ستيفن هوكينغ ونظرية تفنيد وجود الخالق

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على مدى التاريخ افرز العقل البشري البسيط نظريات عملاقة وفرضيات خدمت الإنسانية جمعاء بما فيها ما أوصلتنا في الوقت الحاضر الى التطور الحضاري علميا وفكريا وتقنيا، لكن على الرغم من التطور الراهن لا تزال بعض العقول غير قادرة على استيعاب فكرة الخالق والمدبر والإله، الذي يسير بحكمته شؤون الكون بأدق تفاصيله.

وعلى الرغم من ان حالات التشكيك التي تتصدى لنظريات النشأة والوجود متأتية من عقول عبقرية وشخصيات فكرية مهمة، إلا أنها تعكس وبحسب رأي اغلب العلماء الى جهل مطبق بسياقات الخلق والتوازن الفريد في موازين الحياة بمختلف تفاصيلها الدقيقة، وهو ما يدحض النظريات الملحدة.

 خلق فيزيائي

"الله لم يخلق الكون".. هذا ما قاله العالم الفيزيائي البريطاني، ستيفن هوكينغ، في كتاب جديد يهدف إلى إبعاد الخالق عن الفيزياء، ويصدر قريباً بعنوان "التصميم الكبير" The Grand Design.

وقال هوكينغ في كتابه إنه بناء على المعطيات المتاحة المتمثلة بوجود "الجاذبية"، فإن "الكون يمكنه وسيظل قادراً على خلق نفسه من العدم"، وفقاً لمقتطفات نشرتها صحيفة "تايمز أوف لندن."

وكتب هوكينغ يقول: "الخلق التلقائي هو السبب وراء وجود شيء ما بدلاً من عدم وجود أي شيء، ووجود الكون ووجودنا نحن." وأضاف يقول: "ليست هناك ضرورة لوجود خالق لإطلاق الشرارة وخلق الكون."

وكتابه، كما يوحي عنوانه، عبارة عن محاولة للإجابة على "الأسئلة النهائية حول الوجود والكون وكل شيء."

أما إجابته على الأسئلة فتتمثل في النظرية التي أشار إليها بـ"النظرية أم" M-theory، والتي تضع، كما يقول، 11 بعداً زمانيا ومكانياً هي: "المتغيرات المهتزة.. والجزيئات الأساسية وغشائين بُعديين وثلاث نقاط بُعدية وأجسام أخرى أكثر صعوبة من أن يتم تخيلها وتحتل مساحة معينة من الفضاء."

غير أن هوكينغ، البالغ من العمر 69 عاماً، لم يفسر الكثير من تلك الأمور في المقتطفات الواردة في مقدمة الكتاب.

إلا أن العالم الفيزيائي البريطاني المقعد، والذي لا يمكنه الحديث إلا بواسطة جهاز كمبيوتر، يقول إنه يفهم مشاعر العالم الإنجليزي اسحق نيوتن بأن الله خلق الكون ووضع نظامه.

وخرج هوكينغ بفكرة الأكوان المتعددة قائلاً إنه إذا كان هناك أكثر من كون، العديد منها، فإن واحداً منها سيحتوي على قوانين فيزيائية مثل الكون الذي نعيش فيه، وعلى أحدها يجب أن يظهر شيء من العدم، وبالتالي فلا ضرورة لأن يكون هناك خالق لتبرير ذلك.

على أن بعض زملاء هوكينغ يجادلون بأن الخالق الذي يتحدث عنه هوكينغ ليس الله الوارد ذكره في الأديان السماوية، والذي هو التفسير النهائي لوجود شيء ما في الكون، كما يقول دينيس ألكساندر.

ويقول: "إله هوكينغ هو إله الفجوات المستخدمة لسد الفجوات في معرفتنا العلمية.. إن العلم يوفر لنا حكاية جميلة عن كيفية حدوث الوجود، لكن الدين يخاطب معنى الحكاية."

وأشار هوكينغ في كتابه إلى النظرية الفيزيائية وأنها هي المحرك الرئيسي لعملية الخلق بأكملها، وقال: "بسبب قانون الجاذبية، يمكن للكون أن يخلق ذاته من العدم."

يشار إلى أن هوكينغ وضع كتابه الجديد بالتعاون مع العالم الأمريكي ليونارد ملودينو، وسيصدر في التاسع من شهر سبتمبر/أيلول الحالي.

خلفية

كما أعرب عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ عن اقتناعه بوجود أشكال حياة أخرى في الفضاء الخارجي، غير أنه حذر البشر من مغبة محاولة الاتصال بها.

ورجح الفيزيائي احتمالات تنقل تلك المخلوقات حالياً في الكون، ليس لغرض الاستكشاف بل للاستيطان في كواكب أخرى ربما بعد استهلاك كافة موارد الكواكب التي أتت منها.

وأضاف: "ما علينا إلا أن ننظر إلى أنفسنا لنرى كيف يمكن أن تتطور حياة عاقلة إلى شيء لا نريد مواجهته. وقد تصبح مثل هذه المخلوقات الفضائية المتقدمة مخلوقات مرتحلة تسعى إلى الغزو والاستيطان في إي كواكب تستطيع الوصول إليها."

ويقول هوكينغ، في سلسلة وثائقية لقناة "ديسكفري" العلمية، تحت عنوان" هوكينغ والكون" إنه من المؤكد تقريبا أن توجد حياة في الفضاء الخارجي، مشيراً إلى أن في الكون مائة مليار مجرة كل مجرة منها تحوي مئات الملايين من النجوم. وفي مثل هذا الفضاء الهائل فإن من المستبعد أن تكون الكرة الأرضية هي الكوكب الوحيد الذي نشأت فيه حياة."

وقال: "بالنسبة لعقلي الرياضي فإن الأعداد وحدها تجعل التفكير في وجود مخلوقات فضائية تفكيرا عقلانيا تماما. والتحدي الحقيقي هو التوصل إلى ما قد تبدو عليه هذه المخلوقات في الواقع."

ورجح أن تكون تلك المخلوقات الفضائية معادلة للميكروبات أو حيوانات بدائية التكوين ـ من إشكال الحياة التي سادت في الأرض في الزمان الغابر.

ولفت إلى أن بعض تلك الكائنات قد تكون عاقلة وتشكل خطراً، محذراً أن الاتصال بمثل هذه المخلوقات من الجائز أن يكون مدمرا بعواقبه على البشرية.

وتأتي تحذيرات العالم البريطاني لتثبط الحماس الذي أبداه البعض إثر إعلان منظمة "البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض"، بالكشف عن بياناتها لعلماء الفلك والباحثين في جميع أنحاء العالم، على أمل انضمام المزيد من المهتمين في البحث عن تلك "الكائنات."

هجمة شرسة

من جهتهم شن عدد من رجال الدين البريطانيين هجوماً عنيفاً على العالم ستيفن هوكينغ، بسبب تصريحاته الأخيرة والتي قال فيها إن "الله لم يخلق الكون، وإنما خلق نفسه بنفسه."

وكان هوكينغ قد ذكر في كتابه أنه بناءً على المعطيات المتاحة المتمثلة بوجود "الجاذبية"، فإن "الكون يمكنه وسيظل قادراً على خلق نفسه من العدم"، وفقاً لمقتطفات نشرتها صحيفة "تايمز أوف لندن."

حيث قال كبير الأساقفة في الكنيسة الإنجليزية الدكتور روان ويليامز، لمجلة التايمز: "الفيزياء لوحدها لا يمكن أن تشرح أسباب وجود الكون أو عدم وجوده."

وأضاف بالقول: "الاعتقاد بالله لا يتعلق بشرح الترابط الذي يجمع بين مختلف عناصر الكون.. الأمر يتعلق بالاعتقاد بوجود قوة خارقة عظمى يعتمد عليها خلق الكون بأكمله."

وقد دعم عدد من القادة الدينيين في بريطانيا هذا الرأي، فقد قال أحد الكهنة اليهود: "العلم يتعلق بالشرح، أما الدين فهو التفسير، والتوراة لم يكن مهتماً بكيفية خلق الكون."

أما الإمام إبراهيم موغرا، من المجلس الإسلامي البريطاني، فقد قال: "إذا نظرنا إلى الكون وكل ما فيه لتأكدنا أن هناك قوة خلقته، وهو الله." بحسب السي ان ان.

يذكر أن العالم الفيزيائي البريطاني المقعد، والذي لا يمكنه الحديث إلا بواسطة جهاز كمبيوتر، قال إنه يفهم مشاعر العالم الإنجليزي اسحق نيوتن بأن الله خلق الكون ووضع نظامه.

وخرج هوكينغ بفكرة الأكوان المتعددة قائلاً إنه إذا كان هناك أكثر من كون، العديد منها، فإن واحداً منها سيحتوي على قوانين فيزيائية مثل الكون الذي نعيش فيه، وعلى أحدها يجب أن يظهر شيء من العدم، وبالتالي فلا ضرورة لأن يكون هناك خالق لتبرير ذلك.

يشار إلى أن هوكينغ وضع كتابه الجديد بالتعاون مع العالم الأمريكي ليونارد ملودينو، وسيصدر في التاسع من شهر سبتمبر/ أيلول الحالي.

مريض للغاية

الى ذلك أعلنت جامعة كامبريدج أن ستيفن هوكينغ "مريض للغاية" وأنه أدخل إلى المستشفى للعلاج.

وقال متحدث باسم جامعة كامبريدج، حيث يعمل هوكينغ أستاذاً، في تصريح لـCNN إن عالم الفيزياء البالغ من العمر 67 عاما "نقل إلى مستشفى أدينبروكس" في كامبريدج على عجل بواسطة سيارة إسعاف.

وقال البروفيسور بيتر هاينس، رئيس قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية بالجامعة: "إن البروفيسور هوكينغ زميلاً مميزاً وكلنا أمل بأن يعود إلينا قريباً."

يذكر أن هوكينغ، وهو عالم فلك ورياضي أيضاً يعاني من مرض عصبي قاتل يطلق عليه اسم "التصلب الجانبي" ALS، والمعروف بداء "لو غيرينغ"، كان قد أصيب به وهو في العشرينات من عمره، غير أن المرض لم يقتله وإنما جعله مقعداً تماماً منذ ما يزيد على 40 سنة.

ومنذ إصابته وهو مقعد على كرسي متحرك، ويتحدث بصوت إلكتروني جراء فقدان صوته إثر إصابة بقصبته الهوائية.

وجهاز الصوت الإلكتروني الخاص مثبت بالكرسي المتحرك، ويتلقى الأوامر عن طريق حركة العين والرأس.

وفي موقعه على الإنترنت، كتب هوكينغ عن مرضه يقول: "أحاول أن أمارس حياتي بصورة طبيعية قدر الإمكان، ولا أحاول التفكير بحالتي الصحية أو أشعر بالأسف على أشياء حرمني المرض من مزاولتها، وهي ليست كثيرة."

وأضاف قائلاً: "لقد كنت محظوظاً بأن إصابتي بالمرض كانت تتطور بصورة أكثر بطأ من المعتاد بالنسبة لهذا المرض.. على أنه يكشف أن على المرء ألا يفقد الأمل."

وكان هوكينغ قد تزوج مرتين، وله ثلاثة أبناء وحفيد واحد. وكانت الشرطة قد أكملت في العام 2004 تحقيقاً بشأن اتهامات من ابنته تفيد بأن أن زوجته الثانية كانت تسيء معاملته.

يشار إلى أن هوكينغ ولد فيما يعرف بالعام الميمون، حيث ظهر إلى الوجود في الثامن من يناير/كانون الأول عام 1942، وتصادف ذلك اليوم مع الذكرى 300 لوفاة عالم الفلك والفيزيائي غاليليو غاليلي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/أيلول/2010 - 16/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م