الثقافة العربية... حراك مضطرب وهواجس اجتماعية

 

شبكة النبأ: يحتوي الوطن العربي على مثقفين كبيرين وعلى مستوى عالمي ولا يقتصر ذلك على نوع واحد من الثقافات بل هم يتميزون بكثرة المواهب وتعدد الاهتمامات الثقافية.

لكن رغم ذلك مازالت الثقافة العربية تعاني بعض الصعوبات التي تعرقل من انتشارها وازدهارها بل وحتى الى تطويرها، فالمخرج او الكاتب يكون بأمس الحاجة الى إنتاج يعينه على نشر أفكاره والتوسع في اختصاصه، في الوقت الذي يفتقر المثقف العربي الى المعدات الحديثة والمطابع الكبيرة كذلك الى المسارح والقاعات كل حسب اختصاصه.

وقد تكون هناك صفة في المثقف العربي هي ما تميزه عن الآخرين، وهي الاجتهاد والحث وعدم الاستسلام وتقديم شيء من لاشيء، وهذا ما أكد عليه المثقفين العرب الذين فازوا بجوائز عالمية بالرغم من انها قليلة ولكن تكفي لتبرهن ان هناك وجود عربي حاضر وبقوة.

ودائما ما نرى ان المثقفين العرب يتناولون في كتاباتهم او مسرحياتهم وحتى في أشعارهم أي مجال كانوا يبدعون فيه، يحاولون ان يصورا الواقع العربي للآخرين الذين خارج هذا الوطن، حيث تراهم يناقشون في أطروحاتهم الحياة الواقعية بما فيها من حزن ومأساة وظلم وفقر، بل وحتى عن الاحتلال الذي مرت به دول الوطن العربي او التي تمر به الآن، حاثة بذلك أبناء الوطن العربي برفع هذا الوطن الى مستوى أرقى وأعلى والدفاع عنه.

دعوة للحفاظ على "شعر المقاومة"

حيث دعا الشاعر الفلسطيني سميح القاسم الى استمرار "شعر المقاومة" ما استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قائلا إنه خندق المقاومة الأخير في زمن تكثر فيه الدعوات الى الابتعاد عن هذا النوع من الشعر.

وقال القاسم خلال ندوة نظمتها الجمعية الفلسطينية للثقافة والأدب ( نوافذ) بمشاركة العشرات من الأدباء والشعراء الشبان "في الأعوام الأخيرة نشأ تيار في النقد الصحفي يقول انه لم يعد مبررا لأدب المقاومة وشعر القضية لان الأدب يتناقض مع السياسة... الثقافة هي خندقنا الأخير يا شباب ويا صبايا الآن لأنه ليس لدينا طيران ولا مدفعية."

وأضاف "شعبنا عنده ثقافة واعتداد بتاريخه وعدالة قضيته نحن ضحايا عدوان وضحايا عنصرية ضحايا الإرهاب... نطالب بأبسط مطلب عند البشر نطالب بحقوق الإنسان ان يعيش حرا في بيته وان لنا حق تقرير المصير على ارض آبائنا وأجدادنا."

وينظر الى القاسم الذي ولد في العام 1939 لعائلة فلسطينية تسكن في الجليل على انه احد "شعراء المقاومة" المعاصرين وله عدد كبير من القصائد الوطنية والكتابات الأدبية. وأوضح القاسم انه لولا وجود الاحتلال "لكنا شعراء حب من الدرجة الأولى او شعراء طبيعة" وقال "حين تسحق بحذاء جندي أجنبي تصيح أخ ورفض الدوس بحذاء جندي أجنبي هو قصيدتنا وشعرنا نريد ان نعيش أحرارا في بلدنا."

وأضاف "شعر المقاومة هو ضرورة تاريخية وما دام هناك احتلال وديكتاتوريات سيكون هناك شعر مقاومة. المقاومة ليس شرط ان تكون ضد الاحتلال بل هي ضد الاستبداد وضد التخلف والجهل." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ودعا القاسم الشعراء والكتاب الشبان الى الثقة بخيالهم وقال "خيال الشعراء يقول ان الاحتلال زائل لأنه غير منطقي لأنه يتعارض مع الوعي الإنساني مع الشرائع السماوية لأنه يتعارض مع رياح هذا العصر يرفض الاحتلال والعنصرية والاستيطان هذا ما قاله الأدب الفلسطيني منذ بداية الصراع."

وأضاف "القصيدة لا تفاوض ليس هناك أكثر صدقا من القصيدة الصادقة... الأدب الفلسطيني كان في الساحة وكان في الميدان كل الوقت جيلنا ورث هذا الصراع وهذا الإحساس بالخطر الداهم وامتص ضربة النكبة."

وشن القاسم هجوما لاذعا على دعاة انتهاء زمن شعر المقاومة وقال " انا ليست لدي ابتسامة أدافع عنها لدي دمعتي العربية الفلسطينية سأدافع عن دمعتي اسمحوا لي يا أشباه النقاد والمثقفين وأشباه الوطنيين القرن العشرين قرن سياسي بامتياز القصيدة لا تنظم برنامج حزب او حكومة وانما تحاول ان تنقل القضية الى الرأي العام الإنساني ليزداد التعاطف مع شعب يخوض معركة لاسترداد حقوقه وكرامته.

وأضاف " في كل بقاع العالم يعترفون بالقصيدة الفلسطينية والأدب الفلسطيني مترجم الى كل لغات العالم الحية... لن تسقط راية جيلنا راية المقاومة الثقافية راية الكرامة والإبداع لن تسقط لان جيلكم سيرث هذه الراية." واختتم ندوته بدعوة جيل الشعراء والكتاب الشبان الى الشعور بالتحدي وعدم اليأس والى كتابة الكلمة والفعل.

خطايا

كما عرض على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي وبمشاركة 19 فنانا وفنانة واستخدمت فيه فنون الرقص والغناء.عرض مسرحي صامت بأسم (خطايا) قدمته فرقة المسرح الشعبي.

تقدم المسرحية على مدار 80 دقيقة بصمت يكسر سكونه أحيانا صوت بكاء طفل حاولت أمه التخلص منه نتيجة خطيئة ارتكبتها. مجموعة من الخطايا يرتكبها البشر بقصد او بغير قصد منها كثرة الإنجاب والعلاقات غير المشروعة واغتصاب حقوق المرأة وعدم تقبل إنجاب أنثى وقتل الناس بغير سبب.

ويوضح كتيب وزع قبل بداية العرض "الخطايا يرتكبها البشر بحق الآخرين او بحق أنفسهم فيتسببون بالآلام والعذاب لذواتهم ولغيرهم وقد لا يبرؤون من ذلك ابدا... (الخطايا) مشاهد تسلط الضوء على حماقات البشر المعذبين والمعذبين لأنفسهم بأسلوب ساخر وتهكمي."

وبعد العرض قال صلاح الدين حنون مخرج العمل وهو طالب بالمعهد العالي للفنون في دمشق "ما يقدمه هذا العمل المسرحي الذي هو تجربتي الأولى في الإخراج انه يسلط الضوء على مجموعة من الخطايا الموجودة في المجتمع.. في اي مجتمع. وأردنا ان تكون لغته عالمية لذلك كان صامتا استخدمت فيه الموسيقى والرقص ولغة الجسد في إطار كوميدي هادف." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

واضاف قائلا "هذا عرض تجريبي أول لعمل استمر شهر ونصف من التدريب المكثف بمشاركة عدد من الفنانين المحترفين إضافة الى مجموعة من الهواة وسيكون بكل تأكيد خاضع للتطوير والمراجعة."

يبدأ العرض بمشهد يتناول كثرة الأولاد والفقر اذ تظهر مجموعة من الاولاد في ثياب رثة يبحثون وسط القمامة عن ملابس وطعام. ويتخلل المشهد الكثير من حركات الفنتازيا لعدد من الممثلين وهم يحاولون الاختباء من عمال البلدية وهم يبحثون في حاويات النفايات.

ويطرح المخرج قضية التخلص من المواليد الذين يأتون نتيجة علاقة غير شرعية من خلال مشهد تضع فيه سيدة طفلها الوليد في حاوية قمامة بعد ترددها في ذلك ليجده شخص اخر ويحاول مساعدته في مشاهد حملت الكثير من الكوميديا رغم المأساة.

وقال حنون "لابد ان تكون جريئا في طرح قضايا لا يتحدث المجتمع عنها ولكنها موجودة. قد لا تكون ظاهرة ولكنها موجودة. وقد عملنا على تقديمها بنوع من الفكاهة لأننا أردنا الجمهور ان يتقبلها رغم المأساة التي تحملها."

واضاف "قدمنا مشاهد اخرى موجودة في المجتمع وان اختلفت من شخص لآخر مثل عدم تقبل الرجل لجنس المولود اذا كان انثى اضافة الى عدم تقبله لان تكون المرأة فنانة او طالبة او ان تختار زوجها وكذلك ظروف عمل المرأة في ظروف غير صحية لا تتوفر فيها ادنى شروط السلامة من خلال العمل وسط عدد كبير من اسطوانات الغاز.

ويستحضر المخرج مشهد تفجير يذهب ضحيته الابرياء من خلال القاء قنبلة على مكان كان يلهو فيه طفل وفتاة في احد المتنزهات والى جانبهما عامل النظافة. وفي المشهد تلقي مجموعة تلبس اقنعة المهرجين قنبلة تحدث انفجارا في المكان وتؤدي الى مقتل الجميع.

وقال حنون ان اقنعة المهرجين تحمل مغزى اذ أن "الكثير من عمليات القتل في اماكن مختلفة من العالم يذهب ضحيتها الأبرياء ولا تعرف دافع من يقوم بها لذلك اردنا ان نشير الى ان عمليات القتل هذه تتم بهدف التسلية.

واشار كاتب السيناريو عبد الرحمن علقم الذي اخرج العديد من الاعمال المسرحية الى ان هذا العمل يبشر بدخول العديد من المواهب الشابة الى الساحة الفنية الفلسطينية بما لديها من مقدرة على التعبير والإبداع حتى وان كان العمل صامتا وهو الأصعب في الأداء المسرحي. وقال "القضايا التي تناقشها المسرحية هي من الواقع وموجودة في كل المجتمعات بغض النظر عن ثقافتها وان كانت بدرجات متفاوتة.

500 ألف دولار لدعم عربي

في حين فاز 28 فيلما روائيا طويلا ووثائقيا لمخرجين عرب بمنح مالية قيمتها 500 ألف دولار من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي تنظم مهرجان أبوظبي السينمائي.

وكان المهرجان أعلن عن تأسيس صندوق التمويل السينمائي (سند) بهدف الدعم السنوي للإنتاج المتميز في المنطقة العربية حيث يقدم منحا مالية في مرحلة التطوير ومرحلة الإنتاج النهائية لمساعدة المخرجين على تطوير أفلامهم أو إكمالها.

وأعلن المهرجان في بيان أسماء الأفلام الفائزة بالمنح وتشمل ثمانية أفلام طويلة في مرحلة الإنتاج النهائية هي (موت للبيع) للمغربي فوزي بن سعيدي و/خويا/ للمغربي كمال المهوتي و/فوق اللوح/ للمغربية ليلى كيلاني و/في اخر أيام المدينة/ للمصري تامر السعيد (شتي يا دني) للبناني بهيج حجيج و/طيب. خلاص. يلا/ للبنانيين رانيا عطية ودانييل جارسيا و/كرنتينا/ للعراقي عدي رشيد و/ثوب الشمس/ للاماراتي سعيد سالمين.

وحصل 13 مخرجا على منح في مرحلة التطوير لأفلامهم وهم التونسيتان نادية الفاني ورجاء عماري والفلسطينيون شيرين دعيبس وان ماري جاسر وصبحي الزبيدي وايهاب جاد الله والمغربيان اسماعيل المولى الاراكي وابراهيم فريتة والعراقي محمد الدراجي والجزائريان كريم طريدية وطارق تكية والمصرية هالة لطفي والسوري محمد ملص.

وحصل فيلمان وثائقيان على دعم في مرحلة الإنتاج النهائية هما (في أحضان أمي) للعراقيين عطية ومحمد الدراجي و/من ينجو من الماء/ للمصرية صفاء فتحي.

كما حصلت خمسة أفلام وثائقية على منح في مرحلة التطوير وهي (النادي اللبناني للصواريخ) لجوانا حجي توما وخليل جريج و/جني أنا/ للاردنية داليا الكوري و/نفط وتراب/ للمصري فيليب لورنت ديب و/كما لو أننا نمسك بكوبرا/ للسورية هالة العبد الله و/اغراء/ للسوري عمر أميرلاي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت ماري بيير ماسيا المشرفة على صندوق (سند) في البيان ان الصندوق يدرك صعوبة هذه الافلام من الناحية الفنية "لكن شجاعة المخرجين وكتاب السيناريو والتقنيين والممثلين ومساعيهم للابتعاد عن القوالب الجاهزة شكلت واحدة من أكثر العلامات المطمئنة على حيوية وإمكانات السينما العربية."

وقال عيسى سيف المزروعي مدير مشروع المهرجان ان صندوق (سند) ملتزم "بإيجاد ثقافة سينمائية حيوية في المنطقة... الأفلام المستقلة تشكل جزءا مهما وناميا.. مصدر فخر لنا أن نقوم بدعم ومساعدة السينمائيين العرب في استكشاف اتجاهات إبداعية جديدة."

وتأسس (مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي) عام 2007 في أبوظبي وتنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي أعلنت هذا العام تبني اسم جديد للمهرجان ليصبح (مهرجان أبوظبي السينمائي).

مكتشفات صوانية

بينما تعرض مكتشفات صوانية ترجع الى العصور الحجرية اكتشفتها البعثة السورية الفرنسية في موقع ام التلال قرب مدينة تدمر السورية في المتحف الوطني بدمشق.

ويلقي المعرض الذي يحمل اسم "صوان" الضوء على كشوفات تنتمي الى فترة ما قبل التاريخ من أجل إبراز القيمة الأثرية والتاريخية لهذه المكتشفات والتي تضم أدوات منزلية بسيطة صنعت من أحجار الصوان استخدمها الإنسان الأول في تلبية متطلباته اليومية الضرورية.

ونقلت وكالة الانباء العربية السورية عن وزير الثقافة السوري رياض نعسان أغا قوله "ان المعرض يقدم صورة عن الادوات التي كان يستخدمها الانسان في سورية قبل الاف السنين ويضعنا أمام الصورة البدائية الاولى لكيفية استخدام حجر الصوان في صناعة أدوات تطورت من عصر لعصر مبينا أن هذا كنز حضاري ربما لا يكون له مثيل في العالم." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتضم سوريا العديد من المواقع الاثرية التي ترجع الى الاف السنين وتغطي تاريخ الانسانية. وبالرغم من ان هنالك مواقع اثرية مشهورة كتدمر وقلعة الحصن واثار مدينة دورايوربوس كان قد تم اكتشافها الا ان العديد من المواقع الهامة الاخرى بقيت غير مكتشفة. وقال بسام جاموس المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا ان "المعرض خلاصة للمكتشفات الأثرية الحديثة التي تم العثور عليها في حوض البادية التدمرية والتي سكنها الانسان منتصب القامة منذ عصور ما قبل التاريخ قبل مليون و300 ألف عام."

وأضاف "مواقع الكوم وأم التلال والندوبة والجرف العجيلي قدمت أدوات تتألف من فؤوس صوانية ومكاشط عرفتنا على نمطية الأدوات التي تحمل ميزات ودلالات وتؤكد على حضارة المليون عام في سورية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الأول/2010 - 23/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م