البلوتوث وتحليل شخصية الفرد العراقي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: لا يمر يوم إلا وهناك جديد في تكنولوجيا الاتصالات، وكل جديد يحمل صدمة او ثورة تفسح المجال لثورة جديدة في اليوم الذي يليه مخلفة تحديات جديدة ومؤسسة لأنماط سلوكية وثقافية جديدة.

لم يكن العالم الذي نعرفه اليوم بهذا الاتساع وهذا الضيق في وقت واحد.هو متسع جغرافيا وزمانيا حين يتم الانتقال فيه من مكان الى آخر عبر الجسد او وسائط الانتقال التقليدية.

وهو ضيق جدا عبر حركة الماوس في جهاز الكومبيوتر مع الكاميرا وسماعة الاذنين، وهو ضيق أيضا عبر أزرار الموبايل كلاما وصورا ورسائل، ونتيجة لهذا الضيق نشأت التجارة الالكترونية، والجنس الافتراضي، والقرية الكونية الصغيرة.

تواجه المجتمعات التي تتعامل بهذه التكنولوجيا عددا من التحديات الاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية وهي تحديات يفرضها هذا الجديد الوافد على حياتنا وعلى المتبنيات الفكرية والثقافية والتي تحمل في طياتها الكثير من الايجابيات والسلبيات التي تختلف طرق التعاطي والتعامل معها من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى.

هذه التكنولوجيا الحديثة دخلت الى مجتمعاتنا العربية مثل غيرها من السلع والأفكار وأصبح الحصول عليها متيسرا لمعظم الافراد على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والثقافية، وأخذت ترسم ملامح جديدة لهذه المجتمعات من خلال الصراع الذي ينشأ عادة بين كل قادم جديد وواقع قديم محافظ في الكثير من مبنيه الاجتماعية.

تفرض هذه التكنولوجيا وأدواتها أنماطا سلوكية واجتماعية جديدة من خلال وقائع التعامل اليومي المستمر معها واعتبارها حاجة ضرورية لا يمكن الاستغناء او التعويض عنها من خلال بدائل أخرى غير متوفرة أصلا.

في العراق عام 2003 تعرف الناس على جهاز الثريا والذي كان مدار تغطية فضائيات عديدة من خلال تسليطها الضوء على الدور الذي قام به بتقريب افراد العائلة الواحدة الموزعين في دول المهجر والداخل العراقي، او باعتباره وسيلة عيش مؤقتة لمقتنيه.

ولم يغب عن البال تسليط الضوء على دوره في العمليات العسكرية، وشاعت عبارة على لسان بوش في اوساط العراقيين انه قال (بمائة وخمسين جهاز ثريا استطعنا احتلال العراق).

دخلت اجهزة المحمول الى حياة العراقيين عبر صدمة الغزو والاحتلال، وكان محظوظا من يحمل جهازا يتحدث فيه تلك الايام، ليتوزع بعدها الحظ على الجميع ويصبح السوق العراقي من اضخم الاسواق في المنطقة العربية. فلا يخلو اي منزل من جهازين او ثلاثة واكثر تبعا لعدد افراد العائلة الواحدة ومن كافة الشرائح الاجتماعية في المجتمع العراقي.

البلوتوث

في ابسط تعريفاته الشعبية العملية هو (نقل البيانات عبر الاثير) وتلك البيانات قد تكون صورا او ارقاما او مقاطع موسيقى او نصا كتابيا (بطاقة أعمال) يتبادلها اصحاب الاجهزة المقترنة. ولا يتحدد عمل البلوتوث بوجود شبكة عاملة او متوقفة مما يعطيه قوة فاعلة مستمرة في نقل البيانات. وعرّفته موسوعة ويكبيديا على شبكة الانترنت: بلوتوث "Bluetooth" هو عبارة عن موجات راديو قصيرة وميثاق (بروتوكول) اتصالات صمم لاستهلاك كميات قليلة من الطاقة يغطي البلوتووث مساحة جغرافية تمتد من المتر الواحد إلى المائة متر وذلك يعتمد على طبيعة الجهاز المرسل والمستقبل.

وهو معيار تم تطويره من قبل مجموعة من شركات الإلكترونيات للسماح لأي جهازين إلكترونيين -حواسيب وهواتف خلوية ولوحات المفاتيح-، بالقيام بعملية اتصال لوحدها بدون أسلاك أو كابلات أو أي تدخل من قبل المستخدم.

الشركات التي تنتمي إلى مجموعة الاهتمام الخاص ببلوتوث، والتي يقدر عددها بحوالي 1000 شركة، تريد أن تحل اتصالات البلوتوث اللاسلكية محل الأسلاك لوصل خطوط الهاتف والحواسيب، انتهى كلام الموسوعة.

تحتوي الكثير من الأجهزة على تقنية البلوتوث وتتعدد الغايات من استعماله لدى فئة الشباب تحديدا، فهو بالإضافة الى ما ذكرناه سابقا يصبح وسيلة من وسائل التعارف وتكوين العلاقات العاطفية بين الشباب وما يفرزه ذلك من مشاكل وظواهر اجتماعية لا حقا (الابتزاز – التحرش الجنسي – الاغتصاب – العلاقات الجنسية المحرمة بالتراضي – النصب والاحتيال – الطلاق) الى آخر ذلك.

من خصائص تقنية البلوتوث هي التسمية، اي تسمية جهاز المحمول باسم معين وهذه التسميات تختلف باختلاف الحاملين لتلك الاجهزة.

هناك فئة الأميين الذين يتركون الجهاز عند استعمال البلوتوث يحمل تسميته الاصلية (اسم الجهاز ورقم الموديل) وهناك فئة المتعلمين الذي لا يعرفون شيئا عن تقنيات الجهاز المحمول او لا يهتمون باطلاق اي تسمية اخرى عليه.

فئة أخرى تميل الى إطلاق التسميات المتنوعة على اجهزتها المستخدمة وهي تسميات ليست اعتباطية لدى النظر والتدقيق فيها. فهي تخضع الى مستويات عمرية وعاطفية وسياسية وثقافية ودينية متعددة تكشف عن الكثير من الصفات الشخصية لمستعمل الجهاز المحمول ومستواه. اي ان التسمية هي حامل ثقافي واجتماعي غني بالدلالات والرموز المعبرة.

وتنقسم التسمية الى أربعة أنواع رئيسية:

الكنى، الألقاب، الأسماء الشخصية، الأسماء والصفات المستعارة، وهي الغالبة على التسميات، ومن أمثلتها:

( كلّك اذيّة – علم دار – 1+1 = 3 بكيفي – غريب ياوطن – حاقد على جاسب – العاشق الولهان – شاطىء الغرام – قلب الاسد – الحوزة الناطقة – الحب الضائع – صدر العراق – الليث الابيض – ملك الاحساس – شمس الكوفة – امير الحب – شهيد المحراب – اسد الحنّانة – الشهيد السعيد –– فايروس - جلجامش) الى غيرها من التسميات الكثيرة.

في هذه الاسماء نجد ان هناك محمولات ورموز عديدة يمكن تقسيمها الى الشكل التالي:

الرموز العاطفية (العاشق الولهان – شاطىء الغرام - الحب الضائع - امير الحب ).

الرموز الدينية (الحوزة الناطقة - صدر العراق - الليث الابيض - شمس الكوفة - شهيد المحراب – اسد الحنّانة – الشهبد السعيد).

الرموز السياسية (عوجة وهذه نسبة الى قرية العوجة التي ينحدر منها صدام حسين وهي تسمية جهاز احد الأكراد المسفرين الى إيران).

الرموز الثقافية (جلجامش).

كل تسمية من هذه التسميات تكشف عن ملمح من ملامح شخصية حامل الجهاز، حسب ما استطعت جمعه من معلومات عن حامليه. اكتفي بهذا القدر من الإثارة ويبقى الموضوع مفتوحا على الكثير من الإضافات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/تشرين الأول/2010 - 29/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م