الإسلام والإعلام المعاصر

 

شبكة النبأ: تسعى الأمم والشعوب مهما كبر أو صغر حجمها الى إظهار المزايا الجيدة التي تتحلى بها وتضعها أمام الملأ عبر وسائل الإعلام المعاصر كخطوة لتعريف الآخرين بجوهر الأمة أو الشعب والأهداف التي يسعى لتحقيقها.

ولا تختلف أمة الإسلام عن غيرها في هذا المسعى، بل دأب رجالات الإسلام على تقديم الوجه الناصع والجوهر الثمين للآخرين والتركيز على المبادئ الإنسانية العظيمة التي تتشكل منها هذه المبادئ، حدث هذا منذ ظهور الإسلام حيث المراحل المتدرجة للرسالة المحمدية التي بدأت سرا ثم تلتها مراحل تطور الإسلام المعروفة وما واجهته من ظروف تحدث عنها التأريخ بصورة واضحة.

لكننا نمر بظروف تختلف عما سبق، فكل شيء يتطور بسرعة مذهلة ويتغير بصورة أسرع مما يتطلب مراقبة ورصد لهذه المتغيرات العالمية المتسارعة، فلم تعد الوسائل الإعلامية القديمة أو البطيئة تنفعنا في مجاراة ما يحدث من تسارع مذهل في مجال الإعلام إضافة الى سعة المجالات المستهدفة بهذا العمل الإعلامي او ذاك.

هذا التطور الواسع والمتسارع في مجال الإعلام ووسائل التوصيل للأفكار والأجندات وما شابه تتطلب رؤية إسلامية تتوافق مع هذا التسارع الكبير، مما يستوجب التعامل مع هذا الواقع بطرق ووسائل لها القدرة على مواكبة العصر في الإعلام وغيره وهو أمر لابد أن يتنبه له كل من يهمه أمر الإسلام.

بمعنى أوضح أن المسلمين يحتاجون الى أنظمة عمل إعلامية مبرمجة بإمكانها مواكبة التسارع الإعلامي العالمي، فليس من المعقول أن نتعامل مع علم (القرية الكونية) بوسائل وخطط تجاوزها العصر، وهذا يعني أن قادة الإسلام ملزمون بوضع الخطط الإعلامية المبرمجة وتفعيلها بما يجعل منها قادرة على توصيل الجوهر الإسلامي الناصع الى أكبر مساحة ممكنة من كوكب الأرض والى أكثر عدد بشري من سكانه.

وهذا يتطلب أولا تقاربا بين المسلمين في عموم الأرض وتكاتفا ينم عن حرص واضح على الإسلام ودافع لتوصيل مبادئه الإنسانية التي شكلت جوهر الإسلام، ولا يمكن أن يتحقق مثل هذا الهدف الكبير من دون وضع آليات العمل المبرمجة مسبقا والمتفق عليها بين الجميع.

فليس مقبولا أن يرى المسلمون بأم أعينهم إساءات مغرضة وبيّنة للإسلام ويغضون الطرف عنها، كما يحدث الآن، إذ أن هناك من يحاول أن يعطي صورة مشوهة للإسلام من خلال الكثير من الأعمال التي لا تتسق قطعا مع الجوهر الإسلامي الانساني الراسخ، فيحاول ان يظهر هذا الدين بلباس رجعي وهو يسيء له بوضوح، فالمعروف ان الإسلام دين العلم والوئام والسلام والحث على التطور والتقدم لتحقيق السعادة البشرية، أما الأساليب والافكار الشاذة التي تُطلق هنا وهناك باسم الإسلام فهو منها براء.

لهذا مطلوب أن تتوحد الجهود من أجل التصدي لكل من يحاول الاساءة للاسلام وتشويه الحقائق التي تتمثل بالنزعة الانسانية لما يرومه الإسلام لعموم البشرية، وهنا لابد أن يكون الاعلام ووسائله المتنوعة في خدمة هذا الهدف، وهو امر لا مناص من التعامل معه بحكمة وترو وتخطيط مسبق.

لقد باتت آفاق الأرض مفتوحة لجميع الأفكار بمختلف توجهاتها ويمكن أن تصل هذه الأفكار المتباينة الى أبعد نقطة فيها، من خلال وسائل التوصيل المتطورة كالفضائيات وسواها من الوسائل الإعلامية المستحدثة، هنا لابد للمسلمين أن يعوا خطورة واقع الحال وأهميته في آن.

ففي الوقت الذي يعمل فيه الآخرون على نشر أفكارهم وأهدافهم بطرق مبرمجة ويتم إيصالها الى الجميع عبر الوسائل التي لا تحدها حدود ولا تقف بوجهها معرقلات أيا كان نوعها او حجمها، في هذا الوقت لابد أن يتنبّه المعنيون من رجالات المسلمين الى خطورة هذا السباق، فالكل يريد أن يضع بصمته في خارطة البشرية جمعاء، وعلى المسلمين أن يصلوا بأفكار الإسلام العظيمة الى أبعد نقطة ممكنة من هذا الكوكب الذي نسكنه جميعا، ولم يعد الصمت او التردد او التناحر أحيانا مجديا في هذا المجال، لكن هذا الهدف الكبير لا يمكن أن يتحقق عشوائيا.

فنحن بحاجة الى وضع الخطط المبرمجة في مجال الإعلام لكي نضمن وصولنا الى اكبر عدد من الناس في مشارق الارض ومغاربها، مع اعداد مسبق لرؤى الإسلام المضيئة ووجهه الناصع وجوهره الإنساني الفريد، ومع صعوبة هذا الهدف إلا أن السعي إليه من لدن المعنيين لن يجعله بعيد المنال.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/آب/2010 - 10/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م