شبكة النبأ: يبدو أن حرص الحكومة
العراقية على علاقات جيدة مع محيطها العربي جعلها تقع في مطب المجاملة
على حساب الدم العراقي المسفوك دوما في شوارع مدنه، فمن باب حرصها على
(تلطيف) الأجواء العربية كانت الحكومة العراقية متساهلة حد
الميوعة مع قتلة الشعب العراقي، وأدت سياستها هذه إلى تحويل العراق إلى
منتجع للجماعات الإرهابية، من لم تطله يد القانون يسرح ويمرح في ربوع
العراق ويجني الأموال الطائلة من خلال سرقة المصارف أو السطو على
مرتبات الموظفين وأخذ الأتاوات من أصحاب المحال التجارية، أو من خلال
سرقة النفط العراقي وتهريبه لدول الجوار.
فقد أشارت بعض الأنباء مؤخرا إلى ضلوع الزمر الإرهابية بعمليات
تهريب النفط، أما من يقع من الجماعات الإرهابية في قبضة القانون، أو
كما يحلو لمسئولي الدولة تسميتها بقبضة العدالة، فالأمر لن يختلف كثيرا.
فكما يروي شهود، حالما يصل السيد الإرهابي إلى أحد السجون، تسارع
منظمات دولية ومحلية بالدفاع عنه وتدعو للمحافظة على حقوقه باعتباره
إنسان، كما أن هذا الإنسان يستمتع بالكباب العراقي كل صباح، وبالتشريب
عند الظهيره، وبالرز الهندي من الدرجة الفاخرة مع حساء يتم إعداده في
مطاعم القطاع الخاص، وبعد فترة تصدر عليه المحكمة حكما لن يتجاوز السجن
لمدة 15 عاما وإن كان قد ازهق أرواح مئات العراقيين، ولا يسعني إلا
التصفيق للعدالة العراقية، وأتمنى من ضحايا الإرهاب ممن فقدوا أيديهم
أو أكفهم أن يصفقوا بأقدامهم تحية للقضاء العراقي، كما أدعو القراء لأن
يخلعوا القبعات احتراما لهذا القضاء الرفيع!.
ولتحيا وزارة العدل التي مازالت جموع الإرهابيين الفارين من سجونها
تستمتع بأجمل الأوقات خارج قضبان السجن.
إنها قضية الزمن المر الذي نعيشه، وهي قضية الاستهانة بالدم
العراقي، ومن اجل استيعاب ذلك الدرس ومناقشة جدوى بقاء المجرمين
والقتله على قيد الحياة ولسنوات طول كانت لنا هذه الوقفة مع بعض من
ادلى بصوته وخانته قافية الصمت المعبر عن وجدان الضحايا الذين ارتسمت
شفاههم ووجهوهم على قارعة الطرقات والجدران والساحات الموحشة.
يقول عباس سرحان وهو إعلامي عمل في العديد من الوسائل الإعلام
المحلية والأجنبية، أجزم بوجود إخفاق كبير في مجال محاكمات العناصر
المتورطة بسفك الدم العراقي، والأحكام الكثيرة التي أصدرها القضاء
العراقي بحق هؤلاء لم تكن مرضية للشارع العراقي، لكونها لم تناسب حجم
الجرائم التي ارتكبتها العناصر الإرهابية، فمن غير المعقول أن يحكم
القضاء العراقي على أحد الإرهابيين متهم بتنفيذ عشرات العمليات المسلحة،
بالسجن لخمسة عشر عاما، ولا من المعقول أن يتم الحكم بخمسة أعوام على
سعودي لكونه دخل الأراضي العراقية بطريق غير مشروع.
ويضيق هخلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، هناك مشكلة عميقة في
التكييف القانوني للجريمة، فالعربي السعودي مثلا لم يدخل الأراضي
العراقية بقصد النزهة أو السياحة أو التهريب، لتتم محاكمته انطلاقا من
كونه لم يحصل على تأشيرة مرور، إنه شخص ينتمي لتنظيم مسلح ودخل العراق
بنية قتل مواطنين ابرياء، وبالتالي يجب أن يحاكم على هذا الأساس، كما
أن البلد في حالة حرجة ولابد أن تكون العقوبات رادعة لتحد من الجرائم
التي ترتكب بحق الناس، أما أن يسير القضاء العراقي وفقا لاعتبارات دول
مرتاحة ومنظمات دولية تدعي حرصها على حقوق الانسان فليعذرني القضاء
العراقي والمسؤولون العراقيون حين أقول انهم يساهمون بقتل الناس من
خلال أحكامهم هذه.
فيما أبدى الكاتب الصحفي محمد حميد الصواف نظرة أكثر قتامه حول هذا
الأمر حيث أشار، لا أريد إن أبدو متشائما لكن إسقاطات المشهد العراقي
رغم الكثير من الايجابيات لا تزال تثير مشاعر الإحباط والحزن، سيما ان
حجم التضحيات التي أبداها هذا الشعب ضخمة جدا بالمقارنة مع ما أنجز،
يعزز ذلك الشعور هي العديد من الإخفاقات في أداء أجهزة ومؤسسات الدولة
العراقية.
وأضاف، من الخطايا القاتلة هو الأداء المتذبذب في الجهاز القضائي،
وتأثره بالضغوط السياسية إن لم نقل بحالة الفساد الإداري والمالي
المتفشية في المجتمع، حسب ما يراه معظم المراقبين والمتابعين.
وينوه الصواف، نلاحظ في الآونة الأخيرة إفلات الكثير من المجرمين
والقتلة من قبضة العدالة، فيما نلحظ أيضا طبيعة الأحكام الخجولة التي
صدرت بحق بعض من استباح الدم العراقي وانتهك حرماته.
أما الإذاعي أحمد ألسلطاني فاستشهد قائلا، من امن العقوبة أساء
الأدب وهذه هي سنة الحياة، يجب أن تلتفت إليها الحكومة العراقية وتكون
جادة في تطبيق حيثياتها، بعيدا عن المجاملات والحزبيات والاعتبارات
الأخرى التي تشكل عبئا ثقيلا على الأداء الحكومي والقانوني.
وأشار، إن ترك العقوبة للمسيء يولد أزمة ثقة ما بين الحكومة والشعب،
نعم قد تكون هنالك بعض الإساءات الطفيفة التي تغتفر ولكن أمام من يعمل
ويروج لثقافة القتل فهذا ما لا يجوز ان يغفر له مهما كان نوع وحجم
السلطة التي تقف ورائه أو الجهة التي تعمل على تطبيق القانون فليس من
حقها التغاضي عن القتلة والمجرمين ومن يصدرون الجريمة ويعملون على بث
الرعب والهلع والخوف بين أبناء الشعب وعلى الحكومة ان تكون قويه في مثل
هذه الظروف وتضرب بيد من حديد كل من يخرج على القانون وعليها أيضا ان
تقوم بتفعيل عقوبة الإعدام بل عليها ان تنفذ هذه الأحكام أمام أنظار
الجميع وفي الساحات العامة. وأضاف، أود ان أقول ان الحكومة العراقية
اذا استمرت في التساهل وترك المجرمين يمرحون ويسرحون في هذه السجون
الفخمة والمبردة بحجة حقوق الإنسان او بحجة العفو عند المقدرة فعلينا
وعليهم وعلى من يتكلم بحقوق الإنسان السلام.
فيما قال المواطن عدنان لطيف فقد تحول من موقف الدفاع عن الضحايا
الى الهجوم وهو يصف موجة الإعدامات بالكاذبة والمظللة على صعيد
المساومات السياسية والحزبية وهي مجرد تكهنات تمثيلية الغاية منها
إضافة إعداد جديدة من الشهداء وزرع فلسفة التحايل على الناس من اجل حل
إشكالية النقمة الشعبية ومراعاة المصالح الإقليمية، وألا لو لم تكن تلك
الأسباب صحيحة ووارده فكيف يفسر لي أصحاب القرار السياسي والأجهزة
الأمنية والمؤسسة القضائية إستراتيجية هروب الإرهابيين من السجون
العراقية بعد ان يمضوا سنوات طويلة وهم معززين مكرمين ومن دون ان تمسهم
الأمراض والأعراض الخبيثة بسبب الأحكام المخففة التي تصدرها المحاكم
العراقية بحق من قتلوا الآلاف والمئات من العراقيين وبدم بارد.
ويتساءل لطيف عن ماهية الأسباب الحقيقية التي تمنع من تنفيذ حكم
الإعدام وفي الساحات العامة وأمام الناس، كي نحقق من وراء ذلك أهداف
العقوبة وان نمنع ضعاف النفوس من ممارسة ذلك الفعل مره أخرى، وان
نتحاشى منزلق الوعي الإرهابي القائل بأن العراق لا ينتقم من المجرمين
بل يكرمهم. |