مثلما الطف علامة في التضحية والجهاد فان مدرسة الامام الصادق عليه
السلام علامة في العلم ونشر العلم ويكفيه شهادة ان التاريخ يشهد للامام
الصادق عليه السلام بانه الاستاذ ولم يذكر بانه تلقى العلم من احد غير
ابيه الامام الباقر عليه السلام وهذا تاكيدا لسلسلة الحجج الاثني عشر
على الارض بامر الله عز وجل.
ولو اردنا التعليق على سيرة حياة الامام الصادق عليه السلام لعجزنا
عن ذلك والاهم في حياته هو كيفية قرائتها بطريقة عصرية فانه وضع الاسس
العلمية الرصينة لكل مجالات علوم الحياة وشهادة علماء الغرب بما اثرى
الامام الصادق به الساحة العلمية من علوم شتى استفاد منها كل من يشتغل
في مجالات العلوم كافة تعد شهادة من الطرف الاخر بمن لا يعلم ماهي
مكانة الامام الصادق عند الله عز وجل وعند اتباعه.
تمكنوا من هدم قبره وتمكن علمه من هدم افكارهم التي تحيد عن خط علوم
اهل البيت عليهم السلام.
الامام الصادق عليه السلام وضع الاسس المتطورة للنهوض بالفقه
الامامي على مر العصور، وبالرغم من التعتيم العباسي والاموي على اهل
بيت النبوة الا ان الحرية التي منحت للافكار الالحادية جعل فكر الامام
الصادق عليه السلام يتلألأ عالية في ردهم ودحرهم بل ان بعض حكام بني
العباس يستنجدون بالائمة عليهم السلام في رد الزنادقة.
والجعفرية او المذهب الجعفري اسم له مدلولان الاول ان المذاهب
الاخرى المخالفة للفكر الامامي ولدت عقب انتشار مدارس الامام الصادق
عليه السلام بدليل تسميتنا بالجعفرية في حين ان الفقه الجعفري هو بعينه
الفقه المحمدي والحسيني والكاظمي والعسكري الا ان الظروف التي احاطت
بالامام الصادق عليه السلام جعلت من مصطلح الجعفرية الاكثر شيوعا،
والمدلول الاخر هو ان الامام جعفر الصادق (ع) نشر من العلوم لدرجة ان
اكثر من الف طالب علم في مسجد الكوفة يقول حدثني جعفر بن محمد.
هذا العلم الذي سيكون دليل ادانة ضد من نال من قبره لان كل الامم
تحتفي وتحتضن كل اثر يعود لعظمائها فضريح ولده وحفيده يشمخان في كبد
السماء يبدد بريقهما الظلام بعدما دحر علمهما الجهل في حين نجد قبر
الامام الصادق عليه السلام مهدوم ليدل دلالة واضحة على ماهية واخلاقية
المجتمع الذين حوله.
هنالك علوم شغلت الدنيا يراها الامام الصادق عليه السلام بانها لا
تستحق القراءة منها الفلسفة التي يرى انها لا تاتي بنتيجة علمية يستفيد
منها دارسها على عكس العلم الذي ثمرته الحكمة وقد اكدت احدى الدراسات
ما ذهبت اليه بالقول "وقد قسم الصادق (عليه السلام) نظريته بشأن تعريف
العلم والفلسفة إلى شقين، فقال في الشق الأول إن العلم يوصل المرء إلى
نتيجة واقعية حتى ولو كانت صغيرة ومحدودة ولكنها نتيجة حقيقية فعلا،
أما الفلسفة فلا توصله إلى نتيجة ما.
وبهذا التعريف أصدر الصادق (عليه السلام)حكما قاطعا واضح السمات على
حقيقة الفلسفة وحصيلة من يشتغلون بها على مدى العمر.
وبعبارة أخرى إن الصادق (عليه السلام) استدار وكأنه يخاطب المشتغلين
بالفلسفة في العالم وقال لهم: إن أبحاثكم ومجادلاتكم بعيدة عن الحقيقة
والواقع، فلا أنتم بها تنتفعون، ولا تنفعون غيركم، ولا فائدة من
تحصيلها سواء لكم أو لغيركم".
والفلسفة حالها حال الشعر والانساب انها علوم الفراغ ولا يمتهنها
الا من كان هنالك فراغ فكري في عقله لعدم استيعابه العلوم النافعة، اما
الذين يحملون من العلم والفكر فانهم عندما يقولون الشعر او الفلسفة
تكون نتاجاتهم علمية محفوفة بما يحمل من خبرة وعلوم فكرية او ميدانية. |