من الذي حرق القرآن أولاً!

زاهر الزبيدي

على خلفية الاحتجاجات الكبيرة العفوية الغاضبة التي قام بها المسلمون من شتى بقاع العالم احتجاجاً على تهديد القس الأمريكي المعتوه تيري جونز، المسؤول عن كنيسة دوف ورلد اوتريتش سنتر المتطرفة، بحرق عشرات المصاحف في غينسفيل في ولاية فلوريدا في الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر..

 وعلى حد تقديرنا فأن القس المعتوه ليس أول من سيقوم بهذه الفعلة القذرة فقد سبقه (التكفيريون المتطرفون المسلمون) في فعلها وبسنوات عدة وعلى أقل تقدير قبل ثلاث سنوات، في 6 / 3 / 2007، عندما دوى ذلك الانفجار الهائل في شارع المتنبي، أحد أشهر شوارع مدينة بغداد، والذي ذهب بعصفه بمئات الآلالف من المصاحف الشريف احتراقا في مكتبات ومطابع ذلك الشارع القديم لقد خلط هذا الانفجار دماء المسلمين من أصحاب المكتبات، الأبرياء، على أختلاف مذاهبهم شباباً وكهول، 72 شهيد وجريح، مع آيات القرآن الكريم التي ذابت محترقة تحت هذا العصف الهائل الذي عطل حتى طباعة وتجليد المصحف الشريف.

مئات الآلاف من مجلدات المصحف الشريف وكتب السنة والسيرة النبوية ومئات الآلف من أمهات الكتب الإسلامية قد حرقّها الانفجار وجعلها هباءاً منثورا، وهو بذاته لم يكن أو أفعال التكفيريين بل سبقوا ذلك بعدة أفعال أهمها تفجير المساجد والحسينيات على المصلين ومصاحفهم الشريفة وكتبهم المقدسة وقتلهم المسيحيون وتهجيرهم وهناك مئات من الشيوخ والدعات وأئمة الجوامع قد قتلوا وعلقت جثثهم الشريفة على أعمدة الكهرباء لا لذنب سوى أمرهم بالمعروف الحق ونهيهم عن المنكر الحق ودعوتهم لنبذ الطائفية والاقتتال المذهبي، ففي ديالى وحدها هناك 100 حالة قتل لشيوخ وأئمة جوامع حسب إحصائية المحافظة.

أين المجتمع الدولي والمسلمين في كافة أرجاء العالم الإسلامي من ما تفعله القاعدة في العراق أليست أول من حرق القرآن الكريم على أرض العراق والله لقد كانت حادثة المتنبي ليندى لها جبين الإنسانية لشناعتها لما ذهب فيها من كتب مجلدات القرآن الكريم.. والمكان هناك لم يكن موقعاً حكومياً أو عسكرياً لعدو أجنبي أو محتل.. كانوا عبارة عن كسبة وأصحاب مكاتب ذهبوا ضحية الإرهاب الأعمى الأهوج.

الجميع كان يعلم ما يحتويه شارع المتنبي من هذا الخزين الكبير من نسخ القرآن الكريم وكتب السنة والفقه الإسلامي ولم يكن خافياً على أحد أن المكان الذي حدث فيه التفجير الانتحاري كان يحتوى على مخازن كبيرة لتلك الكتب المقدسة إلا أن الإرهاب الأعمى أبى إلا أن يدنس حرمة الكتاب وبذلك يكون قد سبق القس المعتوه بذلك ولكن بالفعل لا بالفكرة فقط؟

في حينها لم تصدر سوى إدانات خجلى لذلك الفعل ولم يثار حوله أي رد فعل مثلما يحدث الآن ولم تخرج تلك المسيرات الكبرى والغريب أن من حرق القرآن في العراق أعلم بمعنى كتاب الله ويسير على هديه، كما يدعي، أما ذلك القس المعتوه فهو لم ولن يعرف قيمة ذلك الكتاب المقدس ومع ذلك فقد الغى فكرته ولم يفعلها وحتى أن موضوعه لم يكن سوى سعيا للشهرة لا أكثر مثلما فعل أولئك القذرين من رسامي الكاريكاتير من الدانمارك وغيرها من (دول الفساد والاستكبار) و(عدم احترام الكتب السماوية).. مفارقة كبيرة ترسم أكثر من علامة استفهام أمام ما يبعثه التطرف المقيت في كافة الأديان السماوية من فكرة سيئة عن تلك الأديان وتغييراً كبيراً في نظرة الإنسانية لها.

لماذا لا نوجه النقد لنفسنا ونصلح ذات بينها قبل أن نرجم العالم بأكمله بقنابل إرهابنا ولماذا لا نبدأ كمسلمين بإصلاح ذات بيننا قبل أن نهاجم الآخرين.. في العراق الجميع معرض للموت على الرغم من كوننا جميعاً فداءاً للقرآن وسنة الحبيب المصطفى (ص) وآل بيته (ع) إلا إننا نموت ونقتّل بلا ذنب ولا جريرة وتمزق أفئدة أفلاذ أكبادنا على قارعات الطرق وقاتلونا لايعلمون مذاهبنا أنه القتل الأهوج الأعمى والارهاب الذي استلذ بأنفسنا قبل عدونا.

zzubaidi@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/أيلول/2010 - 12/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م