يقال بأن شهر رمضان الكريم شهر الخير والعطاء وأن الشياطين تكون
مصفدة بالأصفاد والقيود. لكن يبدوأن الحال مختلف في العراق. فشياطين
البشر تصول وتجول وآخر أفعالها سرقة أجهزة حاسوب بقيمة مليوني دولار
كانت مهداة إلى أطفال المدارس في العراق. ويقول الخبر بأن الجيش
الأمريكي يجري تحقيقا ً عن قيام مسؤول عراقي رفيع المستوى بهذه العملية
الدنيئة والتي جرت في السادس عشر من شهر آب لهذا العام 2010 حيث قام
ببيع هذه الأجهزة بمبلغ يقارب الخمسين ألف دولار أمريكي.
وأعتقد أن هذا المسؤول (الحرامي) نظر إلى المسألة من منظار آخر.
فهذه الحاسبات المهداة إلى أطفال العراق لن يتم العمل بها والاستفادة
من تكنولوجيتها الحديثة. فلا كهرباء كافية لتشغيلها ولا مدارس كافية
لتوضع فيها ولا طواقم تدريسية مؤهلة لتعلم الأطفال عليها. إذا ً فلماذا
تبقى هذه الأجهزة مركومة على رصيف ميناء أم قصر شاغلة حيزا ً كبيرا ً
من المكان الذي كان يمكن أن تشغله شحنة من الطحين الملوث أوالحليب
الفاسد وغيرها من الأغذية التالفة التي يحتاجها الشعب العراقي؟.
لماذا يساء الظن بمسؤول (حرامي) كهذا همّه راحة المواطن وتوفير
أموال الدولة والحفاظ على تقاليد وعادات الشعب العراقي من تلك الملوثات
الغربية التي تستهدف أدمغة الأطفال وتهدد مستقبلهم؟.
لقد كان لهذا المسؤول (الحرامي) كغيره من المسؤولين (الحرامية) نظرة
مستقبلية ثاقبة. فماذا يفيد هؤلاء الأطفال كل هذا التكالب على التعليم
وقوافل العاطلين عن العمل تملأ الدوائر والمؤسسات والأحزاب للحصول على
فرصة عمل أورسالة تأييد تعود عليهم بدنانير معدودة؟. أليس حريا ً
ومفيدا ً لهؤلاء الأطفال أن يتوجهوا إلى سوق الشوارع بحثا ً عن لقمة
العيش في هذه المرحلة المبكرة بدلا ً من تضييع أوقاتهم بين دفات الكتب
وصفحات الدفاتر؟.
فما أرق قلب هذا المسؤول (الحرامي) وأعظم مشاعره الإنسانية التي
حملت همّ أطفال العراق أكثر من غيرهم. وما أعظم هذا العمل الذي قام به
في هذا الشهر الشريف الذي سوف يجازى عليه بعشرة أضعافه.
ويستغرب البعض عدم ذكر اسم هذا المسؤول (الحرامي) في الصحافة حتى
يتم تخليده كما خلّد اسم غيره من (الحرامية). لكن يبدو أن هذا الأمر
غير مهم بالنسبة للشعب العراقي ككل. ولنا في قصة (علي بابا والأربعين
حرامي) خير دليل على ذلك. فالمشهور كان دوما ً زعيم العصابة في حين
أننا لم نعرف يوما ً اسم الأربعين حرامي الذين كانوا معه ولم نسال
عنهم...! فلماذا تريدون معرفة اسم حرامي (الحاسبات)؟
Sadekalrikaby@gmail.com |