ما أسوأ حال المسلمين. بالأمس رسوم مسيئة للرسول محمد (ص) واليوم
إحراق القرآن الكريم وغدا ً لا ندري ما يكون من إهانة واعتداء. الكل
أدان وندد وشجب في حين أن الإرهابي المدعي للمسيحية ماض ٍ في عمله
الشيطاني القبيح. ولا يخاف هذا وذاك ممن يعتدون على المسلمين من عواقب
ما يقومون به ذلك أن ردة الفعل لن تتجاوز عدة مظاهرات غاضبة وإحراق
أعلام وصور ثم تخبو جذوة المسلمين بانتظار إهانة أخرى توقظهم من سباتهم
الطويل.
جميعنا يعلم أن من يحرق القرآن الكريم يهين موسى وعيسى وجميع
الشرائع والقوانين الإنسانية. جميعنا يعرف أن القرآن كتاب يدعو إلى
السلام والحب والدفاع عن الحريات. كلنا قرأ عن مساهمات القرآن في
العلوم والحضارة الإنسانية على اختلاف نظرياتها. لكن هل يعرف غير
المسلمين ما يحمله القرآن بين دفتيه؟ ألم يكتب سلمان رشدي سابقا ً
كتابه المشؤوم آيات شيطانية وقرأه الملايين حول العالم بل وتم تكريمه
من قبل مؤسسات وشخصيات عالمية؟ ماذا فعل المسلمون آنذاك غير ظاهرتهم
الصوتية المعروفة والمعهودة؟
هل تم إطلاع العالم الغربي على فحوى القرآن الحضارية ورسالته
الإنسانية ؟ أين هي تلك الأموال العربية التي تصرف على دور الأزياء
والسيارات الفارهة لتوصل رسالة القرآن إلى العالم بلغة مفهومة ومبسطة؟
أين هم سياسيونا وزعماؤنا مما يجري ؟ أين هم من يصدر الفتاوى بتكفير
المسلمين من انتهاك حرمة الإسلام؟ ألا يستحق القرآن عقد قمة إسلامية
كبرى تناقش سبل ردع من هب ودب عن التعرض لكتاب الله عزّ وجلّ؟!
إن ما يجري من حولنا إن استمر دون وقفة جادة لن ينتهي إلا بعمل أكبر
من كل ما مررنا به في السابق. الا تحفر إسرائيل حاليا ً خنادق وأنفاق
أسفل المسجد الأقصى تهدد قواعده وأساساته بالانهيار بحجة البحث عن آثار
الهيكل المزعوم. إن من يحرق القرآن اليوم يدرك تماما ً حقيقة الوضع
المهترىء الذي وصل إليه مسلمو هذه الأيام أكثر من المسلمين أنفسهم.
فالأمة التي ترتضي أن تنتهك كرامة الإنسان فيها وتنتشر فيها الأمية
والجهل وتسود فيها شريعة الغاب وتترحم على جلاديها وتنسى شرفاءها
ومثقفيها وتغص سجونها بكرام الناس ، هذه الأمة لا يقام لها وزن ولا
تحترمها الأمم.
يقال بأن فاقد الشيء لا يعطيه وأمة هجرت قرآنها هي كمثل الحمار يحمل
أسفارا ً بل وأضل من ذلكً. ألم يقل رسول الله (ص) في كتاب الله الحكيم:
(وقال الرسول يا ربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ً) (الفرقان-30
). فمن المسؤول بعد هذا كلّه عن إحراق القرآن الكريم؟.
Sadekalrikaby@gmail.com |