رمضان وظاهرة الأعمال العراقية الفنية الهابطة

 

شبكة النبأ: يبذل المؤمنون في رمضان جهدا نفسيا وبيولوجيا مضاعفا نتيجة للصوم مع القيام بالأنشطة الإنتاجية والعملية كافة، لهذا يكون الصائم بعد الإفطار بحاجة مضاعفة الى الراحة لكي يستعيد ما فقده في ساعات الصوم الطويلة، ومن بين وسائل الترفيه اعتادت معظم المحطات الفضائية (العربية) على تقديم أعمال فنية تطلق عليها أعمال خاصة بشهر رمضان الكريم، فهل هذه الأعمال تتلاءم مع مكانة هذا الشهر المميز عن باقي الشهور في كل شيء؟

إن من يقوم بمتابعة بسيطة لهذه الأعمال التي تُطلق عليها تسمية (أعمال فنية) سيجد بأنها لا تمت الى الفن بصلة بل تبدو عبارة عن نوع من التهريج الذي لا طائل منه سوى الإساءة لمن يتابعه نتيجة للمضامين السيئة التي تنطوي عليها.

فهناك على سبيل المثال أعمال درامية (مسلسلات) يعتقد منتجوها انها تريح الناس عندما يتابعونها بعد جهد الصوم الكبير، لكن معظمها ينال استهجان الناس وتذمرهم، بسبب الإساءات التي يتعرض لها المشاهد لمثل هذه الاعمال الهابطة وهذه اقل صفة يمكن أن تحظى بها.

فحين تتفحص مثل هذه الاعمال ستجد انها لا تنطوي على اضعف عناصر القبول والنجاح، سواء بمضمونها المتمثل بالكلمات الفجة ناهيك عن اللقطات التي ترافق ذلك من دون مراعاة لخصوصية هذا الشهر، فترى التطبيل والتهريج والزعيق يصل الى اعلى مستوى له مما يثير حفيظة واشمئزاز المشاهد لدرجة ان الجميع يضطرون الى غلق الشاشة بعد سعيهم لسماع آخر الاخبار العامة او متابعة بعض البرامج الثقافية والدينبة وغيرها مما هو مفيد لهم.

ومن الامثلة الواضحة على مثل هذه الاعمال السيئة، هناك -على سبيل المثال وليس الحصر- برنامح يُعرض في احدى الفضائيات التي تقول بأنها قناة وطنية هذا البرنامج لا يستحق حتى ذكر اسمه او اسم مقدمه الطائش او الذين يشتركون في القيام به من (افراد الاجهزة الامنية) حيث يتم استغفال احد الفنانين وتوضع في سيارته (عبوة لاصقة) بالاتفاق مع مقدم البرنامج وبموافقة القناة المذكورة والجهات الامنية نفسها، ثم يلقى القبض على الممثل في سيارته وهي تحمل العبوة اللاصقة المزعومة وبعدها يبدأ مسلسل الاهانات للممثل وللمشاهدين وللبرنامج وقناته ومقدمه ايضا، فالجميع يأخذ حصته من الاهانة بسبب هذا العمل الهابط فكرة واعدادا وتقديما وتمثيلا والى آخره حتى انبرت مئات الاصوات والاقلام المطالبة بإيقاف هذا العمل السخيف الطائش الذي لا يمثل في هبوطه وتفاهته سوى القائمين عليه.

اما لو انتقلنا الى بعض الاعمال التي تطلق على نفسها تسمية اعمال فنية (زورا وبهتانا) فإننا سنرى العجب العجاب، فهذا يغني عن الباذنجان والفاصوليا وذلك يتزيا بأزياء النساء أو (البلهاء) لكي يثير سخرية الناس ثم يبدأ الجميع ببث كلمات مسيئة للسامع وكل ظن العاملين انهم يزرعون البسمة في وجوه المشاهد ويخففون عليه في وقت يصبحون فيه اضحوكة للجميع ناهيك عن بثهم ما يسيء الى الذوق ورهافة الحس وحتى الاخلاق.

ففي الوقت الذي ينبغي ان يكون فيه شهر رمضان محطة لتصحيح الاخطاء وتشذيب النفس والتنبيه على الاخطاء سواء للفرد او القادة وغيرهم، في هذا الوقت نجد مثل هذه الاعمال الهابطة تغزو الفضائيات في ظاهرة اقل مايقال عنها انها ظاهرة تسيء للفن وللمشاهدين في آن واحد، واذا كان هناك مجال لقبول الاعمال الفنية الساخرة وهو فن جاد له شروطه، فإن ذلك يتطلب درجة من القبول والنجاح من خلال الرسالة التي تقدمها مثل هذه الاعمال للمشاهدين.

نعم هناك فن كوميدي هادف ومحترم يخلو من التهريج ومن الكلمات التي لا تختلف عن الهذيان، وله رسالته الانتقادية الواضحة، لكن اذا تحول الى ساحة تهريج في القول والمظهر والصوت والحركات والضوء وما شابه، فإنه سيتحول من عمل كوميدي هادف الى عمل تهريجي مسيء ومهين للانسان.

إذن لا يختلف اثنان على ان بعض المحطات الفضائية اساءت بشدة لنفسها ولمشاهديها من خلال انتاجها لمثل هذه الاعمال في حمى غير مسبوقة بهذا الاتجاه ويبدو ان هناك من يغذي هذا المسار ويشرف على تطويره لتخريب اذواق الناس ونشر ثقافة التهريج على حساب ثقافة الذوق الرصين.

فليس لدينا ما نقوله لمثل هذه الفضئيات غير هذا الكلام، انها تسهم (مع سبق الاصرار) بتطوير ثقافة التهريج وليس الكوميديا الهادفة (اذا كانت تظن ذلك).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/آب/2010 - 11/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م