العراق ودفته السياسية... وجهة غير معلومة ومستقبل يكتنفه الغموض

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: حسب ما هو متوقع يلقي الانسحاب الأمريكي بضلاله على واقع السياسة العراقية وأوضاعه الداخلية، سيما أن توقيته صادف فراغ سياسي يشهده العراق وتهديدات أمنية تحف به من كل جانب، حيث فاقم تأخير تشكيل الحكومة المشاكل والتحديات التي تواجهه نظام سياسي فتي قد لا يكون قادرا على حفظ مرتكزاته من الضرر والخسائر.

إلا أن اللافت في الأمر هو انحسار كبير لحجم التدخلات الإقليمية وضعف الدور الأمريكي في توجيه الدفة السياسية على الرغم من الزيارات المتكررة لمسئولي البيت الأبيض الى العراق خلال الفترة الأخيرة، فيما كان لفشل إيران في توحيد البيت الشيعي تحت مضلة واحدة وحسب ما تشتهيه إشارة واضحة أيضا على انحسار تأثيرها على الساسة في بغداد، بعد ان كان لها الكلمة الفصل فيما سبق حسب ما اعتبره اغلب المراقبين.

الزيارة الأخيرة

فقد رأى محللون سياسيون أن زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العراق تأتي كمحاولة ربما تكون “أخيرة” لإيجاد تحالف بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون و”تسريع” عملية تشكيل الحكومة، وذلك بالإضافة إلى السبب المعلن للزيارة وهو تفقد القوات الأمريكية في العراق.

وقال المحلل السياسي هاشم الحبوبي إن “زيارة بايدن تأتي للبحث في ثلاثة أمور، الأمر الأول هو تفقد القطعات الأمريكية المتبقية والتي يبلغ عددها خمسين ألف جندي، فقد تعود الساسة الأمريكان أن يقوموا بزيارات دورية لتلك القطعات، أما الأمر الثاني فهو التباحث مع الساسة العراقيين لحثهم على تشكيل الحكومة في وقت قريب وإنهاء حالة اللاحكومة الموجودة والتجاوز على البنود الدستورية”، لافتا إلى أن “الأمر الثالث الذي جاء بايدن من أجله هو مناقشة تصريح قائد القوات الأمريكية في العراق أوديرنو الذي أشار إلى أن الحكومة العراقية يجب أن تتشكل خلال شهرين وبدون تحقيق ذلك ستكون هناك انتخابات جديدة”.

وأضاف الحبوبي أن “زيارة بايدن هي محاولة لتسريع عملية تشكيل الحكومة ولكن لحد الآن لا يلوح أي حل في الأفق، إذ إن الوقت ما زال مبكرا باعتقادي على إيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة”، مشيرا إلى أن “الأمريكان يحاولون جمع القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون في تحالف واحد من اجل تشكيل الحكومة وهذا الشيء حتى لو حصل فإنه لا يمكن أن يضع حلا للأزمة، إذ ستكون تلك الحكومة مهلهلة”.

من جانبه ذكر الكاتب والمحلل السياسي عبد الأمير المجر أن “زيارة بايدن تأتي كمحاولة أخيرة وربما ستكون أقوى المحاولات من أجل عقد تحالف بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون لا سيما وأن التحالف الوطني بدأ ينشط ربما بتأثير من إيران”.

وبيّن المجر أن “المرحلة القادمة ستشهد وضع الدولة العراقية على قواعد وأسس جديدة ولهذا فإن الجهة التي ستشكل الحكومة ستكون لها السطوة في الحكم وستؤسس الدولة وفق رؤيتها وستترك عليها بصمتها”، لافتا إلى أن “بصمة التحالف الوطني ستكون بلا شك بصمة إسلامية أو بعيدة عن العلمانية وهو أمر لا ترتضيه أمريكا وتعده بمثابة انهيار تام لمشروعها في العراق”.

وأضاف أن “التحالف بين العراقية ودولة القانون سيكون على النقيض من التحالف الوطني وأعتقد أن بايدن سيضغط على العراقية ودولة القانون من أجل التحالف معا واعتقد كذلك أنه يمتلك مشروعا لرئيس الوزراء القادم”، منوها إلى أن “هناك ضغطا قويا من أمريكا من اجل تحالف العراقية ودولة القانون بمشاركة التحالف الكردستاني لكي يصبح العراق واقفا على أسس مدنية وليس دينية”.

وإلى ذلك أفاد المحلل السياسي عصام الفيلي بأن “الزيارة التي قام بها بايدن للعراق تحمل أكثر من دالة فهي جاءت لتفقد القوات الأمريكية بالتزامن مع موعد انسحابها من العراق كما جاءت لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين العراقيين”، مستدركا “لكن هذا التقريب بوجهات النظر لا يمكن أن تثمر نتائجه في ظل ظروف سياسية يتقاطع فيها الكل مع الكل ويتمسك فيها كل طرف سياسي برؤيته من دون تقديم التنازلات للآخر”.

وأوضح الفيلي أن “بايدن جاء بالأساس لكي يقارب بين العراقية ودولة القانون ومن اجل إيجاد حل مناسب لأزمة اختيار رئيس الوزراء”، لافتا إلى أن “المشكلة لا تكمن في منصب رئاسة الوزراء فقط وإنما في كل المناصب السيادية كما أن هناك قوائم معينة تدفع باتجاه عرقلة تشكيل الحكومة ومحاولة تدويل القضية العراقية بعد أن أدركت أنها لا يمكن أن تحصل على رئاسة الوزراء”.

وعن النتائج المتوقعة من زيارة بايدن للعراق، قال الفيلي إن “تلك الزيارة لا يمكن أن تكون لها نتائج مثمرة لأن الحل يجب أن يكون عراقيا من دون ضغوط خارجية”، مبينا أن “استمرار ازمة تشكيل الحكومة طوال هذه المدة يعكس خللا في الدستور العراقي وأعتقد أن من الضروري أن تضاف فقرة في الدستور تنص على ضرورة تشكيل الحكومة خلال شهرين وبدون ذلك الأمر تتم إعادة الانتخابات”.

بين ترحيب وخوف

في سياق متصل رحب سياسيون في محافظة البصرة بعملية انسحاب القوات القتالية الامريكية من العراق، فيما عبر مواطنون عن خشيتهم من مرحلة ما بعد الانسحاب.

وقال عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون بهاء جمال الدين إن “هذا الانسحاب هو تطبيق للاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا وتنفيذ للشروط بين الطرفين، وهو يدلل على مصداقية الجميع بالالتزام بما تم عقده بينهما”.

وأضاف جمال الدين أن “قواتنا يجب أن تكون أكثر حذرا ومسؤولية، لأن المتربصين بالعراق كثيرون، ونتمنى أن تكون قواتنا العسكرية والأمنية متيقظة وعلى مستوى التحديات”.

وذكرت وسائل إعلام أمريكية الأربعاء (18/8/2010)، أن آخر الفرق القتالية الأمريكية غادرت العراق واجتازت الحدود باتجاه الكويت، بعد حوالي سبعة أعوام ونصف العام على الاجتياح الأمريكي للعراق في آذار مارس 2003، وذلك وفقا للاتفاقية الأمنية المبرمة بين واشنطن وبغداد والتي تقضي بانسحاب آخر جندي أمريكي من العراق بحلول نهاية العام 2011.

من جهته، قال مسؤول الحزب الشيوعي في البصرة كاظم الحسني “نحن مع الانسحاب ونبارك لشعبنا، وندعو قادة البلاد والكتل السياسية الفائزة إلى أن يعلنوا بمناسبة هذه الفرحة تشكيل الحكومة، لأن هذا هو الرد الذي سيسعد شعبنا، كون انسحاب هذه القوات ليس اعتباطا بل هو ضمن الاتفاقية الأمنية بين الحكومة العراقية وأمريكا والتي تعني أن على الحكومة أن تقوم بحفظ الأمن والاستقرار بعد خروج هذه القوات”.

وأوضح الحسني أن “على السياسيين العراقيين أن يبرروا ثقة الشعب بهم والإسراع في تشكيل الحكومة، لأن الوضع الأمني في ظل عدم تشكيلها سيعني السير من السيء إلى الاسوأ وخصوصا في ظل وجود الصراعات السياسية”. بحسب اصوات العراق.

وأضاف أن “احداث الفترة الأخيرة من أعمال إرهابية هي رسائل بليغة إذا لم تؤخذ بنظر الاعتبار ستزيد الأمور تعقيدا، وتنتعش قوى الإرهاب والميليشيات والمجموعات المسلحة، فعلى السياسيين أن يلتفتوا إلى معاناة الشعب ويتناسوا خلافاتهم، ولا اعتقد أن هناك فرصة أفضل من خروج قوات الاحتلال”.

وكانت القوات الأمريكية قد انسحبت من المدن العراقية في 30/6/2009 تمهيدا لانسحاب القتالية منها بحلول آب أغسطس 2010، بحسب خطط الانسحاب من العراق، بمقتضى الاتفاقية الأمنية التي وقعت بين البلدين في 13 كانون الأول ديسمبر 2008.. وشهدت الأشهر الماضية، تسليم العديد من القواعد العسكرية إلى القوات العراقية بمقتضى الاتفاقية.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي قاسم حنون إن هذه المناسبة هي “تتويج للاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا، وأظهرت التزام أمريكا بسحب قواتها طبقا للاتفاقية ووفقا لتعهدات الديمقراطيين الذين تعهدوا بها في الانتخاب الأمريكية الاخيرة”.

وأوضح حنون أن “هذا الانسحاب يمثل مطمحا للقوى الوطنية العراقية على اختلاف توجهاتها، فهو يمثل استعادة السيادة الوطنية وصولا إلى السيادة الكاملة”.

وأضاف “أما الذي سيحدث بعد الانسحاب هو ترقب قدرة الحكومة وقدرة أجهزتها الأمنية والعسكرية وتفويت الفرصة أمام الإرهاب وأعداء العملية السياسية، خصوصا ونحن في ظل تراخي سياسي ودستوري كبيرين”.

وعبر حنون عن اعتقاده أن “أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية غير مقنع لغالبية الشعب، بسبب عدم قدرتها على صد الهجمات وبناء قاعدة معلومات عن الإرهابيين وأساليبهم، التي اظهروا فيها قدرة وبراعة خلال الضربات الأخيرة”.

وفي الشارع البصري اختلفت الآراء حول عملية انسحاب القوات الامريكية القتالية، بين من رحب بها وبين من خشي مرحلة ما بعد الانسحاب.

فقد قالت ميلاد عماد وهي طالبة جامعية وتبلغ من العمر 21 عاما إن “انسحاب القوات الأمريكية هو عيد لجميع العراقيين، وكنا ننتظر هذا اليوم منذ فترة طويلة حتى يشعر العراقيون بسيادتهم الكاملة، ونأمل أن يكون انسحاب القوات الأمريكية هو نهاية للعنف والقتل الذي ينتشر بكل مكان”.

وأضافت عماد أن الانسحاب “سيرفع الغطاء الكاذب للذين يعتقدون أنهم مقاومين للمحتل فبعد انسحاب هذه القوات سيقاومون من؟، ونأمل أن يعم الخير على جميع أطياف الشعب العراقي وأهنئهم على هذه المناسبة العظيمة، ونأمل أن تكون فاتحة خير”.

فيما قال المواطن قاسم علوان ويعمل مدرسا ويبلغ من العمر 58 عاما إن “التدخل الامريكي الخارجي أصبح لدى الإدارة الأمريكية الجديدة اشبه بمستنقع، وعليها أن تتحمل نتائج الفشل الذريع الذي قادته الرئاسات الأمريكية الثلاث بما فيها التدخل في العراق”.

وأوضح علوان أن “التدخل في العراق عبارة عن مستنقع وهذا ما فعلوه، إذ تركوا القوات العراقية الجديدة وهي ناقصة التجهيز وبدون إدارة مهنية قادرة على حفظ الأمن، فالقوات العراقية عبارة عن ميليشيات لم تندمج مع بعضها أبدا، كما أنها بدون أسلحة عسكرية كاملة ولا نعني بذلك آليات النقل والبنادق والقاذفات بل الدروع والمدفعية والطيران والبحرية”.

وخلص علوان إلى أن “انسحاب القوات الأمريكية جاء في وضع هش وبحاجة إلى تدخلات خارجية دائما وهذا يجعلنا غير فرحين وغير متفائلين بالانسحاب”.

كما قال يحيى صالح وهو يعمل مدرسا مهنيا ويبلغ من العمر 50 عاما “لا اعتقد أن الانسحاب الأمريكي إلا إعادة ترتيب قطعات، ولكن بأعداد اقل، لأنني لا اعتقد أن مهمة الأمريكيين في العراق قد انتهت”.

وأضاف صالح أن “انسحاب هذه القوات سيكون له مفعول سلبي، خصوصا بعدما اتضح من تأخرعملية تشكيل الحكومة”.

آمال اكتوبر

من حانبه يأمل رئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي أن تحرز محادثات تشكيل ائتلاف حكومي تقدما بحلول نهاية اكتوبر تشرين الاول وقال ان تشكيل الحكومة ضروري لامن العراق بعد أن أنهت الولايات المتحدة عملياتها القتالية رسميا.

وقال علاوي لرويترز ان المحادثات بين كتلة العراقية التي يتزعمها ويدعمها السنة وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي ويقوده الشيعة ما زالت في مرحلة مبكرة بعد ستة اشهر من اجراء انتخابات عامة لم تسفر عن ظهور فائز واضح.

وأذكى الاخفاق في تشكيل حكومة مخاوف من العودة الى أعمال العنف على نطاق واسع بعد ان خرج العراق من صراع طائفي بدأ بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وفي الوقت الذي تبشر صفقات مع شركات نفطية بالرخاء في المستقبل.

وقال علاوي في مقابلة تحدث فيها بالانجليزية "امل في وقت ما من اكتوبر أواخر اكتوبر أن تكون المسألة قد سويت.

"ما زلنا في مرحلة أولية. نعلم أن هناك تأخيرا لكن من المهم أن نكون في أمان وواثقين بدلا من أن نكون نادمين... الولايات المتحدة راحلة وقد بدأوا بالفعل في خفض أعدادهم ونعتقد أن هناك الكثير الذي يمكن فعله في هذه الدولة لتصبح امنة ومستقرة." يحسب رويترز.

ويعيش العراق حالة من الفراغ السياسي منذ انتخابات السابع من مارس اذار التي فازت بها كتلة العراقية بفارق مقعدين على ائتلاف دولة القانون لكن لم يفز اي منهما بالاغلبية اللازمة للحكم.

وأجرت كتلتا علاوي والمالكي مفاوضات مترددة لكنهما في الوقت نفسه تجريان اتصالات مع شركاء محتملين اخرين. وحتى الان لا تزال الفصائل السياسية الشيعية والسنية والكردية متباعدة جدا بشأن من يجب أن يتولى المناصب الرئيسية في الحكم خاصة منصب رئيس الوزراء.

وأحدثت الازمة فراغا استغله المسلحون بشن هجمات مستمرة خاصة ضد الجيش والشرطة مما زاد المخاوف بشأن قدرتهما فيما تستعد القوات الامريكية للانسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2011 .

وأنهت الولايات المتحدة عملياتها القتالية رسميا يوم الثلاثاء الماضي بعد سبع سنوات ونصف السنة من الغزو.

وسيقدم الجنود الامريكيون المتبقون في العراق وعددهم 50 الفا المشورة والمساعدة لقوات الامن العراقية بدلا من قيادة القتال ضد المتشددين الاٍسلاميين والميليشيات الشيعية.

وقال علاوي "مرت ثماني سنوات ولم نتمكن من اقرار الامن بشكل كامل. الله يعلم متى سيستطيع العراقيون أن يكونوا مسؤولين عن أمنهم وأمن الشعب العراقي."

وفتح الجنود الامريكيون النار وقدموا دعما جويا للقوات العراقية امس الاحد حين حاول ما يصل الى ستة مهاجمين انتحاريين اقتحام قاعدة للجيش في بغداد. وكان عشرات المجندين في الجيش العراقي والجنود قتلوا في هجوم اخر حين فجر انتحاري نفسه في نفس المجمع قبل ذلك بأسبوعين.

وقال علاوي ان النقطتين الرئيسيتين اللتين لم تحسما بعد في محادثات الائتلاف هي منصب رئيس الوزراء وقضية من له الحق في تشكيل الحكومة التالية.

وبدأ المالكي يجري اتصالات مع كتلة العراقية بعد أن فشل في اقناع التحالف الوطني العراقي حليفه الشيعي الرئيسي بدعم محاولته لتولي رئاسة الوزراء لولاية ثانية.

وقال علاوي انه على استعداد أن يتيح لعضو اخر بكتلة العراقية تولي منصب رئيس الوزراء لكنه أصر على أن يكون للعراقية حق تشكيل الحكومة الجديدة نظرا لفوزها ولو بفارق طفيف في الانتخابات العامة.

وكان الكثير من العراقيين يأملون أن تحقق الانتخابات مزيدا من الاستقرار للبلاد التي مزقتها الحرب وتعاني من وضع اقتصادي سيء نتيجة العقوبات والاهمال والعزلة.

لكن الازمة السياسية دفعت الكثير من المستثمرين الاجانب الى الانتظار على الهامش. وتتحرك الصفقات التي وقعت مع كبريات شركات النفط ببطء.

وقال علاوي ان من المهم تقسيم السلطة بين جميع الكتل السياسية في ديمقراطية العراق الجديدة.

وأضاف "لاننا في مرحلة انتقالية نحتاج الى تقسيم السلطة ونحتاج الى أن نقول انه لن يتم حرمان أحد من حقه الشرعي وانه لن يكون أحد شريكا صغيرا والاخر شريكا كبيرا."

ومضى يقول "للاسف بعض زملائنا في الوسط السياسي يعتقدون أن عرض مقعد او اثنين عليك في الحكومة كاف وأن هذا يعتبر وكأنك جزء لا يتجزأ من العملية السياسية. ونحن لا نرى هذا.

آلاف الجنود بعد 2011

الى ذلك قال خبراء وضباط سابقون ان الولايات المتحدة ستبقي على الارجح في العراق بعد 2011 آلاف الجنود تحسبا لحدوث توتر طائفي ومن اجل تعزيز القدرات العسكرية لبغداد.

ويؤكد المسؤولون الاميركيون في جلساتهم الخاصة ان الوجود العسكري الاميركي في العراق سيمدد بالتأكيد مع ان الاتفاقية الامنية بين واشنطن وبغداد تقضي بانسحاب كل القوات الاميركية بحلول نهاية 2011.

وقال محللون ان الوجود العسكري الاميركي ضروري ليس فقط لمهمات تقنية لمساعدة القوات المسلحة العراقية بل لطمأنة العراقيين الذين يخشون عودة العنف الطائفي والقومي.

وما زال الجيش العراقي يعتمد الى حد كبير على الدعم اللوجستي والقوة الجوية والمعدات والخبرات الاميركية، بينما يريد معظم سياسيي بغداد بقاء قوة اميركية لحفظ السلام كاجراء احتياطي.

وقال ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية ان "اهم متطلبات المهمة هي انه اكثر من تدريب القوات على استخدام السلاح، طمأنة المجموعات الداخلية المهددة بان (هذا السلاح) لن يتم استخدامه ضدها".

واضاف بيدل ان "ما يحاولون القيام به هو جعل حجم القوات الموجودة متناسب مع الخوف الكامن الذي تشعر به المجموعات حيال بعضها البعض".

واكد ضباط سابقون ان تقديم دعم تقني وفي الوقت نفسه لعب دور حفظ السلام سيتطلب قوة صغيرة نسبيا ربما ثلاثة الوية اي حوالى عشرة آلاف جندي.

وقال جون بالارد وهو استاذ في جامعة الدفاع الوطني وضابط متقاعد "اعتقد ان العدد يمكن ان يكون اقل من عشرة آلاف ويبقى الامر قابلا للاستمرار". بحسب وكالة فرانس برس.

وينتشر خمسون الف جندي في العراق حاليا للقيام "بدور تدريبي واستشاري" بعد اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء انتهاء المهمة القتالية للقوات الاميركية في العراق رسميا.

ونفى البيت الابيض الذي يريد تقليص الدور الاميركي في العراق، امكانية ابقاء قوة كبيرة. وقال انتوني بليكن مستشار نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن للامن القومي ان "عشرات وربما مئات" من الجنود قد يبقون.

وكان رئيس اركان الجيش العراقي بابكر زيباري صرح الشهر الماضي ان القوات العراقية لن تكون قادرة تماما على تولي الملف الامني قبل 2020 وستكون بحاجة للدعم الاميركي حتى ذلك الحين.

ودعا محللون في واشنطن الى الابقاء على نصف القوات المنتشرة في العراق حاليا بعد 2011.

وكتب ريتشارد هاس احد كبار الدبلوماسيين في عهد جورج بوش الثلاثاء ان القادة العراقيين "سيطلبون على ما يبدو بقاء عشرات الآلاف من الجنود لفترة اطول".

وبعد 2011 يحتاج العراق الى القوات الاميركية للحصول على دعم لوجستي لجيش هدفه الاساسي مكافحة التمرد.

وستؤمن الولايات المتحدة قوة نارية ومروحيات وطائرات للدفاع عن بلد لا يملك قوة جوية او بحرية او وسائل دفاع عن المرافىء ويأمل في الحصول على معلومات تجمعها طائرات بدون طيار.

وستشمل هذه المهمة على ما يبدو قوات تساعد العراقيين في مطاردة قادة تنظيم القاعدة، على حد قول جيمس دانلي من معهد دراسات الحرب الذي كان ضابطا في الجيش الاميركي في العراق.

واضاف دانلي ومحللون آخرون انه بمعزل عن الدعم العملاني والتكتيكي، سيكون على القوات الاميركية ان تكون مستعدة لاسوأ السيناريوهات.

واضاف انه يفترض ان بغداد ستكون قادرة على طلب المساعدة من القوات الاميركية اذا خرج الوضع بين السنة والشيعة والاكراد عن سيطرتها او اذا تعرضت المواقع النفطية الحيوية والبنى التحتية لتهديد من داخل العراق او خارجه.

والى جانب الجنود، تنوي السلطات الاميركية استخدام الآلاف من المتعاقدين لتولي المهام الامنية التي كانت تقوم بها القوات الاميركية رسميا.

ويفترض ان تنتظر اي محادثات عن الوجود الاميركي المقبل في العراق الحكومة الجديدة في هذا البلد الذي لم يتمكن سياسيوه من التفاهم على تشكيلها منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في آذار/مارس.

وسيشكل التوصل الى اتفاق حول مهمة الاميركيين بعد 2011 تحديا للعراق الذي يؤيد قادته في جلساتهم الخاصة استمرار الوجود الاميركي لكنهم يمتنعون عن الاقرار بذلك علنا.

وقال بالارد "سيكون الامر صعبا جدا على اي حكومة التفاوض بشأن اي نقاط حول حجم القوات او مدة وجودهم"، مؤكدا ان "هذا يجعلنا في وضع صعب".

واشار الى ان الاتفاق الامني الحالي الذي وقع في 2008 تم التفاوض بشأنه بسرية ويجب الاتفاق على مواصلة المهمة بتكتم وربما بدون اتفاق مفصل وطويل الامد. وتابع "هناك ضرورة لذلك لكن وضعه بطريقة رسمية سيكون صعبا".

وكانت آخر كتيبة مقاتلة اميركية انسحبت من العراق متوجهة الى الكويت المجاورة في 19 آب/اغسطس. واعلن الجيش الاميركي ان عدد جنوده في العراق اصبح اقل من خمسين الفا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/أيلول/2010 - 27/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م