العنف في الشوارع

زاهر الزبيدي

للمرة الثانية عشر خلال أسبوع أقف مذهولاً أمام عراكاً بالأيدي بين مجموعة سائقي العجلات في شوارع بغداد.. وهذا العراك يبدأ فجأة لأسباب تافهه جداً لا تتعدى موضوع تجاوز أحد ما على الآخر، حيث يبدأ العراك بعصبية مفرطة ثم تتحول الى السب والشتيمة ثم يدخل الطرفان في اشتباك بالأيدي و(القنادر) أمام جميع الناس هذا إذا لم يخرج أحدهم (توثيته) من تحت المقعد ليلوح بها أمام الناس ويستمر العراك لدقائق يتدخل أبناء الخير بعدها لفض الاشتباك والذي قد لاينتهي بسهولة مع استمرار السب والشتيمة من أحدهم للأخر ومهما كان حجم المتدخلين لفضه والسبب يعود الى استخدام الأطراف كل ما أوتو من قوة في هذا الاشتباك.

 أما إذا كانت أحدى السيارات تحوي على مجموعة من الشبان فأنهم مباشرة يعملون بمبدأ (الولية)، مبدأ قديم في القتال الجماعي، ليستجمعوا كل قوتهم أما المقابل الذي يسقط إحياناً لا حول له ولا قوة.. وكأني اراهم وقد استجمعوا حقد عشرات السنين على بعضهم البعض على الرغم من عدم معرفة أحدهم بالآخر وجميعهم عراقيون غير معروفي الطوائف ولا القوميات!

على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة ووجود الازدحامات المرورية والتي قلت حدتها في الفترة الأخيرة بعد افتتاح بعض الطرق التي سهلت مسارب كثير تضيع الازدحامات في داخلها إلا أن تلك الحالة، غير الحضارية، تضعنا أمام مؤشر خطير يتمثل في حجم تأثير الحالة النفسية التي يعيشها المواطن العراق وهو يمر بكثير من الحالات التي تؤجج في داخله نزعة العنف تلك فيحاول أن ينفجر معبراً عن ما في داخله من (مكبوتات) أثرت وتؤثر سلباً على عموم المجتمع، وبغض النظر عن الشخص الذي ينفجر أمامه إلا أنها فرصة كبيرة له ليصب جام غضبه على أحد ما في العراق.

إن استخدام الكثير من العراقيين للعنف بأنواعه منها العنف الأسري والعنف مع الأطفال والعنف في محيط المجتمع ككل ما هو إلا للتحرر من مشاعر الغضب والإحباط التي ترافق اغلب طموحاتهم وآمالهم، تلك المشاعر التي تدور في دواخلهم النفسية كإعصار هائج ولكونهم لا يجدون إجابات مقنعة لتساؤلاتهم والمشاكل التي يواجهونها بصمت يكون ها المخرج في أطلاق غضبهم مترجماً في صورة العنف المتنوع ومنه العنف في الشارع.

وهذه الحالة من النادر جداً لن تجدها في شوارع البلدان المجاورة حيث أن العلاقة هناك مبنية على التسامح المطلق في الشارع إلا ما ندر منها والتي تصل الى أن تتحول الى مسألة قانونية يتدخل رجل المرور في حالها وكذلك الاحترام المتبادل لقوانين المرور والاسترشاد الدائم بتعليمات المرور وعدم التجاوز على حقوق الآخرين بدافع من التخلف عند بعض السائقين.. والتجاوز على حقوق الآخرين وبدون استئذان هو أهم ما يسبب تلك الحوادث والذي يتم أمام أنظار رجال المرور، فحالة التجاوز على حقوق الآخرين كالتسابق على الوصول الى نقطة ما ولكون سيارته حديثة وسيارتي قديمة مدمرة أعتقد بأنه سيستسلم خوفاً عليها ويمنحني حقه في الشارع رغماً عن أنفه !

ناهيك عن المشاكل التي تعصف بالبلد بسبب تفاقم أزمة الكهرباء والأزمات الأخرى.. ومع حلول شهر رمضان المبارك.. عسى الله أن يغل شياطيننا ونعيش شهراً بلا صراع الأخوة.. الأعداء.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/آب/2010 - 13/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م