة في أفريقيا شهدت تفشيا للحصبة هذا العام. ومن أكثر الدول تضررا ليسوتو ومالاوي وناميبيا وجنوب افريقيا وزامبيا وزيمبابوي. ويقول مسؤولو الصحة في مالاوي ان هذا المرض الفيروسي تسبب في وفاة 197 شخصا وأصاب 77 ألفا منذ يناير كانون الثاني وهو أعلى عدد يسجل هناك خلال عقد.

وقال ادوارد هوكسترا وهو أخصائي مقيم في نيويورك يعمل في برنامج الحصبة العالمي التابع ليونيسيف ان أكثر ما يخشاه الخبراء بدأ يتحقق بالفعل وهو أن يتراجع النجاح الذي تحقق في القضاء على الحصبة عندما تتراجع الجهود الرامية الى إبعاد شبح المرض. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتقول الامم المتحدة انه في عام 2009 لم تشمل التحصينات الروتينية أكثر من 2.4 مليون طفل في شرق وجنوب أفريقيا أي نحو 20 في المائة من عدد الأطفال دون سن العام. ومع ارتفاع أعداد الوفيات عكفت وزارة الصحة في مالاوي على حملة تطعيم كبرى مع التركيز على المناطق الريفية حيث يعيش 80 في المئة من سكانها البالغ عددهم 13 مليون نسمة. وتبلغ تكلفة تطعيم طفل من الحصبة أقل من دولار وهناك حاجة إلى جرعتين من اللقاح لتحقيق الحماية الكاملة.

ومن أجل بلوغ معدل تغطية في حملة التطعيم يزيد عن 90 في المائة وهي النسبة اللازمة للقضاء على المرض بشكل فعال تنصح منظمة الصحة العالمية الدول التي ترتفع فيها الخطورة بشن حملات تطعيم على مستوى الدولة كل ثلاث سنوات لتغطية الأطفال الذين لم يحصلوا على الجرعة اللازمة عندما كانوا رضعا.

ويقول خبراء ان مبدأ "البعيد عن العين بعيد عن القلب" يشمل أيضا الجهات المانحة الدولية خاصة عندما يتم تقليص تمويل المساعدات الصحية بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي. وتواجه مبادرة الحصبة نقصا يبلغ 59 مليون دولار عام 2010 . وقال هوكسترا "الامر المحبط هو أننا نتحدث فقط عن نحو 50 مليون دولار تقريبا.. هذا حقا مبلغ زهيد بالنسبة لجدول أعمال الصحة العالمية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/تشرين الأول/2010 - 5/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م