شبكة النبأ: بمناسبة حلول الذكرى
السنوية التاسعة لرحيل المجدد الثاني الإمام السيد محمد الحسيني
الشيرازي(قدس سره) أقامت مؤسسة الرسول الأعظم (ص) في كربلاء المقدسة،
مهرجانا تأبينيا بهذه المناسبة تحت شعار (الإمام الشيرازي فكر رصين
وعطاء لا ينفذ).
وقد أقيم المهرجان في منطقة ما بين الحرمين الشريفين للإمام الحسين
وأخيه العباس (عليهما السلام) يوم الأحد الموافق 17 شوال 1431 هجرية
المصادف 26/9/2010، بعد صلاتي المغرب والعشاء، حضر الحفل عدد من مسئولي
المكاتب الحوزوية في داخل وخارج العراق ومبعوثو الحضرة الحسينية
والعباسية المطهرة ومسئولي مكاتب المنظمات والأحزاب المهنية والوطنية
في المحافظة بالإضافة الى جمع غفير من مواطني المحافظة.
وابتدأ المهرجان بقراءة آيا من الذكر الحكيم تلاها على مسامعنا
المقرئ محمد رضا الصراف ومن ثم تلتها الخطب والقصائد الشعرية التي تغنت
بالمواقف البطولية والإيمانية التي تخللت سيرة المحتفى به.
أولى فقرات ذلك الحفل التأبيني كانت كلمة الأستاذ الدكتور السيد حسن
الحكيم رئيس قسم الدراسات الإستراتيجية في جامعة الكوفة قال فيها: من
أهم ما يميز تلك الذكرى إلا وهي ذكرى رحيل الإمام السيد محمد الحسيني
الشيرازي(قدس سره) وهي ليست ذكرى اعتيادية الا أنها ذات خصوصية مميزه
بسبب كون عائلة المحتفى به ويقصد عائلة الشيرازي كانت ولا زالت تلهج
بالكثير من المواقف الجهادية والإنسانية والمعرفية، وربما يكون الإنسان
العراقي هو هدفها الأساس والغاية الأنبل التي سهرت على تحقيقها على طول
الخط، وأن تحرير العراق من نير البريطانيين في واقعة التنباك كانت بسبب
تلك الطموحات والأماني المشروطة بهاجس العمل والأمل بغد أفضل والتي أسس
إليها فقيدنا الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي(قدس
سره)، من خلال تنقله بين المحطات وفي مراحل حياته المختلفة التي
ابتدأها بالولادة في مدينة أمير المؤمنين عليه السلام في مدينة النجف
الأشرف في عام 1347 هجرية المصادف عام 1928 وشهدت مدينة كربلاء المقدسة
جزاء كبيرا من جهاده ومواقفه النضالية وشهدت أيضا مدينة قم المقدسة
نتاجه العلمي وفكره الكبير عاصر آية الله السيد محمد الشيرازي والده
الراحل وقد تصدى للإلحاد الذي طغى على بلادنا بعد عام 1958 وأصدر
نتاجاته العلمية في هذه المدينة المقدسة حتى احتل المكان الأرفع وهو في
عنفوان شبابه فنهال الجماهير عليه وكنا قد عاصرنا هذا الحدث معاصرة
الزمان والمكان في هذه الأرض الطاهرة، وكان فقيدنا الراحل فقيها ومحدثا
وصوليا ومفسرا وهذه الأركان الأربعة قد ولدت حسد الحاسدين لان تعدد
مواهب السيد المعرفية أدت الى هذا الجانب لأنه صاحب موسوعة فقيه كبيره
وأراء سديدة ويمكن أن نوجز ذلك بعدت أمور، الأولى محاولة السيد تغمده
الله برحمته الواسعة بإصلاح المنبر الحسيني ونحن اليوم أحوج ما نكون
الى هذه النقطة وأصدره المجلات والنشرات من اجل إدخال المعارف الى
شبابنا الناهض كما انه أوجد جسورا بين المجتمع العراقي وبين المجتمعين
العربي والإسلامي وهذه نقطة أساسيه مهمة ونحن نحتاج إليها في الوقت
الحاضر وكان السيد قد كون مشروعا حضاريا وفكريا تجسد فيه منابع الثقافة
الإسلامية وقد سانده في تلك المرحلة السيد الشهيد حسن الشيرازي وجاء
المشروع الثاني وهو يحمل تسمية أجوبة المسائل الدينية وهو يعالج حالة
التطور الحضاري للوصول الى المسائل المستحدثة لأننا اليوم في تطور علمي
وحضاري ويحتاج المسلم الى منقذ اتجاه هذا التطور في الأمور المستحدثة،
وفي عام 1963 تصدى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي
للطائفية المقيتة التي اجتاحت بلادنا وللأسف الشديد الا انه تعرض الى
مضايقة السلطة مما جعله يفكر في مغادرة هذه الأرض المقدسة، ولو تحققنا
بسيرته الذاتية لاكتشفنا بأنه قد أدى الأمانة وأدى الرسالة سوى في
مكوثه في الكويت لفترة من الزمان او بقائه في مدينة قم المقدسة حتى
وفاته حيث احتضن جسده الشريف 1979 الا ان نتاجه العلمي ظل خالدا في
الضمائر والنفوس والعقول على مدى السنين الماضي والى سنوات قادمة ومن
الله التوفيق.
بعدها جاءت كلمة آية الله السيد هادي المدرسي وقد بدأها بتحية
الإسلام السلام عليكم ورحمته الله وقل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين
وأعوذ بك ربي ان يحضرون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربي العالمين
والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وعلى أهل بيته الطيبين
الطاهرين المعصومين المكرمين وبعد قال الله العظيم في كتابه الكريم تلك
امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عن ما كانوا يفعلون.
صدق الله العلي العظيم.
حينما تكون أمام جبل فان من السهولة بمكان ان تلتقط لقمته صورتا في
ذهنك ومن السهولة بمكان أن يقوم الرسام برسم صورة الجبل ولكن حينما
تريد ان تتسلق ذلك الجبل فان الصعوبات تبتدئ الواحدة بعد الأخرى ولو
انك أردت ان تؤرخ الجبل من أين تبدأ فعادتا ما عليك إلا إن تشير الى
تلك الذرات الصغيرة التي عليها أن تحمل ثقل ذلك الجبل عمالقة التاريخ
العلماء الكبار المؤلفون الثائرون يحتفل بهم أحياءا وأمواتا بعد أن
يصلوا الى قمة الجبل ولعل كثيرين يحاولون الوصول إليهم وان يفعلوا كما
كانوا يفعلون ولكنهم يحبذون دائما ان ينزلوا على قمة الجبل بطائره
سمتية أي لا يحبذون أن يتحملوا ما تحمل أولئك من يريد ان يكون مثل
العلماء الماضين مثل الثائرين الكبار مثل العمالقة في الفكر والأدب
والشعر وفي العمل فان عليه ان يبدأ تلك الخطوات التي بدؤوها أما النزول
على قمة الجبل بالطائرة او البرشوت هذا في العادة لا يكون نتاج عمل
دءوب ونضال طويل ينتهي الى تلك القمم الشاهقة في التاريخ وفي الحقيقة
فان الحديث عن الذين رحلوا هو حديث في الدرجة الاولى عن انجازاتهم
والاهم من الانجازات هي تلك الدعوات التي أطلقوها وانتهت الى تلك
الانجازات والاهم من دعواتهم هي تلك المنطلقات والأهداف التي توخوها في
هذه الحياة وهي متاحة للجميع وليست خاصة بشخص بعينه أو أمة بعينها
وربما يدخل طلب العلم في هذا السياق، ونحن إذا نستذكر تلك الرجالات
واقصد فقيدنا الراحل اية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي(قدس
سره) على سبيل تلك المناسبة لما له من إسهامات ثقافية وعلمية وجهادية
ولكن كنت أتمنى أن نتخذ من تلك المناسبة نبراس للعمل والجد الاجتهاد
وان نحذو حذو تلك الشخصية العظيمة، فليس المهم ان نكيل المديح ونثني
ومن ثمة ننزل من على المنصة إلا إننا مطالبين بالاقتداء بهم، فعمل
الرجل أن كان صالحا يصبح مثال وان كان طالح يصبح إمثولة فان اعتبار
الذين مضوا واخذ ألعبره من حياتهم تتطلب ان نعرف ما هي منطلقاتهم
ودعوات ولماذا كانت لهم محبه في قلوب الناس اعتقد ان جوهر دعوة السيد
تتلخص في نقاط وأمور ثلاث، الأول العطاء الشخصي الى أقصى ما يمكن ان
تعطي فخلال خمسين عاما على سبيل المثال كان منشغلا منذ صلات الصبح في
كل يوم الى طلوع الشمس في كتابة الفقه، الجانب الثاني في دعوته هو
الاعتدال على اعتباره جزء من ديننا وركن مهم من أركان ذلك الدين الحنيف
ثالثا النهضة بالأمة حيث كان تفكيره أمين وكان الى جانب ذلك له معرفه
ودراية في أساليب العمل وبما يتناسب مع الحاجة حيث أسس مدارس ابتدائية
ومؤسسات وحسينيات ومدارس لحفظ القران والدعوة الى التواضع وكان مسك
ختام تلك الكلمة التي تحدث بها اية الله العظمى السيد هادي المدرسي الى
وجود تائات ثلاث وهي تاء التسامح وتاء التنازل وتاء التعاون وهو يركز
على جوانب حياتية مهمة يعيشها الشعب العراقي اليوم في ظل الأزمة
الإنسانية والسياسية التي يمر بها المواطن العراقي بسبب تأخر تشكيل
الحكومة وعدم احترام خيارات الشعب العراقي والذي قاله كلمته الفصل في
الانتخابات التشريعية الثانية وان يكون قادة هذه الأمة بمستوى
المسؤولية وان لا يكون تفكيرهم منحسر بالمناصب الإدارية والحكومية
والامتيازات المنظورة لان الامتياز الحقيقي هو أرضاء الناس والنهوض بهم
الى حياة أفضل وليس العكس.
ومن بعده ذلك جاءت قصيدة شعارنا المبدع عادل البصيصي من محافظة
النجف الأشرف ليقحم الصور الشعرية في ملحمة الذات المتعالية عن المألوف
وقد كانت مسك ختام هذا المهرجان قصيده شعرية شعبية للشاعر حسين ابو
عراق .
هذا وقد التقينا على هامش الذكرى الأليمة سماحة اية الله العظمى
السيد مرتضى القزويني فقال: كلما اقتربنا من ذكرى رحيله ازددنا حبا
وشوقا له، وصارت أهدافه وذكرياته تتراءى لنا، فتعتصر قلوبنا الحسرة
وينال منها الألم على فقدانه.
إن المسلمين عامة والشعب العراقي خاصة هم اليوم بأمس الحاجة لوجود
الإمام الراحل، لما كان يتمتع به من نظرة ثاقبة وحكمة وعمق..
الامام الفقيد ترك إرثا عظيما وله مؤلفات ضخمة تعد بالمئات، لذلك
أدعو إلى قراءتها والتمعن بها وصولا إلى الموقف المطلوب من الأحداث
التي تمر بنا اليوم، وتلك التي تواجهنا في المستقبل أيضا، فالإمام
الراحل كان مستقبليا في نظرته، لذا أدعو بجد لقراءة مؤلفات الامام
بعناية..
هذا وقد تلقت ممثليه آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي(دام ظله)
في كربلاء عدد من برقيات التعزية من مختلف الوجوه الثقافية والسياسية
والدينية والعشائرية في مدينة كربلاء المقدسة..
|