الدكتور أحمد باهض تقي الحميداوي مبدع رحل مبكرا

د. موفق عبدالعزيز الحسناوي

قبل ايام قلائل فجعت الاوساط العلمية والثقافية وعلماء الاقتصاد خاصة برحيل مبدع كبير واستاذ فاضل شهدت له ميادين الاقتصاد في العراق وساهم بدرجة كبيرة في هذا المجال وهو الدكتور احمد باهض تقي الحميداوي رحمه الله مدير مركز الفرات للدراسات الستراتيجية في محافظة كربلاء والتدريسي في المعهد التقني في كربلاء وابن محافظة ذي قار البار.

 اننا يعتصرنا الالم وتخنقنا العبرات ونحن نكتب عن هذه الشخصية العلمية والاقتصادية المبدعة التي قدمت الكثير لعلم الاقتصاد في العراق والذي رحل مبكرا وهو في قمة عطاءه وابداعه وخطفته يد المنون منا وحرمت العراق من هذه العقلية النيرة الكبيرة التي تعجز الكلمات عن ايفاءه حقه لاننا مهما كتبنا عنه نبقى قاصرين عن التعبير عما يجول في خواطرنا من الم كبير وحزن بالغ بفقدانه سريعا قبل ان يستطيع اكمال مابدأه من نشاط مبدع وافكار خلاقة ومسيرة مفعمة بالنشاط وحافلة بالعلم والابداع.

 لقد كان الدكتور احمد باهض تقي الحميداوي رحمه الله واسكنه فسيح جناته علما بارزا في مجال اختصاصه وساهم بصوره فاعلة من خلال تأسيسه وادارته لمركز الفرات للدراسات الستراتيجية في تقديم العديد من الدراسات والبحوث الاقتصادية والمالية الرصينة التي ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة الدراسات الاقتصادية الى الامام وكانت عونا علميا للباحثين والمهتمين بهذا الشأن.

 لقد عرفنا وعاصرنا الدكتور احمد باهض تقي الحميداوي رحمه الله منذ بداية حياته الوظيفية والعلمية عندما كان تدريسيا بارزا في المعهد التقني في الشطرة وعملنا معه وساهمنا في العديد من النشاطات المتميزة والتي كانت استثنائية تصدر عن فكر مبدع لاحمد باهض وهو مازال عودا غضا وطريا في الحياة العلمية والاكاديمية وشافعا يافعا مقبلا على حب الحياة والعلم ووجدنا فيم مشروعا علميا بحثيا اقتصاديا واداريا واعدا يحمل افكارا نيرة ورصينة ولديه روح المثابرة والحماس والالتزام العالي بالعمل في الحياة الجامعية وتدريسيا جامعيا من الطراز الاول من حيث تمكنه من المادة العلمية في مجال اختصاصه ومن حيث علاقته التربوية والارشادية مع طلبته وعلاقته الاكاديمية مع زملائه العاملين معه.

 لقد استمر الدكتور احمد باهض تقي الحميداوي رحمه الله بالعمل والتدريس والبحث العلمي الاكاديمي والتطبيقي بوتائر متصاعدة لكي يتمكن من خلق وبناء شخصيته العلمية والاكاديمية والمهنية خلال سنوات عمره الوظيفي على الرغم من صعوبة الظروف ونقص الامكانيات التدريبية والبحثية والتي تعيق العمل وتحد من نشاط التدريسيين والباحثين.

 لقد اختار الفقيد موضوعا علميا مهما اثناء دراسته للحصول على شهادة الدكتوراه له اهمية كبيرة في الجانب الاقتصادي وهذا منحة فرصة اضافية ومباشرة للتواصل مع حلقات العلم المتطورة في مجال الاقتصاد في مختلف البلدان لسعيه الحثيث والمتواصل للتواصل مع خبراء علم الاقتصاد واحدث مايكتب عنه من معلومات والتطورات الحاصلة فيه عن طريق مركز الفرات للدراسات الستراتيجية هذا الصرح العلمي والبحثي المتميز الذي اصبحت له مكانة متميزة بين مراكز الدراسات والبحوث والدراسات في العراق بفضل مبدعه الاول ومؤسسه الدكتور احمد باهض تقي الحميداوي رحمه الله.

 لقد عرفنا الفقيد عقلية اعلامية واسعة النشاط ومتميزة الابداع حاول بجهد كبير ومتميز من مد جسور العلاقات العلمية والانفتاح على المجتمع الدولي من خلال عملنا معه بتشكيل لجنة للمراسلات مع الاختصاصيين في الخارج اثناء فترة الحصار الجائر في محاولة لغرض رفد مكتباتنا الجامعية بالمصادر والبحوث العلمية وفي شتى الاختصاصات وخاصة الاقتصادية والادارية منها لجعل الانسان العراقي على تواصل مع المجتمع الدولي ومسايرا لما يحدث فيه من تطورات حديثة.

 لقد كان الفقيد انسانا بمعنى الكلمة توفرت فيه الاخلاق الفاضلة والالتزام ودماثة الخلق وحب الحياة ومساعدة الاخرين ووهب نفسه من اجل العلم ومن اجل الاخرين وقلما اجتمعت صفات لدى انسان مثلما اجتمعت الصفات الرائعة والفاضلة في شخصيته التي وهبت نفسها من اجل الاخرين.

 لقد اختار الخالق العظيم سبحانه وتعالى ان يخرج الدكتور احمد باهض تقي الحميداوي من هذه الدنيا مضحيا من اجل انقاذ الاخرين من الموت لتتواصل مسيرة التضحية والعطاء من اجل الاخرين التي كان عليها الفقيد في حياته الدنيا فسبحان الله ونحمده كثيرا على هذا الاختيار لنهاية هذا المبدع الكبير وخروجه جسدا من هذه الدنيا ولكنه باق روحا وخالدا في ضمائر كل من يعرفه وعاصره وفي وجدان طلبته وزملاءه وفي ساحات العلم والمعرفة والثقافة والاقتصاد.

 رحمك الله ياابا مصطفى واسكنك فسيح جناته والهم ذويك الصبر والسلوان وعزاؤنا فيك ان ما بدأته من مسيرة علمية سوف تتواصل وتستمر على يد طلبتك والباحثين العاملين معك في مركز الفرات للدراسات الستراتيجية وزملاؤك التدريسين. وستبقى مسيرة العلم والابداع التي سرت فيها وكنت فيها نجما مضيئا مستمرة ومتواصلة مادام فينا من يحمل افكارك ويحبك ويسعى لاحياء ذكرك العطر وسيرتك الطيبة وانا لله وانا اليه راجعون.

www.alrefiey.net

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/أيلول/2010 - 13/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م