تغييرات المناخ... تدهور خطير يهدد الأرض وسكانها

 

شبكة النبأ: تزايدت المخاوف في الآونة الأخيرة من نتائج درجات الحرارة العالية، التي تنبعث من احتراق وقود السيارات والمصانع، ونشرت تحذيرات مما سيؤدي ذلك من حدوث كوارث طبيعية في العالم، وهذا ما حدث فعلا، فرصدت الاقمار الصناعية حادثة طبيعية الاكبر من نوعها قرابة نصف قرن، وبمساحة تتجاوز260 كيلومتر مربعا، وهو انفصال جبلا جليديا عن احدى الجزر في المحيط وبدأ يطفو بشكل مستقل، وهذا كله بسبب الاحتباس الحراري الذي رفع الحرارة في القطب لأعلى الدرجات.

ويخشى العلماء من استمرار هذه الكوارث خلال السنوات القادمة، بينما قال البعض ان ليس هناك تهديد كبير على السفن والبواخر التي تسير في ذلك النهر الذي يطفو فيه الجبل، وخلال ذلك يقوم البعض من العلماء بعمليات البحث التي أسفرت عن اكتشاف بعض القطع التي تعود الى العصر الجليدي وبعض انواع الاسماك السريعة التأقلم، وان الغرض من هذه البحوث هو لمعرفة الاسباب التي كانت السبب في حوادث الماضي للسيطرة على حوادث المستقبل.

انفصال أكبر جبل جليدي

فقد قالت مراكز علمية أمريكية تعنى بمراقبة مستويات الجليد في القطب الشمالي، إن جبلاً جليدياً تتجاوز مساحته 260 كيلومتراً مربعاً انفصل عن جزيرة غرينلاند وبدأ يطفو بشكل مستقل في مياه المحيط، في أكبر حادث من نوعه منذ قرابة نصف قرن.

وذكر علماء من جامعة ديلاوير، أن الجبل الجليدي انفصل عن نهر "بيترمان" المتجمد، وهو يعادل من حيث المساحة ربع إجمالي حجم المسطح الجليدي الذي يشكله النهر. وقال أندريس مونتشو، أخصائي دراسات المحيطات في الجامعة: "كمية المياه العذبة الموجودة في الجبل الجليدي هائلة للغاية، وهي تكفي حاجة الولايات المتحدة بالكامل للمياه طوال 120 يوماً."

وذكر مونتشو أن الجبل يتوجه حالياً إلى مضيق ناريس الذي يقع على بعد حوالي ألف كيلومتر من مركز القطب الشمالي، بين غرينلاند وكندا، وتوقع أن يسد الجبل ذلك المضيق بالكامل، أو أن يتحطم إلى أجزاء أصغر تستمر في العوم حتى تدخل مياه المحيط الأطلسي. ورأى مونتشو أن وصول القطع الجليدية إلى المياه المفتوحة في المحيط الأطلسي سيستغرق قرابة عامين، تكون خلالها القطع قد عبرت قرب سواحل جزر بافين ولابرادور. بحسب وكالة السي ان ان .

ويعتقد العلماء أن ذوبان الجليد يتسارع في القطب الشمالي بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض جراء ظاهرة الاحتباس الحراري الذي رفع الحرارة في القطب لأعلى مستوياتها منذ أكثر من ألفي عام. ويخشى العلماء استمرار المسار الحالي للأمور في السنوات المقبلة، ما يضع القطب أمام خطر فقدان جليده بالكامل خلال أشهر الصيف.

بينما دعت ترودي ووهليبين عالمة الارصاد الجوية الكندية الى الاطمئنان، حيث تقول ان الكتلة الجليدية الضخمة التي تفوق مساحتها 250 كيلومترا مربعا والتي انفصلت عن مجلدة القطب الجنوبي لا تشكل خطرا داهما على الملاحة او الاستكشاف النفطي قبالة شواطئ كندا، التي اكتشفتها على صور الاقمار الصناعية.

واوضحت العالمة ان الكتلة قد تهدد السفن او المنصات النفطية، لا سيما ان تحطمت الى عدة اجزاء كبيرة كما هو متوقع، الا ان الخطر ليس وشيكا: فالجزيرة العائمة تحتاج "الى ما بين عام وعامين لبلوغ الساحل الشرقي لكندا" وهناك من المحتمل جدا ان تؤدي المياه الاكثر دفئا والامواج العاتية في المحيط الاطلسي الى تكسرها الى عدة قطع. بحسب وكالة فرانس برس .

كذلك لا يمكن للسفن راهنا ان تواجه مصير "تايتانيك". فصور الاقمار الصناعية تحذرها من وجود كتل جليدية في جوارها. اما المنصات النفطية، فهي لا تستطيع التنقل لكن يمكنها ارسال زوارق قطر لدفع كتل الجليد، حسبما تشرح الخبيرة.

والكتلة الجليدية الضخمة التي انفصلت عن مجلدة بيترمان في شمال غرينلاند تفوق حجم جزيرة مانهاتن في نيويورك بأربعة اضعاف. ولم تستطع ووهليبين التأكيد على وجود رابط بين الاحترار المناخي وانفصال الكتلة الجليدية قائلة ان "عدة عوامل يمكن ان تكون ساهمت بذلك

طبقة جليدية تعود إلى العصر الجليدي

من جانب اخر اكتشفت طبقة جليدية في شمال شرق بولندا تعود إلى العصر الجليدي الأخير أي إلى ما قبل 13 ألف سنة، الأمر الذي قد يعتبر مساعدة جد قيمة للدراسات حول الاحتباس الحراري بحسب ما أكد خبراء بولنديون. وأتى هذا الاكتشاف المذهل في جوار بلدة سزيبليسزكي (شمال-شرق)، قريبا من الحدود البولندية-الليتوانية.

وكان جيولوجيون يشرفون على أعمال حفر في المكان قد ذهلوا عندما لاحظوا أن حرارة الأرض تنخفض كلما ذهبوا بعيدا في الحفر بدلا من الارتفاع كما هو معهود. وفي حديث صحافي أعلن ييرزي ناوروكي مدير معهد بولندا الجيولوجي أن "باحثينا سجلوا حرارة بلغت 0,07 درجة مئوية على عمق 356 مترا".

وأضاف "كأن بردا بقدم 13 ألف سنة لفحنا"، مشيرا إلى أن الاكتشاف "يؤكد نظرية العلماء التي تقول بأن بولندا كانت تضم أنهرا جليدية".

ويعتبر هذا الجليد المحفوظ في عمق الأرض هو الأول المكتشف في أوروبا الوسطى. وهو يشكل بالنسبة إلى الجيولوجيين البولنديين مصدرا فريدا للمعلومات حول المناخ الذي كان يسيطر على كوكب الأرض قبل عشرات آلاف السنين. بحسب وكالة فرانس برس .

والمعلومات المتوافرة حول الموضوع حتى الآن، كان قد استحصل عليها من خلال الدراسات التي تناولت الطبقات الجليدية القديمة في غرينلاند أو في أنتاركتيكا. ويؤكد يان سزيوكسيك من المعهد المشرف على المشروع أن "اكتشافنا مهم في إطار النقاش الدائر حاليا حول الاحتباس الحراري الذي يطال الكرة الأرضية". ويشرح أنه "من أجل تصور نماذج معقولة للتغيرات المناخية المستقبلية، لا بد من امتلاك بيانات موثوقة حول الماضي".

أسماك قادرة على التأقلم سريعا

بينما سجلت دراسة أسرع عملية تطور رصدت لدى حيوانات برية. حيث تبين أن فصيلة واحدة من الأسماك على أقل تقدير قادرة على التأقلم مع تغيير مناخي طارئ فقط خلال ثلاثة أجيال، ويوضح روان باريت الذي قاد هذه الأبحاث أن "دراستنا هي الأولى من نوعها والتي تبرهن بطريقة اختبارية أن بعض الأجناس الوحشية قادرة على التأقلم سريعا جدا مع التغيرات المناخية". لكنه لفت إلى أن عددا قليلا جدا من هذه الحيوانات تجاوز التجربة.

وكان علماء كنديون وأوروبيون قد التقطوا أسماك "أبو شوكة" من المحيط ووضعوها في أحواض ليعمدوا إلى خفض حرارة المياه تدريجيا. ودرس الباحثون هذه الأسماك خلال ثلاث سنوات، ليصلوا إلى خلاصة تبرهن بأن بعض الحيوانات في فصيلة ما قادرة على التطور سريعا لمعايشة تغيرات مناخية كبيرة. ففي كل جيل، كانت الأسماك تتمكن من التأقلم في مياه أبرد ب 2,5 درجة مئوية من تلك التي كانت أسلاف أسلافها لتنفق فيها. بحسب وكالة فرانس برس .

وتتوقع غالبية الدراسات حول المناخ والتي نشرت في المجلات العلمية أن يرتفع معدل الحرارة الإجمالي خلال العقود المقبلة تدريجيا، مع تسجيل موجات قصوى من الحر والبرد. لكن يوضح باريت أن "ردة الفعل التطورية المهمة التي شهدناها لا تعني أن تأقلم مجموعة ما مع تغييرات مناخية قد تأتي من دون أي عواقب". وكانت 95% من الأسماك التي تمت دراستها خلال السنوات الثلاث قد نفقت، في حين طورت 5% منها فقط مقاومة للبرد.

ويشدد باريت على ضرورة استكمال الأبحاث بأخرى لاكتشاف إمكانية حدوث هذا التطور السريع لدى أجناس أخرى، وفي ظل ارتفاع الحرارة وليس تدنيها. ويلفت الباحث إلى أنه من شأن ذلك أن يعلمنا بكيفية مقاومة البشر للاحتباس الحراري. لكنه يعود ليحذر من نفوق أسماك أبو شوكة بنسبة 95%. فهو يرى أن تطورا بهذه السرعة "قد يجعل المجموعة حساسة جدا... لكل شيء عواقبه".

عقد مكافحة التصحر

من جانبها اطلقت الامم المتحدة في فورتاليزا شمال شرق البرازيل عقد مكافحة التصحر (2010-2020) سعيا للحد من هذه الظاهرة التي تتسع وتهدد اكثر من مليار شخص في سبل عيشهم. وقال السكرتير التنفيذي لاتفاقية الامم المتحدة ضد التصحر لوك غناكادجا ان "هدف هذا العقد هو الحد من التصحر من اجل تخفيف تاثيره على الفقر والبيئة على المدى البعيد". ويعيش على الاراضي الجافة ثلث سكان العالم اي 2,1 مليار نسمة، و90% منهم في الدول النامية.

وتشمل هذه الظاهرة اكثر من 40% من مساحة الارض وتضم 50% من المواشي. ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في رسالة الى "رد عالمي" على التصحر. وقال ان "الغالبية الكبرى من الملياري شخص الذين يعيشون على الاراضي الجافة من العالم يعيشون باقل من دولار في اليوم ولا يمكنهم الوصول بالشكل المناسبة الى المياه".

ويطاول التصحر وتآكل التربة كل سنة 12 مليون هكتار من الاراضي الزراعية، ما يوازي مساحة اليونان ويسمح بتوفير الغذاء لستة ملايين شخص. وتقدر قيمة الخسائر التي قد تنتج عن ذلك كل سنة ب42 مليار دولار (33 مليار يورو). بحسب وكالة فرانس برس .

وحذرت اتفاقية الامم المتحدة ضد التصحر في وثيقة من انه "مع التغيير المناخي، فان حوالى نصف سكان العالم سيعيشون عام 2030 في المناطق الاشد حاجة الى المياه". كما يهدد التصحر الامن الغذائي، في وقت تشير التقديرات الى ان سكان العالم سيزيدون بمقدار ثلاثة مليارات قرابة العام 2050، ما سيحتم توفير الغذاء لثلاثة مليارات اضافيين.

غير ان الامم المتحدة لا تفقد الامل وقد اثبتت بعض المشاريع انه من الممكن استصلاح اراض باستخدام المياه بطريقة افضل مع تحسين حياة السكان. وتشير الامم المتحدة تاكيدا على ذلك الى تحويل منطقة لوجا الجبلية القاحلة في الاكوادور من خلال تطبيق برنامج لزرع حواجز طبيعية من نبتات الصبار شكلت جبهة ضد تآكل التربة، ما اثبت امكانية حماية المزروعات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/آب/2010 - 13/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م