أيها العراقيون.. لقد ظلمتم وطنكم!

زاهر الزبيدي

في بلد مثل العراق.. يتنوع فيه كل شيء.. الطوائف والقوميات والأديان.. وحتى الظلم اكتسى بذلك التنوع فهناك ظلم الحكومة للشعب والشعب للوطن والسياسيون للأصابع البنفسجية التي رفعتهم الى مقاعد البرلمان.. ثلاثمائة وستة وعشرون مرشح تساوو في أن لكل منهم صوت واحد فقط ليمثل من أنتخبه.. ولكن من يدير العملية السياسية الآن في الوطن الكبير لا يتجاوزوا العشرة أشخاص فقط من أولئك المرشحين.. الذين نزعت منهم أو نزعوا هم شرعيتهم بأيديهم أو باعوها أو حتى أوكلوا أمر من أنتخبهم الى أولئك العشرة المبشرة بالسلطة في العراق وأرى أنهم سيتناوبون على حكمه لأجيال قادمة مالم يكون للشعب رأي آخر بعد أربعة سنوات.. ولا أعتقد أن ذلك ممكناً؟

العملية السياسية ولأفتقار الساسة الى تكامل نضوجهم السياسي لازالوا يتخبطون في تصريحاتهم وأغلب القوائم أدخلت شعبها في دوامة الأنتظار المؤلمة وبعبارات سنبقى نتحاور ونتفاوض ونجتمع والظاهر أنهم سيبقونا بحقن الأفيون تلك الى زمن طويل.

أما العراقيون فأنهم قد ظلموا وطنهم لكونهم لم يمارسوا حقهم المشروع في الدفاع عن حرياتهم ومستقبل أطفالهم الذي من المفترض، في بلد مثل العراق، ان يكون على مستوى مثيله في بقية بلدان العالم المتقدمة.. لقد ظلموا أنفسهم ووطنهم في آن واحد لكونهم لازالوا يهينونه بطرق عدة بدأوها بالحوسمة، على الرغم هم ليسوا جميعهم من قاموا بذلك، ولكنهم،الحواسم، عراقيون.. وانتهت بفقدانهم للشعور بالمسؤولية أو حتى أدنى درجاته.

فترى الأسراف المفرط في استخدام المياه الصالحة للشرب والتي يذهب منها 30% هدراً على الرغم من تكلفة إنتاجها العالية وشحتها لمناطق في العراق يوزع عليها الماء في العجلات الحوضية وكأنك عندما ترى (سبتايتل) على قناة العراقية بأنه قد تم توزيع المياه في قرية ما في الوطن وكأنه انجاز كبير يتباهى به !

والاسراف والهدر هذا يأتي من أنعدام الشعور بالمسؤولية ففي أغلب الأحيان ترى المياه وهي تتسرب من البيوت بقوة لتغرق الشوارع والبيوت المجاورة دون أدنى خجل مما يحدث أو أن يتباهى رب الأسرة بغسله لسيارته الفارهة يومياً أمام سكنه ليغرق المنطقة بتلك المياه والتي تتجمع يوماً بعد يوم لتصبح بركاً كبيرة.

أما النفايات فحّدث ولا حرج.. أكوام كبيرة من النفايات يجمعها ابناء المحلات والأزقة على جزرات وأرصفة الكثير من الشوارع المهمة في بغداد ولا أدري من علمهم ليلقوا هذا الكم الهائل من النفايات والأوساخ بلا أكياس بلاستيكية، على الرغم من سعرها الرخيص، على قارعة الشوارع العامة..  أنها حالة مزرية لا تنم عن أدنى درجات الشعور بالمسؤولية وهي من الحالات التي خلفها عدم وجود القوانين الرادعة التي تنهي حالة التجاوز على الأملاك العامة وقد يكون هناك خلل إداري في تجهيز الأكياس البلاستيكية وخلل في عمل المنظومات المسؤولة عن تنظيف المحلات والأزقة، إلا أن هذا لايمنع من أن يقوم رب الأسرة بشراء مجموعة أكياس لا يتجاوز سعرها الدولار والنصف وتكفيه لمدة شهر كامل وأكثر ليجمع نفايات منزله ويربطها ويضعها على الرصيف.

 هناك خل كبيرة وواضح في إدارة البلديات ومن المفترض أن يغرم من يقوم بهذا العمل المشين، يجب أن نبدأ بحملة تثقيف وتوعية كبيرة في هذا الجانب لكوننا قد تأخرنا كثيراً والنظافة من أهم مقومات العمران والتقدم وعلينا أن نضعها في مقدمة أولويات الأعمال التي ستكون أساساً لتقدم البلد في يوم ما.

العمل الجماعي المنسق من أهم طرق الوصول الى النتيجة المثلى وهو الطريق الواضح المستقيم الى الأمل الذي يصبوا إليه الشعب ولكن على الشعب مسؤولية كبيرة فمالذي يدفع رب الأسرة الى عدم تنظيف باب منزله من أكوام الورق والأكياس التي تتجمع يوماً حتى لتصبح أكداس كبيرة وهي أمام منزله غير عدم نظافته وعدم شعوره بالمسؤولية ولو أفترضنا أن الدوائر البلدية لديها التقصير بهذا الموضوع فماهو دورك كأب وأنت تقف أمام بيتك أتراك لا تعلم أن نظافة بليتك معناه نظافة المحلة ومعناها ارتفاع أسعار عقاراتكم، فنحن حتى مصالحنا الشخصية لم نعد نهتم بها هذا من جانب ومن جانب آخرى أن تترك فرصة لتجمع الحيوانات السائبة والقوارض التي من السهولة أن تدخل بيتك.

أي هي الغيرة العراقية التي يضرب بها المثل، ترى هل أجبرنا على نزع غيرتنا على وطننا ومدينتنا الجميلة.. السؤال موجه الى الجميع متى نبدأ بوضع أقدامنا على طريق الرقي؟.. ومتى نبدأ خطوتنا الأولى الصحيحة؟  إن  تلك الخطوة الأولى مهمة جداً بالنسبة لكل العراقيين فهي الأمل بأن المستقبل لأطفالهم سيكون أفضل من حاضرهم المرعب.

zzubaidi@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/أيلول/2010 - 20/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م