الرجل والمرأة... تنافس محدود أم يتعدى الحدود

 

شبكة النبأ: العالم كله عبارة عن جنسين، وهي صفة مشتركة لجميع المخلوقات، في دورة حياة تكميلية منذ بدأ الخليقة، إلا إن هناك تنافسا طبيعي بين جنسي هذه المخلوقات في مختلف مجالات الحياة، إلا إن في بعض الأحيان يتعدى هذا التنافس حدود الممكن، ويصل الى مراتب التحدي.

والحياة البشرية امتازت بصفة الاختلاف والتنافس بين الذكر والأنثى، سيما في عصرنا الحالي، حيث يعطى حق للمرأة بممارسة ما يفعله الرجل عملا بمبدأ المساواة التي كفلتها القوانين الوضعية.

بعض الباحثين الاجتماعيين أجروا عددا من بحوث ودراسات عن ابرز الاختلافات بين الرجل والمرأة، وسلطوا الضوء على تفسير تلك الظاهرة وما يترتب عليها من نتائج.

نفس العمل

فقد أظهرت دراسة جديدة ان الأزواج يقومون بنفس حجم العمل الذي تقوم به زوجاتهم. ويظهر البحث الذي قامت به كاثرين حكيم باحثة علم الاجتماع بكلية لندن للاقتصاد انه عندما يعمل الزوجان في عمل مدفوع الأجر أو يقوما بمهام غير مدفوعة الأجر مثل العمل المنزلي أو أعمال الرعاية أو عندما يؤخذ في الاعتبار العمل التطوعي فان الرجال يقومون بنصيبهم من العمل.

وقالت كاثرين حكيم "صحيح ان النساء يقمن بعمل أكثر في المنزل لكن بصفة إجمالية يعمل الرجال والنساء بنفس القدر الذي يبلغ تقريبا ثماني ساعات يوميا."

وفي الحقيقة فان الدراسة بشأن كيف يستخدم الناس وقتهم وجدت ان الرجال في بريطانيا يقضون وقتا أطول قليلا على العمل "الانتاجي" كل يوم أكثر من النساء. وأضافت كاثرين ان "أنصار المرأة مخطئون في الزعم بأنه يجب على الرجال القيام بنصيب أكبر من العمل المنزلي ورعاية الأطفال لأنه في المتوسط يعمل الرجال والنساء بالفعل نفس عدد الساعات من العمل المنتج." بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقالت ان البيانات تهدم نظرية قائمة منذ فترة طويلة بأن النساء يعملن "نوبة مزدوجة" حيث ينتقلن من العمل الوظيفي الى العمل المنزلي ويعملن ساعات أطول من أزواجهن.

واستخدمت الدراسة التي أجريت بعنوان "كيف يمكن للسياسة الاجتماعية والسياسة النقدية ان تعترف بالعمل الأسري غير المدفوع الأجر.." مادة من مسح اجري في أنحاء اوروبا عن استخدام الوقت. وقالت "النتائج كانت مماثلة في أنحاء اوروبا باستثناء الدول الأوروبية التي كانت اشتراكية في السابق" وفي الدول الاسكندنافية وجد ان الرجال يعملون ساعات أكثر من النساء.

الأجور

بينما لا تزال المساواة في الأجر بين الرجل والمرأة في استراليا مجرد أضغاث أحلام مع صدور تقرير يظهر أن الفجوة في الأجور بين الجنسين باتت الآن أوسع مما كانت عليه قبل 30 عاما.

وكشف التقرير الذي اعدته مؤسسة (كيه بي ام جي) بتكليف من مجلس التنوع في أستراليا وهي جماعة لا تهدف للربح أن أجر المرأة الاسترالية يقل عن أجر الرجل بحوالي 18 بالمئة.

واتسعت الفجوة على مدى العقود الثلاثة الماضية حيث كانت المرأة تحصل في المتوسط على 88 بالمئة من أجر الرجل في 1977 مقارنة مع 82 بالمئة في 2010.

وقالت ليزا انيس القائمة بأعمال مدير البحوث بمجلس التنوع "هذه نتيجة مفاجئة بالنظر الي أن المساواة في الأجر أصبحت واقعا في استراليا في 1972."

وعلى مدى ألاثني عشر شهرا الماضية زادت الفجوة في الاجور بين الرجال والنساء بمقدار 7.90 دولار استرالي (7.09 دولار أمريكي) اسبوعيا لتصل الى 239.30 دولار أمريكي اسبوعيا من 231.40 دولار استرالي. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ويعني هذا أن المرأة كان يتعين عليها ان تعمل ثلاثة أيام اضافية في 2010 مقارنة بعام 2009 لتصل الى حزمة مساوية في الاجر.

وكشف التقرير أيضا عن أن النساء لا يمثلن سوى 7 بالمئة من المديرين التنفيذيين في الشركات المدرجة في مؤشر ايه اس اكس 200 ببورصة استراليا رغم أن النساء يمثلن 42 بالمائة من إجمالي قوة العمل ويشكلن الأغلبية -أو 70 بالمائة- من قوة العمل بدوام جزئي في استراليا.

وقالت انيس ان استراليا شهدت بطبيعة الحال تحسينات كبيرة في أوضاع سوق العمل للمرأة في القرن الماضي لكن عدم تحقيق تقدم في المساواة في الاجر بين الرجل والمرأة مخيب للآمال. وأضافت قائلة "اننا لم نرجع للوراء لكننا لم نتقدم."

رواتب مساوية

كما اظهر مسح لمعهد تشارترد للإدارة ان رواتب المديرين الرجال في بريطانيا تفوق رواتب نظيراتهم من النساء بعشرة آلاف جنيه استرليني في السنة وانه قد تمر 60 عاما تقريبا قبل ان يتم جسر هذه الهوة.

واشار المسح الي ان رواتب المديرات سجلت زيادة بشكل أسرع قليلا من رواتب المديرين الرجال -مع ارتفاعها بنسبة 2.8 بالمائة على مدى ألاثني عشر شهرا الماضية- لكن بعض الرجال من ذوي المناصب الأعلى دخلا يتقاضون رواتب تزيد بنسبة 25 بالمئة عن الجنس الاخر.

وقالت بترا ويلتون رئيسة قسم السياسة بالمعهد "البنات المولودات هذا العام سيواجهن احتمال العمل لمدة 40 عاما في ظل عدم تكافؤ الأجور، احتمال استمرار عدم المساواة في الراتب لعقود لا يمكن السماح له بان يصبح حقيقة." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

واظهر المسح الذي شمل بيانات من 43312 شخصا في 197 مؤسسة ان متوسط راتب المدير يزيد عن راتب المديرة بمقدار 10071 جنيها استرلينيا (15750 دولارا امريكيا) وان المعدلات الحالية لتضخم الأجور تشير الى فترة انتظار تصل الى 57 عاما حتى تتحقق المساواة.

الشابات الأميركيات

من جانب آخر، بدأت بعض النساء الاميركيات يلحقن بركب الرجال ويتفوقن عليهم حتى من حيث المدخول، حسبما اظهرت احدى الدراسات.

انهن نساء عزباوات في العشرينات من العمر ليس لديهن أطفال ويعشن في مدن كبيرة ويعملن بدوام كامل، وفقا لتقرير صادر عن "ريتش ادفايزرز"، وهي شركة ابحاث مقرها في نيويورك تركز على التغييرات في الانماط الاستهلاكية. ويفوق مدخول هؤلاء الشابات بنسبة ثمانية بالمئة مدخول الرجال في فئة العمر نفسها، لكن في بعض المدن مثل اتلانتا في ولاية جورجيا وممفيس في ولاية تينيسي، يتخطى مدخول النساء مدخول الرجال بنسبة 20 بالمائة، بحسب تحليل "ريتش ادفايزرز" لبيانات مكتب الإحصاءات.

وكمعدل، يوازي مدخول النساء الأميركيات اللواتي يعملن بدوام كامل نحو 80 بالمائة من مدخول الرجال. ويفيد التقرير بأن احد اسباب تفوق النساء الشابات العزباوات على الرجال من حيث المدخول هو ان الشابات "يدخلن الجامعات بأعداد كبيرة".

فحوالى ثلاثة ارباع البنات اللواتي ينهين دراستهن الثانوية يدخلن الجامعات مقارنة بثلثي الصبيان فقط. ويشير التقرير الى ان نسبة تخرج النساء من الجامعات وحصولهن على شهادات ماجستير أو شهادات اعلى تفوق بمرة ونصف المرة نسبة الرجال. بحسب وكالة فرانس برس.

واظهرت بيانات مكتب الاحصاءات ان النساء حصلن على شهادات دراسات عليا اكثر من الرجال في العام 2000، حيث نالت النساء 58 بالمائة من كل شهادات الماجستير والدكتوراه. ومع تقدم المستوى العلمي للنساء، بدأن يؤجلن الزواج وتأسيس العائلات.

لكنهن لا يؤجلن شراء المنازل: فنسبة النساء العزباوات اللواتي اشترين منازل للمرة الأولى ازدادت 50 بالمئة مقارنة بتسعينات القرن الماضي لتصل الى 24 بالمئة من مجموع شراة المنازل للمرة الاولى في الولايات المتحدة في العام 2009، حسبما افاد التقرير. كذلك فإن العائلات التي تضم اولادا والتي حفزت سوق بناء المنازل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت تشكل 23 بالمائة فقط من مجموع العائلات في العام 2009، وفقا للتقرير.

وتساهم النساء الشابات القادرات على الوفاء بالالتزامات المالية في "توسيع سوق المنتوجات الأصح والمربحة" في مطاعم الوجبات السريعة، كما ان الرياضات التي شهدت نموا كبيرا في العقد الماضي حققت ذلك بفضل النساء، وفقا للتقرير. فقد نمت رياضة الركض بنسبة 41 بالمئة في غضون 10 سنوات، ويعود 93 بالمائة من نموها الى مشاركة النساء.

أما الشبان فهم يطلبون المزيد من المنتوجات الرخيصة جدا في المطاعم السريعة، وقد شهدت مشاركة الرجال في معظم الرياضات ركودا في العقد الأخير.

الأقل كسباً أكثر خداعاً

بينما تجد دراسة تفسيراً علميا للفوارق المادية بين الجنسين، إذ تقول إن الرجال المتزوجين بنساء أعلى منهم دخلاً هم الأكثر عرضة لخيانة الزوجة.

وترى معدة الدراسة، كريستين مونش، أخصائية علم الاجتماع في "جامعة كورنل" أن الرجال الذين يعتمدون اقتصادياً بشكل كلي على شريكاتهم، هم الأكثر ترجيحاً، وبواقع خمسة أضعاف، لخداع النصف الآخر، لدى مقارنتهم بنظرائهم ممن تتساوى دخولهم مع الشريكات.

وبررت مونش بالقول إن المرأة ذات الدخل الأعلى من شريكها تهدد الصورة النمطية للذكر كونه المعيل ومصدر الكسب، غير أنها لفتت للعديد من العوامل التي  قد تدفع الرجل للغش منها: "أن الرجال الأقل دخلاً من شريكاتهم ربما أكثر تعاسة مما يدفعهم نحو خداع الشريكة، وليس بالضرورة لأنهم أقل دخلاً."

وبالتالي، لا يعني رجوح كفة الميزان المالي، لصالح الرجل، على أنه سيكون أكثر وفاءً للشريكة، فهذه الفئة أيضاً أكثر عرضة للجوء للغش نظراً لأن المناصب التي يتولونها تفرض عليهم البقاء لساعات طويلة خارج المنزل أو السفر، وهما عوامل تخلق بيئة موائمة للخيانة، على ما أوردت الدراسة.

أما فيما يتعلق بالنصف الآخر، فإن اعتماد المرأة مادياً على الرجل يجعلها أكثر وفاءً له، وتصل احتمالات خيانتها إلى النصف مقارنة بقريناتها اللائي يكسبن مثل شركائهن.

وعللت مونش ذلك بالقول: "المرأة المستقلة مادياً قد تتاح لها فرصا للخيانة، إلا أن التفكير في عواقب ما قد يترتب عن ذلك قد يردعها." بحسب وكالة السي ان ان.

وحول أفضل وضع مالي قد يضمن بقاء الشريك وفياً.. تقول الدراسة إن الرجال المرتبطين  بنساء يصل دخلهن إلى نحو 75 في المائة من دخولهم، هم الأقل عرضة للجوء للخيانة. وستنشر الدراسة التي تحمل عنوان "تأثير تفاوت الدخل في الخيانة بين النساء والرجال" خلال المؤتمر السنوي الـ105 لرابط علم الاجتماع الأمريكية، في مدينة "أتلانتا."

التسوق

بينما كشفت دراسة ألمانية حديثة عن اختلاف واضح في سلوك التسوق بين الرجال والنساء. حيث قال البروفيسور فيلي شنايدر ، استاذ علم التسوق ، إن سلوك الرجل في التسوق يتميز بالسرعة إذ يدخل إلى المتجر ويحصل على مايريد من بضائع ولو كانت كثيرة ثم ما يلبث أن يغادر المتجر. يشير شنايدر إلى أن مثل هذا السلوك يتميز به الأشخاص الذي يدخلون إلى المتجر وقد حددوا ما يريدونه دون إجراء أي عمليات مقارنة بين الأسعار.

في المقابل، يرى شنايدر أن النساء يحرصن على مقارنة الأسعار وكذا جودة المنتجات، وأعرب شنايدر عن اعتقاده بأن النساء في عملية التسوق " يجمعن" بينما الرجال "يصطادون". يذكر أن شنايدر وزميله الكسندر هنيش أعدا كتابا عن سلوك التسوق مستعينين بأبحاث طبية ونفسية. أظهرت نتائج الدراسة التي ضمها الكتاب أن 30% من قرارات الشراء تأتي بناء على تفكير متأن، في حين 70% من قرارات الشراء تأتي في المقابل بشكل عشوائي. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وأشار العالمان في كتابهما إلى الأسلوب الذي تتبعه المتاجر في جذب الزبائن بوضع البضائع الترويجية عند مدخل السوبرماركت وتشغيل موسيقى هادئة بإيقاع يشبه النبض الإنساني، الأمر الذي " يجعلنا نتحرك لا شعوريا ببطئ" لاستعراض البضائع.

أكثر كذبا واقل إحساس

في حين كشف استطلاع بريطاني للرأي نفذه "متحف العلوم" في بريطانيا أن الرجال يكذبون أكثر من النساء، وأشار الاستطلاع إلى أن الرجل البريطاني يكذب ثلاث مرات في اليوم، بينما تكذب المرأة البريطانية مرتين يومياً.

الغريب في الأمر أيضاً ان 82 في المائة من النساء البريطانيات يشعرن بالذنب وتأنيب الضمير بعد قيامهن بالكذب، في حين أن 70 في المائة من الرجال يشعرون بذلك، ما يعني أن 30 في المائة من الرجال ليسوا كذابين فقط، وإنما "بلا إحساس" تجاه ممارستهم الكذب، وخصوصاً على شريكات حياتهم.

أما أكثر كذبة يسردها الرجل البريطاني فهي " لم أتناول الكثير من المشروبات الروحية"، وتليها "لا يوجد شيء، أنا بخير" و"أنا في طريقي إلى البيت (أو العمل)" وكذلك "لقد فقدت الكثير من وزنك."

أما بالنسبة لكذب المرأة، فجاءت كذبة "لا يوجد شيء.. إنني بخير" و"لا أعرف أين هي.. فأنا لم ألمسها" و"لم تكن غالية جداً" ضمن الكذبات العشر الأوائل، بحسب ما ذكرته مجلة "التايم." بحسب وكالة السي ان ان.

ومن الطبيعي أن يكون المتقدمون للاستفتاء صادقين، وأي شخص يقول لك غير ذلك فهو كذب صريح. على أن هذا ليس بالضرورة حكراً على الشعب البريطاني، إذ يبدو أن الأمر منتشر بين معظم شعوب الأرض، رغم أن الكثير من الناس يرى أن الكذب آفة اجتماعية يجب تجنبها.

وكان العالم النفسي الأمريكي، روبرت فيلدمان، قد حذر من أن الكذب بات صفة سائدة إلى درجة أن البشر باتوا يخادعون ويخاتلون دون وعي منهم، وكأن مثل هذا الأمر بات طبيعياً.

ومن ضمن أسباب الكذب برأي فيلدمان، أن الكثير من الناس أصبحوا عاجزين عن التقاط أكاذيب الآخرين، وبالتالي يقعون فريسة سهلة لهم، وذلك لأنهم يحكمون على الشكل الخارجي وعلى الإيماءات التي ترتسم على وجوه البعض دون التدقيق فيها ومحاولة تفسيرها بشكل دقيق.

ورأى فيلدمان أننا نعيش في زمن أصبح فيه الكذب والخداع أموراً يمكن غض الطرف عنها وتجاوزها بصورة أكبر بكثير من السابق، مشيراً إلى أن كثيراً من الناس باتوا يعتقدون أنه لا بأس في الكذب، طالما لا ينكشف الشخص الكاذب.

ويدل على ذلك من خلال نتيجة أظهرها البحث تتمثل في أن قليل من الناس ممن ووجهوا بأكاذيبهم أبدوا الكثير من الأسف على الإقدام على مثل هذا التصرف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/أيلول/2010 - 4/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م