شبكة النبأ: مع بداية العام الدراسي
الجديد، لابد أن تكون المؤسسة التربوية قد أخذت دروسا مهمة من حالات
الإخفاق الكثيرة التي مرت بها في السنوات الماضية، ولابد لهذه المؤسسة
أن تجعل من تلك الاخطاء دريئة لعدم الهبوط بالمستوى التعليمي الى
مستويات أدنى، فليس العيب يكمن بالوقوع في الخطأ كما هو متفق عليه ولكن
العيب يكمن في عدم الاستفادة من الخطأ ومعالجته بصورة علمية ومحاولة
عدم تكراره او الوقوع به ثانية.
وعبر السنوات الماضية لاحظ المراقبون والمواطنون ايضا، ترديا
متواصلا في قطاع التعليم الابتدائي بسبب الفوضي التي يعاني منها وتشتت
القرار التعليمي فيما يخص ادارة العملية التعليمية كبناء المدارس او
توزيع الملاكات التدريسية وما شابه من المشاكل المتعددة التي أخذت تضغط
باتجاه تراجع التعليم الابتدائي خاصة.
وثمة مشكلات كثيرة تنطوي على الخطورة في مجال تردي التعليم ومنها
قلة البنايات المدرسية بشكل كبير مما قاد في السابق مؤسسة التربية الى
دمج مدارس عدة في بناية واحدة، فهناك مدارس تتقاسم بناية واحدة ساعات
النهار (القصير) مع الزخم الهائل في زيادة الطلبة المبتدئين، وهنا
نستطيع أن نستخلص النتائج التعليمية السيئة لتلك هذه الظاهرة المؤسفة
التي ينبغي عدم تكرارها في العام الجديد.
إن تعدد المدارس في بناية واحدة سيؤدي الى قلة ساعات التعليم
المخصصة لها، وبدلا من أن تكون اربع او خمس ساعات ستتقلص الي ثلاث او
أقل وهذا يعني قلة مدة الحصة وصعوبة توصيل المادة خاصة اذا عرفنا ان
الصف الواحد قد يشتمل علي اكثر من ستين طالبا مبتدئا، وهذا يعني
بالنتيجة رسوب عدد كبير من الطلاب الصغار في صفوفهم الابتدائية للاسباب
الواردة آنفا، أو لجوء معلميهم الى إلحاقهم بصفوف أعلى من دون أن
يكونوا أهلا لذلك ما يؤدي بالنتيجة الى أمية مقنعة، أي ان الطالب قد
يصل الى الصف الخامس الابتدائي من دون ان يكون متقنا اللغة كتابة
وقراءة او الرياضيات او غيرها من المواد التدريسية، ما يدفع به الى ترك
التعليم والتسرب من الدراسة تحت ضغط عدم الفهم وضعف الاساس التعليمي.
وفي هذه الحالة أصبحت لدينا اجيال متتابعة من الاطفال الاميين الذين
يشكلون قاعدة المجتمع العراقي الجديد، ولنا أن نتصور حين يُبني المجتمع
العراقي الديمقراطي الجديد، كما يصفه المسؤولون، على أساس مكوّن من
الاطفال الجهلة الاميين الذين وصلوا الى هذه النتيجة بسبب فوضى الادارة
التعليمية من آبائهم الكبار ونعني بهم المسؤولين عن ادارة العملية
التعليمية في عموم العراق.
وهناك مثال قريب جدا عن المأساة التي يعيشها التعليم الابتدائي في
ظل تشتت القرار وتوزعه بين عدد من الوزرات والمؤسسات الرسمية مما يؤدي
الى بطء الاجراءات التي تحاول ان تحد من هذه العقبات، ومثالنا عن احدى
البنيات الموجودة في احد الاحياء حيث جمعت فيها اربع مدارس ابتدائية
تتناوب ساعات النهار لتقديم التعليم لطلابها!! ولنا أن نتوقع العواقب
الوخيمة التي سيتعرض لها طلاب هذه المدارس على سبيل المثال وليس الحصر،
لأن هذه الظاهرة تكاد تكون منتشرة كالوباء!!، وقد ذكر أكثر من طالب
وطالبة وفي اكثر من مدرسة، بأنهم يجلبون الحصران من بيوتهم ويفرشونها
في الصفوف كي يجلسوا عليها لعدم توفر الرحلات ولكثرة عدد الصف الذي يصل
الي سبعين طالبا احيانا.وحين نتساءل لماذا يحدث هذا في ظل ديمقراطية
العراق الجديد، وعودة أمواله من النفط او غيره لمواطنيه كما هو مفترض؟
فإن الجواب يبقى يدور في ملعب المسؤولين والجهات المختصة التي تتحمل
جميع النتائج السيئة بل الخطيرة التي ظهرت وبانت امام العيون والبصائر
للمواطنين ولغيرهم، كما أن مسؤولية ما تعرض وسيتعرض له الاجيال الراهنة
واللاحقة ستبقى بذمة المسؤولين الذين لا يقوموا بأدوارهم كما يجب.
ومع ذلك نعتقد بأن زمام الامور لم يزل تحت السيطرة شريطة أن تتحرك
وزارة التربية والوزارات او الدوائر الرسمية المعنية بسرعة استثنائية
لمعالجة هذا الامر، وضرورة تجنب الاخطاء التي شابت المرحلة الماضية من
عملية التدريس، فليس صعبا قط فيما لو توفرت الارادة الوطنية الصادقة أن
تتم معالجة تلك الاخطاء سواء ما يتعلق منها بالادارة او التوجيه او
المناهج وغيرها من الامور التي عملت على تعويق التعليم.
ولهذا لابد أن تكون هناك حالة عملية جديدة تواكب عملية التعليم
للعام الراهن واولها أن تتخصص لجان بدراسة ما رافق عملية التعليم من
اخطاء ووضع الحلول اللازمة لها، وأولها تجاوز حالة الزحام التي شكلت
ظاهرة في السنوات الماضية، ناهيك عن الاخفاقات الادارية الاخرى.
وكلنا نتذكر ما اعلنه المسؤولون في وزرات التربية الماضية عن برامج
تغذوية لصالح الطلبة وما رافق ذلك من احلام كثيرة راودت الطلبة الصغار
لاسيما مراحل الدراسية الابتدائية، وكلنا يتذكر ايضا اعلان الكثير من
المسؤولين بتخصيص الاموال اللازمة لمثل هذه البرامج التغذوية، بيد أن
واقع الحال اشار الى عدم تنفيذ هذه الوعود طيلة هذه السنوات، كما أنها
لن تنفذ في القريب العاجل على الرغم من رصد الاموال لها، ولا احد يعرف
أين مضت تلك الاموال.
أما الحديث عن القرطاسية فهو امر يثير الاستغراب حقا، مما يشي بحدوث
فوضى ادارية واضحة ترافها حالات فساد لا ينبغي أن تتكرر في العام
الجديد، وكلنا أمل أن يعمل جميع المعيين بالعملية التربوية على تجاوز
الاخطاء الماضية والعمل بجدية على تحسين الواقع التربوي بما يقارب
الاموال المرصودة لها لاسيما أن العراق يعد من أغنى البلدان عالميا كما
هو متفق عليه بين الجميع. |