متى تستيقظ الحكومات الإسلامية المتأمركة؟

كاظم فنجان الحمامي

إذا كانت أكثر من 90 % من الحكومات العربية والإسلامية ترتبط بعلاقات إستراتيجية واقتصادية ومصيرية مع إدارة البيت الأبيض, فمن غير المعقول أن تكتفي أمريكا بانتقاد سعي القس المتطرف لحرق القرآن في ذكرى الحادي عشر من أيلول (سبتمبر), وتقف موقف المتفرج على هذه المسرحية الشيطانية الاستفزازية السافرة, ولا تقيم أي وزن للكيانات الحكومية المتأسلمة ولا للكيانات العربية المتظاهرة بالإسلام, في الوقت الذي تستنفر قواها الفيدرالية والمخابراتية والإعلامية كلها لردع من يشتبه به بالتطاول على الرموز الصهيونية ولو بمجرد التلميح من بعيد.

 ومن غير المعقول أن تكثف الفضائيات العربية حملاتها الإعلامية على موضوع رجم الإيرانية (سكينة), وتشغل نفسها بالفوازير الرمضانية, وتواصل بث المسلسلات التافهة, وتتبادل التهاني والتبريكات بعيد الفطر وكأن شيئا لم يكن, بينما تمعن في تجاهل وقائع الجريمة الشنعاء التي ستهتز لها أركان الكون, وتتغافل عن حملات التعصب الديني اليميني الأمريكي تجاه الإسلام والمسلمين, وتغض النظر عن أهدافها ونتائجها وتداعياتها, في الوقت الذي تعلن فيه نساء أمريكيات مسيحيات عن نيتهن لارتداء الحجاب والتظاهر العلني في شوارع كاليفورنيا احتجاجا على حملة حرق القرآن.

أليست إدارة البيت الأبيض مسئولة مسئولية كاملة عن جرائم هذا القس المختل عقليا, أليس من واجبها الأخلاقي والإنساني والعرفي والسياسي أن تردعه وتمنعه من ارتكاب جريمته النكراء, التي دأب على ارتكابها من دون وازع ولا رادع ؟, ألا يفترض أن تحرص أمريكا على احترام حرية الأديان والمعتقدات ؟, ألا يفترض بها أن تكون سباقة لإخماد نيران الفتن الطائفية والعنصرية ؟

 ثم متى تخجل الحكومات العربية والإسلامية الخاضعة للإرادة الأمريكية, أو المتورطة معها, أو المنساقة وراءها, أو المحتمية بها, متى تخجل من نفسها وتمارس بعض الضغط على البيت الأبيض, ولا تكتفي بالتنديد والشجب والاستنكار.

ومما يثير الغضب ويبعث على الانزعاج أن الدول العربية لم يصدر منها أي بيان رسمي بشأن الحملة المعادية للإسلام, على الرغم من الجدل العالمي الدائر حول الحملة, خاصة مع اقتراب تنفيذها مع عيد الفطر, في حين بادرت معظم البلدان الأوربية وفي مقدمتها الفاتيكان إلى إصدار بيانات صريحة عبرت فيها عن رفضها المطلق لهذه الحماقات المتكررة التي ارتكبها هذا القس المتطرف, ووقفت الكنيسة القبطية في مصر موقفا مشرفا, وتبنت حملة مضادة لحملة كنيسة فلوريدا, وطالبت الكنائس المصرية كافة بالتصدي لهذا القس الضال, الذي خرج على تعاليم السيد المسيح عليه السلام, ووصفته الكنائس العراقية بالعاق والمنحرف والمختل عقليا, ونعتته بالمتمرد على الإنجيل, بينما راحت حكومة ولاية فلوريدا تعد العدة لتأمين الحماية المسلحة للكنيسة التي سترتكب هذه الفعلة الخسيسة, فهل سيقف أصدقاء أمريكا وحلفاؤها موقف المتخاذل المتنكر لدينه ومعتقداته ؟, وهل ستمضي القوى الاستعلائية الضالة بتنفيذ خططها الرامية إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين بهذه الأساليب الشيطانية المنحرفة الوقحة ؟.

ولتعلم أمريكا ومجانينها وزبانيتها أن القرآن باق أبد الدهر, وانه المعين السماوي الذي لا ينضب, قال تعالى: إنّا نحْنُ نزّلنا الذكر وإنّا لهُ لحافظون, فالله سبحانه هو الذي نزل القرآن, وتكفّل بحفظه من أن يزاد عليه أو يحصل فيه تغيير أو تبديل, وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/أيلول/2010 - 4/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م