شبكة النبأ: إن حب الاستطلاع والبحث
في الماضي، الى جانب الفضول في معرفة الثقافات المصرية وتاريخها الموغل
قبل آلاف السنين، دفعت الباحثين وخبراء الآثار الى البحث عن أسرارها.
فالعديد من الأمور المبهمة التي تركتها حضارة الفرعونيين كانت ولا
تزل دافعا للبحث والاستقصاء، خصوصا إن تلك الحضارة تكشف لنا بين الفينة
والأخرى قرائن جديدة تقود الى حقائق وسير جديدة أيضا.
بينما تقوم الحكومة المصرية بمشاريع لتطوير وحماية عواصم الحضارة
القديمة، للمحافظة عليها مما قد يصيبها من اضرار جراء مرور الزمن.
أسرار مصر
حيث يدرس خبراء الاثار رسومات على الصخور ترجع الى ما قبل التاريخ
اكتشفت في كهف ناء عام 2002 منها رسوم لاشكال بشرية راقصة وحيوانات
غريبة بلا رأس وهم يفتشون عن مفاتيح جديدة لظهور الحضارة المصرية.
واكتشف مغامرون هواة بالصدفة الكهف الذي يحوى 5000 صورة مرسومة
بالألوان او محفورة على الصخر في الصحراء الشاسعة غير المأهولة القريبة
من الحدود الجنوبية الغربية لمصر مع كل من ليبيا والسودان.
وقال رودولف كوبر عالم الاثار الألماني ان التفاصيل المرسومة في "كهف
الوحوش" تشير الى ان تاريخ الموقع يرجع الى 8000 عام على الاقل وانها
قد تكون من أعمال مجموعات الصيادين الذين ربما كان نسلهم من أوائل من
استوطنوا وادي النيل الذي كان في ذلك الوقت مليئا بالمستنقعات لا يسهل
العيش فيه.
يقع الكهف على بعد عشرة كيلومترات من "كهف السباحين" الذي صور بشكل
رومانسي في فيلم (المريض الانجليزي) لكن به عددا أكبر من الصور وفي
حالة أفضل. ومن خلال دراسة الكهف ومواقع اخرى قريبة يحاول الاثريون
تأريخ المنطقة للمقارنة بين ثقافات وتقنيات الشعوب التي عاشت فيها.
وقالت كارين كيندرمان وهي عضو في فريق يقوده المان وقامت مؤخرا برحلة
للموقع على بعد 900 كيلومتر جنوب غربي القاهرة "انه أكثر الكهوف ابهارا...
في شمال أفريقيا ومصر. ويقل منسوب سقوط الأمطار في جنوب الصحراء
الغربية عن ملليمترين في العام لكن المنطقة كانت يوما أقل وعورة .
ففي عام 8500 قبل الميلاد تقريبا كانت الامطار الموسمية تسقط على
المنطقة مفسحة المجال لظهور مناطق السافانا التي تجذب مجموعات الصيادين.
وبحلول عام 5300 قبل الميلاد توقف سقوط المطر وتراجعت المستوطنات
البشرية الى المناطق المرتفعة.
وبحلول عام 3500 قبل الميلاد اختفت تلك المستوطنات بالكامل. وقال
كوبر وهو خبير في معهد هاينريك بارث الالماني "بعد مناخ حياة السافانا
طيلة ثلاثة أو أربعة الاف عام في الصحراء زحفت البيئة الصحراوية واضطر
الناس الى التحرك شرقا صوب وادي النيل مما أسهم في قيام الحضارة
المصرية وجنوبا صوب القارة الافريقية."
وتزامن هذا النزوح الجماعي مع ظهور الحياة المستقرة على طول نهر
النيل والتي ازدهرت لاحقا وأثمرت الحضارة الفرعونية التي هيمنت على
المنطقة الاف السنين وساعدت فنونها وهندستها المعمارية ونظامها في
الحكم في تشكيل الثقافة الغربية. بحسب وكالة الانباء البريطانية .
وقال كوبر "انها حركة حدثت شيئا فشيئا على ما اعتقد لان البيئة
الصحراوية لم تزحف بسرعة. كانت الامطار تقل ثم تعود وهكذا. لكن المناخ
أصبح شيئا فشيئا أكثر جفافا ورحل الناس صوب وادي النيل او صوب الجنوب."
ويسجل كوبر وفريقه كل الدلائل الجيولوجية والنباتية والاثرية حول
الكهف بما في ذلك الادوات الحجرية والقطع الخزفية لمقارنتها بمواقع
اخرى في جنوب الصحراء الغربية ليضيف أجزاء جديدة الى أحجية ترجع الى ما
قبل التاريخ.
وقال كوبر الذي قاد اول رحلة ميدانية للكهف في ابريل نيسان عام 2009
"يبدو ان الرسوم في كهف الوحوش ترجع الى تاريخ ما قبل الحيوانات
المستأنسة وهذا يعني ما قبل 6000 عام قبل الميلاد. هذا ما نستطيع الجزم
به."
45 مقبرة أثرية
من جانبها أعلنت وزارة الثقافة المصرية أن بعثة أثرية مصرية اكتشفت
في محافظة الفيوم الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب غربي القاهرة
45 مقبرة أثرية تحتوي على مجموعة من التوابيت الخشبية الملونة وبداخلها
مومياواتها.
وقال زاهي حواس الامين العام للمجلس الاعلى للاثار في بيان ان احدى
هذه المقابر "ترجع الى عصر الاسرة الثامنة عشرة (نحو 1567-1320 قبل
الميلاد) وتضم 12 تابوتا خشبيا موضوعة فوق بعضها البعض ويحتوي كل تابوت
على مومياء تغطيها طبقة من الكارتوناج الملون وبحالة ممتازة" وتقع
المقابر بمنطقة اللاهون الاثرية بالفيوم. بحسب وكالة الانباء
البريطانية .
والكارتوناج طبقة من الكتان تغطى بطبقة رقيقة من الجص وتلصق بمادة
لاصقة ويرسم على سطحها مناظر ونصوص دينية وكانت معروفة في مصر القديمة
واستمرت حتى العصرين اليوناني والروماني.
وتابع البيان أن التوابيت عليها مناظر للالهة المصرية المختلفة
ونصوص من كتاب الموتى ونصوص من العقائد الدينية في مصر القديمة والتي
كان يعتقد أنها تساعد المتوفى في العالم الاخر.
وقال رئيس البعثة عبد الرحمن العايدى في البيان ان العمل أسفر عن
اكتشاف جبانات من عصر الاسرتين الاولى والثانية (نحو 3100-2686 قبل
الميلاد) وعصر الدولة الوسطى (نحو 2181- 2050 قبل الميلاد) وعصر الدولة
الحديثة (نحو 1567-1085 قبل الميلاد) والعصر المتأخر (نحو 624-333 قبل
الميلاد) وتضم جبانة الاسرتين الاولى والثانية 14 مقبرة "منها مقبرة
كاملة بأثاثها الجنائزي وعثر بها على تابوت خشبي وضع به المتوفى على
هيئة القرفصاء وقد غطته أقمشة من الكتان." وكانت البعثة عثرت في
المنطقة نفسها العام الماضي على 53 مقبرة منحوتة في الصخر وترجع الى
عصور مختلفة وبداخل كل منها مومياء لصاحب المقبرة.
مقبرة قائد الجيش
وكما أعلن المجلس الاعلى للاثار بمصر أن بعثة من كلية الاثار بجامعة
القاهرة عثرت في منطقة سقارة الاثرية جنوبي القاهرة على مقبرة ضخمة
ترجع الى نحو 3300 عام وتخص قائد الجيش والكاتب الملكي "بتاح مس"
المشرف على الخزانة والغلال.
وقال زاهي حواس الامين العام للمجلس في بيان ان المقبرة التي ترجع
للنصف الاول من الاسرة التاسعة عشرة (نحو 1320-1200 قبل الميلاد) تقع
على بعد نحو 40 كيلومترا جنوبي القاهرة وطولها نحو 70 مترا وتتجه من
الشرق الى الغرب وهي مصممة على شكل المقابر التي سادت في "عهد (تل)
العمارنة ونهاية الاسرة الثامنة عشرة ( التي انتهت نحو عام 1320 قبل
الميلاد) بمنطقة سقارة وهي تشبه في تصميمها مقبرة بتاح أم ويا حامل
الختم الملكي في عصر الملك اخناتون" التي اكتشفت عام 2007 .
وقالت رئيسة البعثة علا العجيزى وهي العميدة السابقة لكلية الاثار
ان البعثة اكتشفت عدة أفنية ومقاصير من مقبرة بتاح مس الذي كان شخصية
بارزة اذ تقلد مناصب منها الامير الوراثي والكاتب الملكي والمشرف على
معبد بتاح معبود مدينة منف وقائد الجيش والمشرف على الغلال والخزانة.
وأضافت أن البعثة اكتشفت لوحات جنائزية منها لوحة للنذور غير مكتملة
النقش صور عليها ثالوث طيبة "امون وموت وخنسو" وتصور صاحب المقبرة
وعائلته وهو يتعبد للالهة "وهذا يشير الى العودة لعبادة اخناتون
الدينية التي دعا فيها الى عبادة الاله اتون.
وتابعت أن هناك أكثر من شخص يحمل اسم "بتاح مس" من الاسرتين الثامنة
عشرة والتاسعة عشرة منذ عهد الملك أمنحتب الثالث والد اخناتون حتى عهد
الملك رمسيس الثاني الا أن الكشف عن اسم زوجة صاحب هذه المقبرة واسم
احدى بناته ربما يحدد الفترة الزمنية من الاسرة التاسعة عشرة التي ترجع
لها المقبرة. بحسب وكالة الانباء البريطانية .
وقال أحمد سعيد نائب رئيس البعثة والمسؤول عن الحفائر انه عثر على
أجزاء من تماثيل لصاحب المقبرة وزوجته أهمها رأس تمثال ملون "ربما
لزوجته أو لاحدى بناته" كما عثر على جزء سفلي لتمثال جالس بالحجم
الطبيعى خاص ببتاح مس اضافة الى انية فخارية وتماثيل جنائزية صغيرة "أوشابتي"
وتمائم جنائزية تمثل عين حورس وبعض المعبودات المصنوعة من الاحجار شبه
الكريمة ومائدة للقرابين وبقايا مناظر جدارية تصور جانبا من رحلة
المتوفى وعائلته لصيد الطيور والاسماك.
وقالت هبة مصطفى نائب رئيس البعثة والمسؤولة عن النشر العلمي في
البيان ان هذه المقبرة "استخدمت أعمدتها في تشييد الكنائس خلال العصر
المسيحي" كما تعرضت لعدة سرقات منذ القرن التاسع عشر.
وقال البيان ان البعثة تواصل البحث عن البئر الاساسية للمقبرة والتي
توصل في نهاية الامر الى حجرة الدفن حيث يوجد التابوت الخاص بصاحب
المقبرة "وربما تابوت زوجته" وما تبقى من أثاث جنائزي في الحجرات
المحيطة بغرفة الدفن. وقالت عزة فاروق عميدة كلية الاثار بجامعة
القاهرة ان الكلية تواصل منذ ثمانينيات القرن العشرين عمليات الكشف
الاثرية في سقارة والتي أسفرت الى الان عن اكتشاف 34 مقبرة أثرية.
تطوير وحماية
في حين أعلن المجلس الأعلى للآثار في مصر عن تبني مشروع لتطوير
وحماية عواصم الدلتا القديمة الواقعة في ثلاث محافظات في شمال البلاد
هي كفر الشيخ والغربية والشرقية. وقال المجلس في بيان ان المشروع يشمل
"أربع عواصم قديمة هي تل بسطة وصان الحجر (تانيس) بالشرقية وبوتو تل
الفراعين في كفر الشيخ وسايس صا الحجر في الغربية."
وكانت صان الحجر (تانيس) عاصمة لمصر في عصر الأسرة 21 (نحو 1085-945
قبل الميلاد) وكانت تل بسطة مركزا لعبادة الآلهة باستت التي اتخذت رمز
القطة وأصبحت عاصمة للبلاد في عصر الأسرة 22 (نحو 945-715 قبل الميلاد)
وكانت سايس صا الحجر عاصمة الأسرة 26 (نحو 664-525 قبل الميلاد) أما
بوتو تل الفراعين فهي الاقدم اذ كانت عاصمة الوجه البحري في عصر الدولة
الحديثة المسمى بعصر الامبراطورية (نحو 1567-1085 قبل الميلاد). بحسب
وكالة الانباء البريطانية .
وقال صبري عبد العزيز رئيس قطاع الاثار المصرية ان المشروع ينفذ "للمرة
الاولى لحماية تلك العواصم وانقاذها من مخاطر التعديات والصرف الصحي
والمياه الجوفية المنتشرة في دلتا مصر" اضافة الى استمرار أعمال الكشف
عن اثار تلك المدن القديمة واعدادها لتوضع على خريطة الزيارة الاثرية.
وأضاف أن التطوير يتضمن انشاء أسوار حول هذه المواقع الاثرية "التي
كانت تفتقد لوسائل الحماية على مدار مئات السنين" وانشاء متحف مفتوح
بالموقع لكل مدينة يشمل عرضا مكشوفا لعناصرها المعمارية وأبرز القطع
الاثرية التي تحكي تاريخ كل عاصمة من تلك العواصم.
ولم يتضمن البيان توقيتا تقريبيا للانتهاء من المشروع ولا تكلفته
الاجمالية ولكنه ذكر أن تطوير وحماية منطقة صان الحجر سيتكلف 50 مليون
جنيه مصري (نحو 8.8 مليون دولار) منها ثمانية ملايين جنيه مصري لانشاء
مخزن متحفي مؤمن اضافة الى سور طوله ثلاثة كيلومترات.
وقال محمد عبد المقصود المشرف على اثار الوجه البحري ان مشروع تطوير
تل بسطة انتهى بالفعل وأصبح الموقع "أول عاصمة قديمة في الدلتا يتم
تطويرها" ضمن مشروع يأمل أن يحول المنطقة الى مكان "جذب سياحي عالمي في
الدلتا لاول مرة" بعد أن كان الاهتمام مركزا على مناطق شهيرة مثل أثار
الاقصر في جنوب البلاد.
وأضاف أن مشروع تطوير سايس صا الحجر بدأ بالتوازي مع تطوير بوتو تل
الفراعين "التي كانت مركزا مهما في عصر الدولة الحديثة" وفيها اثار
مهمة لرمسيس الثاني وغيره من الملوك. (الدولار يساوي 5.6489 جنيه مصري)
.
الكربون المشع
الى ذلك نجحت مجموعة من العلماء من استخدام تقنية الكربون المشع
لتحديد المراحل الزمنية المختلفة في تاريخ مصر القديمة.وقد استخدم
الكربون المشع لإظهار أن التسلسل الزمني لعهود الدولة القديمة والوسطى
والحديثة، يتمتع بالدقة.
وتمكن العلماء من تحديد عمر بذور عثر عليها في مقابر الفراعنة، بما
في ذلك بعض البذور التي وجدت في قبر الملك توت عنخ آمون. وقد نشر
العلماء في مجلة "ساينس" العلمية أن بعض العينات يبلغ عمرها أكثر من
4500 عاما.
ولا يعد استخدام الكربون المشع في تحديد عمر الآثار المصرية القديمة
جديدا. ولكن هذه المرة، حسب ما يقول العلماء، استطاعوا استخدام تقنية
دقيقة للغاية في الإحصاء، للتحقق من التاريخ المصري.
وقال أندرو شورتلاند من جامعة كرانفيلد في بريطانيا: "كان أول ما
جرى التحقق من عمره باستخدام تقنية الكربون المشع آثار ومخلفات مصرية
قديمة معروف تاريخها أصلا، من أجل التأكد من دقة هذه التقنية في تحديد
العمر".
ومضى قائلا: "والآن، للمرة الأولى، تمكنا من الحصول على تقنيات
متقدمة للغاية من الكربون المشع تمكننا من القيام بتجربة عكسية تماما
لتدقيق التاريخ المصري ومعرفة ما إذا كان صحيحا أم لا". واضاف: "في
الماضي، لم يكن دور الكربون المشع كبيرا لأن هامش الخطأ في استخدامه
كان كبيرا جدا، أما الآن فمن الممكن استخدامه للتفرقة بين الأفكار
المختلفة لإعادة بناء وتحديد المراحل التاريخية المختلفة". وقد شارك في
تلك الدراسة باحثون من بريطانيا وفرنسا والنمسا وإسرائيل.
وتمكن العلماء من تحديد تواريخ 211 نوعا مختلفا من النباتات والبذور
وعينات من ورق البردي تم الحصول عليها من بعض المتاحف. وقال كريستوفر
رامزي، المشرف الرئيسي على البحث، من كلية الآثار بجامعة أكسفورد: "لقد
كان تعاون المتاحف معنا جيدا، خاصة وان من المحظور تصدير أي عينات من
داخل مصر في الوقت الحالي، ولحسن الحظ، كنا بحاجة فقط إلى عينات لا
يتجاوز حجمها حجم حبة القمح".
وأوضح توماس هيجام، وهو عضو آخر في فريق البحث، من جامعة أكسفورد
أيضا، أن العديد من العناصر التي عثر عليها في مقابر المصريين القدماء
والمواقع الأثرية الأخرى "تمكنا من تحديد تاريخها الزمني بشكل مستقل".
ويمضى قائلا: "على سبيل المثال، استخدمنا بعض البذور والمواد
النباتية من مقبرة توت عنخ آمون، وهي مواد محدد عمرها بدقة، كما
استخدمنا أيضا بذورا من غرفة تحت هرم سقارة المدرج، تعود إلى سنة معينة
من حكم الملك زوسر".
أسرار المومياءات
في سياق متصل يعرض في لوس انجليس عدد من المومياءات تكشف النقاب عن
اسرار طقوس الدفن عند القدماء، كما تظهر الجهد الكبير الذي بذله
العلماء المختصون في هذا المجال. ويحمل هذا المعرض اسم "مومياءات من
العالم" ويعرض عشرات المومياءات العائدة لرجال ونساء واطفال وحيوانات
من مختلف نواحي الارض، ومقتنيات كانت تستخدم في طقوس الدفن.
نشأت فكرة هذا المعرض تأثرا بمشروع جرمان مامي (المومياءات
الالمانية) الذي اقيم بعدما جرى في العام 2004 اكتشاف 20 مومياء منسية
في مخازن متاحف رايس انغلهورن في منهايم. وقدمت اكثر من 20 مؤسسة
اوروبية مومياءات الى هذا المعرض معظمها متاحف المانية. ومن المقرر ان
يتنقل هذا المعرض في ارجاء الولايات المتحدة على مدى ثلاثة اعوام.
وقال جيفري رودلف مدير كاليفورنيا ساينس سنتر في مؤتمر صحافي ان
"هذا المعرض مزيج بين العلم والتاريخ".
واضاف "انه يظهر كيف يمكن ان تساعدنا التقنيات العلمية في فهم
التاريخ والحاضر بشكل افضل، كما يظهر تمازج الطبيعة والثقافة في مختلف
نواحي العالم". ويخصص هذا المعرض حيزا واسعا للابحاث العلمية، ويشرح
المساهمات الكبرى للتحليل الوراثي والتأريخ من خلال الكربون والتصوير
باستخدام الرنين المغناطيسي، على دراسة المومياءات.
وقال البرت زنك احد المسؤولين عن المعرض، وهو باحث في المعهد
الاوروبي في بولزانو في ايطاليا، ان التقنيات العلمية سمحت باكتشاف "امور
كثيرة جدا حول الحياة والتاريخ والثقافة والصحة والتغذية والتشريح
واسباب الوفاة" مع الحرص على عدم العبث بهذه المومياءات. واضاف ان قيمة
هذه الكشوفات ليس تاريخية فقط، بل انها قد يكون لديها تطبيقات عملية
اليوم. واوضح "ما توصلنا اليه بفضل المومياءات عن تحول بكتيريا السل
يمكن ان يساعد العلماء على التخلص من هذا المرض القاتل في المستقبل".
كما ان المعرض يلقي الضوء على اختلاف اصول المومياءات المنحدرة من
القارات الخمس، فيما الاعتقاد السائد حتى الآن انها تتحدر من مصر
القديمة حصرا. بحسب وكالة فرانس برس .
وهناك مومياءات في البيرو، منها مومياء تعود لطفل عاش قبل الميلاد
باربعة الاف وخمسمئة سنة.
وقالت المسؤولة في المعرض هيذر جيل فريركينغ الباحثة في مشروع جرمان
مامي "هناك دراسات واهتمام بالمومياءات المصرية اكثر من غيرها بسبب
وجود الكثير من الوثائق حول طقوس الدفن في مصر القديمة، لكننا نملك
ادلة على ان المومياءات كانت موجودة في اميركا الجنوبية قبل مصر".
وتعرض ايضا مومياءات لعائلة اورلوفيتز اكتشفت في العام 1994 في
سرداب كنيسة شمال المجر، وهي اجساد لاشخاص ولدوا بين 1765 و1800 وحنطت
بشكل طبيعي جراء الهواء النقي الجاف وزيت خشب الصنوبر المستخدم في
صناعة توابيتهم.
معرض كليوباترا
اما في فيلادلفيا وفي صندوق زجاجي في معهد فرانكلين، تعرض قطعتان من
ورق البردي تصور خط يد الملكة كليوباترا أخر الفراعنة المصريين التي
ألهم جمالها الاسطوري الفنانين وصناع السينما. الوثيقة التي تحمل نقشا
باليونانية يقول "حقق ذلك" تشير الى اعفاء مؤقت من الضرائب لاحد أصدقاء
زوجها مارك أنطونيوس. وهذه القطعة واحدة من بين 150 قطعة أثرية في معرض
تعرض فيه اخر مكتشفات البحث المكثف الذي يستهدف العثور على مقبرتها
المفقودة. وبعض المعروضات في معرض "كليوباترا - البحث عن اخر ملكات
مصر" لم تعرض من قبل أمام جمهور. وقال جون نورمان رئيس ارتس ان
اكسبيشن انترناشونال لتصميم المعارض "قصة كليوباترا فيها دراما وصدمة
وجنس وقتل وحرب... ما الذي يمكن أن يكون أفضل من ذلك." وعثر على هذه
القطع الاثرية خلال استكشافات بالقرب من ابو صير على بحيرة مريوط. وبعض
اثار الملكة عثر عليها تحت مياه البحر المتوسط من مدينتي هيراكليون
وكانوبوس التاريخية بالقرب من ابو قير الحالية حيث دمرت الزلازل وموجات
المد البحري قصر كليوباترا قبل ألفي سنة. بحسب وكالة الانباء
البريطانية .
ويمكن لزوار المعرض مشاهدة تمثالين من الجرانيت الاحمر يبلغ ارتفاع
كل منهما 4.8 متر لملك وملكة من العصر البطلمي الذي تنتمي اليه
كليوباترا. والى جانب التمثالين يعرض تصوير بالفيديو للتمثال اثناء
رفعه من البحر المتوسط قبالة سواحل الاسكندرية الحالية.
كما يضم المعرض قلادات وأساور وأقراطا من الذهب ورأس تمثال لابن
كليوباترا ولعشيقها يوليوس قيصر وطلقات مقاليع ربما استخدمتها الجيوش
الرومانية التي أنهت حكم كليوباترا الذي بدأ عام 69 قبل الميلاد واستمر
قرابة 40 عاما.
ويحكي المعرض قصة المرأة التي استمالت اثنين من أقوى رجال العصر
الروماني وكسبت اخلاص الشعب المصري والتي تعلمت الرياضيات والطب
واللغات الاجنبية. كما يصف المعرض قصة انتحارها في النهاية وهي النهاية
التي اختارتها بدلا من قبول الاهانة العلنية على أيدي الرومان الذين
هزموها. |