بريطانيا وخطر الانزلاق إلى الركود من جديد

خطط اقتصادية لنمو سريع  بعد تقشف في الميزانية

 

شبكة النبأ: تتمثل الأهداف الرئيسية التي تسعى كافة المجتمعات إلى تحقيقها استغلال الأمثل للموارد الاقتصادية بكفائة، وعادة يميز الاقتصاديون بين نوعين من الكفائة: الكفاءة الفنية (وتعني إنتاج أكبر كمية من السلع والخدمات بأقل تكلفة ممكنة) والكفاءة الاقتصادية أو التوزيعية (وتعني إنتاج السلع والخدمات بالكميات التي يريدها المجتمع).

وتعتبر المملكة المتحدة قوة رائدة في التجارة العالمية ومركز مالي أيضا، تملك اقتصاد رأسمالي، وواحدة من أكبر الاقتصاديات في العالم الغربي. خلال العقدين الماضيين تمكنت الحكومة من تخفيض العجز في الموازنة عن طريق برنامج خصخصة.

وضعت حكومة توني بلير العمالية خمس شروط، يجب على المملكة المتحدة تحقيقها قبل أن يتم إجراء استفتاء عام للدخول إلى منطقة الأيورو.

هل تتوافق الدورات والهياكل الاقتصادية في بريطانيا مع نسب الفوائد الأوروبية على الأسس الدائمة؟، إذا طفت مشاكل على السطح، هل نتمتع بالقدر الكافى من الحرية للتعامل معها؟، وبعد الانضمام إلى منطقة اليورو، ما هي عواقب ذلك على قطاع الخدمات التجارية في المملكة المتحدة؟، هل سيساعد الانضمام إلى منطقة اليورو على خلق ظروف أحسن للشركات التي تخطط على المدى الطويل حتى تستثمر في بريطانيا؟.

هذه الأسئلة يتم الأجابة عليها ضمنياً ضمن هذا التقرير الذي يلقي الضوء على آخر المستجدات الاقتصادية.

اسرع نمو اقتصادي

فقد كشفت ارقام رسمية ان الاقتصاد البريطاني ينمو بسرعة لم يشهدها منذ تسع سنوات في الربع الثاني من العام مع تضخم في قطاع البناء، لكن الدولة لا تزال تواجه توقعات اقتصادية صعبة في غمرة التقشف في الميزانية.

واعلن مكتب الاحصاءات الوطنية (او ان اس) في بيان ان اجمالي الناتج المحلي ازداد بنسبة 1,2% في الربع الثاني من 2010، بعد توقعات من 1,1%. وهذه الوتيرة هي الاسرع منذ الربع الاول من 2001.

ولم يتوقع المراقبون توقعات جديدة بشان تقديرات اجمالي الناتج المحلي البالغة 1,1% والتي اعلنت الشهر الفائت، وفق استطلاع اجرته وكالة داو جونز نيوزوايرز. حسب فرانس برس

وتم تحديث نسبة انتاج قطاع البناء لتبلغ 8,5% وهي اسرع نسبة نمو في 18 عاما. وكان او ان اس اعلن سابقا نمو هذا القطاع بنسبة 6,6 في المئة.

ويقول سامويل تومبز المحلل في كابيتال ايكونوميكس انه بينما تشير التقديرات الثانية لاجمالي الناتج المحلي البريطاني الى نمو الاقتصاد بقوة كبيرة في الربع الثاني، فان الارقام تثير الشكوك حول استمرار الانتعاش.

واضاف تومبز ارتفع نمو اجمالي الناتج المحلي خلال فصل .. ويعزى ذلك بشكل اساسي للنمو الذي كان اسرع من المتوقع في قطاع البناء. لكن خفض النفقات في اجمالي الناتج المحلي يشير الى ان الانتعاش قائم على اسس هشة.

ويوضح في المقابل سجل انفاق الدولة والعائلات ارتفاعا قويا بنسبة 0,7% و0,3% على التوالي على اساس الفصول، لكن من غير المحتمل ان يحافظ القطاعان على هذا المعدل مع بدء مفعول زيادة الضرائب في الفصول المقبلة.

واعلن او ان اس ان الاقتصاد سجل نموا بنسبة 1,7% في فترة نيسان/ابريل-حزيران/يونيو مقارنة مع الربع الثاني من 2009. وجرت اعادة النظر في هذا الرقم ايضا بعد توقعات اولى بلغت 1,6 في المئة.

وقال التقرير ان اقتصاد المملكة المتحدة نما بشكل أسرع من المتوقع بنسبة 1.1 في المائة خلال الربع الثاني من 2010، حسب المعلومات الرسمية البريطانية. وهذا النمو الفصلي هو الأعلى منذ عام 2006، سجل قطاع المال والأعمال أقوى نمو على الإطلاق خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مرتفعا 1.3 في المائة خلال الفصل. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5 في المائة خلال كامل عام 2010. وقد خصصت الحكومة حزمة تحفيزية لدعم الانتعاش الاقتصادي بقيمة 2.5 مليار جنيه استرليني في ميزانية 2010-2011.

ماذا بعد اختبارات الضغط؟

من جانب آخر تحدث التقرير عن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو حوالى 0.2 في المائة خلال الربع الأول من 2010، مقارنة مع الاشهر الثلاثة السابقة. ومن المتوقع أن يسجل نموا بنسبة 1.2 في المائة في 2010 و1.5 في المائة في 2011. ووفق آخر إحصائيات مركز يوروستات Eurostat، يُعتبر وصول معدل البطالة في المنطقة إلى حدود موجعة بعد أن بلغ رقما قياسيا عند 10 في المائة، في حين أن نسبة البطالة في إسبانيا وصلت أقساها إلى 20 في المائة خلال الربع الأول.

إلى ذلك، سجل الميزان التجاري للمنطقة، التي تضم 16دولة، عجزا قويا مع باقي دول العالم خلال الفصل الأول من 2010. ويُتوقع أن تسجل الموازنة المجمعة للدول عجزا بنسبة 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 6.3 في المائة خلال 2009. وقد تنخفض إلى 6.1 في المائة في 2011، لكنها تبقى أعلى بمرتين من المعايير المحددة في الاتحاد الأوروبي.

ومن ناحية أخرى، أظهرت نتائج اختبارات الضغط التي أجريت على بنوك منطقة اليورو أن 7 مصارف فشلت في الامتحان. وقد تم وضع جميع هذه المصارف على سكة إعادة الرسملة وتوفير الدعم الحكومي. وحسب لجنة المراقبين المصرفيين الأوروبية (CEBS)، التي أشرفت على الاختبارات، تحتاج البنوك السبعة إلى 3.5 مليارات يورو.

الفائدة الاوروبية

على صعيد آخر، بلغ التضخم في بريطانيا نسبة 3.2 بالمئة حسب المعلومات المتوافرة اخيرا، وهو مستوى يفوق سقف الـ2 بالمئة الذي يطمح اليه المصرف المركزي.

الا ان القائمين على السياسة المالية والاقتصادية في البلاد يقولون بأن العوامل التي أدت الى ارتفاع نسبة التضخم هي من جهة ضعف العملة البريطانية، ومن جهة اخرى ارتفاع ضريبة المبيعات وأسعار النفط، وكلها عوامل مرحلية لن يبقى اثرها على الاقتصاد لفترة طويلة.

في موازاة ذلك، لم يحرك البنك المركزي الاوروبي أسعار الفائدة الرئيسية للشهر الخامس عشر على التوالي ليبقيها على النسبة القياسية المنخفضة البالغة 1 بالمئة.

وفي المجال الاوروبي، يقول المحللون ما يقولونه حيال بريطانيا، أي انهم لا يتوقعون أي ارتفاع بأسعار الفائدة في اوروبا قبل الربع الثالث من عام 2011.

سيبقى العبء الضريبي البريطاني على مستواه الحالي في السنوات الخمس المقبلة.

وقال داني ألكسندر، وزير الخزانة البريطاني، إن إجمالي العائدات الضريبية يجب أن يبقى على مستواه الحالي، بهدف إعادة النظام المالي البريطاني إلى مساره السليم، أي خفض العجز.

وأضاف إن العبء الضريبي ضروري، ويشكل مساهمة كبيرة في إعادة نظام الدولة المالي إلى طبيعته، لذلك يجب أن يبقى على ما هو عليه لبعض الوقت.

ورداً على سؤال عن إمكانية تخفيض إجمالي الضرائب بعد أن تعود حسابات بريطانيا إلى وضعها السليم، قال أنتم تطلبون مني اتخاذ قرارات اليوم للسنوات الخمس المقبلة، ولن أفعل ذلك.

وأعلن ألكسندر، أنه يريد أن يرى نظاماً ضريبيا متوازناً وعادلاً يدفع بموجبه الناس من ذوي الدخل المحدود ضرائب أقل خطة لإعادة التوازن إلى النظام الضريبي. نحتاج للعائدات الضريبية من الضرائب التي سنرفعها لمساعدتنا في ، لتحفيزهم على إيجاد عمل والبقاء فيه.

وقال وضعنا تخفيض العجز.

من جهته، أكد جورج أوزبورن، وزير المالية، أنه سيزيد الضرائب على المصارف والرسوم على البضائع والخدمات، وتجميد مدفوعات القطاع العام، وإلغاء إنفاق المساعدات في محاولة لتخفيض الدين العام.

تحذيرات

من جهته حذّر مارتن ويل، عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا، من أن بريطانيا تواجه خطراً كبيراً بالانزلاق مرة أخرى إلى الركود. وبعد لفته الانتباه إلى أن توقعات البنك المركزي الخاصة بالنمو للعام الجاري والمقبل قد تكون مفرطة التفاؤل، رأى أنه من الحماقة.

وأبدى مارتن ويل، عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا، عدم اعتقاده بوجود خطر كبير يهدد بخروج التضخم عن نطاق السيطرة في المملكة المتحدة. ووجد في تصريحات نقلتها عنه صحيفة التايمز البريطانية أنه من الأسهل رؤية السبب الذي ينبغي أن يتحقق من خلاله النمو بمعدل أقل قليلاً من التوقعات عن ما يقوم به لرؤية السبب الذي ينبغي أن يتحقق من خلاله النمو بمعدل أعلى من التوقعات. حسب فرانس برس

ثم لفتت الصحيفة إلى أن الاقتصاد البريطاني نجح في الخروج من موجة ركود استمرت على مدار ثمانية عشر شهراً في نهاية عام 2009، وشهدت البلاد منذ ذلك الحين نمواً مفاجئاً. ومع هذا، جاءت عوامل عدة، من بينها التشديد الائتماني، وخفض الإنفاق الحكومي، وضعف ثقة المستهلك لتُشكّل خطراً شديداً على الانتعاش.

ويتفق ويل في السياق عينه تماماً مع الرأي القائل إن هناك ركوداً في الاقتصاد، وأن البطالة من المحتمل أن ترتفع. ومن الطريقة التي تتطور من خلالها الأمور، يجد أنه من الصعب أن نرى مخاطر كبيرة بصورة غير عادية على التضخم. مشيراً إلى أن المخاطر المقبلة تشتمل على ارتفاع جديد في معدلات البطالة، فضلاً عن انخفاض أسعار المساكن، والمضي نحو أزمة مصرفية أخرى. وقد تكون تلك الأزمة أزمة ديون سيادية، أو قد تكون أزمة سيولة جديدة في القطاع الخاص.

الانتعاش العالمي

من جهته قال تشارلز بين نائب محافظ بنك انجلترا (البنك المركزي البريطاني) ان الانتعاش العالمي ضعيف وانه قد يتعين على صناع السياسات في الاقتصادات المتقدمة ان يقدموا المزيد من الدعم الاقتصادي.

وفي وثيقة قدمت الي المؤتمر السنوي لمسؤولي البنوك المركزية الذي ينظمه مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) والذي يركز هذا العام على دروس السياسة النقدية المستفادة من الازمة الاخيرة قال بين ان صناع السياسات نجحوا في منع انهيار الاسواق المالية. حسب رويترز

واضاف قائلا مع هذا فان عملية التخلص من الديون لم تكتمل بعد والانتعاش ما زال هشا وما زال يوجد هامش كبير من الطاقة الفائضة غير مستغل بعد بينما قد يكون لا يزال من الضروري اتخاذ المزيد من اجراءات السياسة لابقاء الانتعاش في مساره.

وتأتي تصريحات بين في الوقت الذي يتزايد فيه التشاؤم بشأن التوقعات العالمية ويعود فيه الحديث عن الحاجة الي مزيد من اجراءات التحفيز الى جدول اعمال البنك المركزي البريطاني وبنوك مركزية اخرى.

غير ان معظم المحللين يتوقعون ان يبقي بنك انجلترا سياسته بلا تغيير الي ما بعد بداية العام القادم.

وقال مجلس الاحتياطي الاتحادي في اجتماع اغسطس اب انه سيستأنف شراء سندات الخزانة الطويلة الاجل لدعم الانتعاش الهش. وقال نائب رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي السابق الان بليندر وهو يعقب على ورقة بين في المؤتمر انه يعتقد ان البنك المركزي الامريكي سيتخذ مزيدا من الاجراءات لتخفيف الاوضاع المالية في الاشهر القادمة.

وخصص الجزء المتبقي من كلمة بين لبحث ان كان هناك اخطاء كبيرة في اطر السياسات القائمة.

وقدم أدلة تدعم فكرة أن فترات من الاستقرار الاقتصادي قد تشجع على تنشيط اسواق الائتمان. لكنه جادل بانه سيكون من الخطأ ان يحاول صناع السياسات تشجيع تذبذبات في الاقتصاد لمنع المشاركين في الاسواق المالية من المبالغة في الثقة بشأن التوقعات.

وقال ايضا ان السياسات النقدية ربما كانت اداة ضعيفة للغاية لتخفيف طفرات الائتمان أو الاصول دون ان تضر بالنشاط بدرجة كبيرة.

وقال بين ايضا ان شراء السندات هو اداة فعالة لاي بنك مركزي لتخفيف الاوضاع المالية في أزمة لكن اسعار الفائدة القصيرة الاجل يجب ان تكون اداة الاختيار في الاوقات العادية.

واضاف ان رفع المستويات المستهدفة للتضخم عن المتوسط الحالي الذي يبلغ حوالي 2 بالمئة لا يبدو انه وسيلة ايجابية لانتشال الاقتصادات من فترات التباطؤ.

تراجع مفاجيء

من جانب آخر أظهرت بيانات رسمية أن الناتج الصناعي في بريطانيا انخفض بشكل غير متوقع في يونيو حزيران بعد بداية مبكرة لأعمال الصيانة الموسمية في حقول النفط لكن الانخفاض لا يغير النمو الاقتصادي القوي الذي سجل في الفترة من ابريل نيسان حتى يونيو.

وقال مكتب الاحصاءات الوطنية إن الانتاج الصناعي تراجع 0.5 في المئة في يونيو مقارنة مع توقعات بزيادة بنسبة 0.2 في المئة وذلك بعد انخفاض انتاج النفط والغاز ستة في المئة مقارنة مع الشهر السابق.

وزاد انتاج قطاع الصناعات التحويلية 0.3 في المئة مقارنة مع الشهر السابق ومع توقعات بزيادة بنسبة 0.4 في المئة.

وقال المكتب إن انخفاض انتاج النفط والغاز يرجع إلى أعمال الصيانة التي جرت في يونيو بدلا من أغسطس اب عندما تنتهي أعمال الصيانة في حقول النفط عادة. حسب رويترز

لكن الإحصاءات التي نشرت يوم الجمعة لن تؤدي إلى أي تعديل لأرقام الناتج المحلي الاجمالي التي أظهرت نموا 1.1 في المئة للاقتصاد.

ونشر المكتب أيضا بيانات تظهر تباطؤا دون المتوقع في تضخم اسعار المنتجين على اساس سنوي في يوليو تموز إلى خمسة في المئة من 5.1 في المئة وذلك عقب زيادة شهرية في اسعار الغذاء غطت على انخفاض تكاليف البنزين.

خفض الانفاق

وقد تجد الحكومة البريطانية صعوبة في الالتزام باستراتيجية متماسكة، في وقت يسعى الوزراء جاهدين إلى خفض النفقات بما يصل إلى 40 في المئة تنفيذاً لأوامر وزارة الخزانة.

ويقول رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إن خفض العجز القياسي في الميزانية من 11 في المئة من الناتج المحلي إلى الصفر تقريباً في غضون خمس سنوات، المهمة الأكثر الحاحاً لحكومة ائتلاف المحافظين والديمقراطيين الأحرار.

وتجري مراجعة الانفاق التي تُعلن نتائجها في 20 تشرين الأول (أكتوبر). وشبه كاميرون الأمر بعملية انقاذ منظم لنشاط تجاري منهار، لكن المشككين كثر. حسب رويترز

وأفاد تقرير صدر عن مركز العدالة الاجتماعية، مؤسسة بحوث محافظة بأن  الوزراء يتحركون من دون توجيه، فهناك أوامر بخفض البرامج بما يصل إلى 40 في المئة لكن من دون توجيهات واضحة في شأن أهداف وزاراتهم.

ويخشى كثيرون من أن يُخفض الانفاق وفقاً لما هو مناسب للسياسيين، أو أسهل في التنفيذ بالنسبة إلى موظفي الدولة، على حساب الاهداف الاجتماعية والاقتصادية.

وقال النائب المعارض رئيس لجنة الأعمال في البرلمان البريطاني أدريان بايلي، إلى صحيفة فايننشال تايمز: لا يوجد رد الفعل المنسق المطلوب بين مختلف الوزارات، لتحقيق الأهداف الاقتصادية للحكومة.

وقال المحلل السياسي لدى نومورا اليستير نيوتن، المحك في أن تلغي الحكومة برامج أقل أهمية لتوفير التمويل إلى برامج مهمة، أو تقتطع مبلغاً ضئيلا من برامج متعدّدة.

وأضاف يحدوني تفاؤل حذر بأنه سيتم ترتيب الأولويات في شكل معقول إلى حد ما ببساطة، لأن التخفيضات من الضخامة بحيث لا يمكن تمويلها باقتطاع مبالغ ضئيلة من هنا وهناك. وأضاف ليس ما يمكن القول بأنه الحل الصحيح في هذه الحالة، بل ما يمكنهم الحصول عليه.

وتطلق بريطانيا برنامج للتخفيضات في وقت يعاني شركاء تجاريون رئيسون ضعف النمو، ووصلت أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية منخفضة بما لا يترك مجالا لدعم النمو.

واستثنت الحكومة قطاع الحصة في خطوة تحظى بشعبية بين الناخبين، لكنها تترك أحد أكبر مجالات الانفاق العام خارج نطاق التخفيضات، ما يعرض قطاعات أخرى إلى مزيد من الخفض.

وقال محلل استراتيجيات الدخل الثابت في رويال بنك اوف كندا سام هيل: ستزداد التكهنات في شأن إمكان الابقاء على هذا الاستثناء، وظهرت تحديات سياسية أمام خفض الانفاق بصورة كبيرة في مجالات حساسة أخرى.

وأحد أسباب القلق أن خفض التكاليف بتسريح عاملين أو بإحالة عاملين في القطاع العام إلى التقاعد المبكر، قد يؤدي إلى نفقات إضافية في فواتير الرعاية الاجتماعية.

وقال الرئيس العالمي لاستراتيجيات الدخل الثابت في وستباك راسل جونز: إن وزارة الخزانة لديها اصرار في ما يبدو، على دفع الوزارات إلى تنفيذ تخفيضات واسعة النطاق.

وأضاف ليست هذه سياسة بارعة، إنها سياسة المطرقة. الخطر في أن تضر بمرونة الاقتصاد ونشاطه على المدى البعيد.

وتصر الحكومة على أن الخطر لن يحدث. وقال كاميرون إن رؤية الحكم بعيدة النظر.

انخفاض معدل التضخم

من جهة أخرى واصل معدل التضخم في بريطانيا انخفاضه البطىء للمرة الثانية على التوالي حيث تراجع في شهر يوليو المنصرم ليصل إلى مستوى 3.1% مقارنة بشهر يونيو الذي سجل 3.2%.

وقال محللون اقتصاديون في تقرير بثته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" اليوم إن انخفاض معدل التضخم في بريطانيا أدى إلى إبطاء معدل التضخم في المبيعات في شهر يوليو الماضي وساعد أيضا على هبوط الأسعار.

وفي ذلك السياق أوضح مكتب الاحصائات الوطنية البريطانية أن مؤشر أسعار المستهلكين لا يزال أعلى بكثير من المعدل المستهدف لبنك انجلترا الذي حدده بنسبة 2% كما انخفض مؤشر أسعار التجزئة إلى 4.8% في شهر يوليو بعد أن كان 5% في شهر يونيو، وذلك وفقا لما أوردته وكالة الانباء السعودية واس.

وكان رئيس البنك المركزي في بريطانيا ميرفين كينج قد أوضح في تصريحات له الأسبوع الماضي أن اقتصاد بريطانيا سيشهد نمواً متقلبا خلال العامين المقبلين متوقعاً أن تقتصر نسبة النمو الاقتصادي في بريطانيا على 2.4% العام المقبل. حسب وكالة الانباء السعودية

وجاءت تعليقات كينج مع إعلان البنك المركزي عن خفض توقعاته للنمو الاقتصادي للعام المقبل إلى أقل من 3% في 2011 مقارنة بتوقعاته السابقة عند 3.4% إلى جانب إعلانه أن محدودية القدرة التمويلية للبنوك البريطانية ستؤثر سلبا على نمو الاقتصاد العام للبلاد.

نموا اقتصاديا متقلب

على صعيد آخر يتوقع المركزي البريطاني أن تقتصر نسبة النمو الاقتصادي في بريطانيا على 2.4% العام المقبل

وجاءت تعليقات كينج مع إعلان البنك المركزي عن خفض توقعاته للنمو الاقتصادي للعام المقبل إلى أقل من 3 في المائة في 2011 مقارنة بتوقعاته السابقة عند 3.4 في المائة.

وقال البنك إن محدودية القدرة التمويلية للبنوك البريطانية ستؤثر سلبا على نمو الاقتصاد العام للبلاد.

وتوقع البنك أن يرتفع التضخم في المملكة المتحدة للعام المقبل بشكل يفوق التوقعات السابقة وأن يستمر هذا الارتفاع لمدة أطول. حسب بي بي سي

وتعكس التوقعات الجديدة للتضخم آثار القرار الحكومي برفع ضريبة القيمة المضافة إلى 20 في المائة اعتبارا من بداية العام المقبل.

ويربط مراقبون بين خفض توقعات النمو الاقتصادي وخفض الانفاق العام لمواجهة العجز المتراكم في الموزانة.

ويتوقع أن يؤدي إعلان البنك المركزي إلى زيادة المخاوف بأن تشهد البلاد ما يسمى بالكساد الاقتصادي المزدوج.

وكان البنك قد توقع في تقريره نشره في مايو آيار أن ينمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 3.4 في المائة في 2011 وأن يتراجع التضخم لما دون مستوى 2 في المائة الذي حددته الحكومة.

وفي المقابل يتوقع مكتب مسؤولية الموازنة البريطانية أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.6 في المائة.

جاء ذلك فيما كان الاحتياطي الفدرالي قد أعلن الثلاثاء أن مسيرة الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة تباطأت خلال الشهور القليلة الماضية وأن النمو على المدى القصير سيكون أقل من المتوقع.

وكان مستوى التضخم قد بلغ في بريطانيا في يونيو حزيران 3.2 في المائة، وهي نسبة تفوق مستوى التضخم المستهدف.

توقعات ببطء الانتعاش الاقتصادي

من جهة أخرى توقع بحث بان يشهد الانتعاش الاقتصادي في المملكة المتحدة بطئا في النصف الثاني من العام الحالي يتبعه انخفاضا في الثقة بين الشركات.

ووفقا لبحث هيئة المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز (اي سي ايه اي دبليو) فان ما يقرب من خمس الشركات البريطانية تشعر الان بأقل ثقة حول العام المقبل مما كانت عليه خلال الربع الثاني.

واشار البحث الى ان المشاريع الحكومية التي تهدف الى تقليل الانفاق كميزانية الطوارئ التي تحدد مجموعة من ارتفاع الضرائب ومراجعة الانفاق الشاملة كان لهما تأثيرا على ثقة الشركات. حسب وكالة الانباء الكويتية

وتسبب تجدد الحذر بين الشركات بتراجع مؤشر الثقة التجارية باربع نقاط في الربع الثالث ليصل الى 5ر21 مؤكدا بذلك الى امكانية تباطئ الانتعاش.

ومن جانبه قال المدير التنفيذي لهيئة المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز مايكل ايزا ان الشركات في المملكة المتحدة التي جاءت من خلال الركود تواجه الان تحدي البقاء على قيد الحياة والتعافي مضيفا انهم ما زالوا لا يعرفون ماذا يحمل المستقبل وغير متأكدين من مدى تأثير مزاجية التقشف المالي على الانتعاش الاقتصادي.

واشار ايزا الى انه "ينبغي على الحكومة ان تفي بالتزامها لضمان من ان بريطانيا مفتوحة للعمل مع أخذ القرارات الصعبة المطلوبة لمعالجة العجز.

وفي الوقت نفسه كشف البحث انه بالرغم من انخفاض الثقة الا ان هناك تحسن ملحوظ في ميزانية الشركات مع عودة كل من قيمة التداول ونمو الأرباح الى المنطقة الايجابية للمرة الأولى منذ بداية عام 2009 وذلك بنسبة 6ر1 بالمائة و7ر1 بالمائة على التوالي.

مبيعات العقارات

من جهة أخرى ترافقت الأخبار السارة والأخيرة في قطاع العقارات الفاخرة في بريطانيا، وخصوصا العاصمة لندن، مع توقعات بتراجع الأسعار بشكل عام خلال النصف الثاني من هذا العام.

ويبدو أن الحركة التصاعدية، وغير العادية، التي شهدتها الأسواق خلال النصف الأول من هذا العام (2010) أسهمت وتسهم في حماية الأسواق العقارية من الهبوط والتراجع، على الرغم من التوقعات السلبية للنصف الثاني، وتراجع الأسعار بنسب قليلة.

على أي حال فقد أشارت الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة سافيلز الدولية في العاصمة، إلى أن قيمة العقارات أو المنازل الفاخرة التي بيعت في لندن بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) هذا العام وصلت إلى 850 مليون جنيه إسترليني (1.275 مليار دولار تقريبا). وهذه أعلى قيمة يسجلها القطاع خلال ربع واحد في تاريخه الحديث، على الرغم من أن القطاع شهد فترة أو ربعا مماثلا في نهاية الطفرة العقارية مع الركود العالمي عام 2008.

والأهم من هذا تقول سافيلز إن قيمة العقارات الفاخرة والممتازة التي بيعت في لندن خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام أي حتى شهر يوليو (تموز)، وصلت إلى 1.6 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار تقريبا). وكالة الانباء الالمانية

وبالتأكيد كانت معظم هذا العقارات في المناطق الفاخرة في وسط العاصمة وشمالها مثل كامدن تاون، وكينزينغتون، وتشيلسي، ونايتس بريدج، ومايفير، وفولهام، وبلغريفيا، وهامبستيد، وكوينز وي، وبادينغتون.

وعلى الرغم من هذا، فإن المسؤولين في سافيلز يحذرون ويتوقعون أن يخف الطلب قليلا على العقارات الفاخرة من الآن حتى نهاية العام، أو في النصف الثاني من هذا العام، مما سيؤدي إلى تراجع الأسعار بنسبة 4.5 في المائة. وهذا يعني أن الأسعار التي ارتفعت بنسبة 3.6 في المائة في الربع الأول من هذا العام ستكون في نهاية العام أقل بنسبة 1 في المائة عما كانت عليه في البداية.

ومن شأن ارتفاع عدد العقارات المتوفرة في الأسواق خلال موسم الخريف الحالي وموسم الشتاء المقبل، المساهمة في تراجع الأسعار قليلا كما تتوقع سافيلز.

لكن الخبراء يعتبرون أن هذا الوضع طبيعي ومتوقع، وهو جزء من التقلبات الموسمية، ولهذا بالذات يتوقع أن تعود الطفرة إلى القطاع من جديد عام 2012. ومن شأن تعافي الأسواق الفاخرة أن ينعكس إيجابا على القطاعات الأخرى. ويتوقع أن تحافظ لندن على مركزها على رأس لائحة المناطق الأفضل أداء على الصعيدين الوطني والأوروبي عقاريا (فاخرا أم عاديا) خلال السنوات الخمس المقبلة.

وكما توقع الكثير من المحللين، أشارت نايت فرانك الدولية أيضا إلى أن أسعار العقارات الفاخرة في العاصمة تراجعت بنسبة نصف في المائة في يوليو الماضي، وهو أول تراجع منذ مارس (آذار) عام 2009.

وعلى الرغم من أن الأسعار حاليا أقل بنسبة 6.1 في المائة عما كانت في مارس عام 2008، فإنها لا تزال أعلى بنسبة لا تقل عن 23 في المائة عما كانت عليه في مارس العام الماضي (2009).

وبينما تؤكد المؤشرات الأخيرة أن معظم المناطق تأثرت بتراجع الأسعار، باستثناء منطقة مايفير (ارتفعت بنسبة 0.2 في المائة)، كما أن إحدى المشكلات التي تعاني منها سوق العقارات الفاخرة هي التضخم في أسعار العرض بنسب لا تقل أحيانا عن خمسة أو عشرة في المائة، وهي نسبة عالية جدا في مثل هذا القطاع الذي لا يقل فيها سعر المنزل عن 7.5 مليون دولار.

وكما تقول نايت فرانك أيضا، إن التراجع في الأسعار كانت متوقعا منذ شهور طويلة، وإن الأسعار وصلت إلى ذروتها وأكثر أحيانا مدفوعة بتراجع معدلات الفائدة، وضعف الجنيه الإسترليني في أسواق الصرف.

ويبدو أن قلة العقارات الفاخرة والممتازة التي كانت متوفرة في الأسواق بين نهاية عام 2009، وبداية العام الحالي، أسهمت في رفع أسعار وصولها إلى الذروة أيضا. وعلى الرغم من أن الأسعار قد تتراجع في الأشهر الخمسة المقبلة بنسبة لا تقل عن 3.2 في المائة، فإنها ستسجل نموا في لندن طيلة العام الحالي بنسبة 5 في المائة.

ويبدو أن العقارات التي تتراوح أسعارها بين مليون جنيه (1.5 مليون دولار) كانت الأكثر نموا، ولم تتراجع سوى بنسبة 0.2 في المائة مؤخرا. وقد سجل هذا النوع من العقارات أعلى نسبة نمو خلال السنة الماضية.

أما العقارات التي تتراوح أسعارها بين 3 ملايين جنيه (4.5 مليون دولار تقريبا) و5 ملايين جنيه (7.5 مليون دولار تقريبا)، فقد كانت الأكثر تأثرا بالتراجع.

مواقع التواصل الاجتماعي

من جانب آخر اشار بحث جديد الى أن الموظفين الذين يضيعون الوقت في مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت مثل فيسبوك وتويتر وغيرها يكلفون الشركات البريطانية مليارات الدولارات.

وقال موقع بريطاني للتوظيف على الانترنت انه استطلع آراء 1000 عامل بريطاني وتوصل الى أن حوالي ستة في المئة أي مليوني شخص من قوة العمل البريطانية التي تبلغ 34 مليونا يقضون ما يزيد على ساعة يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل وهو ما يزيد عن ثمن يوم عمل كامل.

وقال لي فاير المدير الاداري للموقع في بيان بشأن نتائج البحث "تظهر نتائجنا بوضوح أن العمال البريطانيين يقضون وقتا متزايدا على شبكات التواصل الاجتماعي أثناء العمل الأمر الذي يمكن أن يؤدي في حالة تركه دون مراجعة الى نتائج سلبية على انتاجية الكثير من الشركات في مختلف أنحاء البلاد. حسب رويترز

وقال الموقع ان وقت العمل الذي يضيع على فيسبوك وتويتر وغيرها من شبكات التعارف الاجتماعي يمكن أن يكلف بريطانيا ما يصل الى 14 مليار جنيه استرليني (22.16 مليار دولار).

وأشار البحث الى أن أكثر من نصف العمال البريطانيين (55 في المئة) اعترفوا بدخول مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل مع قضاء كثيرين منهم وقتا طويلا في إقامة علاقات صداقة والتصفح وإضافة الصور والتسجيلات المصورة بالاضافة الى تطوير ملفاتهم مما يؤثر على انتاجية شركاتهم.

ورغم الآثار السلبية على الاقتصاد الذي يشهد تعافيا هشا نفى عمال كثيرون ممن جرى استطلاع آرائهم وجود آثار سلبية للتواصل الاجتماعي على الانترنت على كفاءتهم. وأقر 14 في المئة فقط ممن شملهم الاستطلاع بأنهم أصبحوا أقل انتاجية نتيجة للتواصل الاجتماعي على الانترنت بل وزعم عشرة في المئة منهم أن التواصل الاجتماعي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آب/2010 - 20/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م