دوامة الصومال عنف يتفاقم وفكر يزداد تطرفا

احمد عقيل

 

شبكة النبأ: يوما بعد يوم تتصاعد الأزمة الصومالية بسبب الجماعات المتطرفة المسيطرة على اكثر المناطق الجنوبية، والتي ينشط أفرادها في عمليات انتحارية وتفخيم العربات ومواجهة قوات الامن بأكثر من مكان وتبدأ المواجهات النارية، فيما يقع ضحية هذه المواجهات المواطنين الابرياء في معظم الاحيان، مما ادى ذلك الى نزوح جماعي للكثير من مواطنين المدن الصومالية التي تشهد القتال او تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة التي تعلن ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي.

قمع المدنيين

فقد أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان أن مسلحي حركة الشباب الاسلاميين في الصومال يقومون باغتيالات وممارسات غير إنسانية، ويمارسون عنفا مشينا بحق المدنيين في جنوب الصومال الذي يسيطرون عليه.

واكدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها الأخير ان أعضاء حركة الشباب التي تسيطر على وسط الصومال وجنوبه إضافة الى القسم الاكبر من العاصمة مقديشو، يمارسون قمعا عنيفا وشنيعا بحق المدنيين.

واعتبرت المنظمة أن مسلحي الشباب الموالين لتنظيم القاعدة فرضوا استقرارا اكبر في عدة مناطق بجنوب البلاد لكن بثمن باهظ يدفعه أهل المنطقة ولا سيما النساء . وأشار التقرير الواقع في 62 صفحة بشكل خاص الى العقوبات، من بتر الاعضاء والجلد، التي يتعرض لها بعض المدنيين الذين لا يحترمون تفسير حركة الشباب للشريعة الاسلامية, وكذلك اعدام او اغتيال الذين يشتبه في انهم خونة او من انصار الحكومة. واعربت المنظمة عن قلقها من التجنيد القسري الذي يستهدف الفتيان غير الراشدين في صفوف الاسلاميين.

واضاف ان المسلحين يطلقون قذائف الهاون عشوائيا وبانتظام على المناطق المكتظة بالسكان والتي تسيطر عليها الحكومة الانتقالية الصومالية على ما يبدو بهدف استدراج رد عنيف من القوات الحكومية وقوة السلام الافريقية .

وقالت هيومن رايتس ووتش ان قوة السلام الافريقية التابعة للاتحاد الافريقي قصفت بمدافع الهاون مناطق مكتظة بالسكان دون اتخاذ الاحتياطات الضرورية للتفريق بين الاهداف المدنية والعسكرية . وخلص تقرير المنظمة الإنسانية الى القول إن الدعم الدولي الكبير الذي تحظى به الحكومة الانتقالية الصومالية من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والامم المتحدة،غالبا ما دفع بهؤلاء الفاعلين الى تجاهل تجاوزات الحكومة الانتقالية وقوة السلام الافريقية .

الصوماليون يفرون

قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ان الصوماليين يفرون من القتال حول مقديشو لكن أعدادا متناقصة منهم تصل الى ملاذات آمنة في اليمن أو في كينيا بسبب تزايد انعدام الامن والمخاوف من تجنيد المتمردين الاسلاميين لهم في الطريق.

وقالت مفوضية اللاجئين ان الصراع أجبر ما يقرب من 169 ألف صومالي على النزوح عن ديارهم في جنوب ووسط الصومال هذا العام وخاصة من مقديشو. وأضافت المفوضية أن اللاجئين يبلغون عن تزايد صعوبات الوصول الى مدينة بوصاصو الساحلية في اقليم بلاد بنط شبه المستقل وهو قاعدة لزوارق مهربي البشر الى اليمن. وقال أندريه ماهيسيتش المتحدث باسم المفوضية "الناس يخافون من التحرك ببساطة لان انعدام الامن يفوق الاحتمال وهم يخشون أن تتقطع بهم السبل وسط قتال."

واضاف ناقلا عن روايات بعض اللاجئين "انهم يخشون أيضا الوقوع في التجنيد الاجباري اذا مروا عبر منطقة يسيطر عليها متمردو الشباب أو حزب الاسلام." وأعلنت جماعة حزب الاسلام المتحالفة مع حركة الشباب في مقديشو للمرة الاولى عن ولائها لتنظيم القاعدة ودعت زعيمه أسامة بن لادن للقدوم الى الصومال. بحسب وكالة الأنباء البريطانية .

وقالت المفوضية ان العديد من اللاجئين لا يملكون ما يكفي من المال للوصول الى بوصاصو ولقطع الرحلة عبر خليج عدن الى اليمن. كما شنت السلطات في اقليم بلاد بنط أيضا حملة على مهربي البشر في المنطقة. وقالت ميليسا فليمنج المتحدثة باسم المفوضية للصحفيين في جنيف "تدفق اللاجئين يتناقص على الرغم من العنف الدائر... وانخفض عدد الاشخاص الذين يعبرون خليج عدن والبحر الاحمر الى ما يقرب من النصف خلال الربع الاول من هذا العام."

ووصل ما يقرب من 9400 شخص من القرن الافريقي (من اريتريا واثيوبيا والصومال) الى اليمن. وقالت مفوضية اللاجئين ان من بين هؤلاء ما يقرب من 3200 لاجئ صومالي وهو ثلث عدد الصوماليين الذين نجحوا في العبور في نفس الوقت من العام الماضي.

وفي الوقت الحالي يستضيف اليمن الذي يعترف اليا للصوماليين بصفة اللاجئين ما يزيد على 170 الف صومالي. وشهدت كينيا تدفق 27 الف صومالي عليها في الربع الاول من عام 2009 لكنها سجلت هذا العام 12 ألفا فقط.

مصادرة أجهزة التلفزيون

فقد اكد هذا السكان، حيث قالوا ان متمردين اسلاميين صوماليين أمروا سكان المناطق التي يسيطرون عليها بتسليم أجهزة التلفزيون وهوائيات استقبال بث الاقمار الصناعية محذرين من أن كل من سيتقاعس عن ذلك سيعتبر جاسوسا.

والمنطقة المعنية تسيطر على معظمها حركة الشباب المسلحة التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة وتحظر أجراس المدارس ونغمات أجهزة الهاتف المحمول والموسيقى في الاذاعة.

وطالب أعضاء في الجماعة التي تحظر أيضا مشاهدة مباريات كرة القدم والافلام السينمائية السكان من خلال مكبرات للصوت وضعت على مركبات في أنحاء جنوب ووسط الصومال بتسليم أجهزة التلفزيون في شهر رمضان.

وقال رجل من سكان بولا باردي يدعى أبشر "أمرت العائلات بتسليم أجهزة التلفزيون وأطباق الاقمار الصناعية. يخشون أن يستخدمها بعضنا كقنوات خاصة للاتصالات."

وأضاف رافضا ذكر اسمه الثاني لدواعي السلامة "في الماضي لم نكن نستطيع أن نشاهد ألعابا أو أفلاما حسب رغبتنا. الان لا نستطيع حيازة أجهزة تلفزيون على الاطلاق."

وذكر مشرع من بولا باردي أن الجماعة المتشددة التي أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرين بالعاصمة الاوغندية كمبالا أسفرا عن مقتل 76 شخصا وهم يراقبون تطورات قمة للاتحاد الافريقي تعقد في المدينة تحسبا لاي هجوم محتمل. وقال المشرع عثمان محمد "يراقبون المناقشات عن كثب وسط حذر من تحول القوات عن أوضاع الدفاع في أعقاب تفجيري كمبالا." بحسب وكالة الأنباء البريطانية .

وأضاف "انهم يقهرون شعبنا متعللين بحجة واهية هي أن السكان ربما يكونون جواسيس. لكن هذه ليست حقيقة الامر. انها بداية لسلسلة محاولات للسيطرة على المعلومات وبث الخوف بين الناس."وضمت الولايات المتحدة صوتها للدعوات المتزايدة في قمة الاتحاد الافريقي لارسال مزيد من الجنود لمواجهة المتمردين الاسلاميين في الصومال.

إطلاق اللحية

من جانبها امرت مجموعة الحزب الاسلامي المتمردة في الصومال الرجال الذين يعيشون في الاحياء التي تسيطر عليها في مقديشو بإطلاق اللحى وذلك بحسب فهمها لمبادئ الدين الإسلامي، على ما أعلن احد قادة المجموعة.

وقال معلم حاجي محمد فرح في مؤتمر صحافي في العاصمة الصومالية "بداية من اليوم يجب على الرجال اطلاق اللحي ، وكل من لا يحترم هذه القاعدة عليه ان يتحمل العواقب". وأضاف مبررا "ان إطلاق اللحية هو واجب أخلاقي امرنا به النبي محمد. علينا ان ندافع عن هذه الممارسة الدينية"، على حد قوله.

وكثفت حركة الشباب التي تملك شرطة دينية تطلق عليها "جيش الحسبة"، القيود التي تفرضها على اللباس وغيره من المظاهر السلوكية. وهي تمارس بتر الأطراف والرجم والإعدام كما تدمر قبور الأولياء الصالحين من الصوفية بدعوى انها من "عبادة الأوثان". بحسب وكالة فرانس برس .

في المقابل لا يزال سكان بعض الاحياء التي تسيطر عليها قوات الحكومة الانتقالية المدعومة من المجتمع الدولي، يحتفظون بحرية نسبية في عادات العيش واللباس. والاسلام الشائع في الصومال عادة هو اسلام معتدل مع تأثير كبير للتصوف وتعتبر الوهابية السائدة في شبه الجزيرة العربية المجاورة التي تتبناها حركة الشباب، وافدة على الصومال وغريبة عن الثقافة المحلية.

نشر دعاية مسيحية

كما قامت حركة "الشباب المجاهدين" الصومالية المتشددة بوقف بث هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في المناطق التي تسيطر عليها، واتهمتها بمساندة "الاستعماريين والصليبيين،" ونشر الدعاية المسيحية، في أحدث خطوة للحركة حيال مؤسسات عالمية، بعد أسابيع على طلبها تعليق عمل برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة.

ونقلت تقارير إعلامية صومالية عن شهود عيان أن مسلحين من الحركة صادروا معدات البث التي تسخدمها الهيئة البريطانية، وطلبت من جميع المؤسسات المتعاقدة معها ومع إذاعة "صوت أمريكا" وقف بثهما عبر موجات FM، في حين ردت BBC بالتأكيد على أنها مؤسسة محايدة، وتتواصل مع كافة أطراف النزاع في الصومال. بحسب وكالة السي ان ان .

وأضافت هيئة الإذاعة البريطانية، التي تعمل من لندن دون وجود استديوهات بالصومال، إنها تتابع منذ أكثر من عقد بث برامجها بالإنجليزية والعربية والصومالية في الصومال دون مشاكل، ولفتت إلى أن الإحصائيات تدل على أنها من بين الأكثر شعبية بالنسبة للمستمعين في البلاد.

المال يجتذب الأطفال

الى ذلك اوضح عدد من الكادر التدريسي خوفهم مما تفعله هذه الجماعات مع تلاميذ المدارس، فقد قال مدرسون إن ما يقرب من نصف الاطفال في سن المدرسة في مدينة كيسمايو الساحلية الجنوبية في الصومال يتركون الفصول الدراسية لينضموا الى المتمردين الذين يقاتلون لاسقاط الحكومة الصومالية الهشة.

ويغري المتمردون الصغار بالمال وبغموض الميليشيا التي تقاتل في بلد تحكمه الفوضى وليس لديه الكثير ليقدمه لهم من عمل أو مستقبل. وقال مدرس في مدرسة ابتدائية في المدينة طلب عدم الكشف عن هويته "انهم يحملون بنادقهم في فخر عندما تخلو الفصول الدراسية... القادة الإسلاميون يسعون وراء الاطفال سواء في التجمعات العامة أو في المساجد."

ويخشى العديد من المواطنين الصوماليين جماعة الشباب بسبب تطبيقها لشكل متزمت من الشريعة الاسلامية بما في ذلك اعدام الناس بتهم السرقة والردة.وكانت الجماعة قد نظمت فيما مضى مسابقات في حفظ القرآن بين الشبان وكانت الجوائز عبارة عن ألغام مضادة للدبابات وكمبيوترات وبنادق (ايه.كيه. 47) للفائزين. محمد قدار (17 عاما) هو أحد الاطفال الذين تركوا التعليم من أجل الانضمام الى الجماعة المتشددة. وهو سعيد كمجند شاب ولا يشعر بالندم لانه ما كان ليحصل على هذا الدخل في أي مكان اخر حتى لو دخل الجامعة بسبب الصراع الذي يشهده الصومال. وقال قدار في مقديشو بعد عودته من قتال شوارع مع القوات الحكومية "تركت المدرسة لأنني لم أكن لأحصل على مئات الدولارات في المدرسة. أنا الان في ميليشيا الشباب. وحلمي أن أصبح قائدا في قوات المجاهدين التي ستسيطر على الصومال في العام القادم." بحسب وكالة الانباء البريطانية .

ويحذر محللون صوماليون من عواقب وخيمة اذا ما ترك الصغار تحت رحمة جماعات مثل الشباب التي تستغل الفقر المستشري كوسيلة للتجنيد. وقال أفياري علمي أستاذ التاريخ السياسي "المخاوف بشأن انضمام العديد من الشبان الى المقاتلين الدينيين والمقاتلين القبليين الذين ينتهجون العنف امر واقع ... علينا أن نفهم أن أغلب هؤلاء يفعلون ذلك لانهم يفتقرون الى فرص العمل والتعليم." ويعيش العديد من الاباء العاطلين عن العمل مع الحقيقة القاسية لتزايد التشدد بين الصغار. وبعد معاناتهم للحفاظ على أطفالهم يخسرونهم لصالح جماعات مثل الشباب وحزب الاسلام وهي جماعة أخرى متمردة. وقالت مريم محمود وهي أم لثلاثة من كيسمايو "توفي زوجي في 1994. وانا أبيع الخضروات لانفق على أطفالي. "كنت سعيدة اذ أحسب أنني سأتقاعد قريبا بما أنهم دخلوا المدرسة لكن أحد أولادي أصبح مقاتلا في ميليشيا ولم يعد يتصل بي."

بث الفرقة

من جهتها تحاول امريكا ان تجد حلا لهذه المشكلة، فقد قال مسؤول أمريكي إن بلاده تدرس سبل بث الانقسام بين المتمردين الصوماليين المسؤولين عن تفجيري أوغندا دون تأجيج مشاعر مناهضة للاجانب يمكن أن تؤدي الى توحيد صفوفهم.

وقتل 73 شخصا كانوا يشاهدون المباراة النهائية في بطولة كاس العالم لكرة القدم في التفجيرين اللذين وقعا يوم 11 يوليو تموز وأعلنت حركة شباب المجاهدين المسؤولية عنهما. وكانت الجماعة هددت بضرب أوغندا عقابا لها على مساهمتها في قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي في الصومال.

وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم نشر اسمه أن حلفاء الحكومة الانتقالية في الصومال يناقشون امكان السماح لقوات حفظ السلام الافريقية بمهاجمة المتمردين في أعقاب التفجيرات. ولا يمكن لهذه القوات حاليا استخدام القوة الا اذا تعرضت للهجوم.

وسئل عن الاستراتيجيات التي تستخدمها الولايات المتحدة في مواجهة الجماعات الاسلامية المسلحة في الصومال فأجاب المسؤول أن واشنطن ستسعى للتفريق بينها برغم صعوبة المهمة نظرا لحساسية الصوماليين بشأن التدخل الاجنبي.

وقال المسؤول الامريكي في افادة للصحفيين في لندن "نعلم ألا شيء يغضب الصوماليين أكثر من النفوذ الاجنبي.. اذا فعلنا شيئا بأسلوب يفتقر الى الحصافة." وأضاف "نحاول التفكير في أفضل طريقة لاستغلال أي انقسامات. لو فعلنا ذلك بطريقة غير سليمة في الوقت الحالي فسنجازف بتحقيق العكس وهو توحيدهم."

وكان بعض المحللين ذكروا أنه فضلا عن الخلافات بين جماعة الشباب وجماعات اسلامية مسلحة أخرى فالجماعة نفسها مكونة من مجموعات بعضها أجنبي يفضل أسلوب تنظيم القاعدة الخاص بتنفيذ هجمات على المستوى العالمي والبعض الاخر صومالي يفضل العمل على المستوى الوطني.

وقال المسؤول "هل هم (الشباب) جماعة صومالية حقا في هذه المرحلة أم هم دمى تحركها جماعة متطرفة خارجية. انه سؤال ندرسه بعناية فائقة." وثمة علامات متزايدة على أن جماعة الشباب تتبنى نهج تنظيم القاعدة الخاص بالعمل على النطاق الدولي ومن المهم السعي لمنع كبار المتشددين الاجانب من الترويج لهذا الفكر بين الفئة المتوسطة من المقاتلين. بحسب وكالة الأنباء البريطانية .

وذكر المسؤول أن الصوماليين الذين يعيشون في الخارج والذين يقدر عددهم بزهاء 1.5 مليون فرد ويرسلون الى بلادهم نحو مليار دولار من التحويلات المالية سنويا في وضع يتيح لهم استغلال نفوذهم في تعميق كراهية المتمردين لدى أبناء الشعب داخل الصومال.

وثمة "امكانية كبيرة" لحدوث ذلك لان الصوماليين في الغرب يرجح أن يتعرضوا لمزيد من تدقيق الشرطة في أعمالهم في أعقاب هجوم أوغندا ويرجح أن يلوموا جماعة الشباب على ذلك. وقال المسؤول "ستكون ضربة لهم ألا يتمكنوا من العمل وأداء أعمالهم التجارية خارج الصومال، واذا عرضت جماعة الشباب تلك التحويلات للخطر فأعتقد أن ذلك سيزيد نفور الشعب الصومالي منهم."

وأضاف أن الحكومة الاتحادية الانتقالية تحارب جماعة الشباب من أجل البقاء وتعتمد على قوة حفظ السلام الافريقية التي قال ان قوامها زهاء 5800 جندي. وذكر أن "مناقشات نشيطة" تدور بين حلفاء الصومال بخصوص توسيع نطاق قواعد الاشتباك لتمكين القوة من مهاجمة المتمردين. وقال المسؤول "كثير من الناس يعتقدون أن هذه هي الطريقة.. تغيير التفويض من حفظ السلام الى وضع الهجوم."

تصعيد المواجهات

في سياق متصل قال قائد مجموعة متمردة ان متشددين اسلاميين يتمركزون في اقليم بلاد بنط شبه المستقل في الصومال سيشنون حرب جهاد ضد الحكومة هناك الى ان تطبق أحكام الشريعة بصرامة.

وحث شيخ محمد سعيد اتوم السكان المحليين ورجال الاعمال على حمل السلاح. وقال ان مقاتليه متحالفون مع متمردي حركة الشباب.

وقال شيخ اتوم للصحفيين في بلدة جالكايو "لن نوقف القتال ابدا في بلاد بنط. اننا جزء لا يتجزأ من حركة الشباب ونحن أشقاء توحدنا أحكام الشريعة." وتقول الامم المتحدة ان شيخ اتوم أحد الاشخاص الرئيسيين الذين يمدون حركة الشباب بالاسلحة والذخيرة في بلاد بنط.

وكانت بلاد بنط وهي قاعدة رئيسية للقرصنة مستقرة نسبيا مقارنة مع بقية الصومال لكن في الاشهر الاخيرة تصاعد العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. وهدد متمردون اسلاميون في وسط الصومال بطرد القراصنة من مخابئهم وفي مايو ايار استولوا على هاراديري وهي بلدة تربحت كثيرا من القرصنة في خليج عدن. وقال سكان محليون ان المتمردين يقومون بتجنيد مقاتلي الميليشيات في المنطقة وانهم يتمركزون في التلال خارج ميناء بوصاصو.

وقال حسين علي وهو أحد سكان المنطقة "شيخ محمد سعيد اتوم يقوم بتجنيد اسلاميين في تلك المناطق الجبلية منذ عام 2005 ." واضاف حسين علي "وقد هيمن على الشبان باستخدام ثلاث وسائل .. مبالغ مالية ضخمة للغاية من مبيعات الاسلحة وأحكام الشريعة واقناع قبيلته بأنها ليس لها نفوذ سياسي يذكر على حكومة بلاد بنط." بحسب وكالة الأنباء البريطانية .

وحمل موقع مؤيد للقاعدة على الانترنت بيانا يقول في موضوع منفصل انه سيطلق قناة تلفزيون (الكتائب) لنشر رسالته في البلد الذي تنتشر فيه الفوضى في القرن الافريقي. وقال موقع "التحدي" على الانترنت ان الحرب الاعلامية التي يواجهها المجاهدون من أعنف الحروب وهي أهم جبهة في حربهم "ضد الكفار" في الصومال وهو ما يجعلهم من يهتم بالفجوة في الجهاد الاعلامي في جبهة الصومال الاكبر.

ضحايا بريئة

وسقط 14 قتيلا على الأقل والعديد من الجرحى أكثرهم تلاميذ مدرسة قرآنية في معارك بين متمردي حركة "الشباب" الإسلامية المتطرفة وقوات الأمن في العاصمة الصومالية مقديشو استعمل فيها السلاح الثقيل. واندلعت معارك بالاسلحة الثقيلة في العاصمة الصومالية عندما هاجم مسلحو حركة الشباب مواقع للقوات الحكومية في الجبهة الشمالية لمقديشو.

وتجددت المعارك بعد توقف قصير خلال الليل. وقال رئيس هيئة الاسعاف في مقديشو علي موسى "شاهدت فرقنا الطبية جثث عشرة مدنيين ونقلت 23 جريحا". من جهة اخرى، اكد الشاهد عبد الحي مقتل اربعة اشخاص اخرين في حي كران جنوب العاصمة. وقال الشاهد حسن عبد الله انهما "جثتان لاثنين من افراد اسرة واحدة بينما الاثنتان الاخريان لشخصين لجأ خلال المعارك الى منزلهما الذي تعرض للاسف لقصف مدفعي ادى الى مقتلهما".

واكد مسؤول امني كبير في الحكومة العقيد علي محمد دهيري ان "المعارك اندلعت بعد ان هاجم الارهابيون مواقعنا في حيي شيبيس وعبد العزيز". واعلن مسؤول هيئة الاسعاف في مقديشو ان عدة قذائف هاون سقطت على احياء بعيدة عن جبهة القتال. واكد ان اكثر من نصف الجرحى تلاميذ مدرسة قرآنية تقع في حي حمروين جنوب مقديشو. واعلن احد المدرسين المعلم محمود علي ان "نحو 12 من تلاميذه جرحوا بقذيفة هاون اصابت المدرسة" وان بعضهم اصيبوا "بجروح خطيرة".

واعلن مسؤول في حركة الشباب رفض كشف هويته الانتصار لكن شهودا اكدوا ان مواقع الطرفين لم تتغير.

وقال المسؤول ان "جنود الله شنوا هجمات تم الاعداد لها جيدا على ثكنات العدو فقتلوا العديد منهم، اننا نسيطر الان على المناطق المتنازع عليها وسنواصل تقدمنا في مواقع اخرى للعدو حتى السيطرة عليها بالكامل". بحسب وكالة فرانس برس .

وقد تعهدت حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة بالاحاطة بالحكومة الانتقالية الصومالية التي يراسها شريف الشيخ احمد والتي لا تسيطر سوى على بعض احياء مقديشو الاستراتيجية تحت حماية ستة الاف جندي اوغندي وبوروندي من قوات السلام الافريقية في الصومال.

حرب شرسة

وفي السياق نفسه اعلنت مصادر حزبية ان زعيمي ابرز حركتين اسلاميتين تسيطران على قسم كبير من الصومال، التقيا من اجل توحيد قواتهما ضد الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب.

وقد التقى عبدي محمد غودان زعيم حركة الشباب المجاهدين الاسلامية الذين يعلنون انتماءهم الى القاعدة في مقديشو الشيخ حسن ظاهر عويس، زعيم حزب الاسلام، وهو مجموعة اصغر، كما قال مسؤول في حركة الشباب طلب عدم الكشف عن هويته.

والمجموعتان المتمردتان الاسلاميتان اللتان تسيطران على وسط الصومال وجنوبه، متحالفتان من حيث المبدأ، لكنهما تواجهتا مرات عدة في الاشهر الأخيرة. وقال المسؤول في حركة الشباب ان "الزعيمين التقيا وناقشا اتفاقا واسعا لتوحيد قواتهما، تمهيدا لشن هجوم كبير على الغزاة الأفارقة وحكوماتهم المارقة". واضاف ان "ابو زبير (عبدي محمود غودان) والشيخ عويس يفترض ان يتوصلا في الايام المقبلة الى اتفاق نهائي على توحيد مقاتليهما في المعسكرات نفسها، للقضاء على اعداء الله في البلاد". بحسب وكالة فرانس برس .

ويحمي حوالى ستة الاف جندي اوغندي وبوروندي من قوة الاتحاد الافريقي في الصومال (اميصوم)، الحكومة الانتقالية الصومالية الضعيفة، التي تشكلت في كانون الثاني/يناير 2009، وتدعمها المجموعة الدولية. ولا تفرض هذه الحكومة وجودها إلا على جزء صغير من مقديشو. و توعدت حركة الشباب بتكثيف هجماتها على جنود قوة اميصوم.

واكد مسؤول في حزب الاسلام هو الشيخ محمد ابراهيم، عقد اللقاء. وقال ان "زعيمي المجموعتين قد التقيا وستكون النتيجة هجوما واسع النطاق على الغزاة". ويقول مسؤول اسلامي آخر طلب عدم الكشف عن هويته، ان مقاتلين من القاعدة حضروا اللقاء وقدموا المشورة لقادة المتمردين.

قاعدة العراق

وكانت حركة الشباب المجاهدين الصومالية نفذت هجوماً انتحارياً في مقديشو بواسطة شاحنة مفخخة، أسفرت بحسب ما زعمت عن مقتل 15 شخصاً عدا المصابين، فيما قالت مصادر طبية صومالية إن 7 مدنيين قتلوا وأصيب 41 شخصاً في قتال اندلع في مقديشو إثر عملية انتحارية استهدفت قاعدة للقوات الإفريقية. وقالت الحركة في بيان لها نشرته مواقع متشددة إن العملية "ثأرية" ورداً على مقتل "أمير دولة العراق الإسلامية أبوعمر البغدادي ووزير الحرب أبو حمزة المهاجر." بحسب وكالة السي ان ان .

وأضافت في البيان أن "كتيبة الاستشهاديين التابعة لحركة الشباب المجاهدين" نفذت يوم السابع والعشرين من إبريل/نيسان "عملية استشهادية على قاعدة عسكرية كانت تُعِدها القوات الصليبية لتجعل منها مقرا لها في حي 'شبس' في ولاية بنادر الإسلامية 'مقديشو.'"

وأوضحت أن اثنين من عناصرها قادا "شاحنة كبيرة محملة بالمواد المتفجرة فانغمسا بها في صفوف الصليبيين" وفجّرا "وكرَ الصليبيين" و"قد كانت المحصلة الأولى لهذه العملية المباركة قتل خمسة عشر صليبي وجرح عدد آخر ويرجح أن تكون حصيلة القتلى أكثر بكثير بفضل الله ومنه."

وقال المتحدث باسم حركة الشباب المجاهدين الشيخ، علي محمود راجي، في مؤتمر صحفي في مقديشو إن "هذه العملية جاءت ثأراً لدماء شهيدينا البطلين بإذن الله، الشيخُ القائد أبو عمر البغدادي ووزيره الضرغام أبو حمزة المهاجر ومن معهما من جند الله الأشاوس تقبلهم الله، و اللذين قصفتهم أيدي الجبن والغدر الصليبية في العراق.

الاعتراف باستقلالها

من جانبه اعلن الرئيس الجديد المنتخب لمنطقة ارض الصومال التي اعلنت استقلالها عن الصومال من جانب واحد، عزمه مضاعفة الجهود لحشد الاعتراف باستقلال هذه المنطقة بعد فترة سلمية جديدة جعلت منها نموذجا ديموقراطيا في القرن الافريقي.

واعلن المعارض السابق احمد محمود سيلانيو في مقابلة غداة الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية "ساقاتل بقوة خلال فترة ولايتي للاعتراف بارض الصومال". وفاز سيلانيو بالرئاسة امام منافسه الرئيس المنتهية ولايته ظاهر ريال كاهين مع قرابة 50% من الاصوات مقابل 33%، في هذه المنطقة المحاذية لخليج عدن والتي يقطنها 3,5 ملايين نسمة.

واذا ما سادها الهدوء حتى النهاية، فان هذا الفترة الانتقالية للسلطة ستكون الثانية التي تحصل سلميا منذ ان اعلنت ارض الصومال استقلالها احاديا عن بقية الصومال في 1991.

وكان الرئيس المنتهية ولايته وعد قائلا "اذا خسرت الانتخابات، فاني سانقل مسؤولياتي بطريقة ديموقراطية جدا". واعرب الرئيس الجديد سيلانيو عن "امتنانه" لسلفه "للخدمات التي قدمها للامة بما في ذلك تنظيم انتخابات ديموقراطية". بحسب وكالة فرانس برس .

وياتي تبادل المجاملات هذا على نقيض الحرب الاهلية التي تجتاح الصومال منذ انهيار ديكتاتورية محمد سياد بري في 1991، لكنه يحسم موقفه ايضا مع غياب الحالة السلمية لدى الدول المجاورة: اثيوبيا واريتريا او جيبوتي. وارض الصومال التي كانت مستعمرة بريطانية، الحقت بباقي الصومال الذي كان تحت الاحتلال الايطالي في 1960 تاريخ استقلال الصومال. وبقيت ارض الصومال مستقرة ومزدهرة نسبيا بعيدا عن الصراعات القبلية بسبب سيطرة قبيلة واحدة موحدة فيها هي قبيلة اسحق المنتشرة في الصومال.

وقال سيلانيو "على العالم ان يعترف بديموقراطيتنا"، في حين رفض المجتمع الدولي هذا الاعتراف حتى اليوم. واضاف سيلانيو (74 عاما) الذي قاتل نظام محمد سياد بري على راس الحركة الوطنية الصومالية "ان اول جزء من الاعتراف باستقلالنا بات حاضرا ضمن حدود اعتراف شعبنا بنفسه انه دولة حرة. نسعى الان وراء اعتراف العالم الخارجي بنا".

واوضح دبلوماسي غربي يعمل في المنطقة "اننا ننظر بطريقة ايجابية الى التطورات الديموقراطية في ارض الصومال". واضاف "لكن استقلال هذه المنطقة يطرح مشكلة قانونية ومشكلة سياسية هي خطر اضافة حالة من عدم الاستقرار على عدم الاستقرار". وتعرف بريطانيا القوة المستعمرة سابقا، والولايات المتحدة بميلهما اليوم الى احتمال الاعتراف لاحقا بارض الصومال.

واذا كانت الديموقراطية في ارض الصومال بعيدة عن ان تكون تامة - الانتخابات الرئاسية في 26 حزيران/يونيو ارجئت ثلاث مرات منذ 2008 -، فان التهديد الرئيسي في ارض الصومال خارجي، فالمتمردون الاسلاميون في حركة الشباب والذين يسيطرون على الجزء الاكبر من الصومال، يعتبرون ارض الصومال غير موجودة. وعلق مسؤول في حركة الشباب في مقديشو رافضا الكشف عن هويته "ان هذه الانتخابات مخجلة. نريد وحدة كل المسلمين وان ما يسمى ارض الصومال وبونتلاند (ارض صومالية تتمتع بحكم ذاتي) هما بدعة اثيوبية هدفها تقسيم المعقل الاسلامي الوحيد في المنطقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/آب/2010 - 14/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م