بريطانيا تعاني الإرباك بعد زوال عظمتها

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تكشف الأنباء المتوافرة عن أوضاع بريطانيا عن حقائق خطيرة عما يكتنف تلك الدولة العظمى من مصاعب ومشاكل على أكثر من صعيد مهم وحساس، سيما أوضاعها الاقتصادية وما ترتكز عليه من قطاعات حيوية كالسياسة والدفاع والاجتماع أيضا.

فقد برزت خلال الفترة القصيرة الماضية بيانات تجمل في طياتها محن متفاقمة تمر بها تلك البلاد، وعجز اقتصادي بات يهدد بنية النظام هناك ومرتكزاته الأساسية، بحسب ما أعلنه معظم المراقبين والمتخصصين في الشؤون الإستراتيجية.

بيع الاثاث للحد من الديون

فقد اعلنت الحكومة البريطانية انها ستحاول بيع اثاث المكاتب القديم في مزاد علني لتوفير المال فيما تسعى لتطبيق اول 100 الف اقتراح تقدم به الشعب لتخفيض العجز.

وكانت الحكومة دعت الناس قبل شهرين الى تقديم اقتراحاتهم حول كيفية تخفيض العجز البالغ 242 مليار دولار.

وتتراوح الاقتراحات بين تسهيل طرد الموظفين الحكوميين وصولا الى الطباعة بالأسود والابيض، وجمع النفايات مرة كل اسبوعين، وفرض رسم على الناس للاستماع الى الموسيقى في المنتزهات يبلغ جنيها واحدا.

وقال وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن "ما من فكرة واحدة ستحل المشاكل التي نواجهها، لكن ان جمعنا عددا كبيرا من الافكار، يمكننا ان نساهم في الحد من العجز واعادة التوازن الى اقتصاد البلد في هذه الفترة العصيبة".

احدى اولى الافكار المعتمدة تقضي بتحسين طريقة استغلال الدوائر الحكومية للتجهيزات الفائضة والمستعملة، وانشاء موقع للمزادات العلنية على الانتزنت.

فضلا عن ذلك، اعتمدت الحكومة مقترحات تقضي مثلا باصدار ارقام الضمان الاجتماعي على اوراق بدلا من البطاقات البلاستيكية. وقال اوزبورن "تلقينا اكثر من 100 الف اقتراح والآن بدأنا بتطبيق بعضها".

ويأتي اكثر من 60 الف اقتراح من موظفي القطاع العام، وقال المسؤولون انهم سيدرسون كلا منها.

غير ان براين ستراتون، الامين العام لنقابة عمال بريطانيا، استخف بالمبادرة قائلا "الطلب من الشعب التقدم باقتراحات لتوفير المال هو خدعة سياسية تهدف الى اعطاء انطباع بأن التخفيضات تحظى بدعم".

مصروف الاطفال

فيما أظهر مسح أن المصروف الاسبوعي للاطفال البريطانيين انخفض الى أدنى مستوى له في سبع سنوات في اشارة الى أن الاباء لا يزالون يخفضون النفقات غير الضرورية حتى في الوقت الذي بدأت البلاد تخرج فيه من الركود.

وقال بنك هاليفاكس التابع لمجموعة لويدز المصرفية ان متوسط مصروف الجيب انخفض الى 5.89 جنيه استرليني (9.23 دولار) اسبوعيا عام 2010 من 6.24 جنيه في 2009 . والرقم الجديد هو الادنى منذ عام 2003 عندما كان يدفع الاباء في المتوسط 5.79 جنيه في الاسبوع.

وانخفض مصروف الاطفال برغم حدوث ارتفاع طفيف في أجور والديهم خلال العام المنصرم. وكان متوسط الاجور الاسبوعية في بريطانيا في ثلاثة اشهر حتى يوليو تموز 431 جنيها بدون علاوة 1.8 بالمئة أكثر من العام السابق. ويدفع الاباء لبناتهم مصروفا أقل من الابناء تمشيا مع الفجوة في الدخل بين الجنسين.

وتأخذ الفتيات اسبوعيا في المتوسط 5.70 جنيه مقارنة بنحو 6.08 جنيه اسبوعيا للابناء بفارق حوالي ستة بالمئة مقارنة بفجوة 12 بالمئة بين الرجال والنساء الذين يعملون دواما كاملا. بحسب رويترز.

واستند هاليفاكس في بياناته الى مسح لنحو 1204 اطفال تتراوح اعمارهم بين 8 سنوات و15 عاما في الفترة من 26 أغسطس اب الى الثاني من سبتمبر ايلول.

الحفاظ على الطابع المميز

على صعيد آخر أعلنت الحكومة البريطانية الحرب على الاسراف غير الضروري في وضع اشارت المرور على الطرق ولوحات الاعلانات بدعوى افسادها للطابع الانجليزي للمدن.

وكتب اريك بيكليس وزير الحكم المحلي و فيليب هاموند وزير النقل رسالة الى زعماء المجالس المحلية في انجلترا طالبوهم فيها بتخفيض عدد الاشارات القبيحة واشغالات الطرق و حتى اشارات المرور الضوئية وضعت فى مرمى النيران.

ويرغب الوزيران في ابلاغ السلطات المحلية بالنماذج السيئة للافراط في وضع الاشارات من اجل الحفاظ على الطابع الوطني للشوارع الانجليزية.

وقال بيكليس " تفقد شوارعنا طابعها الوطني الانجليزي .. تجتاحنا اشارات حقيرة وحواجز الانتظار المتسلطة والرصف السيء للطرق وتقاطعات السكك الحديدية وهو ما يضيع اموال دافعي الضرائب التي يمكن استغلالها بشكل افضل."

وقال هاموند ان زيادة الاشغالات في الشوارع جعل المدن تبدو كساحة مخلفات وانها تربك السائقين وتعرقل حركة المشاه.

وقال الوزيران انه عندما ازيلت الاشغالات الزائدة في شارع كنسنجتون الرئيسي على سبيل المثال ساعد ذلك على تقليل الحوادث بنسبة 47 في المئة.

قوة عسكرية عالمية

من جانبه قال ليام فوكس وزير الدفاع البريطاني ان "معركة (بريطانيا) ضد الارهاب" في افغانستان ليست نهاية النضال العالمي وانه يتعين على البلاد الاستعداد للعمل في مناطق اخرى في المستقبل.

وقال فوكس خلال اجتماع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان سحب القوات البريطانية من افغانستان قبل عام 2015 سيعزز المتشددين في كل مكان لان القوات البريطانية العاملة مع الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة لن تكون قد حققت اهدافها الامنية قبل ذلك .

واردف فوكس قائلا امام التجمع الذي عقد في جنيف لضباط واستراتيجيين عسكريين انه يتعين على المخططين الدفاعيين البريطانيين الذين اجروا مراجعة للاولويات العسكرية ان يأخذوا في حسبانهم احتمال اضطرار قواتهم للتدخل مرة اخرى في مكان اخر من العالم.

واضاف "سنخوض معركة طويلة الاجل ضد الارهاب عبر الحدود الوطنية وسيظهر في اماكن مختلفة كثيرة على مدى فترة طويلة وسيتعين علينا التصدي له."

وقال ان احد الدروس المستفادة من التاريخ الدفاعي البريطاني الحديث هو ضرورة عدم نشر قوات مقاتلة الا بعد ان تكون السلطات مستعدة لتوفير الموارد لها لتنفيذ عملها.

واضاف "هذه احدى الامور التي نصارعها في المراجعة الدفاعية الجديدة في المملكة المتحدة لان هذه لن تكون اخر مرة على ما أظن قد نواجه فيها وضعا كهذا."

وهناك تراجع في الاستعداد للتدخل عالميا ولكن الحرب غالبا ليست شيئا تكون للدول اي خيار فيه.

وقال "لم يكن احد يتخيل ان الولايات المتحدة ستدخل افغانستان..(ولكن)ساعتين في مانهاتن غيرت الامور" مشيرا الى هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001.

واضاف فوكس ان الجيش والشرطة الافغانيين لن يكونا مدربين بشكل كاف لتولي مسؤولية امنية وطنية كافية الا في 2015.

مقتل عميل للمخابرات

فيما قالت وسائل إعلام انه تم العثور على رجل كان يعمل لحساب المخابرات البريطانية (ام.اي 6) مقتولا في شقة قرب مقر جهاز المخابرات.

وقالت الشرطة انها عثرت على جثة الرجل وهو في الثلاثينات من عمره في الشقة الموجودة بمنطقة بيمليكو الراقية بلندن.

وكان القتيل الذي لم يتم ذكر اسمه قد غاب عن الانظار لفترة فذهب ضباط الى شقته بعد الابلاغ عن اختفائه. ويجري تشريح الجثة للتعرف على سبب الوفاة.

وذكرت تقارير أوردتها وسائل اعلام أن الرجل كان يعمل لحساب وكالة المخابرات البريطانية (ام.اي 6) التي تتولى شؤون التجسس الخارجي وكان ملحقا بها من قيادة الاتصالات الحكومية وهي خدمة التنصت التابعة للحكومة. بحسب رويترز.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية "هذه مسألة خاصة بالشرطة. انها سياسة تنتهجها الحكومة منذ فترة طويلة وهي عدم تأكيد أو نفي عمل اي فرد لحساب وكالات المخابرات."

وتجري وحدة جرائم القتل والجرائم الخطيرة تحقيقا في مقتل الرجل مما يشير الى أن المحققين لا يعتقدون أن مقتله متصل بأنشطة ارهاب او تجسس.

الهجرة

من جهة اخرى أفادت وزارة الداخلية البريطانية يوم الخميس بأن صافي الهجرة الى بريطانيا قفز بنسبة 20 في المئة في 2009 لكنها قالت ان معظم الزيادة يرجع الى انخفاض عدد البريطانيين الذين ينتقلون الى الخارج.

وتعتزم الحكومة الائتلافية التي تتولى السلطة منذ مايو ايار تطبيق سلسلة اجراءات لخفض عدد العاملين الاجانب القادمين الى بريطانيا قائلة ان مستويات الهجرة كانت أعلى مما يجب في عهد حكومة العمال السابقة.

وذكرت وزارة الداخلية في تقرير سنوي ان صافي الهجرة بلغ 196 الفا في 2009 مقارنة بزهاء 163 الفا في 2008.

وتبين الارقام التفصيلية أن الهجرة الفعلية طويلة الامد انخفضت بواقع 23 الفا في 2009 بينما انخفضت هجرة المواطنين البريطانيين الى الخارج بنسبة أكبر مما أدى الى الزيادة في الرقم الصافي.

وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون اتخذ في الفترة السابقة لانتخابات مايو أيار موقفا متشددا بشأن الهجرة متعهدا بتقليل معدل الهجرة السنوي الصافي الى "عشرات الالاف".

وحظي هذا الموقف بتأييد الناخبين لكنه اثار انتقادات من جانب جماعات الاعمال التي قالت ان وضع حد اقصى جامد لعدد المهاجرين قد يضر بانتعاش الاقتصاد الوطني خيث سيزيد على الشركات صعوبة توفير العمالة المؤهلة التي تحتاجها.

هجمات محلية

وذكر تقرير ان بريطانيا تواجه موجة جديدة من الهجمات من متشددين محليين يفتقرون للتدريب الجيد لكنهم يمتلكون الحافز القوي وذلك في الوقت الذي يتحول فيه التهديد الذي تمثله القاعدة من التخطيط لعمليات تفجير متطورة الى أعمال ينفذها أفراد.

وتقول الدراسة التي اجراها المعهد الملكي للخدمات المتحدة وهو مركز ابحاث ان التحول في تكتيات القاعدة وزيادة تطرف المسلمين القابعين في السجون وانتهاج سياسة خارجية "تؤدي الى التركيز على التنفير والاستياء" تزكي هذا التهديد.

وقال البروفيسور مايكل كلارك مدير المعهد والذي يقدم المشورة للحكومة في المسائل الامنية "الظروف كلها مهيأة لسلسلة هجمات قد تبدأ في اي وقت."

وكان هناك 20 مؤامرة كبيرة لاسلاميين ضد بريطانيا منذ عام 2000. ولم تنجح سوى واحدة فقط وهي تفجيرات لندن التي نفذها اربعة شبان بريطانيين في يوليو تموز 2005 واسفرت عن مقتل 52 شخصا. وجرى اعتقال اكثر من 230 شخصا بتهمة التخطيط لشن هجمات.

وترفع بريطانيا مستوى الخطر من التهديد الى ثاني أعلى مستوى وهو "حاد" مما يعني ان من المحتمل بشكل كبير التعرض لهجوم ارهابي ويقول تقرير المعهد الملكي للخدمات المتحدة ان بريطانيا لديها ما يدعوها للخوف اكثر من الدول الغربية الاخرى من الارهاب المحلي.

لكن التقرير قال ان أصل وطبيعة التهديد قد تغيرت. ففي السابق كانت القاعدة بزعامة اسامة بن لادن عند الحدود الافغانية الباكستانية هي المحرض تقريبا على جميع المؤامرات الكبيرة في بريطانيا. بحسب رويترز.

واضاف التقرير ان جماعات مثل تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم فاشل لتفجير طائرة تابعة للخطوط الجوية الامريكية في يوم عيد الميلاد أصبح ضالعا بشكل كبير في المؤامرات.

ويأتي في المقدمة رجل الدين الامريكي المولد أنور العولقي المنتمي لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب والذي كان على صلة بطبيب نفساني بالجيش الامريكي قتل 13 جنديا بالرصاص في فورت هوود بتكساس عام 2009 بالاضافة الى متشددين بريطانيين.

وأدى هذا التحول الى حدوث تغيير في التكتيكات والاهداف بعيدا عن الهجمات الكبيرة التي كانت تستهدف السفر جوا ويخطط لها زعماء مدربون جيدا يديرون خلايا.

وقال التقرير ان العولقي وزعماء جدد اخرين يسعدهم ارسال افراد غير مدربين جيدا لاستهداف مسابقات رياضية كبيرة وفنادق في حين ان من المرجح ايضا ان يحاول انتحاريون تنفيذ المزيد من عمليات الاغتيال ضد اشخاص معينين.

واضاف التقرير "في نهاية المطاف هناك ما يدعو للاعتقاد بان احدهم سيكون محظوظا بما يكفي لتحقيق النجاح بشكل كبير ضد اهداف مهمة في دول غربية."

وقال التقرير ان اجهزة الامن تواجه ايضا تهديدا متناميا من عدد متزايد من المسلمين الذين اصبحوا متطرفين في السجون البريطانية مما قد يسفر عن ظهور نحو 800 "من المتطرفين الذين من المحتمل ان يتسموا بالعنف" خلال العقد القادم.

وفي الوقت نفسه فان بعض الاشخاص الذين ادينوا في مؤامرات ارهابية وصدرت ضدهم احكام بالسجن لفترات قصيرة سوف يفرج عنهم ومن المرجح ان يظلوا ملتزمين بقضيتهم.

وخلص التقرير الى ان "اجهزة الامن البريطانية تدرك تماما امكانية حدوث موجة من الهجمات الفردية العشوائية ضد اهداف مختلفة."

وقال التقرير ان "الهجمات على (اماكن مزدحمة) يحتل مكانة قريبة من اكبر الاخطار حسب تصنيفات الحكومة خلال الاعوام الخمسة القادمة."

اعتقالات ومواجهات

كما اعتقل 13 شخصا في مدينة برادفورد البريطانية السبت بعد صدامات في الشوارع بين مجموعة يمينية متطرفة مناهضة للمسلمين ومعادين للفاشية.

ورشق اعضاء في الرابطة الانكليزية للدفاع قوارير وحجارة والقوا قنابل دخانية في مواجهات عنيفة بينما حاولت الشرطة الفصل بين الجانبين. وتمكنت الشرطة التي نشرت بكثافة في المكان من احتواء اعمال العنف في المدينة التي شهدت في 2001 اعمال شغب مماثلة.

وكانت الحكومة منعت الرابطة من تنظيم التظاهرة في المدينة الواقعة شمال انكلترا خوفا من تكرار هذه الاضطرابات. الا ان اعضاء الرابطة نظموا تجمعا في منطقة صغيرة في يوركشير التي تضم اكبر جالية باكستانية في بريطانية، للاحتجاجا على انتشار الاسلام المتشدد في بريطانيا، على حد تعبيرهم. وقالت الشرطة ان كلا من التظاهرتين ضمت اكثر من الف شخصا.

وعلى الرغم من وجود الشرطة، تواجه متظاهرو الرابطة ومنظمة "معا ضد الفاشية" لوقت قصير بعد الظهر وتراشقوا بالزجاجات والحجارة. وتؤكد هذه الرابطة انها تنشط لمنع الاسلام المتطرف من الانتشار في بريطانيا، الا ان معارضيها يصفونها بانها حركة عنصرية مناهضة للاسلام.

واطلق المشاركون في تظاهرة الرابطة شعارات مثل "اعيدوا الينا بلادنا". كما حملوا لافتات كتب على بعضها "اوقفوا بناء المساجد" و"لا للشريعة".

وقال مسؤول الامن في الرابطة ليون ماك كريري "نحن ضد الاسلام المتطرف لا ضد باقي المسلمين". واضاف "لكن على المسلمين +العاديين+ ان يقفوا ويدافعوا عن انفسهم. هناك اشرار في كل مكان. نحن لدينا بعض الحمقى وهم (المسلمون) ايضا لديهم حمقى". بحسب فرانس برس.

من جهته، قال عبد السلام احد مناصري الرابطة لفرانس برس "نريد جميعنا السلام نريد جميعنا ان تعيش بريطانيا بسلام ولا نريد ان يهاجم ارهابيون هذا البلد".

وتابع "جميع المسلمين مرحب فيهم هنا، الا ان اولئك المسلمين (في التظاهرة المضادة) اختاروا ان يكونوا في الجانب الاخر ويدعموا الارهاب. هؤلاء ليسوا بمسلمين، هؤلاء خبثاء ارهابيون، اذن سيحترقون في الجحيم".

في الجانب الاخر، قالت وحيدة شافي العضو في جمعية نساء برادفورد من اجل السلام ان "وجود الرابطة الانكليزية للدفاع في برادفورد يؤكد طابعها المتطرف".

واضافت "لقد كشفوا بوضوح للعالم الطبيعة المتطرفة لرسالتهم"، مشيرة الى انهم "لا يتسمون بالعنف فحسب كشفوا للعالم رسائلهم الصاخبة والواضحة".

وقالت شرطة ويست يوركشير ان 13 شخصا اعتقلوا بتهمة الاخلال بالنظام العام والقيام باعمال عنف. وثمانية من الموقوفين يقيمون في برادفورد.

وصرح متحدث باسم شرطة غرب يوركشاير "اعتقل 13 شخصا في اطار هذه العملية". واضاف ان "الشرطة عملت بفاعلية لمعالجة الوضع". واضاف ان "اجواء المدينة هادئة بشكل عام والسكان تعاونوا ودعموا الشرطة وابتعدوا عن التظاهرتين".

وجرت تظاهرة اليمين تحت مراقبة مشددة من الشرطة خوفا من حوادث عنصرية مشابهة لتلك التي وقعت العام 2001 في هذه المدينة. وكان الحزب اليميني المتطرف البريطاني "الجبهة الوطنية" دعا الى تظاهرة في تموز/يوليو 2001 تحولت الى حرب شوارع في برادفورد مع شبان مناهضين للفاشية. وادت الصدامات حينذاك الى جرح نحو 300 شرطي واعتقال مئتي شخص.

وعبرت راتنا لاشمان من جمعية الدفاع عن حقوق الانسان عن سعادتها لكون الشبان ذوي الاصول الاجنبية "لم يتصرفوا بالعنف والحقد اللذين اظهرتهما الرابطة الانكليزية للدفاع"، وقالت ان برادفورد "استخلصت العبر" من حوادث العام 2001.

نفوذ جماعات أمريكية

من جهته قال واعظ إسلامي بريطاني متشدد ان نفوذ جماعات اسلامية أمريكية متشددة لها منتديات على الانترنت يتزايد تماما مثلما حدث في بريطانيا خلال التسعينات في اشارة الى فترة كان فيها مركز الاسلاميين في أوروبا.

وأضاف انجم تشودري الذي يتهمه معارضوه بتسميم عقول الشبان المسلمين بدعاية شديدة مناهضة للغرب أن حظر جماعة كان يقودها جاء بأثر عكسي على السلطات البريطانية من خلال تعزيز موقفه بين المسلمين الاوروبيين والامريكيين الذين كان هدفهم المشترك معه هو تطبيق الشريعة في الغرب.

وقال تشودري الدعاية العالمية التي واكبت حظر بريطانيا في يناير كانون الثاني لجماعة (اسلام من أجل المملكة المتحدة) أدت الى تشكيل جماعات أو توسيع جماعات مماثلة في بلجيكا وفرنسا وسويسرا والسويد والدنمرك بل وفي استراليا واندونيسيا. وأضاف أنه زار فرنسا وبلجيكا واندونيسيا هذا العام لمقابلة أنصاره.

وذكر أنه من ناحية أخرى في الولايات المتحدة أصبحت جماعات لها منتديات على الانترنت في مرحلة "كنا عليها نحن قبل نحو عشر سنوات" مثل (المسلم الثوري) و(جمعية المفكرين الاسلاميين) و(التوحيد الحق) التي شكلت خلال العامين الماضيين. بحسب رويترز.

وقال تشودري المنتمي الى التيار السلفي "أعتقد أنها (الجماعات الامريكية) على وشك أمر عظيم". وتشودري من أنصار أنور العولقي وهو داعية مقيم في اليمن دعا لشن هجمات على الولايات المتحدة ويقول ان لديه قناعات حركة الشباب في الصومال. وأردف قائلا "لقد وضعت منظمات مثل المسلم الثوري والتوحيد الحق البذور."

ويساور مسؤولون أمريكيون القلق ازاء ظهور ما يطلق عليه متشددون نشأوا في الولايات المتحدة تبنوا فيما يبدو الاراء المتشددة من خلال قراءة ما يرد على مواقع على الانترنت تنشر تعليقات اسلامية مناهضة للغرب بشدة مكتوبة بالانجليزية.

ومن بين المواقع التي تنشر مثل تلك المواد موقع (المسلم الثوري) و(جمعية المفكرين الاسلاميين) و(التوحيد الحق) والتي تقول انها ليست جماعات تتبنى العنف وان محتوى مواقعها على الانترنت يهدف للتوعية فقط وانها تتحدث بصراحة فحسب ضد الطغيان والظلم.

وعندما سئل تشودري عما اذا كانت تلك الجماعات المسلمة في الولايات المتحدة قد تصبح في قوة تلك الجماعات الموجودة في بريطانيا حتى اذا كانت المنتديات هذه الايام تميل لان تكون على الانترنت بدلا من المساجد أجاب "قطعا".

ومضى يقول "الجالية المسلمة في بريطانيا متقدمة عن مثيلتها في أمريكا بنحو خمس أو عشر سنوات. ما تتحدث عنه الان كنا نتحدث عنه خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

"بدأت الان (الجالية في أمريكا) فجأة الدعوة للشريعة وبدأت تعلن عن ذلك. بصفة عامة هناك حرية أكبر هناك."

وأردف قائلا "في تسجيلات الفيديو تدعو صراحة للجهاد في شوارع نيويورك بينما لم يعد بامكاننا أن نفعل هذا هنا لان هناك (قانونا ضد) تمجيد الارهاب."

وتم حظر جماعة (اسلام من أجل المملكة المتحدة) بموجب قوانين مكافحة الارهاب في بريطانيا بعد أن أثارت غضبا عاما بخطة لتنظيم مسيرة في بلدة يجري فيها تكريم الجنود البريطانيين الذين قتلوا في أفغانستان.

ووصف المركز الدولي لدراسة التشدد في كلية كينجز كوليدج بلندن جماعة (اسلام من أجل المملكة المتحدة) بأنها تميل لممارسات العنف مستندا الى أدلة على أن بعض الاعضاء التحقوا بمعسكرات تدريب للمتشددين في أفغانستان. ونفى تشودري أن يكون أي عضو من جماعته قد تورط في أي أعمال عنف.

وكان لجماعة (اسلام من أجل المملكة المتحدة) روابط بالاسلامي عمر بكري محمد المقيم في لبنان والذي تم منعه من دخول بريطانيا بعد ان اكتسب سمعة سيئة حين أشار الى منفذي هجمات 11 سبتمبر أيلول على الولايات المتحدة بقوله "العظماء التسعة عشر".

وأصر بكري على أن رسالته سلمية ويقول ان قوله "العظماء التسعة عشر" كان يهدف الى جذب الانظار للحاجة الى مناقشة أحداث 11 سبتمبر.

نقل المعركة

من جهتها هددت واحدة من الجماعات الوطنية المتشددة التي صعدت مؤخرا أعمال العنف في أيرلندا الشمالية بنقل المعركة من أجل ايرلندا موحدة الى بريطانيا نفسها.

وبلغت الهجمات التي تشنها جماعات منشقة في ايرلندا الشمالية تسعى لانهاء سيطرة بريطانيا على الاقليم أعلى مستوى لها منذ أنهت اتفاقية سلام وقعت عام 1998 الى حد كبير أعمال عنف استمرت ثلاثة عقود قتل فيها ما يزيد على 3600 شخص.

وقال متحدث باسم جماعة تسمى أوجلايغ نا هيريان أو (محاربو ايرلندا) لصحيفة ذي ايرش نيوز ومقرها بلفاست "سنستهدف جهاز بريطانيا سواء كان ذلك في بلفاست أو برمنجهام أو لندن."

ومهدت اتفاقية سلام عام 1998 الساحة لتشكيل حكومة تتقاسم السلطة بتوازن دقيق بين الجمهوريين السابقين وخصومهم.

واستعادت أيرلندا الشمالية السيطرة على أعمال الشرطة والقضاء أوائل العام الجاري الا انها لا تزال تعتمد على ميزانية المملكة المتحدة.

وجاءت تعليقات جماعة أوجلايغ نا هيريان بعد ان قال عضو بريطاني في البرلمان انه موقن بان المتشددين يأملون في تصعيد الهجمات في بريطانيا لاسيما ضد المؤتمرات السياسية الرفيعة ان أمكن.

وأعلنت جماعة أوجلايغ نا هيريان مسؤوليتها عن أعمال في أيرلندا الشمالية مثل تفجير قنبلة امام مركز للشرطة وأخرى خارج مقر جهاز المخابرات البريطانية ووضع قنابل موقوتة أسفل سيارات أعضاء في جهاز الامن.

استقالة مساعد لوزير بسبب شائعات

الى ذلك نفى وزير الخارجية البريطاني وليام هيج شائعات بأنه مثلي وقال ان احد مساعديه استقال من منصبه بسبب شائعات غير صحيحة بانهما كانا على علاقة.

وطفت على السطح تلميحات عن حياة هيج الجنسية في الايام الاخيرة بعد أن نشرت صحف صورا لوزير الخارجية مع مساعده كريستوفر مايرز وذكرت انهما نزلا في غرفة واحدة بأحد الفنادق اثناء الحملة الانتخابية في مايو ايار.

وفي بيان رفض هيج اتهامات بأن مايرز (25 عاما) لم يكن مؤهلا لشغل منصب مستشار خاص وأن هناك أسبابا أخرى غير مشروعة لتعيينه.

وقال هيج (49 عاما) "تأهل (مايرز) بسهولة للحصول على المنصب الذي يتولاه. واي تلميح الى أن تعيينه كان بسبب علاقة غير ملائمة بيننا عارية من الصحة تماما مثل اي تلميح الى انني كنت على علاقة بأي رجل."

وأضاف هيج "يبدو أن هذه الشائعات نبعت من حقيقة أنه اثناء الحملة الانتخابية كنا نشترك أحيانا في غرفة فندق مزدوجة. لم يكن اي منا ليفعل ذلك لو كان لدينا فكرة ان هذا يعني او ينطوي على أي شيء اخر بأي شكل من الاشكال."

وقال هيج الذي تزوج عام 1997 ان زوجته فيون تعرضت للاجهاض عدة مرات في مسعى لنفي مرور زواجه بمشاكل.

ولا تمثل المثلية في بريطانيا قضية سياسية كبرى في حد ذاتها ولكن أي شيء غير لائق مثل اعطاء منصب لشريك او صديق يصبح قضية.

وفي مايو أيار استقال وزير الخزانة ديفيد لوز بعد أن تكشف انه تقدم بطلبات للبرلمان للحصول على مبالغ مالية لتغطية نفقات دفع ايجار منزل اتضح انه قدمها لصديقه الحميم.

وقال لوز ان دافعه لم يكن الكسب المادي لكن الحفاظ على خصوصية العلاقة. وفي الاسبوع الماضي اعلن وزير السجون كريسبين بلانت انه مثلي وانه في طريقه للانفصال عن زوجته لكنه لم يترك منصبه.

عودة بعد 17 عام

من جهة اخرى عاد رجل الاعمال أصيل نادر الى بريطانيا يوم الخميس بعد 17 على هروبه أثناء انتظار محاكمته بتهم سرقة مرتبطة بانهيار امبراطوريته التجارية بولي بيك.

ووصل نادر الذي كان يقيم في جمهورية شمال قبرص التركية الى مطار لوتون قرب لندن على متن طائرة قادمة من تركيا.

واستقبله رجال بدا انهم من مسؤولي الهجرة قبل ان ينصرف في سيارة ترافقها سيارة للشرطة.

وليس لجمهورية شمال قبرص التركية التي لا يعترف بها سوى انقرة اتفاقية لتبادل المطلوبين للعدالة مع بريطانيا.

وصرح نادر الذي يقول انه بريء للصحفيين على متن الطائرة بانه يأمل في ان يكون المناخ في بريطانيا مناسب الان لينال محاكمة عادلة.

وأضاف رجل الاعمال المولود في قبرص لقناة سكاي نيوز "يسعدني... أنه بعد ان قمت بمثل هذا الجهد كل تلك السنوات ان البيئة الان مقبولة ومناسبة لعودتي املا ان أصل الى اغلاق ملف تلك القضية المؤسفة."

ولم يلق نادر (69 عاما) الذي كان من كبار المتبرعين لحزب المحافظين سوى قليل من الضوء على سبب اختياره العودة الان مكتفيا بقوله انه بريء وانه يريد ان يصحح الظلم التي يزعم انه وقع عليه في بريطانيا.

وهز هروب نادر حكومة حزب المحافظين انذاك برئاسة رئيس الوزراء جون ميجور وتسبب في استقالة وزير له صلات برجل الاعمال وأثار تساؤلات حول سير التحقيق الذي يجريه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال.

ووافقت محكمة في لندن الشهر الماضي على الافراج عن نادر بكفالة مقابل عودته الى بريطانيا ليواجه 66 تهمة بالسرقة تتصل بانهيار امبراطورية بولي بيك التي كانت تعمل في مجالات تتراوح بين تجارة الفاكهة والاجهزة الالكترونية والتي انهارت مخلفة ديونا قدرها 1.3 مليار جنيه استرليني.

ويتعين ان يمثل نادر امام محكمة أولد بيلي في جلسة أولية في الثالث من سبتمبر ايلول. كما يتعين عليه ايداع 250 ألف جنيه استرليني لدى المحكمة كضمان مالي قبل الافراج عنه والخضوع للتتبع الاكتروني وتسليم وثائق سفره.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/أيلول/2010 - 17/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م