الصين تستعيد أمجاد طريق الحرير وحقبته الذهبية

 

شبكة النبأ: تمر الصين بفترة ذهبية من ناحية اقتصادها الذي حقق انجازات كبيرة خلال الفترة الأخيرة والتي جعلته يحتل المرتبة الثانية لأفضل اقتصاد في العالم، حيث تزداد واردات البلد وتعاقداته مع باقي البلدان مما زاد ذلك من انتعاش الصناعة الصينية، بالإضافة الى التسابق الحاصل بين العديد من الشركات العالمية للسوق الصيني، وعليه فقد أصبحت الصين من أهم اكبر شركاء بعض الدول في استثماراتها وأسواقها، وتعتمد عليها في صادراتها ووارداتها.

ولكن ذلك لم يكن جيدا بالنسبة الى اخرين، لأن مصالحهم قد تضررت وضعف اقتصادها وقل اهتمام المستثمرين بها، مهددين بذلك فرض عقوبات على الصين.

عدم رضى

فقد أعلن وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في مقابلة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" ان الصين فعلت "القليل جدا" في موضوع تحرير سعر صرف عملتها "اليوان" الذي تعتبره واشنطن دون قيمته الحقيقية.

وقال الوزير الأميركي ان التعهد الذي قطعته بكين منتصف حزيران/يونيو بالتخفيف من القيود المفروضة على تقلبات سعر صرف اليوان امام الدولار هو "إجراء بالغ الأهمية".

وأضاف "ولكن مذاك فعلوا القليل، القليل جدا. لقد سمحوا بتحسن (سعر اليوان) قليلا، قليلا جدا".

وأوضح غايتنر، الذي سيدلي أمام الكونغرس بإفادته في جلسة استماع حول شبهات تحوم حول الصين بالتلاعب باسعار صرف العملات، في الوقت الذي بلغ فيه العجز في الميزان التجاري مع الصين في تموز/يوليو 25,9 مليارات دولار لصالح الصين، انه "بالطبع" غير راض عن الخطوات التي اتخذت حتى الآن في موضوع سعر صرف اليوان.

وأضاف "من المهم جدا بالنسبة لنا واعتقد انه مهم جدا كذلك بالنسبة للصين، اظن انهم يعترفون بذلك، ترك قيمة (اليوان) ترتفع لمدة طويلة".

وتعهدت بكين في منتصف حزيران/يونيو بالسماح بقدر اكبر من الحرية في تحرك سعر صرف عملتها امام العملة الخضراء، وذلك عبر زيادة هامش التقلبات اليومية لليوان أمام الدولار الى 5%.

ولكن منذ ذلك الإعلان لم يرتفع سعر صرف اليوان امام الدولار الا بنسبة 1%، في حين ان بعض البرلمانيين الاميركيين يعتبرون ان العملة الصينية ادنى من قيمتها الحقيقية بنسبة 40%. بحسب وكالة فرانس برس.

ومنذ سنوات يندد العديد من المسؤولين الاميركيين بالسياسة النقدية الصينية، في حين يدعو بعض هؤلاء الى فرض عقوبات على بكين.

ومنذ أشهر يبحث الكونغرس في مشروع قانون يفرض عقوبات على الصين. وينص هذا المشروع على اجراءات انتقامية عملا بسياسة التعامل بالمثل، تشمل جميع الصادرات الصينية الى الولايات المتحدة.

وكان رئيس لجنة الشؤون المالية في مجلس النواب الاميركي ساندر ليفن اكد ان العجز في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والمائل بشكل كبير الى مصلحة الاخيرة، هو "احد الاسباب الرئيسية لعدم التساوي في التجارة العالمية ما يؤدي الى خسارة فرص عمل واضعاف النمو في الولايات المتحدة.

النفط

من جانب آخر، ارتفع النفط الى أعلى مستوى في شهر مدعوما بنمو قوي في الطلب والناتج الصناعي الصيني في حين تسبب استمرار اغلاق خط أنابيب رئيسي بين الولايات المتحدة وكندا في شح المعروض.

وارتفع الخام الأمريكي تسليم أكتوبر تشرين الاول ما يصل الى 1.05 دولار مسجلا 50 ر77 دولار للبرميل وهو أعلى سعر منذ 12 أغسطس اب ثم قلص مكاسبه الى 85 سنتا مسجلا 30 ر77 دولار. وارتفع مزيج برنت 11 سنتا الى 78.27 دولار.

ورفعت المصانع الصينية الإنتاج 13.9 بالمئة - أكثر من المتوقع - في أغسطس مع استمرار ازدهار اقتصاد ثاني أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم رغم جهود حكومية لكبح الإقراض المصرفي.

وفي ظل تسارع النشاط الصناعي زاد الطلب الصيني على النفط 7.4 بالمئة في أغسطس عنه قبل عام.

وقال بن وستمور محلل السلع الاولية في ناشونال أستراليا بنك "البيانات الصينية كانت ايجابية على نحو ساحق. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

"تقوم الصين بهبوط هادئ بعد كل هذا التحفيز والاقتصادات الناشئة تنمو بقوة كبيرة. على صعيد استهلاك النفط ينبيء هذا بطلب قوي في الأشهر القادمة."

واستمر إغلاق خط الأنابيب 6ايه لشركة انبريدج والذي يربط الانتاج الكندي بمصافي التكرير في الغرب الاوسط ونقطة تسعير الخام الامريكي في كاشنج بولاية أوكلاهوما وذلك بعد حدوث تسرب.

ولم يتحدد بعد موعد استئناف الامدادات عبر الخط البالغة طاقته 670 ألف برميل يوميا والذي ينقل سبعة الى ثمانية بالمئة من إجمالي واردات الخام الأمريكية.

وقال وستمور "أحد بواعث القلق الكبيرة هو المخزونات في كاشنج ..كلما طال توقف خط الانابيب زادت فرص انخفاض تلك المخزونات وشح السوق في تلك المنطقة."

وكندا أكبر بلد مصدر للنفط الى الولايات المتحدة وتضخ خطوط أنابيب انبريدج الجانب الاكبر من تلك الامدادات. ومن شأن اغلاق أكبر خطوط أنابيب الشركة أن يخفض فائض المخزون في كاشنج.

وعد صيني

من جانبه أبلغ رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو المنتدى الاقتصادي العالمي أن الشركات الأجنبية في الصين ستحصل على نفس معاملة الشركات المحلية.

وفي محاولة لتهدئة مخاوف المستثمرين الاجانب قال ون ان الموردين الاجانب سيعاملون على قدم المساواة مع الشركات المحلية في المنافسة على عقود حكومية.

وقال أمام اجتماع للمنتدى في مدينة تيانجين بشمال الصين "أود أن أؤكد من جديد على أن كل الشركات المسجلة في الصين وفقا للقانون هي شركات صينية."

وأضاف "منتجاتهم تعتبر مصنوعة في الصين وابتكاراتهم نشأت في الصين .. الصين ستعامل الشركات ذات رأس المال الأجنبي والشركات المحلية بالعدل والمساواة في المشتريات الحكومية." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وتقول الصين مرارا انها لن تتحيز ضد الشركات الاجنبية لكن مسؤولي شركات عالميين يخشون من أن قواعد جديدة لدعم الابتكار في الصين قد تجعل من الصعب الفوز بعقود في السوق سريعة النمو.

وكانت غرفة تجارة الاتحاد الاوروبي في الصين قالت في ورقة سنوية صدرت في وقت سابق ان حواجز عديدة تمنع أعضاءها من التنافس على قدم المساواة مع شركات محلية.

وقال ون إن الصين ستحسن اطار العمل القانوني بدرجة أكبر لتوفير مناخ أفضل للشركات الاجنبية.

محرك مهم

كما قال وين جياباو ان اقتصاد الصين "في حالة جيدة" مؤكدا انه ساعد في تعافي الاقتصاد العالمي من الازمة الاقتصادية الحادة التي بدأت قبل عامين.

وتعهد وين في كلمة في مستهل منتدى الاقتصاد العالمي "صيف دافوس" الذي يعقد على مدى ثلاثة ايام في مدينة تيانجين الشمالية، توفير بيئة مفتوحة ومنصفة للشركات الأجنبية العاملة في الصين.

وقال "لقد وفر نمو الاقتصاد الصيني فرص تطوير كبيرة للشركات المتعددة الجنسية واوجد طلبا هائلا للاقتصاديات الكبيرة والدول المجاورة". واضاف ان الاقتصاد الصيني "اصبح محركا مهما لانتعاش الاقتصاد العالمي"، مشيدا بخطة التحفيز الهائلة التي وضعتها بلاده والتي وصفها بانها "مناسبة من حيث التوقيت ومثمرة وفاعلة وتناسب واقع الصين".

وقال ان "اقتصاد الصين في وضع جيد الان ويشهد نموا سريعا وتحسنا هيكليا تدريجيا ما ادى الى رفع مستوى العمالة واستقرار الأسعار الأساسية".

وسجل الاقتصاد الصين تباطؤا في الربع الثاني حيث سجل 10,3% مقارنة ب11,9% في الاشهر الثلاثة الاولى من العام نتيجة للاجراءات التي فرضتها الحكومة بهدف تجنب حدوث ضغوط تضخمية. بحسب وكالة فرانس برس.

وأكد وين ان بكين "تلتزم توفير بيئة مفتوحة ومنصفة للمشاريع التي تستثمر فيها جهات خارجية" مشيرا الى ان الشركات الاجنبية "حققت عائدات جيدة" في الصين.

وأظهرت دراسات أجرتها غرف تجارة اميركية واوروبية خلال الاشهر القليلة الماضية زيادة استياء الشركات الاجنبية من طريقة معاملة الصين لها.

وذكرت غرفة التجارة في الاتحاد الاوروبي في وقت سابق ان فرض القيود غير المنصفة على الاستثمار الاجنبي يحول دون توسع عمليات الشركات الاجنبية في الدولة الاسيوية. وفيما يبدو انه استجابة لذلك، دعت بكين الشهر الماضي الى تطبيق سياسات تهدف الى تشجيع الاستثمار الاجنبي.

اكبر شريك

في حين كشفت الدائرة الاتحادية لشؤون الإحصائيات الألمانية ان الصين حلت في النصف الاول من العام الحالي محل هولندا لتصبح اكبر شريك تجاري في العالم لألمانيا.

وقالت الدائرة الاتحادية ومقرها مدينة (فيسبادن) في بيان صحافي ان "صادرات بكين الى برلين ارتفعت في النصف الاول من العام الحالي مقابل نفس الفترة من العام الماضي بنسبة 6ر36 في المئة لتبلغ قيمتها 6ر34 مليار يورو".

واضاف البيان "بلغت الزيادة في واردات المانيا من هولندا في ذات الفترة بما نسبته 5ر16 في المئة لتصل قيمتها الى 2ر33 مليار يورو فيما حلت صادرات فرنسا في المرتبة الثالثة بزيادة 7ر5 في المئة لتبلغ قيمتها 9ر29 مليار يورو".

واشار الى ان "الصادرات الالمانية الى الصين حققت ارتفاعا في النصف الاول من العام الحالي مقابل نفس الفترة من العام الماضي بنسبة 5ر55 في المئة لتبلغ قيمتها 2ر25 مليار يورو". وكالة الأنباء الكويتية.

وذكر البيان ان "صادرات المانيا الى منطقة الاتحاد الاوروبي في النصف الاول من العام الحالي زادت بنسبة 12 في المئة والى منطقة اليورو بنسبة 9ر10 في المئة والى الدول غير العضوة في منطقة اليورو بنسبة 4ر14 في المئة والى الدول النامية بنسبة 2ر26 في المئة".

واضاف ان "صادرات المانيا الاجمالية ارتفعت في النصف الاول من هذا العام مقارنة مع اول ستة اشهر من العام الفائت بنسبة قدرها 1ر17 في المئة لتبلغ قيمتها 3ر458 مليار يورو فيما سجل اجمالي الواردات الالمانية في الفترة نفسها ارتفاعا بنسبة 15 في المئة لتبلغ قيمتها 6ر383 مليار يورو.

سكك حديد

بينما وقع وزير السكك الحديدية الصيني ليو زيجون مع وزير المواصلات الايراني حميد بهبهاني في طهران اتفاقا لإقامة خط سكك حديد بغرب ايران.

ويتكلف المشروع، وهو جزء من خط سكك حديد يربط العاصمة الصينية بكين بالشرق الأوسط عبر ايران، نحو 2 مليار دولار.

وذكرت وكالة انباء فارس الإيرانية ان الخط الذي ستمده الصين يصل العاصمة الإيرانية طهران بمدينة خسروي على الحدود مع العراق، ويمر عبر مدن آراك وهمدان وكرمنشاه.

واعتبرت الوكالة ان مشروع الربط النهائي بالسكك الحديدية يسير على طريق الحرير القديم الذي كان يربط الشرق الأقصى بالبحر المتوسط.

ورأت الوكالة ان للمشروع أبعادا سياسية تتمثل في انه فيما تعمل الولايات المتحدة على عزل إيران تعمل الصين بجدية على النفاذ أكثر في إيران.

وكانت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية نشرت خبر المشروع قبل أيام وقالت ان الحكومة الإيرانية ترى ان خطط السكك الحديد الصيني سيصل إيران بالعراق وكذلك سوريا وربما لبنان كجزء من ممر شرق أوسطي.

وتقدر طهران انه قد يفيد الخمسة آلاف إيراني الذين يتوافدون للحج كل يوم في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين في العراق.

وذكرت التلغراف ان الاتفاق الخاص ببناء هذا الخط يعد بمثابة خطوة الصين الأولى لتشييد بنية تحتية كاملة للسكك الحديد لمنطقة آسيا الوسطى.

وسيساعد هذا الخط دول آسيا الوسطى على الوصول إلى ميناء شاهباهار الإيراني، ومن الممكن ان يوفر للصين في نهاية المطاف طريقا بريا حيويا لنقل البضائع الى أوروبا.

وقد يساعد هذا الخط جمهورية الصين الشعبية على خفض تكلفة نقل البضائع الى أوروبا بنسبة 5 او 6 في المائة.

اتفاق تاريخي

بينما دخل حيز التطبيق بين الصين وتايوان اتفاق تجاري تاريخي سيؤدي الى توثيق العلاقات الاقتصادية بين الصين القارية والجزيرة المنفصلتين منذ ستين عاما، وربما ايضا العلاقات السياسية.

وأعلن الرئيس التايواني ما ينغ-جيو "مع بدء مفعول هذا الاتفاق، تدخل العلاقات بين ضفتي مضيق تايوان في عصر جديد".

ورحب وزير التجارة الصيني من جهته بهذا الاتفاق. وقال ياو جيان في بيان نشر على موقع الوزارة الالكتروني "نحن سعداء لدخول هذا الاتفاق حيز التطبيق. نعتقد ان تطبيقه سيشجع المبادلات والتعاون وسيساعد الاقتصادين على التطور بالتنسيق في ما بينهما".

وتايوان مستقلة فعليا منذ 1949 ولو ان بكين تعتبرها جزيرة متمردة ولا تستبعد استخدام القوة لضمها الى الوطن الام. وتشير تقديرات الى ان الصين تحتفظ باكثر من الف صاروخ موجهة نحو تايوان. بحسب وكالة فرانس برس.

وتحسنت العلاقات الثنائية في شكل كبير في السنوات الاخيرة وخصوصا منذ وصول ما ينغ-جيو الى الرئاسة في تايوان بسبب تأييده للتقارب مع بكين. وفي نهاية 2008، خطا الطرفان خطوة تاريخية عندما دشنا اول رحلات جوية يومية مباشرة بينهما.

بطالة

من جانبها أعلنت الحكومة الصينية ان الصين تواجه مشكلة ضخمة في سوق العمل مع مستوى بطالة بلغ نحو 22% من أصل مجموع القوى العاملة في هذا البلد الذي يضم اكبر عدد من السكان في العالم.

وأشارت الأرقام الرسمية الى ان 780 مليون شخص فقط في الصين لديهم عمل. وقال المتحدث باسم وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي يي تشينغجي للصحافيين "الصين تواجه تحديات ضخمة في مجال العمل حاليا وفي المدى المنظور".

وأضاف "بالتوازي مع تسريع وتيرة تمدن الصين، تتصاعد حدة الضغوط لاجل العمل التي يمارسها الكثير من العمال القرويين غير الناشطين". وتابع "اليوم، هناك حوالي 100 مليون عامل قروي من دون عمل يجب نقلهم (للعمل في المدن)".

وغالبا ما تفتقر البيانات الصينية حول سوق العمل للدقة، اذ ان الحكومة تكتفي بنشر الإحصاءات المتعلقة بالبطالة لدى عمال المدن، من دون معلومات عن أولئك الذين يعملون في القرى. بحسب وكالة فرانس برس.

وتعيش الصين فترة من التمدن غير المسبوق مع اجتذاب المدن الكبرى لمئات ملايين الأشخاص بفضل النمو الكبير للاقتصاد الوطني الذي تتسارع وتيرته منذ أكثر من ثلاثين عاما.

وسيتجاوز عدد سكان المدن في الصين عتبة ال700 مليون بحلول العام 2015، متخطيا بذلك عدد قاطني المناطق الريفية، بحسب ما نقلت الصحافة الرسمية الصينية في تموز/يوليو عن لي بين، المسؤول عن الوكالة الصينية للتخطيط السكاني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/أيلول/2010 - 6/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م