الأردن... سجالات حقوقية ووضع معيشي متباين

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: توجه في الآونة الأخيرة انتقادات قوية من قبل جمعيات حقوق الإنسان العالمية الى الحكومة الأردنية بسبب سياستها المتبعة ضد من يطالبون بحقوقهم الشرعية، وجاء ذلك بعد ان اتخذت الحكومة الأردنية قرارات قوية بحق من ينتقد سياسة الدولة والتي يظنها أعضاء بعض المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان انها إجراءات مجحفة بحق المواطنين، وان ما يقولونه او ما يفعلون ما هو إلا حق من ضمن حقوقهم الإنسانية في التعبير عن رأيهم في بلدهم وبالسياسة التي يتبعها المسئولين.

ورغم التهديدات التي وجهتها قوات الأمن الأردنية بحق من يتجاوز على الدولة بكتابة نقد او التعبير عن ذلك بأي شكل من الأشكال، فأن صوت المعارضين يزداد ارتفاعا مطالبين في الوقت ذاته بالانفتاح الاقتصادي لما تعانيه الأردن في هذه الفترة من تراجع في الاقتصاد مسببا ذلك نقص في الإنتاج وزيادة في البطالة.  

كما ان الأمر تجاوز الى ان تقوم الحكومة الأردنية بوضع قوانين صارمة بحق الصحفيين والكتاب تعيق عملهم وتهدد مستقبلهم.

قوانين

فيقول عايش، الذي عمل وكتب في صحف محسوبة على المعارضة في الأردن، أن هناك "13 قانونا في البلاد يمكن محاكمة الصحفيين على أساسها، وهذا أمر غير منطقي، إذ أن الجهاز التشريعي في البلاد يلتف على قانون المطبوعات والنشر من خلال قوانين أخرى.

ولفت إلى أن الصحفي في الأردن يمكن أن يحاكم استنادا إلى "قانون العقوبات أو قانون حماية وثائق وأسرار الدولة، أو قانون محكمة أمن الدولة، وغيرها، وهي قوانين تمكن من سجن الصحفيين."

وتنص المادة 150 من قانون العقوبات الأردني على أن "كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع ومختلف عناصر الأمة يعاقب بين الطوائف عليه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات."

بينما تنص المادة 195 من القانون ذاته على أنه "يُعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من تثبت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك". وطالب عايش بوضع قانون شامل ينظم العمل الإعلامي في الأردن، يغطي الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعات والمواقع الإلكترونية، ويحاكم الصحافيين ضمن عملهم، وليس "وفقا لقانون يحاكم استنادا إليه المجرمون واللصوص وغيرهم."

ولا يبدو المدونون أكثر رضا على أوضاع الحريات في الأردن، إذ يقول أسامة أحمد، وهو ناشط في حركة التدوين على الإنترنت، إن "القوانين الجديدة والتعديلات على القوانين الحالية، تهدف إلى مزيد من التضييق على الحريات العامة في البلاد."

ويضيف "شكلت المدونات فضاء جديدا للتعبير عن الرأي في الأردن، وشهدت إقبالا كبيرا جنبا إلى جنب مع الصحافة الإلكترونية، لكن قانون المعلومات الجديد إذا تم تمريره من البرلمان، فإنه سيشكل ضربة حقيقية لحرية التعبير على الإنترنت."

ويرى أن "الحكومة سارعت إلى وضع القانون في وقت كان فيه مجلس النواب الأردني منحلا، الأمر الذي يكشف عن نية مبيته لملاحقة المدونين وأولئك الذين يرون في الإنترنت ملاذا للتعبير عن آرائهم وأفكارهم." بحسب وكالة السي ان ان.

وفي المقابل قال وزير الإعلام الأردني علي العايد إن الطالب "الشاعر،" أفرج عنه إلى جانب نحو 18 آخرين كانوا محتجزين بنفس التهم، لكنه أشار إن ذلك جاء بناء على تعليمات العاهل الأردني، وضمن "تسامح الهاشميين المعهود."

ونفى العايد في تصريحات أن يكون هناك اتجاه في الأردن للتضييق على حرية التعبير عن الرأي، قائلا إن قانون تنظيم جرائم المعلومات وضع لحماية الجميع وليس لملاحقة أحد.

وأضاف الوزير "القانون متعلق بالجرائم الإلكترونية، مثل الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، أو الاحتيال، أو الترويج للإرهاب، أو استخدام الشبكة من قبل الإرهابيين، ولا علاقة له بالتضييق على حرية الرأي."

وتابع العايد "جاء القانون ليسد فراغا قانونيا كان موجودا فيما يتعلق بتنظيم ذلك القطاع الذي تطور بشكل كبير، وكان لا بد للتشريعات والقوانين من مواكبته، من أجل حماية جميع مستخدمي الشبكة."

واستغرب الوزير من الانتقادات الواسعة التي يكيلها الصحفيون والمدونون للقانون، وقال "هذا القانون يغطي ويجرم ويلاحق المجرمين، وليس الصحفيين أو المدونين أو غيرهم، ومع ذلك فنحن دائمو المراجعة له من أجل إخراجه بأفضل صورة."

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومقرها نيويورك بالولايات المتحدة، انتقدت القانون وغيره من النصوص التشريعية في الأردن، والتي ترى المنظمة أنها تفرض المزيد من القيود على الحريات العامة، وحرية التعبير عن الرأي في البلاد.

وقال بيان للمنظمة إن "الأردن دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،" ومطالب "باحترام حق جميع الأفراد في حرية التعبير،" لافتا إلى أن عمان أهدرت "فرصة جعل قوانينها الخاصة بحرية التعبير متفقة مع المعايير الدولية."

التضييق على الحريات

بينما أثار توقيف طالب أردني بتهمة إهانة العاهل الأردني عبر قصيدة شعرية، استهجان عدد من المنظمات الحقوقية، بالإضافة إلى أنه لفت الانتباه إلى ما وصفه ناشطون بتدني مستوى الحقوق المدنية والحريات العامة في البلاد.

ورغم أن الطالب حاتم الشولي، نفى التهمة المنسوبة إليه، إلا أنه تم توقيفه وربما يحاكم أمام محكمة أمن الدولة، وهو ما حدا بمنظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان للقول إن الوقت قد حان "كي يتخلص الأردن من القوانين التي تجرم الانتقاد السلمي لحُكامه."

وتأتي مثل هذه القضايا، بعد أن عدّل الأردن قانون العقوبات في يوليو/تموز، ثم أصدر قانون جرائم أنظمة المعلومات، في أغسطس/آب بحجة تنظيم الإنترنت، غير أن المنظمات الحقوقية تقول إن القوانين تلك لا تزال تجرم التعبير السلمي عن الرأي وتمد اختصاصها إلى التعبير على الإنترنت.

ويرى الصحفي الأردني محمد عايش، وهو مقيم في العاصمة البريطانية لندن، أن قانون جرائم أنظمة المعلومات الجديد "يستهدف المواقع الإخبارية والسياسية والتفاعلية على الإنترنت، والتي شكلت متنفسا لكثير من الأردنيين."

ويضيف أن "الناس توجهوا لتلك المواقع بعيدا عن سطوة الإعلام الحكومي، لكن من الواضح أن الدولة مصرة على ملاحقة الإعلام الإلكتروني أيضا عبر تمرير قانون جرائم المعلومات في غياب البرلمان للانقضاض على أكثر من 50 موقعا إلكترونيا."

وبما أن الملك عبد الله الثاني حل مجلس الأمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، فإنه يحق للحكومة إصدار قوانين "مؤقتة" دون موافقة المجلس، غير أن جميع تلك القوانين يجب أن تُعرض على البرلمان ما إن يُعاد انعقاده، إثر انتخابات مزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

صوت المعارضة

وفي السياق ذاته، فان ابرز موقع إخباري أردني (عمون نيوز دوت نت) لا يخشى انتقاد الحكومة لان كبار مسؤوليها يسيئون إنفاق المخصصات المالية او إبراز الخلل في العلاقات بين سكان البلاد من الفلسطينيين والأردنيين.

ويقول سمير الحياري ناشر الموقع الذي يزوره الآن نحو 250 الف قارئ يوميا ويحقق إيرادات إعلانية متنامية من كبرى الشركات في البلاد "قوتنا من قوة الشارع والمرآة الحقيقية للممنوع والمسكوت عنه."

وكان آخر من استهدفهم الموقع بهجومه رئيس الوزراء سمير الرفاعي وهو سياسي ثري ونجل رئيس وزراء سابق واتهمه بعدم المبالاة بمعاناة المواطن الاردني العادي. ويسخر الموقع من استخدامه الانجليزية في اتصاله عبر موقع تويتر بشبان أردنيين من الطبقة المتوسطة يعكسون استقطابا متزايدا بين الأغنياء والفقراء في الدولة التي تعتمد على المعونات حيث يعاني اغلب السكان البالغ تعدادهم نحو سبعة ملايين نسمة من مصاعب اقتصادية.

وعلى عكس الوضع في سوريا والسعودية المجاورتين حيث تفرض قيود على الانترنت ويزج ببعض المدونين والصحفيين الذين يكتبون على مواقع الانترنت في السجن تنعم مواقع الانترنت المستقلة في الأردن بحرية نسبية.

كان الوضع كذلك الى أن حاولت الحكومة التي يدعمها الغرب تقييد ما تنشره هذه المواقع من خلال قانون جديد.

لا ضرائب جديدة

من جانبها تنفي الحكومة الأردنية أنها تستهدف حريات الصحافة، ويقول علي العايد وزير الاتصال إن هذه الإجراءات إدارية بحتة، واتخذت بعد دراسة وزارة تطوير القطاع العام حرصاً على تقديم أفضل خدمة ممكنة للمواطنين في القطاع العام حيث ينصرف الموظفون عن القيام بواجبهم إلى تصفح المواقع.

ويرى خبراء أن الحكومة تستخدم حجة إدارية قوية ومقنعة لمهاجمة خصومها في المواقع الإعلامية عبر حرمانهم من جيش المتصفحين الذين يشكل قطاع الموظفين أغلبيتهم.

وذكرت صحيفة "القدس العربي" أن هذا الموضوع يثير الجدل فيما عرض الوزير العايد على مؤسسات مدنية وناشطي مساعدة الحكومة في البحث عن وسيلة منتجة لحماية حقوق المواطنين في خدمة جيدة وحقوق الدولة في وقت الوظيفة الرسمي من دون المساس بحريات الإعلام نافياً أية صلة للقرار بإجراءات سياسية أو عقابية للمواقع الصحافية.

ويعتقد على نطاق تقني أن هذا الإجراء سيلحق ضرراً بالغاً في جمهور الصحف الإلكترونية بعد الاستمرار في تطبيقه لأنه سيقلص عدد جولات التصفح، ونقرات الموظفين الفضوليين خصوصاً في ساعات الذروة الصباحية، فيما تقول الحكومة إن خسائرها دون الإجراءات لا تشمل فقط الكلفة المالية بل نوعية الخدمة التي تقدم للمواطن الأردني أيضاً.

وذكرت الصحيفة التي يرأس تحريرها الكاتب والصحافي عبدالباري عطوان، أنه من الواضح أن الإجراء الموازي بقانون المعاملات الإلكترونية الجديد سيخلق نوعاً من القيود على صحافة المواقع بعد تغليظ العقوبات المماثلة لتلك القيود المتاحة على الصحافة المطبوعة، الأمر الذي تعتبره المواقع بمثابة حرب جديدة من حكومة الرفاعي على حرياتها وسقفها.

انتصار نادر

غير ان الرفض الشعبي للقيود المزمعة الى جانب قلق رسمي من ان تضر القيود بصورة الاردن كدولة منفتحة نسبيا في العالم العربي دفعت الرفاعي لتعديل المقترحات. وفي انتصار نادر لأنصار حرية الكلمة ألغيت المواد التي كان من شأنها ان تقود لمحاكمة معارضي الحكومة في ظل تفسير فضفاض للأمن القومي.

وركزت النسخة المعدلة على مشاكل التسلل لمواقع الانترنت والمواد الإباحية والغش التجاري عن طريق الانترنت وغيرها من التغيرات التي استحدثتها التكنولوجيا. والمواقع الأردنية التي أعادت تشكيل الساحة الإعلامية صاخبة وتسعى للإثارة وتلقى إقبالا بين الشبان الذين ملوا الرقابة الذاتية التي تخضع لها الصحف اليومية الرصينة الموالية للحكومة.

وقال محمد الحوامدة مدير تحرير مسؤول عن موقع خبرني "غطت الفراغ في الصحافة اليومية شبة الرسمية وتتيح لهم مجالا للتنفيس وآراء غير موجودة بسقف حرية أعلى. "

ورغم تبنيها مواقف ضد السياسة الرسمية للحكومة تعكس المواقع مخاوف من داخل المؤسسة المحافظة التقليدية. وتفصح بعض المواقع عن المعارضة النابعة من العشائر الكبرى في البلاد - مصدر الدعم الرئيسي والتقليدي للنظام الملكي- بصفة خاصة بشأن التوازن السكاني الحساس بين المواطنين من أصل فلسطيني وأردني.

وقال الكاتب البارز سامي الزبيدي "هي منبر لكل الحركات الاحتجاجية التي تنامت خارج العاصمة على إيقاع الأزمة الاقتصادية ومخاوف من أن يكون الحل السياسي في الشرق الأوسط على حساب الأردن." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وترجع جذور قطاع كبير من سكان الأردن لفلسطين قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948 . ولكن الحكومة لم تنشر قط نسبة الفلسطينيين داخل أراضيها. واستأنف القادة الفلسطينيون والاسرائيليون محادثات سلام مباشرة بعد توقف دام 20 شهرا سعيا لإبرام اتفاق في غضون عام يهدف لإقامة دول فلسطينية مستقلة على الحدود الغربية للأردن.

وتثير المواقع مخاوف مما سوف يحدث عقب التوصل لاتفاق حينئذ اما يختار المواطنون الأردنيون من أصل فسلطيني الاستقرار في الأردن بشكل دائم او لا يسمح لهم بالعودة الى إسرائيل او الضفة الغربية.

وكتب ناهض حتر صاحب التوجه القومي في موقع كل الأردن "ليست مفاوضات سلام بل تمهيدا للتهجير والحرب والشعب الأردني غير ملزم بنتائجها."

وترتبط المخاوف بشأن مستقبل الفلسطينيين في الأردن بانتقادات توجه من خلال مواقع الانترنت لسياسة الاقتصاد الحر التي يتبناها العاهل الأردني الملك عبد الله والتي تتهمها تلك المواقع بتجاهل احتياجات العشائر لصالح إثراء نخبة قطاع الأعمال الذي يهيمن عليه الفلسطينيون.

ومثل هذه الكتابات التي لا تخضع لرقابة كان من شأنها ان تزج بالناشر في السجن في حالة ظهورها في وسائل الإعلام المطبوعة في ظل قانون إطالة اللسان الصارم الذي يرجع لفترة الاستعمار البريطاني والذي يفرض قيودا على مناقشة أمور الأسرة الحاكمة الأردنية.

ويقول خالد الكساسبة الذي نشر مقالا تحت عنوان "الاحتلال الديمغرافي الفلسطيني للأردن.." ان الفلسطينيين في الأردن يمثلون تهديدا للبلاد. ونشر فى موضوع آخر "ان تجنيس المزيد من الفلسطينيين يرسخ على الأرض مشروع الوطن البديل ويغير المعادلة الديمغرافية فى الأردن لغير مصلحة الأردنيين في احتلال تدريجي لبلدهم."

وموقع كل الأردن احد المواقع القليلة الى جانب موقع عمون التي تنشر بيانات لضباط سابقين في الجيش يتحاشون عادة الانخراط في السياسة يطالبون الملك عبد الله بسحب الجنسية من آلاف الأردنيين من أصل فلسطيني مكررين نفس المخاوف من تحول المملكة لدول فلسطينية.

ويعني تضافر الوهم السياسي مع أسوأ انكماش اقتصادي ان أصوات المعارضة على الانترنت ستنمو.

وقال الزبيدي "ستتصاعد الأشكال الاحتجاجية وتتنوع اذا ما استمر نهج السياسات النيو ليبرالية التي تمارس مزيدا من التهميش لسكان الأرياف والبادية على حساب العاصمة والمدن الكبرى."

حجب الخدمة عن الموظفين

في حين لم يعد بإمكان الموظفين في الأردن الاستمتاع بتصفح المواقع الإخبارية أثناء الدوام الرسمي.

أفاد تقرير بأن الحكومة الأردنية خططت جيداً خلال الفترة السابقة لحرمان الصحف الإلكترونية المخاصمة والمشاكسة لها من جمهور الموظفين بعدما أعلن وزير الاتصالات أن تصفح أي موظف حكومي للمواقع لمدة ساعة يومياً يكلف الخزينة ما يقارب 100 مليون دولار سنوياً.

وذكرت صحيفة "القدس العربي"، أنه بحسب الوزير مروان جمعة لم يعد بإمكان الموظفين الاستمتاع بتصفح المواقع الإخبارية أثناء الدوام الرسمي على حساب "وقت الدولة"، وقال رئيس الوزراء سمير الرفاعي إن وقت الوظيفة ملك للدولة، ولا ينبغي للموظف أن يقضي معظمه في التصفح والتجول بين قنوات الصحف.

وتعتبر المواقع الإلكترونية هذا الإجراء ضربة سياسية تستهدفها لتقليص نفوذها وتأثيرها، وكذلك حصتها من "نقرات الانترنت" وهي ضربة تزامنت مع إعلان قانون جديد للمساءلة الإلكترونية يفرض عقوبات مغلظة وقيوداً على النصوص الالكترونية. وذلك بحسب الصحيفة نفسها.

ظروف المعيشة والسياسة

فيما بدأت الناس في الأردن تشعر بوقع الأزمة الاقتصادية على حياتها اليومية بالقدر الذي يجعل أي تغير طفيف واضح الأثر.

بدأ الأردن تطبيق قرار رفع أسعار المحروقات الأخير لتزيد أسعار البنزين والديزل بنسبة طفيفة (في حدود 1 في المائة) لكنها كافية لتضيف إلى حالة التململ في البلاد بسبب كلفة المعيشة.

ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، لم تزد أسعار الوقود كثيراً، إذ ارتفع سعر لتر البنزين (95) بمقدار نصف قرش للتر ليبلغ سعره 67.5 قرش بدلاً من 67 قرشاً، فيما تم تثبيت سعر اسطوانة الغاز المنزلي عند 6.5 دينار.

ولكن الناس في الأردن بدأت تشعر بوقع الأزمة الاقتصادية على حياتها اليومية بالقدر الذي يجعل أي تغير طفيف واضح الأثر.

مطالبة بالانفتاح

بينما قال مصدر صحفي في الأردن، إنه إذا كان طبيعياً أن يشكو من دخلهم في نطاق المتوسط والمحدود، فقد سمعت هذه المرة تململ الشريحة العليا من الطبقة الوسطى.

وتضافرت عدة عوامل سلبية زادت من الضغوط الاقتصادية على الأردن، منها تراجع الاستثمارات الخارجية (خاصة في البورصة) والقادمة من الخليج تحديدا نتيجة الأزمة العالمية.

وتزامن ذلك مع عامل آخر ـ له علاقة بالوضع الخليجي أيضاً ـ هو تراجع تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج، وربما عودة بعض تلك العمالة المهاجرة من الخليج.

أما العامل غير الخليجي، فهو هجرة عدد كبير من العراقيين الذين قدموا من قبل إلى الأردن، خاصة ممن يملكون المال، إلى خارج الأردن.

وانعكس ذلك في جمود النشاط في القطاع العقاري وتراجع قطاعات خدمية أخرى بنسب متفاوتة، وتحديداً تلك التي ارتبطت بالوجود العراقي الكثيف منذ ما بعد احتلال العراق العام 2003.

وقال مراسل صحفي صحيح أن الحكومة الأردنية تسعى بشتى الطرق لإيجاد السبل للحفاظ على النشاط الاقتصادي، إلا أنها فيما يبدو لم تعد تملك ابتكارات جديدة.

وضاعف من الضغوط عليها أن الخطط التي تعتمد على الاستثمارات الخارجية والمنح والمساعدات الدولية أصيبت إما بالتعطل التام أو بالبطء الشديد.

وإذا كانت تلك ليست المرة الأولى التي يمر فيها الأردن بأزمة اقتصادية، ويتمكن من تجاوزها، ويعاود النشاط والنمو، فإن الأزمة الحالية تأتي في وقت يشهد تراجعاً على أصعدة أخرى. فالحكومة تحاول جاهدة إثناء أحزاب رئيسية (حزب جبهة العمل الإسلامي وحزب الوحدة الشعبية) عن قرار مقاطعة الانتخابات العامة المتوقع إجراؤها في 9 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتطالب تلك الأحزاب، وخاصة الإسلاميين، بتحقيق شروط محددة لتشارك في الانتخابات وفي مقدمتها تعديل قانون الانتخابات. ويبدو أن الحل التوافقي للصراع داخل الحركة الإسلامية الأردنية، بين ما وصف بتيار التشدد وتيار الاعتدال، باختيار الشيخ حمزة منصور أميناً عاماً للحزب لم يعد الإسلاميين تماماً إلى خط التوافق مع سياسة الدولة.

وذكر تقرير أنه مع أن الإخوان المسلمين في الأردن تقليدياً هم أحد أعمدة استقرار البلاد، ودعمهم لنظام الحكم ثابت تاريخياً، وأن حدثت اختلافات تكتيكية أحيانا، فإن الأوضاع الحالية تدفع باتجاه شكل من أشكال الراديكالية.

والحقيقة أن الجو العام في البلاد يشهد تطورات لا تتسق مع توجه الإصلاح والانفتاح الذي وعد به الناس من قبل الحكومة في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصعيد وجوه شابة، ومحاولة تجاوز المعادلات السياسية التقليدية في البلاد.

وربما كان قرار الحكومة التشديد على حرية الرأي من باب لجم النشر الإلكتروني، والدخول على شبكات التواصل الاجتماعي دليلاً آخر على نفاد الحيلة من السلطات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/أيلول/2010 - 10/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م