حرب الإنسان على الغابات... تقرع ناقوس الخطر

احمد عقيل

 

شبكة النبأ: تمتص الغابات كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون يصل حوالي 48 مليون طن، وتطرح بدل ذلك غاز الأوكسجين، والأخير يعتمد عليه الإنسان وبشكل ضروري ولا يستغنى عنه في عمليات التنفس، فعليه لابد ان يعتني العالم بهذه الأشجار لأنها تمثل سر الحياة واستمرارها، وخسارتها سيؤدي بنا الى التهلكة بسبب ما سيحدث من نقص في الأوكسجين، وتشير الدراسات ان هناك جهل ينتشر في دول العالم، حيث يقوم البعض بقطع مساحات واسعة من الغابات غير مدركين الى ما سيؤدي إليه ذلك من إضرار في البيئة، فأدى قطع بعض الأشجار في الأمازون الى زيادة البعوض الذي يسبب مرض الملاريا، كذلك يستغل بعض مالكي الغابات سلطة الامتلاك في قطع الاشجار وبيعها، مما يقلل من ذلك الحماية التي توفرها للمناخ، ويرجح البعض الاخر النقص الحاصل في الغابات الى اسباب طبيعية مثل الحرائق، وتتزايد المخاوف من استمرار هذه الحالة لانها ستزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي الى خسائر لاتعوض في الطبيعة وفي الارواح .

انحسار مساحة الغابات

تقلصت مساحة الغابات في العالم بنسبة 3,1% بين عامي 2000 و2005، وكانت الاكثرها تضررا غابات نصف الكرة الشمالي التي منيت وحدها بثلث هذه الخسارة تليها الغابات الاستوائية الرطبة وفقا لدراسة نشرت واستندت الى ملاحظات الاقمار الصناعية.

واوضحت الدراسة ان هذه الخسارة في مساحة الغابات ترجع لاسباب طبيعية مثل الحرائق التي تشتعل بفعل الصواعق وايضا بسبب النشاط البشري. واوضح واضعو هذه الدراسة التي نشرت في وقائع الاكاديمية الوطنية الاميركية للعلوم ان التقديرات المحددة لمساحة الغابات وخسائر الغطاء الاخضر ضرورية لحساب انبعاثات ثاني اكسيد الكربون، احد الغازات الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري، ولوضع نماذج مناخية. واجمالا بلغت هذه الخسارة مليونا و11 الف كلم مربع من 2000 الى 2005 اي بمعدل 0,6% سنويا. وكانت مساحة الغابات في العالم 32 مليونا و688 الف كلم مربع في بداية الدراسة. بحسب وكالة فرانس برس .

وغابات المناطق الباردة التي تقع حول القطب الشمالي وتشكل 26,7% من مساحة الغابات في العالم، ثاني اكبر منطقة، كانت الاكثر تضررا في فترة السنوات الخمس هذه حيث فقدت 4% من مساحتها، ثلثا هذه الخسارة نجمت عن حرائق بفعل الطبيعة كما اوضح هؤلاء الباحثون في جامعتي داكوتا الجنوبية (شمال) ونيويورك (شمال شرق).

اما الغابات الاستوائية الرطبة، التي تغطي 11,5 مليون كلم مربع وتشكل اكبر مساحة خضراء على سطح الارض، فقد فقدت 2,4% من مساحتها اي 27% من اجمالي الخسارة العالمية. كما انحسرت الغابات الاستوائية في المناطق الجافة التي تبلغ مساحتها 7,13 مليون كلم مربع اي 21,8% من مساحة الغابات في العالم بنسبة 2,9% من 2000 الى 2005 ما يشكل 20,2% من الخسارة الكلية. واخيرا فان غابات المناطق المعتدلة (5,2 مليون كلم مربع) او 16,1% من اجمالي غابات عام 2000 فقد فقدت 3,5% من مساحتها اي 18,2% من اجمالي الخسارة العالمية في هذه الفترة.

زيادة الملاريا

في حين قال باحثون امريكيون ان ازالة غابات في الامازون يساعد على زيادة البعوض وقد يؤدي الى ارتفاع معدلات الاصابة بالملاريا. ووجد الباحثون زيادة حالات الاصابة بالملاريا في مقاطعة بالبرازيل بنسبة 48 بالمئة بعد ازالة 4.2 بالمئة من غطائها الشجري. وتوضح النتائج التي توصلوا اليها ونشرت في دورية الامراض المعدية الناشئة Emerging Infectious Diseases وجود صلات بين قطع الاشجار وزيادة عدد البعوض والعدوى بين البشر. وقالت سارة اولسون من جامعة ويسكونسن والتي عملت على الدراسة "يبدو ان قطع الاشجار احد العوامل الاولية البيئية التي يمكن ان تطلق وباء الملاريا." ويخشى الخبراء بالفعل من ان تدمير غابات الامازون بالبرازيل قد يساعد في تحفيز التغير المناخي. والحرائق الكبرى التي يضرمها المزارعون لتمهيد الارض للزراعة هي السبب الرئيسي لازالة الغابات. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقدر فريق في وقت سابق من الشهر الجاري ان 19 الف كيلومتر مربع من الغابات تفقد سنويا في البرازيل منذ عام 1998 حتى عام 2007. وقال الباحثون ان الدراسة الجديدة توضح العواقب الصحية المباشرة. وذكرت منظمة الصحة العالمية ان الملاريا التي تنتج عن طفيل ينقله البعوض تقتل حوالي 860 الف شخص سنويا على مستوى العالم. وتوجد حوالي 500 الف حالة اصابة بالملاريا سنويا في البرازيل.

استئجار الغابات

بينما تسيطر صور الأشجار العملاقة المتهاوية في المناطق المدارية على النقاشات الدائرة حول حماية الغابات، لكن الغابات الواقعة في المناطق المعتدلة والباردة تلعب أيضاً دوراً رئيسياً في مقاومة ظاهرة التغير المناخي.

وبينما تعمل الرافعة على نقل جذوع الأشجار الضخمة، الواحدة تلو الأخرى دون صعوبة تذكر. وعلى مدى ساعات، تتواصل عملية شحن جذوع الأشجار فوق بقعة جرداء في وادي بيكين في أقصى الشرق الروسي حيث تبلغ درجة الحرارة ثلاثين درجة مئوية تحت الصفر. ويقوم يوغيني لبيوشكين، خبير الغابات في صندوق حماية الحياة البرية (WWF)، بتصوير المشاهد المتتابعة أثناء عملية إخلاء المنطقة من بقايا الأخشاب، فما يحدث في ذلك المكان يبعث -على غير العادة- الفرح في نفسه. فاتخاذ القرار وتحديد ما ينبغي القيام في هذه المنطقة الشاسعة التي تبلغ مساحتها 460 ألف هكتار، أصبح مسؤولية السكان الأصليين وصندوق حماية الحياة البرية (WWF)، منذ قيامهم باستئجار تلك الغابة المهددة بالقطع الجائر، من الدولة الروسية لمدة 49 عاما. ويصف ليبوشكين هذه الغابة الشمالية الباردة قائلاً:"تلعب الأدغال هنا دوراً هاماً في حماية البيئة، وإذا وضعنا في الاعتبار فقط المنطقة التي قمنا باستئجارها، فإن الأشجار فيها تمتص كمية من غاز ثاني أكسيد الكربون تصل إلى 48 مليون طناً". وتدعم الحكومة الألمانية وفرع صندوق حماية الحياة البرية الألماني هذا المشروع بمبلغ 2.5 مليون يورو على مدى ثلاثة أعوام، وذلك في إطار المبادرة العالمية لحماية البيئة. وبعد انقضاء هذه الفترة الزمنية، من المخطط أن يتم توفير الدعم للمشروع عبر بيع شهادات انخفاض الانبعاث الكربوني.

دور هام

وهناك قسما كبيرا من غابات وادي بيكين تعد جزءاً مما يطلق عليه "الغابات الشمالية الباردة"، والمعروفة أيضاً بـ"الغابات المخروطية" نظراً لكونها مغطاة بأوراق إبرية دائمة الخضرة، مثل أشجار الصنوبر والشربين والبتولا. والغابات الشمالية الباردة تمثل أكثر من ثلث مساحة الغابات في العالم، وتشكل حزاماً أخضراً يمتد شمال خط الاستواء بين خطي العرض  40 و70. وتقع 60 بالمائة من هذه الغابات في روسيا، لكن طبقا لتقديرات المنظمة الروسية غير الحكومية "نادي الغابات الروسي"، المعنية بحماية الغابات، فإن المساحة التي تتمتع بالحماية الكافية لا تتجاوز ثلاثة في المائة من مجمل مساحة هذه الغابات في روسيا. هذا الوضع دفع "شبكة حماية الغابات الشمالية الباردة" إلى تقديم الدعم لمنظمات حماية البيئة الروسية بشكل خاص وللشعوب الأصلية في جهودهم لمكافحة القطع الجائر لتلك الغابات. وكما جاء تقرير حديث للشبكة، فإن "منطقة الغابات الشمالية الباردة تمثل منطقة هامة من الناحية البيئية، ونظرا إلى حساسية تلك الغابات وكبر مساحتها  فيمكن لها أن تؤثر على المناخ بشكل كبير."

قنبلة موقوتة

ولكن غابات الصنوبر في كندا والدول الاسكندينافية أيضا مهددة بأخطار القطع الجائر والاستغلال المتزايد لتلك الغابات. وتنشط منظمة غرين بيس  "Greenpeace" منذ سنوات في شمال كندا وفنلندا لوقف أو للحد على الأقل من القطع الجائر للغابات. وقد زادت هذه الظاهرة بشكل حاد في هذين البلدين نسبة للحاجة المتزايدة للأخشاب في قطاع صناعة الورق.  ولا تعتبر حماية غابات الصنوبر ضرورية نظرا إلى قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل كذلك إلى القدرة العالية التي تتمتع بها هذه الأشجار في مقاومة التبعات الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض. وبحسب نتائج دراسة أجراها علماء كنديون بتكليف من منظمة غرين بيس " Greenpeace" فإن القطع الجائر يستهدف الأشجار القوية في تلك الغابات بوجه خاص. ويأتي على رأس المشاكل أيضا ذوبان الأرضية الجليدية حيث تنمو معظم الغابات الشوكية، إذ إن هناك تلك الأرضية المتجمدة تخزن في باطنها كميات كبيرة من الغازات الدفيئة، ويؤدي ذوبانها إلى تصاعد الغازات الضارة وعلى رأسها غاز الميثان إلى الجو. ويمكن الحيلولة دون ذلك كما يرى أوليفر سالغا خبير الغابات في منظمة غرين بيس،  بالحفاظ على الغابات وحمايتها، وعلى العكس من ذلك فإن تدميرها يكون "بمثابة قنبلة زمنية موقوتة لما لذلك من أثر بالغ الضرر على صحة المناخ." بحسب الخبير الألماني.

"الغابات الاستوائية ليست وحدها المتضررة" عندما يدور النقاش حول حماية الغابات، لا تعطى الغابات في المناطق الباردة اعتبارا كبيرا، ويرجع فرانك مورشل منسق شؤون الغابات في صندوق حماية الحياة البرية السبب إلى "وجود فجوة في تصور الوعي العام لهذا الموضوع". ويضيف مورشل الذي يتولى من الجانب الألماني الإشراف على مشروع وادي بيكين شرقي روسيا قوله، بأن الغابات الاستوائية وحمايتها تمثل موضوعا جذابا وغير مألوف للكثيرين، "فالمشاهد التي تصور الأشجار العملاقة وهي تهوي إلى الأرض كما تعرض في شاشات التلفزيون، مأساوية إلى حد بعيد." وهو يلفت النظر إلى عدم تجاهل التطورات السلبية في الغابات الصنوبرية لأنها لا تقل سوءا عن مثيلها في الغابات الاستوائية.

لكن لحسن الحظ هناك فسحة كبيرة من الزمن، أي خمسون عاما تقريبا، أمام الناشطين في مجال البيئة للعمل على حماية الغابات في وادي بيكين على الأقل. ويأمل هؤلاء أن تضم روسيا تلك المنطقة إلى المحميات الطبيعية في البلاد بعد انقضاء تلك المدة، لتخضع للحماية بشكل رسمي. ويمكن لوجود فصيلة النمور النادرة المهددة بالانقراض Amur-Tigers في تلك المنطقة ولشهرة سكانها الأصليين، أن تمثل عوامل تسرع من ضمها للمحميات الطبيعية. وسيجتمع في فالديفوستوك الروسية خريف هذا العام 2010 السياسيون من مختلف البلاد التي توجد فيها نمور من فصيلة Amur-Tigers. وإذا ما وضع رئيس الوزراء الروسي حماية منطقة وادي بيكين على رأس أولوياته، فإن النمور النادرة لن تكون المستفيد الوحيد من ذلك، إذ إن ذلك سيكون له فوائد أخرى تمس المناخ العالمي.

تكذيّب مخاوف المناخ

وفي حلقة جديدة من سلسلة من التشكيك بتقرير "اللجنة الدولية الحكومية عن التغيّر في المناخ" الذي حسم بشأن العلاقة بين إضطرابات البيئة والتلوث بعوادم الوقود الاحفوري، تبيّن ان تقدير تلك اللجنة عن أثر موجة الجفاف في 2005، لا تدعمه الوقائع. والمعلوم ان هذا التقرير أكّد أن غابات الأمازون تأثّرت بشدّة بموجة الجفاف التي سادت أميركا الجنوبية في 2005، ولم تتأثر غابات الأمازون لا سلبياً ولا إيجابياً بأثر من ذلك الجفاف. وأكّد تقرير علمي صدر أخيراً من جامعة بوسطن أن متابعة حال تلك الغابات في السنوات التي اعقبت موجة جفاف العام 2005، لم يظهر فارقاً في حالها عن السنوات التي سبقته. وشدّد أريندام سامانتا، الذي ترأس اللجنة العلمية التي توّلت الدراسة، أن الوقائع تثبت بأن غابات الأمازون أكثر تأقلماً مع تغيّرات المناخ، مما اعتقده العلماء سابقاً. واستندت هذه الدراسة الى معلومات تراكمت خلال عشر سنوات، وجمعتها الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالتي "ناسا" للفضاء و"ناووا" المتخصصة في شؤون الغلاف الجوي والمحيطات. وبيّنت تلك المعلومات الواسعة ان حيوية غابات الأمازون ونضارتها، لم تتأثرا بأي متغيّر في المناخ خلال السنوات العشر الأخيرة. والمعلوم ان وكالتي "ناسا" و"ناووا" تتشاركان مبادرة واسعة لرقابة هواء الأرض وماءها ونباتاتها، تتضمن إرسال مجموعة من الأقمار الاصطناعية المتخصصة في رصد المناخ، وتُعرف باسم "مجموعة موديس" MODIS. ونُشرت دراسة علماء جامعة بوسطن في مجلة "رسائل الجيوفيزياء" المتخصصة ببحوث الجيولوجيا.

وأشارت الدراسة الى ان معلوماتها تدحض زعم "اللجنة الحكومية الدولية عن التغيّر في المناخ" بأن غابات الأمازون تمكّنت من الاستمرار في الحياة، بعد جفاف العام 2005، بفضل زيادة أشعة الشمس بسبب سماء خالية من الغيوم رافقت ذلك الجفاف. وكذلك دحض علماء بوسطن مقولة شهيرة لتلك اللجنة عينها، مفادها ان أدنى انخفاض في منسوب الأمطار قد يقود الى ذواء 40 في المئة من غابات الأمازون, وتحوّلها الى سهوب سافانا واسعة، على نمط صحراء أفريقيا. وأكّدوا ان الوقائع التي ارسلتها الاقمار الاصطناعية على مدار عشر سنوات، تؤكد قوة التنوّع البيولوجي في تلك الغابات، وكذلك قدرتها على الصمود في وجه تقلّبات مناخية واسعة. وكذلك انتقد علماء جامعة بوسطن تقريراً صدر عن "الصندوق العالمي للحياة البريّة"، استندت إليه "اللجنة الحكومية الدولية عن التغيّر في المناخ"، ووصفته بأنه مملوء بالمعلومات المغلوطة، وأنه لا يستند الى وقائع مُدقّقة.

الغابة الفرنسية

من جانب اخر فأن إقناع الفرنسيين بضرورة وضع حد لمجانية الخدمات التي تقدمها لهم الغابة شرط أساسي من شروط استغلال هذه الثروة الطبيعية استغلالا رشيدا.

في فرنسا تغطي الغابات قرابة خمسة عشر مليون وسبع مائة ألف هكتار أي ما يعادل ثلث مساحة البلاد. ويفتخر الفرنسيون بأنهم يحتلون المرتبة الثالثة بعد السويديين والفنلنديين في ما يتعلق بالمساحات التي لديهم والتي تكسوها أشجار الغابات في القارة الأوروبية. ولكنهم يكتشفون يوما بعد آخر أن المشاكل الكثيرة التي تعاني منها الغابات الفرنسية من شأنها أن تفقدهم هذه المكانة بسرعة .  من هذه المشاكل أن ثلاثة أرباع مساحات الغابات الفرنسية تابعة للقطاع الخاص. وكان مالكوها قد تمكنوا طوال القرن الماضي من استغلالها بشكل جيد. بيد أن إمكاناتهم المادية المتواضعة لا تسمح لهم اليوم بالتصدي للمخاطر الكثيرة التي تواجه الغابات وفي مقدمتها الحرائق والعواصف الهوجاء. ففي كل عام تلتهم الحرائق في فصلي الصيف والخريف عشرات الآلاف من الهكتارات لاسيما في الجنوب. أما العواصف فإنها أصبحت تتلف بين الفينة والأخرى مساحات كبيرة من الغابات الواقعة بشكل خاص في جنوب البلاد الغربي. بل إن العاصفة التي اجتاحت فرنسا عام تسعة وتسعين من القرن الماضي حرمت مالكيها من استغلالها لمدة سبع سنوات. وتسبب ذلك في حصول أزمة حادة طالت سوق منتجات الغابات.

وهناك اليوم قناعة لدى الجمعيات البيئية والمنظمات المهنية التي تعنى بالغابات الفرنسية بأن تسجيل هذه الثروة في منظومة التنمية المستدامة يمر قبل كل شيء عبر القيام بحملة واسعة النطاق لدى المواطنين وأصحاب القرار السياسي هدفها تذكيرهم بالخدمات الكثيرة التي تقدمها الغابة للإنسان ومطالبتهم بوضع حد لطابعها المجاني. فالغابات الفرنسية تمتص كل سنة سبعين مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون. وعملية امتصاص هذا الغاز المتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري لا تتوقف بعد قطع الأشجار الهرمة. بل يظل الغاز مثبتا في الخشب الذي يصاغ منها ويسوق لاستخدامه في مجالات شتى. والغابات الفرنسية شأنها في ذلك شأن الغابات الأخرى تسهم أيضا في تنقية الهواء من الشوائب وفي تثبيت التربة وتغذيتها وفي الحفاظ على المياه الجوفية. وهي أيضا خزان للتنوع الحيوي الحيواني والنباتي. لكل ذلك تطالب الجمعيات البيئية والمنظمات المهنية التي تعنى بالغابات الفرنسية بأن يتعامل كل فرنسي مع الخدمات التي يستفيد منها بفضل الغابة كما يتعامل مع خدمات أخرى هو مضطر لدفع ثمن للاستفادة منها. وهو حال البريد والكهرباء والبنزين والهاتف.وهذا شرط أساسي من شروط تنمية الغابات في فرنسا وفي أي مكان آخر حسب قواعد التنمية المستدامة.

البيرو تخسر

وفي الوقت ذاته فأن البيرو تفقد سنويا 150 الف هكتار من الغابات الامازونية اي ما يوازي مساحة لندن وضواحيها او 15 مرة مساحة باريس بسبب اعمال قطع الأشجار والأضرار الناجمة عن نشاطات غير مشروعة على ما افادت امينة المظالم في تقرير.

قالت بياتريث مورينو امينة المظالم التي ترأس هيئة مستقلة مكلفة الدفاع عن الحقوق الدستورية ومراقبة الإدارات العامة "هذا عائد الى الضغوط الناجمة عن الزراعة التي يمارسها الرحل والتنمية غير المنظمة في هذه المنطقة والنشاطات غير الشرعية". واضافت في تقريرها ان البيرو الواقعة في جنوب القارة الاميركية تملك 68 مليون هكتار من الغابات اي اكثر من نصف اراضيها "الا ان الوضع غير مقبول بتاتا لان البيرو هي تاسع دولة في العالم على صعيد الثروة الحرجية والرابعة على صعيد التنوع الحيوي". بحسب وكالة فرانس برس .

واشارت الى "ضعف سياسات ادارة الغاباة التي تتبعها المؤسسات الحكومية" داعية الدولة الى "التدخل سريعا" لان الغابات متركزة في 91 % منها في الامازون وهي تشكل "مصدر عائدات ورمزا للهوية الثقافية للشعوب الاصلية". ورحبت في هذا الاطار بالجهود "القيمة" التي قامت بها الحكومة باحالتها "مشروع قانون حول الغابات والثروة الحيوانية الحرجية" على البرلمان داعية البرلمانيين الى "تحسين" النص من خلال اخذ مطالب السكان الاصليين بالاعتبار. ومسألة اقتلاع اشجار الغابات هي في قلب مكافحة الاحترار المناخي. فهذه المشكلة مع القضاء على 13 مليون هكتار من الغابات سنويا في العالم، مسؤولة عن 20 % من الانبعاثات العالمية للغازات المسببة لمفعول الدفيئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/أيلول/2010 - 25/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م