ثورة البراكين... ظواهر كونية تهدد حياة الإنسان

 

شبكة النبأ: يشهد العالم في الآونة الأخيرة تهديدا خطيرا ومحرقا بسبب غضب البراكين المدمر الذي يجتاح العديد من بلدان العالم مخالفا دمارا ماديا وفي أرواح المواطنين، وعليه بدأت الجهود تتحد للوقوف سدا منيعا بوجه هذه النيران المحرقة التي لا تعرف سوى الالتهام لكل ما يقف في طريقها، ولكن هذا لم يكن الرأي الوحيد في نظر العلماء حيث قال آخرون إن للبراكين تأثيرات جيدة على مناخ الأرض ساندين ذلك الى بعض الدراسات والبحوث.

لكن في هذا الوقت فأن البراكين تزيد فتكا بالمدن التي تجتاحها وتعرقل سير الحياة الطبيعية، لاسيما وان الغبار الذي ينتج من الباركين يسبب حالات اختناق خطيرة الى عدد كبير ممن يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي، بالإضافة الى انه حجز الكثير من المسافرين في أماكنهم ومنعهم من إكمال رحلات عملهم وجاء ذلك عندما أوقفت بعض الدول القريبة من منطقة البراكين خطوط الطيران مؤجلتا الرحلات الجوية الى اجل غير معلوم، في الوقت الذي حذر العديد من الخبراء والباحثين من حدوث براكين جديدة لا بد من اتخاذ إجراءات احترازية قبل وقوع الكارثة.

غرب السعودية عرضة للبراكين

فقد قال باحثون إن الحمم البركانية شقت طريقها إلى تحت سطح الارض مباشرة في منطقة نائية شمال غرب المملكة العربية السعودية لتسبب موجة من الزلازل الصغيرة والمتوسطة وتهدد بتكون بركان جديد.

وذكر فريق من هيئة المسح الجيولوجي الامريكية أن 30 الف زلزال هزت منطقة حرة لونير من مايو ايار الى يونيو حزيران العام الماضي وتسببت في صدع طوله ثمانية كيلومترات.

وقامت الحكومة السعودية بإجلاء 40 الفا من السكان في ذلك الوقت ولكن سمحت لهم بالعودة الى ديارهم بعد ذلك. ولكن فريق هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ذكر في مجلة نيتشر جيوساينس (Nature Geoscience) انه ينبغي ان يستعد السكان للرحيل مرة اخرى اذ وقعت زلازل مجددا. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وكتب جون باليستر من هيئة المسح الجيولوجي الامريكية وزملاؤه من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية "هذا الاكتشاف يشير الى أن المنطقة معرضة لأخطار جيولوجية كبيرة." والمنطقة معروفة بحقول الحمم البركانية فضلا عن المخاريط البركانية الصغيرة والرماد البركاني.

وكتب الباحثون "الحلقة المتداخلة في عام 2009 في منطقة حرة لونير مع رواسب الحمم البركانية الحديثة تذكرنا انه رغم أن الثورات البركانية ليست متكررة فان حقول حرة مازات نشطة وتمثل خطرا محتملا."

اندثار الحياة البحرية قبل 100 مليون سنة

بينما يعتقد علماء أن أنشطة بركانية ربما كانت وراء اندثار ثلث الحياة البحرية قبل نحو 100 مليون عام، وسط مخاوف من مؤثرات مشابهة نشهدها في عهدنا هذا، قد تؤدي لخفض معدل الأوكسجين في المحيطات، مثل ارتفاع درجة حرارة البحار، وانجراف مواد كيماوية إلى مياه المحيطات.

وتقول الدراسة، التي نشرت في دورية "نيتشر جيوساينس"، إن أكسيد الكبريت الذي تنفثه البراكين أثناء انفجارها تسبب في انعدام الأوكسجين في مساحات واسعة من المحيطات، مؤدياً لإبادة 27 في المائة من أنواع الحياة البحرية. بحسب وكالة السي ان ان.

ويتخوف العلماء من تكرار السيناريو عينه في وقتنا الراهن، لكن لأسباب مختلفة أبرزها الاحتباس الحراري وما يسببه من ارتفاع درجات حرارة المحيطات.

ويرى العلماء أن الحياة النباتية ازدهرت على أسطح المحيطات بعد موجة من النشاط البركاني أثناء العصر الطباشيري، أدت إلى غرق العوالق وتكاثر البكتيريا التي استهلكت معظم الأوكسجين في أعماق البحار، وأسفر انخفاض معدلاته عن نفوق فصائل بحرية وإبادة أعداد كبيرة منها.

وتطرح هذه الدراسة نظرية علمية مغايرة لتلك التي عزت اندثار أنواع عديدة من الحيوانات البحرية إلى تغيرات مناخية بفعل تزايد معدلات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وتحمل النظرية البديلة تراكم أكسيد الكبريت قبل 94.5 مليون سنة مضت، مسؤولية الدمار الذي لحق بالحياة البحرية. وكان علماء بريطانيون قد رجحوا في وقت سابق حدوث انقراض جماعي في أنحاء شاسعة من كوكب الأرض لثورة بركان هائل قبل 260 مليون سنة.

ويعتقد علماء في جامعة ليدز البريطانية، أن البركان القديم الكائن في إقليم "إيمشان" جنوب-غرب الصين، قذف، أثناء ثورانه، بنصف مليون كيلومتر مكعب من الحمم البركانية، التي غطت مناطق واسعة بلغت خمسة أضعاف حجم ويلز، مما أدى لانقراض الحياة البحرية في كافة أنحاء العالم.

وأظهرت طبقات أحفورية صخرية أن ثورة البركان تسببت في إبادة أشكال مختلفة من الحياة، ونجمت عنه كارثة بيئية رئيسية. وزاد موقع البركان القريب من المياه الضحلة، من تأثيره الكارثي العالمي، حيث أدى إلى تدفق الحمم البركانية بشكل سريع وارتطامها بمياه البحر، لانفجار عنيف نجم عنه قذف كميات هائلة من ثاني أكسيد الكبريت لأعلى الغلاف الجوي.

التنقيب عن الغاز وبركان طيني

من جانبه قال فريق من العلماء في تقرير أنهم توصلوا الى أقوى أدلة حتى الآن تربط بين بركان طيني مدمر في اندونيسيا وبين عمليات الحفر في حقل للغاز تقوم بها مؤسسة بي.تي لابيندو برانتاس المحلية للطاقة. ونفت لابيندو التسبب في الكارثة من خلال أنشطة التنقيب قائلة ان البركان الطيني قرب مدينة سورابايا ثاني اكبر مدن اندونيسيا نجم عن زلزال.

وبدأ الطين الساخن يتدفق من موقع التنقيب في جاوة الشرقية عام 2006 وأدى الى نزوح ما يقرب من 60 الف شخص حتى الان. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال فريق علمي يقوده ريتشارد ديفيز من جامعة دورهام البريطانية ان البيانات التي نشرتها مؤسسة لابيندو وفرت أدلة جديدة تشير الى أن التنقيب هو الذي سبب الكارثة. وذكر ديفيز في بيان "وجدنا أن أحد تقارير التنقيب اليومية من الموقع يقول ان لابيندو برانتاس ضخت طين الحفر الثقيل في البئر لمحاولة وقف البركان الطيني. نجح هذا جزئيا وتباطأ ثوران البركان الطيني."

وأضاف "كون الثوران تباطأ وفر أول دليل قاطع على أن الحفرة كانت مرتبطة بالبركان وقت حدوث الثوران." وكان الفريق الذي يقوده ديفيز قد قال عام 2008 انه شبه متأكد من أن التنقيب سبب الكارثة. وقالت يونيواتي تريانا نائبة رئيس لابيندو ان البحث خاطئ.

وأضافت "ليست لديهم بيانات كاملة. ليس هناك ارتباط بين الثوران الطيني ولابيندو" مشيرة الى أن وجهة نظر المؤسسة أيدها قرار للمحكمة العليا باندونيسيا عام 2009 حين رفضت دعوى بشأن هذه الكارثة. وقالت "في المحكمة كان لدينا العديد من الشهود بينهم من هم معنا ومن هم ضدنا أدلوا برأيهم. علينا جميعا أن نحترم قرار المحكمة."

للبراكين دورا مناخيا مهما

فيما قال علماء ان شبكة واسعة من البراكين تحت سطح البحر تضخ مياها غنية بالحديد في المحيط الجنوبي وتلعب دورا رئيسيا في امتصاص كميات كبيرة من ثاني اكسيد الكربون مما يحد من تغيرات المناخ.

وتوصلت مجموعة من العلماء الاستراليين والفرنسيين الى أن البراكين مصدر رئيسي للحديد الذي تحتاجه نباتات ذات خلية واحدة تعرف باسم النباتات المعلقة (فيتوبلانكتون) لتنمو وخلال هذه العملية تمتص ثاني اكسيد الكربون وهو المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري.

وتمتص المحيطات نحو ربع ثاني اكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الاحفوري وقطع الأشجار. ويعتبر المحيط الجنوبي الواقع بين استراليا والقارة القطبية الجنوبية من أكبر المحيطات التي يتم فيها تخزين الكربون.

ويبرز نبات فيتوبلانكتون سلسلة الغذاء في المحيط. فحين يموت او يؤكل يحمل كميات كبيرة من الكربون الذي امتصه الى قاع المحيط حيث يظل الكربون محبوسا لقرون. وقال اندرو بوي العالم البارز بمركز الأبحاث التعاونية للمناخ والأنظمة البيئية في هوبارت في ولاية تسمانيا باستراليا ان هناك عددا من الدراسات تظهر ان الحديد ينطلق من براكين تحت سطح البحر. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأضاف بوي وهو أحد من شاركوا في البحث "ما من دراسة تناولت ذلك على مستوى عالمي وتطرقت لاهمية تخزين الكربون في المحيط الجنوبي." ونشرت الدراسة في احدث عدد من مجلة علوم الطبيعة (نيتشر جيوساينس). واظهرت الدراسة الاخيرة ان كمية الحديد من البراكين تحت سطح البحر ثابتة نسبيا على فترات زمنية طويلة وهي مسؤولة عن ما بين 5 و 15 في المئة من اجمالي الكربون المخزن في المحيط الجنوبي وتصل النسبة الى 30 في المئة في بعض المناطق.

واكتشف العلماء ان كميات كبيرة من المياه الغنية بالحديد في الاعماق تصل للسطح بالقرب من القارة القطبية الجنوبية مما يزيد من نبات فيتوبلانكتون هناك. وقال بوي انه لم يتضح بعد كيف ستؤثر التغيرات المناخية على اجمالي كميات الحديد التي تصل لسطح المحيط الجنوبي.

زيادة نشاط بركان

كما أعلنت السلطات التشيلية أنها وضعت بركان "تشايتن" تحت المراقبة القصوى بسبب نشاط بركاني متزايد تم رصده خلال الأسابيع الثلاث الماضية. ويعد إجراء المراقبة القصوى، أعلى درجات الطوارئ في مراقبة البراكين، ما يعني أن ثوران البركان وشيك، وفقا لما أظهرته أجهزة قياس النشاط البركاني.

وتجدد فوران بركان "تشايتن" في مايو/ أيار 2008، لأول مرة، بعد فترة خمود استمرت نحو تسعة آلاف عام، أي منذ عام 7420 قبل الميلاد. بحسب وكالة السي ان ان.

وكانت السلطات التشيلية قد ذكرت في وقت سابق الشهر الماضي، أن بلدة "تشايتن"، التي دمرها البركان في فورته الأولى، لن يُعاد بناؤها في نفس الموقع، وإنما سيتم نقل سكانها إلى منطقة أخرى، بعدما أظهرت دراسات جيولوجية "أخطار محتملة" في المنطقة.

وأجلت السلطات نحو سبعة آلاف شخص من البلدة، التي تبعد حوالي عشرة كيلومترات عن فوهة البركان في مايو/أيار، فيما يبدو أن السكان الذين تم إجلاؤهم عادوا إلى البلدة في وقت سابق، بعد عودة الهدوء للبركان، أو ربما رفضوا المغادرة.

إخلاء المئات

في الوقت الذي أجلت السلطات في آيسلندا المئات من الأشخاص إثر ثوران بركان تحت منطقة متجمدة في جنوب البلاد. ويشار إلى أنها المرة الأولى التي يثور فيها بركان في منطقة "إيفجافجالاجوكول" منذ عام 1821، أي منذ قرابة قرنين. وتقع المنطقة على بعد 100 ميل (160 كيلومتراً) شرقي العاصمة، ريكيافيك.

ولم تسجل وكالة الحماية المدنية في البلاد وقوع إصابات أو خسائر حتى اللحظة، إلا أن فورة البركان تسببت في ذوبان ثلوج المنطقة المتجمدة مما تسبب في غرق المناطق المحيطة. واستبق ثوران البركان المئات من الهزات الأرضية في وقت سابق من هذا الشهر. بحسب وكالة السي ان ان.

ويذكر أن أيسلندا الدولة المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي عبارة عن جزيرة بركانية في شمال المحيط الأطلسي، وهي عبارة عن صحراء متجمدة مكونة من جبال وأنهار متجمدة وبراكين ومناطق زراعية تمتد على طول المناطق المنخفضة القريبة من الساحل.

فوهات جديدة

فيما قالت الإذاعة الايسلندية ان بركانا ينفث البخار والرماد في الهواء في جنوب ايسلندا شكل فوهات جديدة تنبعث منه الحمم.

وبدأ البركان الواقع أسفل نهر ايجافجالاجوكول الجليدي ثورته قبل عشرة ايام مما اجبر مئات الأشخاص على ترك المنطقة ودفع السلطات الى تغيير مسار رحلات جوية.

وذكر الراديو الحكومي ان صدعا جديدا بطول حوالي 300 متر انفتح. ويعتقد الجيولوجيون ان هذا يمكن ان يعني ان نشاط البركان يتحرك نحو الشمال باتجاه محمية (تورسمورك) الطبيعية وهي مقصد سياحي شهير.

وقال فيدير جرادرسون من الدفاع المدني في ريكيافيك لصحيفة (مورجونبلاديد) ان الصدع لا يزال يستع. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأضاف قائلا "نريد ان ننقل الأشخاص بعيدا عن المنطقة الى ان نكتشف ما يحدث .. هذا إجراء امني حتى يتضح الأمر."

وتقدر الشرطة عدد الذين زاروا المنطقة في الأيام القليلة الماضية بحوالي 25 ألف شخص. وتقع ايسلندا في منطقة بركانية في حزام منتصف الأطلسي وهي عرضة للثورانات رغم ان معظمها تقع في مناطق قليلة السكان وتمثل خطرا محدودا على الحياة او الممتلكات. وحدث آخر ثوران بركاني في 2004.

ويراقب العلماء نهر ايجافجالاجوكول الجليدي الخامد منذ 1821 تحسبا لاي اشارات تدل على نشاط زلزالي لكنهم قالوا انه لم تكن هناك مؤشرات تذكر قبل النشاط الاخير.

لا خطراً على الصحة العامة

ورغم تسبب الرماد البركاني، جراء ثوران بركان بأيسلندا، في شل حركة الملاحة الجوية في معظم القارة الأوروبية، وبروز القلق من تأثيره المحتمل على الصحة عند هبوطه إلى الأرض، طمأن علماء أن مخاطر الجسيمات الدقيقة المكونة لذلك الرماد قد تكون معدومة.

وقالت وكالة حماية الصحة في بريطانيا إن الجسيمات المركزة للرماد، التي تحلق على علو مرتفع، قد تهبط إلى الأرض، إلا أن ضررها ليس بخطير.

ويتكون الرماد من جسيمات دقيقة للغاية من جزئيات الصخور البركانية أو الحمم البركانية، قد يؤدي لتحسس طفيف في الجلد وتهيج العيون، ومشاكل في التنفس.

وقد يؤدي الرماد لإصابة العين بالاحمرار والحكة وإنتاج إفرازات لزجة، وسيلان الأنف وجفاف بالحنجرة أو سعال جاف أو شم رائحة الكبريت النفاذة في الهواء، وقالت وكالة الصحة البريطانية إن مثل هذه العوارض الصحية، على الأرجح، قصيرة الأجل. بحسب وكالة السي ان ان.

ووفقاً للشبكة الدولية للمخاطر البركانية على الصحة، فنادراً ما تسبب الرماد البركاني بمشاكل صحية. ويذكر أن منظمة الصحة العالمية قالت إن الرماد قد يشكل خطراً صحياً على من يعانون من مشاكل في التنفس.

وقالت د. ماريا نيرا، مديرة الصحة العامة والبيئة بالمنظمة الدولية: "الجسيمات الصغيرة التي يقل حجمها عن 10 ميكرون هي الأكثر خطورة لأنها تخترق عمق الرئة."

ويقول خبراء الصحة إن هذه الجزيئات عند استنشاقها يمكن أن تصل إلى المناطق المحيطة من القصيبات التنفسية والرئتين ويمكن أن تسبب مشاكل وخاصة للأشخاص الذين يعانون من الربو أو من مشاكل بالجهاز التنفسي.

شل الحركة الجوية

فيما تسبب سحابة بركانية ضخمة تكونت من الغبار المتصاعد من بركان تفجر مؤخراً في أيسلندا، في إصابة الحركة الجوية بمعظم مطارات دول شمال وغرب أوروبا بالشلل، حيث أعلنت ست دول على الأقل، حتى اللحظة، إغلاق مجالها الجوي أمام الرحلات القادمة إليها أو المغادرة منها.

وبينما قررت كل من بريطانيا وأيرلندا مبكراً إغلاق مجالهما الجوي بسبب امتداد السحابة البركانية الضخمة إلى أجوائهما، انضمت لاحقاً كل من النرويج والسويد، ثم الدنمارك وهولندا، للدول التي حظرت إقلاع أو هبوط الرحلات الجوية، فيما ذكرت سلطات الطيران الأمريكية أن الغبار البركاني تسبب الغبار البركاني في تأجيل العديد من الرحلات المتجهة من أوروبا إلى الولايات المتحدة.

وفي لندن، أصدرت سلطة الطيران المدني البريطانية قراراً بعدم تحليق أي طائرة من مطاراتها، نظراً للمخاطر التي تشكلها غيمة الغبار البركاني.

وأشارت السلطة إلى أن تمديد العمل بقرار وقف حركة الملاحة الجوية يعتمد على حركة غيمة الغبار البركاني، كما قالت المتحدثة باسم سلطة الطيران، لورا براون: "لقد تأجلت العديد من الرحلات التي تمر في سماء آيسلندا بسبب البركان."

وفي النرويج، قالت سلطة الطيران "آفينور" AVINOR إنها أغلقت المجال الجوي في شمال البلاد، بسبب البركان الأيسلندي، وأوضحت أن حظر الطيران شمل منطقة "تروندهايم" وحتى شمال البلاد. وفي أيرلندا، أعلنت سلطة الطيران المدني كذلك حظراً تاماً للتحليق في سماء البلاد بسبب الغيمة ذاتها، وذلك لعدة ساعات، غير أنها لم تحدد وقتاً لإعادة فتح مجالها الجوي.

كما أعلنت سلطة الطيران المدني في السويد إغلاق المجال الجوي طوال، بسبب امتداد سحابة الغبار البركاني إلى أجوائها، دون أن يتضح ما إذا كان سيتم استئناف حركة الملاحة الجوية، أم سيتم تمديد الإغلاق.

وفي وقت سابق تم إلغاء الرحلات المقررة من بريطانيا والنرويج والسويد وإيرلندا، فيما أعلنت عدة شركات طيران، بما فيها طيران الإمارات إلغاء رحلاتها المقررة من وإلى مطار هيثرو. بحسب وكالة السي ان ان.

وبدأت بريطانيا بحظر الطيران في شمال اسكتلندا، وشمل مطارات أبردين وأدنبره وغلاسغو، حيث تم إغلاقها تماماً، في حين علقت رحلات من مطارات وسط بريطانيا، ومن بينها مطارا هيثرو وغيتويك. فقد أعلنت سلطة مطار هيثرو عن إلغاء 150 رحلة، في حين ألغت سلطة مطار غيتويك 108 رحلات قادمة ومغادرة، غير أنها أبقت المطار مفتوحاً. كذلك تم إغلاق مطار نيوكاسل في شمال إنجلترا حتى إشعار آخر، وتم إلغاء جميع الرحلات المغادرة والقادمة بحسب المتحدث باسم المطار. 

وجاء في بيان نشر على موقع مطار هيثرو: "أدرجت سلطة الطيران الوطني قيوداً على المجال الجوي البريطاني نتيجة الغبار الناجم عن ثورة بركان أيسلندا، وينتشر في سماء بريطانيا."

وأضاف البيان: "على المسافرين الذين ينوون السفر اليوم أن يتصلوا بشركات السفر للمزيد من المعلومات وعليهم أن يتوقعوا مزيداً من العوائق خلال الساعات القليلة القادمة." يشار إلى أن السلطات في أيسلندا كانت قد قامت في وقت سابق، بإجلاء المئات من الأشخاص إثر ثوران بركان تحت منطقة متجمدة في جنوب البلاد.

ويشار إلى أنها المرة الأولى التي يثور فيها بركان في منطقة "إيفجافجالاجوكول" منذ عام 1821، أي منذ قرابة قرنين، وتقع المنطقة على بعد 160 كيلومتراً شرقي العاصمة، ريكيافيك. ولم تسجل وكالة الحماية المدنية في البلاد وقوع إصابات أو خسائر حتى اللحظة، إلا أن فورة البركان تسببت في ذوبان ثلوج المنطقة المتجمدة مما تسبب في غرق المناطق المحيطة.

الى متى ستستمر المشكلة؟

في حين ان التكهن بمدة ثورة البركان والسحابة أمر صعب. ولكن ثورة سابقة استمرت أكثر من 12 شهرا. كما أن كثيرا من الامر يعتمد على ما اذا كان البركان سيواصل إطلاق الغبار وما اذا كانت الرياح ستواصل دفع هذا الغبار الى أوروبا.

وقال البروفسور بيل ماجواير من مركز أبحاث المواد الخطرة في أيون بينفيلد "أتوقع أن يستمر هذا الإغلاق لمدة يومين ... ولكن اذا استمر انبعاث الغبار يمكن أن نرى اضطرابا (في رحلات الطيران) على مدى الاشهر الستة القادمة أو نحو ذلك."

ويقول معظم الخبراء ان أكثر السيناريوهات ترجيحا هو أن تتباين قوة ثورة البركان مما يسبب تهديدات من وقت لاخر لحركة الطيران في أوروبا. وقال ماتيو واطسون المحاضر في مجال المخاطر الطبيعية الجيوفيزيائية بجامعة بريستول "ما حدث ليلا هو أن البركان انفجر بشكل أكثر عنفا وأطلق الغبار لارتفاعات عالية جدا." وأضاف "اذا عاد الى ما حدث من قبل -وأنا لا أملك بلورة سحرية للتنبؤ- فعندئذ سيكون لزاما الانتظار حتى يصبح المجال الجوي صافيا."  بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وفي عام 1783 أطلقت ثورة بركان لاكي في ايسلندا سحابة من الغبار والغازات الكبريتية في أنحاء أوروبا معظم ايام صيف ذلك العام وحتى عام 1784 مما تسبب في ارتفاع درجة الحرارة أثناء فصل الصيف وتلوث الهواء الأمر الذي زاد من معدل الوفيات في عدة دول. وليس من المتوقع في هذه المرحلة ان ينجم عن ثورة البركان الحالي انطلاق غازات كبريتية مشابهة لذا فان الآثار ستكون أقل.

كما سيتوقف الأمر على ما اذا كانت الثورة الحالية ستؤدي الى ثورة بركان قاتلا القريب. وفي حالة حدوث فستكون الاثار أكبر.

ما هي الآثار المترتبة على ثورة البركان؟

بينما موقع ايسلندا يعني ان ثورة البركان يمكن أن تؤدي الى اضطراب أوسع نطاقا في الرحلات الجوية الدولية مما يضر بصناعة الطيران بعد بضعة ايام فقط من اعلان المنظمة الدولية للطيران المدني ان شركات الطيران تتعافى ببطء من اثار الركود العالمي.

وقال جون سترايكلاند مدير (جيه.ال.اس. كونسلتينج) لاستشارات النقل الجوي "ايسلندا تقع على واحد من الممرات الرئيسية بين أوروبا والولايات المتحدة... وحسب الاحوال الجوية يمكن أن يؤثر الغبار ايضا على الرحلات من أوروبا الى اسيا. لذا فهناك اتجاهين دوليين كبيرين يمكن أن يتأثرا بذلك."

"حتى اذا بدت السماوات فوق شمال أوروبا صافية يمكن أن تحدث حالات اضطراب لرحلات أخرى أو تضطر بعضها لاتخاذ مسارات أطول مما يزيد التكلفة أو يستدعي هبوط الطائرات لأنها لا تستطيع القيام برحلة مباشرة."

وإغلاق المجال الجوي على هذا النطاق غير مسبوق نسبيا. وعلى المدى القصير سينجم عنه خسائر مالية وزيادة في التكاليف بالنسبة لشركات الطيران يصعب تحديدها بدقة.

وقالت شركة بريتش ايروايز ان اضراب الطيارين على مدى سبعة أيام في مارس اذار- الذي تسبب في إلغاء 20 في المئة من رحلاتها الطويلة و40 في المئة من رحلاتها القصيرة وهي نسبة أقل بكثير مما أحدثته السحابة البركانية- كلفها نحو عشرة ملايين دولار يوميا. وتقدر جمعية وكالات السفر والسياحة البريطانية ان السحابة تؤثر على خطط السفر لنحو 200 ألف بريطاني يوميا.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية ان الرحلات الى أفغانستان تأثرت وأن الرحلات الخاصة بإعادة الجنود أو إجلاء الجرحى قد تحول الى دول أخرى اذا لزم الأمر. وأضاف المتحدث ان طائرات الهليكوبتر الخاصة بالبحث والإنقاذ تطير على مستوى منخفض دون السحابة.

وتسببت ثورات براكين سابقة مثل جبل بيناتوبو بالفلبين عام 1991 وجبل تشيتشون بالمكسيك عام 1982 في اطلاق الكثير من الغبار الى الغلاف الجوي مما أدى الى خفض درجة حرارة الكوكب لعدة أشهر. ولكن العلماء يقولون ان هذه الثورة صغيرة للغاية لدرجة انها لا يمكن أن يكون لها أي أثر عالمي.

وقال هانز أولاف هايجين باحث المناخ بمعهد الارصاد الجوية النرويجي "هذا (البركان) ليس مثل بيناتوبو. حتى الان حجمه ليس كبيرا بما يكفي لأحداث أثر عالمي."

فرصة سياحية

بينما تسبب بركان أيسلندا مشكلات لا نهاية لها بالنسبة لشركات الطيران العالمية والمسافرين، ولكن بالنسبة للبعض هناك فإن الثورة الحالية في نشاط البركان قد تكون فرصة لا تتكرر لتحقيق إزدهار سياحي.

ويقول أندري سنار وهو يتناول فنجان قهوة في مقهى هيرسو بالعاصمة ريكيافيك "جميع من في إيسلندا سعداء بثورة البركان. ونحن نأمل أن يستمر ذلك حتى يأتي فصل الصيف والسياح".

والكاتب من ابناء ريكيافيك ولكنه قام بالفعل برحلة قطعت 130 كيلومترا إلى فيمفوردوهالس حيث كان الإنفجار البركاني الأخير في آذار/مارس لتصوير الحمم البركانية المتصاعدة وجموع الجماهير المعجبة بالمنظر.

ومع ذلك لم ينته المشهد تماما كما يأمل الجميع من بركان أيسلندا. فبعد عدة أسابيع من ثورة البركان والذي يصفه سكان أيسلندا ساخرين بأنه "انفجار سياحي" بدأت سحابة سوداء ضخمة تتجمع حول ريكيافيك.

وفي حين أن الانفجار البركاني الأول حول مدينة فيمفوردوهالس إلى منطقة جذب سياحي فإن الانفجار الثاني يبدو كما لو أنه تسبب في إنخفاض أعداد السياح.

ويقول جوهان فريمانسون صاحب فندق آنا الصغير الذي يقع على بعد ستة كيلومترات من البركان " نستطيع أن نأمل فقط في أن ينتهي هذه الثورة البركانية بأسرع ما يمكن حتى تكون الرحلات الجوية لضيوفنا آمنة".

والأمور هادئة عند سفح البركان حيث يتجه صاحب مزرعة الخيول جودموندور فيداسون إلى خيوله الإيسلندية الثلثمائة قرب الفندق. وينظم فيداسون رحلات ركوب للخيل تصل إلى تسعة أيام مع الزوار النائمين في الأكواخ في الوقت الذي تنقل فيه الأطعمة والأمتعة بشكل منفصل.

وأدى الإنخفاض الحاد في قيمة الكرونة الأيسلندية على مدى الثمانية عشرة شهرا الأخيرة إلى جعل كلفة تمضية الأجازات في البلاد فى المتناول. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وقد سافر جولين توز من منطقة بريتاني بفرنسا وهاله ما شاهده في فيمفوردوهالس. ويقول " هناك هدوء رباني ويمكنك أن تكون مع أحد مشاهد الطبيعة هنا". وتوز معجب بشكل خاص بينابيع الماء الساخنة الوفيرة حيث تسخن المياه بفعل الطاقة الحرارية بالأرض إلى درجات تتراوح بين 30 و36 درجة. والخبراء من معهد البراكين الإسكندنافية في ريكيافيك غير متأكدين ما إذا كان أيا من حوالي الثلاثين بركانا النشطة الموجودة في إيسلندا ستقدم "لسياح الحمم البركانية" مشهدا مثيرا هذا الصيف.

ويقول رئيس المعهد ريكي بيدرسين إنه في تلك اللحظة لا يوجد دليل على أن كاتلا الذي يقع تحت جبل جليد ميردالسجوكول القريب من البركان سينشط مرة أخرى. وكاتلا هو ثاني أكبر بركان في إيسلندا بعد هيكلا وكان أخر ثورة حدثت به في عام 1918. ومع ذلك ، فإن ثورة بركان إيسلندا الخامد نشاطه منذ فترة طويلة أثار مخاوف بين بعض علماء طبيعة الأرض من إنه قد يفجر ثورة في بركان كاتلا الأكبر والأكثر خطورة.

وأي إنفجار في كاتلا سيكون الإقبال السياحي عليه أقل من كارثة طبيعية محتملة مع وجود خطر فيضان من ذوبان جبل الجليد وسحب وانتشار سحب رماد ضخمة وإجلاء السكان. إلا أن آرني جونارسون رئيس مكتب السياحة الإيسلندية يأمل في أن تقدم الثورة البركانية الحالية للسياح فرصة أن يشاهدوا واحدة من عجائب الطبيعة.

توقعات

وفي السياق ذاته، حذر خبراء في تقرير في لندن من ثوران بركان ثان في ايسلندا بعد بركان ايجافجول الذي اربك الرحلات الجوية طوال أكثر من شهر في أوروبا.

واعتبر خبراء معهد خفض المخاطر وعدد الكوارث التابع ليونيفرستي كولدج لندن، ان "ثوران" بركان كاتلا الأكبر والاقوى من ايجافجول "في المدى القريب"، "ممكن الى حد كبير".

واضافوا ان "من المحتمل جدا ان تؤدي التفجرات البركانية المعتدلة او الكبيرة في ايسلندا، والتي تـترافق مع ظـروف مناخـية ملائـمة، الـى تكرار الإرباكـات الأخـيرة في النقـل الجوي". بحسب وكالة فرانس برس.

وفي تقرير ثان اصدره المعهد الفيزيائي في لندن هذه المرة، اعلن علماء انهم اكتشفوا ان سحب الرماد البركاني التي حلقت فوق اسكتلندا في الفترة الأخيرة، انتجت "شحنة كهربائية" كان يمكن ان تلحق أضرارا بالطائرات.

وحذر الخبراء من ان "جزيئات محملة بالكهرباء يمكن ان تتسبب في تداخل الموجات، واذا ما دخلت الطائرة يمكن ان تشكل خطرا على المسافرين او طائرات السفر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تشرين الأول/2010 - 27/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م