باكستان في مهب الفيضان... كوارث ونزاعات وأوبئة

 

شبكة النبأ: تشير البيانات الجيولوجية التي تتناول الفيضانات الى انها أصبحت كبيرة ومروعة دفعت الجيولوجيين للتعامل معه بطريقة أو بأخرى، وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تزايد ظاهرة الفيضانات، أحد أهم تلك الأسباب هو إزالة مساحات واسعة من الغابات، والتي كانت تقع عند منابع الأنهار، فالغابات كانت تستهلك كميات كبيرة من المياه لا تستهلكها الزراعة العادية أو الأراضي العشبية بالطبع، وبالتالي أدى نقص استهلاك المياه عند منابع الأنهار إلى زيادة كميات المياه التي تنحدر عبر مجاري تلك الأنهار فيفيض النهر بشدة. وأشجار الغابات تلعب دوراً مهماً في استهلاك المياه عند منابع الأنهار، فأوراق الأشجار تحتفظ ببعض مياه الأمطار لتتبخر مباشرة في الهواء، كما تقلل من أثر قطر الأمطار على التربة والذي يعمل على تفكيك التربة وبالتالي جرفها إلى مجرى النهر.

كارثة اسوأ من تسونامي

إن الفيضانات الجارفة التي تعرضت لها باكستان قد تترك تداعيات مأساوية طويلة الأمد على البلاد من النواحي الصحية والاقتصادية والسياسية.

ويرى محللون أن كارثة الفيضانات المدمرة التي حلت بباكستان من شأنها أن تعصف باقتصاد الأمة بشكل عام، وتترك أثرها على الأمن الغذائي والاستقرار السياسي في البلاد التي لم تلق استجابة ذات بال من المجتمع الدولي حتى الآن.

فالازمة الناجمة عن كارثة الفيضانات تعدت شدتها أضرار أزمة تسونامي  وأصبحت الفيضانات وموجات الجفاف أكثر شدة من ذي قبل وباتت المخاطر الناجمة عن الأمراض المنقولة عبر المياه تشكل عبئاً أكبر على البلدان الفقيرة التي تحاول استخدام مواردها المحدودة للتكيف مع مناخ أصبح أكثر مزاجية.

وصرح مسؤول في الامم المتحدة ان الازمة الناجمة عن كارثة الفيضانات في باكستان اسوأ من ازمة التسونامي الذي اجتاح اسيا في 2004، مشيرا الى تضرر حوالى 13,8 مليون شخص بسببها.

وقال الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة موريسيو جوليانو ان هذه الكارثة هي اسوأ من التسونامي (2004) ومن الزلزال الذي ضرب باكستان في 2005 والذي ضرب هايتي مؤخرا.بحسب فرانس برس

واضاف انها اكبر لان اكثر من ثلاثة ملايين شخص تضرروا بسبب زلزال باكستان في 2005 وخمسة ملايين خلال التسونامي وحوالى ثلاثة ملايين بالزلزال في هايتي.

وبحسب الامم المتحدة فان الفيضانات في باكستان اودت بحياة 1600 شخص على الاقل في اقل من اسبوعين. وبات حوالى خمسمئة الف شخص بلا مأوى في منطقة البنجاب وحدها (وسط).

وقدرت السلطة الباكستانية لادارة الكوارث الجمعة ب12 مليونا عدد المنكوبين بسبب الفيضانات في البنجاب وخيبر بختونخوا (شمال غرب باكستان). كما تضرر حوالى ثلاثة ملايين شخص في السند (جنوب) ليرتفع حاليا الى 15 مليونا عدد المنكوبين في هذا البلد الذي يعد 170 مليون نسمة.

وقال مارتن موغوانجا، منسق الشؤون الانسانية للامم المتحدة في باكستان، ان مستوى المساعدات يجب ان يزداد كثيرا، مؤكدا وجود نقص في الملاجىء والاغطية البلاستيكية والادوات المنزلية. مشددا على ضرورة ارسال المخزونات سريعا الى المناطق المتضررة.

واكدت الامم المتحدة ان 700 الف هكتار من المحاصيل تلفت في البنجاب، لكن اسوأ الاضرار وقعت في ولاية خيبر بختونخوا (شمال غرب).

واكد رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ان ملايين الاشخاص يعانون فيما لا تزال الامطار تهطل بغزارة ويخشى وقوع خسائر جديدة في الارواح. ادعو العالم اجمع لمساعدتنا.

ورصد المانحون الدوليون وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا مساعدات بعشرات ملايين الدولارات لكن على الارض فان تحركات الجمعيات الخيرية الاسلامية التي يشتبه بارتباطها بمجموعات متطرفة تبدو ظاهرة اكثر من الخدمات الحكومية. وقد عزلت مناطق باكملها عن العالم.

وقالت السلطات ان منطقة وادي سوات (شمال) حيث شنت باكستان العام الماضي هجوما واسعا لطرد طالبان، باتت باكملها معزولة، وكذلك جزء من البنجاب والسند.

وفي السند حاصرت المياه مئات العمال الزراعيين الذين علقوا على جسر في مدينة كرامبور.

وقال دودو كان (50 عاما) كنا نريد الانتقال الى مكان اكثر آمانا، لكننا لم نعد نستطيع التحرك مضيفا ان قريتنا باتت تحت المياه. وقد هربنا ولم نأكل منذ ثلاثة ايام. ابني الاصغر الذي يبلغ خمس سنوات يبكي كثيرا لانه جائع. وينتقد المنكوبون السلطات التي يعتبروها عاجزة عن مساعدتهم.

وقالت ماهي باشي وهي امراة نحيلة في الخامسة والاربعين من عمرها "لقد انتخبنا هذه الحكومة وجعلنا آصف علي زرداري رئيسا، لكننا لا نعلم لماذا لا يهتم كثيرا بامرنا".

ووقعت انزلاقات ارضية السبت في ولاية جلجيت-بالتستان (شمال) مما ادى الى ارتفاع حصيلة القتلى. والاحد غرقت سفينة عسكرية كانت تقوم باجلاء لاجئين في مدينة جامبور بولاية البنجاب واعتبر ثلاثون من ركابها في عداد المفقودين.

طرق اقتصادية

ألاستير موريسون من معهد ستوكهولم الدولي للمياه يرى أن المال ليس كل شيء كما أوضح في النسخة الأخيرة من المجلة الفصلية التي يصدرها المعهد.

وقال موريسون، الذي يدير مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للحكم الرشيد في مجال المياه في معهد ستوكهولم الدولي أن العديد من التدابير الأكثر فعالية للتكيف مع شح المياه أو كثرتها مجانية.

وفيما يلي لائحة جمعها المعهد الدولي للبيئة والتنمية في المملكة المتحدة تتضمن بعض الاقتراحات وتدابير التكيف في المجتمعات المحلية التي ذكرها موريسون.

1. قال موريسون أن الاستجابة التقليدية تتمثل في بناء السدود والجدران وفي كثير من الحالات كان ذلك حلاً عملياً. وإذا لم تكن تملك المال، فيمكنك التحذير من الأخطار وتأمين طرق الفرار أو الملاجئ. ففي الفلبين مثلاً، تعلمت المجتمعات المحلية كيفية رسم خرائط لأكثر المناطق عرضة للفيضانات وتحديد المجتمعات المعرضة للخطر. وكانت هذه المجتمعات أول من تم تحذيره وإجلاؤه عند حدوث تهديد ما.

2. تشييد المباني بشكل تكون فيه زاوية المبنى في مواجهة مياه الفيضان مما يساعد في تدفق المياه حول المبنى.

3. تشييد المباني على ركائز أو متاريس وهي استجابة تقليدية، وفقاً لموريسون الذي قال أن معظم المنازل في جنوب شرق آسيا كانت ترفع على ركائز متينة، مما يسمح لمياه الفيضان بالمرور بأمان من تحتها.

4. وضع القيود لا يكلف مالاً ولذلك لا بد من وضع قيود على المناطق والالتزام بها، فالتنمية غير الملائمة – كالتي تتسبب في سد مجاري الصرف وتلويث المجاري المائية وزيادة الجريان السطحي لمياه الأمطار والسيول لا بد أن تتوقف.

5. المضي قدماً في وضع سياسات لتحسين ملكية الأراضي، حيث قال موريسون أن المجتمعات الفقيرة تجبر على العيش في السهول المعرضة للفيضانات على ضفاف الأنهار والوديان... والسبب في ذلك هو عدم توفر الأراضي – فعلى الرغم من أن الكثافة السكانية لا تزال منخفضة نسبياً، إلا أن أصحاب النفوذ يملكون معظم المناطق الآمنة وذات الإنتاج الوفير.

1. حصاد مياه الأمطار كما اقترحت العديد من المنظمات غير الحكومية والعاملون في مجال التنمية.

2. حث المجتمعات على الحفاظ على مصادر المياه الخاصة بها.

3. حث المجتمعات على حفر الخنادق وبناء خزانات لتخزين مياه الفيضان بدلاً من البحث عن خيارات باهظة الثمن للصرف من أجل درء خطر الأمراض مثل الملاريا.

حالة تأهب قصوى

في الوقت الذي تتجه فيه أسوأ فيضانات تشهدها باكستان منذ عقود صوب الجنوب، تم إعلان حالة التأهب القصوى في 19 منطقة من مناطق إقليم السند الـ 23.

وتعتبر مناطق كشمور وغوتكي وشيكاربور وسوكور ولاركانا وخيربور في مقام الأولوية حيث تجري الآن عمليات إجلاء للسكان المعرضين للخطر في المناطق المنخفضة، وفقاً لخير محمد كالوار، مدير العمليات في إدارة الكوارث الإقليمية بالسند.

وأضاف كالوار في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: على خلاف إعصار فيت، عندما كان هناك عدم يقين بشأن المناطق التي ستهطل عليها الأمطار، نحن واثقون هذه المرة من اتجاه الفيضان. سوف يتأثر مليون شخص لأن حوالي 2,000 قرية معرضة لخطر الغرق. في الوقت الراهن، ينصب تركيزنا على دلتا (نهر الإندوس)، التي ستكون الأكثر تضرراً من الفيضانات.

ووفقاً لإدارة الكوارث الإقليمية، تم إنشاء 417 مخيم إغاثة بالقرب من المناطق المتوقع وصول الفيضان إليها. وبينما انتقل 5,030 شخص بالفعل إلى المخيمات، انتقلت العديد من الأسر للإقامة مع أقاربها في مناطق أخرى.

وفي منطقة كشمور، غمرت المياه 15 قرية وتم إجلاء 10,000 شخص. ويجري تنفيذ عمليات الإجلاء هناك باستخدام 20 زورقاً خاصاً و6 زوارق حكومية، ولكن إقناع الناس بالانتقال أمر صعب.

وأضاف كالوار قائلاً: "ينبغي على الناس الذين يعيشون في مناطق كاتشا الابتعاد عن مسار الفيضانات. مع ذلك، من الصعب جداً علينا إقناعهم بالانتقال. وحتى الآن انتقل حوالي 30 بالمائة فقط من السكان في هذه المناطق إلى بر الأمان عن طيب خاطر. وقد أصدرنا أمراً بإجلاء 100 بالمائة من السكان،" موضحاً أن الشرطة والجيش وحراس الغابات يقدمون المساعدة.

وقال كالوار أن عدداً كبيراً من الخارجين على القانون يعيشون في منطقة كاتشا وتخشى أسرهم إلقاء القبض عليهم إذا ما انتقلوا لأماكن أخرى.

نزاعات قبلية

وثمة مسألة أخرى هي النزاعات القبلية في مناطق كثيرة. فهناك قبائل تتناحر منذ عدة أجيال، وحتى في هذا الوقت الصعب، يرفضون الاستماع إلى الحكومة، ويصرون على أنهم لن يتقاسموا مخيمات أو مأوى مع القبائل التي لا يتفقون معها، كما أفاد كالوار الذي أضاف: لدينا مخاوف في هذا الصدد، لأن لا أحد يعرف متى يمكن أن يتفاقم الموقف، ولكننا سنضطر لنقلهم بالقوة إذا لم يغادروا المنطقة.

وتبذل مختلف وكالات المعونة والمنظمات غير الحكومية ما في وسعها، جنباً إلى جنب مع الحكومة والجيش، لتلبية احتياجات السكان المتضررين من الفيضانات في ظل هذه الظروف الصعبة.

وقال ز. أ. شاه، مدير إدارة الكوارث في جمعية الهلال الأحمر الباكستاني رغم أننا مستعدون للقيام بمهمة الإغاثة وإعادة التأهيل، إلا أن تركيزنا الأساسي في هذه اللحظة منصب على إجلاء الناس من المناطق المعرضة للخطر، والانتقال بهم إلى بر الأمان. بحسب شبكة ايرين

ووفقاً لشاه، عبر معظم الناس عن خوفهم من أن تسلب متعلقاتهم وأن يخسروا كل شيء في نهاية المطاف إذا ما غادروا أماكنهم، لذا هم يصرون على البقاء، قائلين أنهم تعرضوا لفيضانات من قبل. وما لا يدركونه أن هذا الفيضان ليس مثل أي فيضانات سابقة. إنه فيضان ضخم جداً وقد خلف بالفعل عدداً كبيراً من القتلى وسبب دماراً كبيراً حتى الآن.

وأضاف أن أكثر ما يثير قلق جمعية الهلال الأحمر الباكستاني هو تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض التي تنتقل عن طريق المياه. وقد كانت مراكز الهلال الأحمر في مناطق خيربور ولاركانا وكامبار شاهدادكوت على أهبة الاستعداد، وكان كل منها مزود بأدوية تكفي 200 أسرة، بالإضافة إلى وجود ترياق لسم الثعابين ومحطات تنقية المياه لتوريد المياه النظيفة للسكان المحليين.

وتقول منظمات الإغاثة أن أكثر من 1,500 شخص لقوا مصرعهم بسبب الفيضانات حتى الآن، معظمهم في إقليم خيبر بختون خوا، شمال غرب باكستان، كما تضرر ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص في مختلف أنحاء البلاد.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

وتصطف النساء خارج متجر في بلدة ميانوالي، في الجزء الشمالي الغربي من إقليم البنجاب وسيقانهن غارقة في الطين الذي خلفته مياه الفيضانات التي بدأت بالانحسار الآن. وتنتظر النسوة في هذه الصفوف لشراء دقيق القمح ولكنهن يشعرن بالامتعاض لقلة الكميات المتوفرة.

وفي هذا السياق، قالت بلقيس بيبي، البالغة من العمر 45 عاماً: إنهم يبيعون كيلوين اثنين فقط لكل شخص وهذا لا يكفي. علي إطعام 10 أشخاص في المنزل. كما أن تكلفة شراء مثل هذه الكميات القليلة تكون أعلى.

وأضافت أن أصحاب المتاجر يحتفظون بمخزون من المواد الغذائية على أمل أن ترتفع الأسعار، فقد كان كيس الطحين الذي يحتوي على 20 كيلو يكلف 560 روبية (6.5 دولار) قبل بضعة أيام ولكنه أصبح يباع الآن بـ 650 روبية (7.6 دولار) أو أكثر.

وقال أحد أصحاب المتاجر ويدعى إدريس خان: لا تصلنا أية إمدادات ولذلك علينا أن نكون حذرين بشأن الكميات التي نبيعها وإلا سينفذ مخزوننا تماماً.

وفي الوقت الذي لم يتعرض فيه إقليم البنجاب إلى الكثير من الأضرار، لقي مئات الأشخاص إلى الشمال قليلاً حتفهم في أسوأ فيضانات تضرب البلاد منذ عقود.

المزيد عن الفيضانات في باكستان

ويقول الناس في بلدة كابال الصغيرة في وادي سوات في إقليم خيبر بختون خوا أنهم يواجهون الموت جوعاً.

صعوبة الوصول

وقال ميان افتخار، وزير الإعلام في خيبر بختون خوا أن الطرق والجسور المدمرة تعيق حركة السلع وتوفير المساعدات للمتضررين.

وتحدثت تقارير وسائل الإعلام من تشارسادا وناوشيرا، وهما من بين أكثر المناطق تضرراً في خيبر بختون خوا، عن نهب بعض شاحنات الإغاثة وعن مزاعم بتوزيع المعونات بشكل غير عادل في ظل تفضيل المسؤولين لأقاربهم.

ووفقاً للتحديث الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 3 أغسطس، وزع برنامج الأغذية العالمي 500 طن من المواد الغذائية - بما في ذلك دقيق القمح والبسكويت عالي الطاقة والوجبات الجاهزة للأطفال – على أكثر من 6,000 أسرة في ناوشيرا وبيشاور ومردان وتشارسادا.

وحتى في بيشاور، عاصمة الإقليم، اشتكى الناس من عدم وصول المساعدات إليهم، حيث أخبر عزيز خان، 40 عاماً، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: تعرض بيتنا للدمار ونحن نعيش في العراء الآن مضيفاً أن أطفاله الثلاثة ينامون جوعى منذ ثلاثة أيام.

وكان شمال إقليم البنجاب الأكثر تضرراً بعد خيبر بختون خوا. وقالت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث أن 990 قرية تضررت جراء الفيضانات وتعرض 15,000 منزل للدمار في الإقليم في الوقت الذي تم فيه تأكيد 47 حالة وفاة.

وقال محمد سليمان من مدينة ديرة غازي خان في إقليم البنجاب: ذهبت لشراء الشاي والسكر للتو ووجدت أن الأسعار قد تضاعفت.

بدوره، قال الجنرال نديم أحمد، رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث متحدثاً من إسلام أباد أن الطرق والجسور في إقليم جيلجيت – بالتستان شمال البلاد تعرضت لأضرار بالغة، مما جعل إمكانية الوصول إلى هناك صعبة للغاية، وهو ما يستدعي إسقاط الإمدادات من الجو.

بقاء السكان

يعارض الكثيرون من سكان إقليم البنجاب الأكثر اكتظاظاً بالسكان وإقليم السند جنوبي باكستان، اللذين قد يشهدان فيضانات وشيكة، دعوة السلطات لهم لمغادرة منازلهم ومزارعهم والانتقال إلى مناطق أكثر ارتفاعاً.

وقال جمال أحمد، 70 عاماً، بينما كان ينظر إلى الصور المنشورة في الصحف للمتضررين من الفيضانات في إقليم خيبر بختون خوا، شمال غربي البلاد: إنه لأمر سيء ...ولكنني وأبنائي لن نترك منزلنا.

ويسكن أحمد وأسرته الممتدة على بعد عدة كيلومترات من مدينة مولتان في إقليم البنجاب، على ضفاف نهر تشيناب وسط البلاد. وقد وجه المسؤولون المحليون لسكان تلك المنطقة تحذيرات للفرار من الفيضانات المحتملة.

وأضاف أحمد متسائلاً: لن نترك ممتلكاتنا أو مواشينا ونذهب للعيش في المخيمات. علينا البقاء هنا لحماية جواميسنا، وإلا كيف سنعيش بعد أن تنحسر المياه؟.

المعضلة التي تواجه السلطات

وتشكل معارضة الانتقال حتى في ظل الخطر المتزايد معضلة بالنسبة للسلطات. وفي هذا السياق، أخبر سومير سيد، وهو مسؤول محلي شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: بدأ بعض القرويين بالانتقال ولكن إذا استمر رفض البعض الآخر فعلينا عندها اللجوء إلى القوة. وبينما يتواجد الجيش والقوات شبه العسكرية في المنطقة، تفيد تقارير وسائل الإعلام أنه قد تم قطع إمدادات الغاز والكهرباء في محاولة لإقناع الناس بإخلاء المكان.

بدوره، قال خادم محمد، 50 عاماً، وهو مسؤول خدمة مجتمعية، أن "الناس لا يريدون مغادرة منازلهم هنا في مولتان أو في أي مكان آخر لأنهم يعرفون أن الظروف في المخيمات تتسم عادة بالبؤس ولا يعامل الناس فيها باحترام". وقدم محمد مثالاً على ذلك إعصار فيت الذي هدد المناطق الساحلية في يونيو الماضي وتم إثر ذلك إجلاء السكان من قرى الصيد في محيط كراتشي إلى مخيمات مؤقتة. حسب شبكة ايرين

وأضاف أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم عادوا إلى ديارهم على الفور تقريباً لأن الظروف لم تكن ملائمة في ظل غياب احتياجاتهم الأساسية. وأشار إلى أن المأوى الذي تم توفيره في بعض الأحيان لم يكن أكثر من قطعة قماش أو غطاء من البوليثين منصوب على قصبات، موضحاً أنه لا يمكن للناس العيش بهذا الشكل في مثل هذا الطقس الحار والخانق.

وقال مسؤول محلي من منطقة مولتان، فضل عدم ذكر اسمه، أنه "إذا لم ينتقل الناس ... فسيؤدي ذلك إلى حدوث وفيات وإصابات... ولكننا إذا أجبرناهم على ذلك بالقوة فسنتعرض للانتقاد وكذلك الحكومة".

من ناحية أخرى، يهدد ارتفاع منسوب المياه في سد وارساك في إقليم خيبر بختون خوا، الذي يعد ثالث أكبر خزان للمياه في البلاد، سكان الضواحي الشمالية لبيشاور، عاصمة الإقليم، ولكن الكثيرين يرفضون ترك المنطقة.

وقال عدنان خان، الناطق باسم هيئة إدارة الكوارث في الإقليم: سوف نبدأ عمليات الإجلاء القسري إذا لزم الأمر.

عوامل ثقافية

وتؤثر العوامل الثقافية أيضاً على قرار السكان بعدم ترك ديارهم، حيث قالت زهيدة خنتون التي تسكن في قرية تقع على بعد 20 كيلومتراً من مولتان: لا أستطيع تخيل البقاء في غرفة واحدة مع غرباء. لقد شاهدت على التلفاز عشرات الرجال والنساء يسكنون في مكان واحد.

وكالكثير من النساء في المناطق الجنوبية من إقليم البنجاب، قالت زهيدة أنها لم تذهب قط إلى المدرسة وأنها تلتزم بشكل صارم بالبرده (التواري عن الأنظار ولبس الحجاب لمنع الرجال من النظر إلى النساء) وأنها لم تقض ليلة واحدة خارج منزلها. وأضافت قائلة: قد يكون الموت بالنسبة لي أفضل من الحياة في المخيمات.

فقدان لاجئين الأفغان

أفاد لاجئون وعمال إغاثة ومسؤولون أن الفيضانات العارمة التي ضربت باكستان على مدى الأسبوعين الماضيين تسببت في فقدان عشرات اللاجئين الأفغان ونزوح الآلاف غيرهم.

ويعد إقليم خيبر بختون خوا، شمال غرب باكستان، حيث يقطن معظم اللاجئين الأفغان المسجلين في باكستان والبالغ عددهم نحو 1.7 شخص، الأكثر تضرراً في البلاد، وفقاً للمسؤولين.

وأخبر جمال الدين شاه، مفوض الحكومة الباكستانية لشؤون اللاجئين الأفغان في إقليم خيبر بختون خوا شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الفيضانات جرفت مخيمين على الأقل، يأويان أكثر من5,000 أسرة لاجئة.

وأضاف أن الفيضانات دمرت آلاف المنازل في حوالي 20 مخيماً للاجئين الأفغان من أصل 29 مخيماً في جميع أنحاء الإقليم.

كما أفاد شاه أنه قد تم إيواء بعض اللاجئين المشردين بشكل مؤقت في المدارس وغيرها من المباني"، موضحاً أن العدد الدقيق للاجئين الأفغان الذين لقوا حتفهم بسبب الفيضانات غير معروف. وأضاف أنه "قد تم الإبلاغ عن عشرات المفقودين.

وتعد هذه الفيضانات الأسوأ في باكستان منذ عقود. ووفقاً للمنظمات الإنسانية والمسؤولين، لقي مئات الأشخاص حتفهم ونزح عشرات الآلاف غيرهم وتضرر نحو ثلاثة ملايين شخص جراء الفيضانات.

وقال عبد الوصي، وهو لاجئ في مخيم أزاخيل شمال شرق خيبر بختون خوا حيث تعرضت مئات المنازل لدمار كلي: ليس لدينا مأوى أو طعام ولا نعرف إلى متى ستستمر هذه النكبة.

وقال لاجئ آخر يدعى ذبيح الله: زوجتي وطفلاي مفقودون.

على صعيد آخر، أفاد تحديث صادر في 2 أغسطس عن منظمة الصحة العالمية حول الوضع الصحي في البلاد أنه قد تم الإبلاغ عن حالات إصابة بالإسهال وأمراض الجهاز التنفسي في العديد من المناطق المتضررة.

الاستجابة

وأفادت منظمة الصحة العالمية أنها ساهمت، بالتعاون مع منظمات إنسانية أخرى، في إرسال فرق صحية متنقلة إلى بعض أكثر المناطق تضرراً في محاولة لمنع تفشي الأمراض المعدية.

وقال مسؤولون من مكتب المفوضين الأفغان أنه قد تم طهي الطعام وتوزيعه على أسر اللاجئين المستضعفة التي تحتمي في المدارس.

وأضاف شاه قائلاً: قدمت لنا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعض الخيام ومواد الإغاثة غير الغذائية وسنبدأ بتوزيعها قريباً.

وقد تم وصف عمليات الإغاثة للمجتمعات المتضررة من الفيضانات بأنها بطيئة وتم توجيه انتقادات للحكومة في هذا الشأن.

الآلاف عالقون

بينما لا يزال آلاف الأشخاص عالقين على أسطح المنازل في إقليم خيبر بختون خوا، شمال غرب باكستان، تتزايد المخاوف من تفشي الأمراض عقب أسوأ فيضانات ناجمة عن الأمطار الموسمية في المنطقة منذ عقود.

وأوضح تقييم منظمة الصحة العالمية أن أكثر المناطق تضرراً في الإقليم هي ناوشيرا وتشارسادا وسوات وشانجلا وكوهيستان.

وأفادت منظمة الصحة العالمية أن حالات الإسهال الناجمة عن المياه الملوثة ازدادت في المنطقة مضيفة أن هناك حاجة ملحة لتوفير حقائب علاج الإسهال وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي وتدخلات تعزيز النظافة الشخصية بالإضافة إلى ضرورة تطهير المياه وتوفير خيام مؤقتة للمرافق الصحية وتنظيم حملات التطعيم.

كما أفادت تقارير وسائل الإعلام أنه قد تم التبليغ عن حالات إسهال وكوليرا في منطقة بيشاور، في حين قال خالد رضوة، المسؤول الصحي في روالبندي، شمال إقليم البنجاب، أن المياه الراكدة في المدينة تزيد من فرص انتشار حمى الضنك خلال الأسابيع المقبلة.

الأطفال ومراض مثل الإسهال

وأضاف التقرير أن الوصول إلى دير العليا والسفلى اللتين تضررتا بشدة جراء الفيضانات لا يزال مستحيلاً وأن هناك 150,000 أسرة بحاجة ماسة إلى المساعدة.

وقال حسن أختار، 50 عاماً، الذي يقيم حالياً مع حوالي 100 شخص في مخيم مؤقت داخل مدرسة حكومية في بيشاور، عاصمة الإقليم: لا توجد مياه نظيفة هنا. الناس يشربون من برك المياه الراكدة التي اختلطت بمياه الصرف الصحي. كما لا يتوفر الطعام أو حتى أماكن مناسبة للنوم.

كما تظاهر أكثر من 300 شخص في بيشاور في الأول من أغسطس احتجاجاً على سوء الأوضاع في المخيمات.

وقال الجيش الباكستاني أن 30,000 جندي وعشرات المروحيات يشاركون في جهود الإغاثة التي تمكنت حتى الآن من إنقاذ 28,000 شخص وما تزال تبحث عن 27,000 غيرهم في خيبر بختون خوا.

ووصف عظيم خان، 40 عاماً، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في اتصال هاتفي سوء الأوضاع قائلاً: "نحن عالقون على أسطح المنازل منذ ثلاثة أيام... معي أطفال صغار ومسنون وأسرتنا تتكون من ثمانية أفراد. لم يصلنا الطعام الذي تم إسقاطه من المروحيات. لا يوجد لدينا ما نشربه ولا يمكننا الوصول إلى المراحيض. كما أن زوجتي مريضة وتعاني من الحمى.

ويخشى الخبراء من أن يزداد الوضع سوءاً إذا جلبت الفيضانات في الأنهار المزيد من المياه إلى إقليم السند، جنوب شرق البلاد. كما أفادت توقعات مكتب الأرصاد الجوية بهطول المزيد الأمطار في حين أشارت التقارير الأولية إلى أن السيول بدأت بالوصول إلى قرى السند في 2 أغسطس.

عقبات أمام جهود الإغاثة

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن عمليات البحث والإنقاذ هي الحاجة الأكثر إلحاحاً الآن. بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه نداءات للقوارب لتسهيل جهود الوصول والإنقاذ والتقييم. أما بالنسبة للمساعدات الإغاثية، فقد طلبت السلطات على الصعيد الإقليمي والوطني الدعم في مجالات المأوى في حالات الطوارئ والغذاء (وخاصة الأغذية الجاهزة) والصحة والصرف الصحي.

وقال نديم أحمد، رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في حديث لوسائل الإعلام في إسلام أباد أن 17 طائرة مروحية تشارك في جهود الإغاثة وأنه قد تم نقل 900 شخص ممن تقطعت بهم السبل في أماكن مختلفة جواً إلى أماكن آمنة.

ومع محدودية الوصول إلى المجتمعات العالقة، يخشى عمال الإغاثة من تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه.

وفي هذا السياق، قال الطبيب محمود خان الذي يعمل مع فرق حكومة خيبر بختون خوا في بيشاور وناوشيرا: علينا منع تفشي الأمراض، فهناك بالفعل تقارير عن مشاكل في المعدة لدى الأطفال.

وقال نذير أحمد، 40 عاماً، وهو من سكان مينغورا في سوات أن الفيضانات جاءت في وقت بدأ فيه الناس في المنطقة إعادة بناء حياتهم بعد شهور النزوح بسبب الصراع بين الجيش والمقاتلين.

وأضاف قائلاً: بدأنا للتو بالتعافي من أشهر من الصراع. لقد أثرت الفيضانات في العديد من الحالات على المزارعين الذين بدؤوا للتو في إعادة بناء حياتهم وإحياء أراضيهم. والآن فقدوا كل شيء من جديد...كما يوجد لدينا عدد قليل جداً من الأدوية هنا وهذه مشكلة أيضاً في ظل مخاطر انتشار الأمراض في العديد من المناطق.

وفي بيشاور اتخذت حوالي 70 أسرة ملجأً لها في مدرسة حكومية بعد أن غمرت المياه منازلها. وتحدثت ميرة قائلة: لم نستطع نقل ممتلكاتنا أو إنقاذ وثائقنا، فقد هربنا بأقصى سرعة ممكنة. وقد أقيمت مخيمات مؤقتة للنازحين في سوات وفي مناطق بيشاور ونوشيرا.

الجدول الزمني للنزوح منذ سبتمبر 2009

من جهة أخرى لا يزال النزوح الناجم عن النزاع مستمراً في شمال غرب باكستان في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة مواجهة المتمردين المواليين لحركة طالبان. وفيما يلي جدول زمني يوضح موجات النزوح البشري في البلاد:

سبتمبر 2009: فر أكثر من 80,000 شخص من القتال الذي نشب في منطقة خيبر (التي تقع ضمن المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية) خلال الأسبوعين الأولين من سبتمبر.

16 أكتوبر 2009: فر نحو 24,000 شخص من ديارهم في وزيرستان الجنوبية إلى منطقتي ديرة اسماعيل خان وتانك المجاورتين تحسباً لهجوم الجيش على حركة طالبان، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

نوفمبر 2009: أفادت المفوضية أنها قامت بتسجيل 350,000 نازح في منطقتي ديرة اسماعيل خان وتانك في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي بعد الاشتباكات التي وقعت في وزيرستان الجنوبية.

4 يناير 2010: أدت الانهيارات الأرضية إلى سد نهر هونزا والتسبب بفيضان بحيرة يصل طولها إلى 16 كيلومتراً في منطقة هونزا- نغار في إقليم جيلجيت بالتستان الذي يتمتع بحكم ذاتي في المناطق الشمالية. وتسببت الفيضانات بنزوح 27,600 شخص، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

يناير 2010: ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن حوالي 71,000 شخص لاذوا بالفرار من القتال في منطقة أوراكزاي (في المناطق القبلية) إلى منطقتي هانجو وكوهات المجاورتين في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي.

15 يناير 2010: تم إيواء حوالي 114,375 شخصاً من منطقتي باجور وخيبر بالإضافة إلى دير وسوات وبونر في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في أكثر من 10 مخيمات في الإقليم، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين. كما يعيش حوالي 993,092 شخصاً في المجتمعات المضيفة في تشارسادا ومردان وصوابي في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي.

أبريل 2010: بدأ بعض النازحين من منطقة باجور الذين نزح بعضهم منذ عام 2008 بالعودة إلى ديارهم. وقد اشتكى بعضهم من نقص المساعدات. كما تم إغلاق جميع المخيمات في منطقة دير السفلى بعد عودة النازحين إلى باجور.

15 أبريل 2010: قُتل ما لا يقل عن 72 مدنياً في غارة جوية على منطقة خيبر مما أدى إلى موجات نزوح جديدة من المنطقة.

17 أبريل 2010: قُتل ما لا يقل عن 41 نازحاً في تفجيرات في مخيم للنازحين في كاشا بوخا، خارج كوهات في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي (الذي أعيدت تسميته في الشهر نفسه ليصبح خيبر بختون خوا)، وقد أدى ذلك إلى إعاقة أعمال الإغاثة هناك.

يونيو 2010: القيام بعملية عسكرية على نطاق محدود في منطقة باجور، التي كانت قد أعلنت في إبريل من قبل الجيش بأنها خالية من المقاتلين.

يوليو 2010: بدأ منسوب مياه البحيرة التي تشكلت إثر الفيضانات في نهر هونزا بالانحسار في يناير مما أنعش الآمال بعودة 20,000 نازح إلى ديارهم.

يوليو 2010: أفاد مركز رصد النزوح في جنيف أن 1.23 مليون شخص مازالوا نازحين في باكستان.

يوليو 2010: اعتباراً من 9 يوليو، أصبحت مخيمات النازحين التالية في خيبر- بختون خوا جاهزة للعمل: مخيم بنظير (ريسالبر) ومخيم جالوزاي (ناوشيرا) ومخيم سمرباغ (دير السفلى) بالإضافة إلى مخيم توغ ساراي (هانجو) ومخيم بيتاو (مالاكاند)، حيث أوت نحو 105,497 شخصاً. ولكن بحلول 25 يوليو، أُغلق مخيم سمرباغ بسبب عودة أعداد كبيرة من النازحين.

يوليو 2010: تواصل القتال في منطقتي أوراكزاي وكورام في المناطق القبلية. كما استمر التبليغ عن وقوع مناوشات في وزيرستان الجنوبية ومهمند وخيبر. وما يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم توسيع العملية العسكرية لتشمل وزيرستان الشمالية.

الجدول الزمني للنزوح البشري منذ 2004

تعتبر عملية النزوح الناتجة عن النزاع الأخير في شمال غرب باكستان، والتي شملت حوالي مليوني نازح وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أكبر عملية نزوح خلال الخمسين عاماً الماضية ولكنها ليست عملية النزوح الوحيدة الحديثة التي شهدتها البلاد.

فقد أدت الفيضانات والزلازل والمواجهات المسلحة إلى موجات عديدة من النزوح يمكن تلخيصها كالتالي:

2004-2006: عمليات الجيش ضد المقاتلين في جنوب وزيرستان، التي تشكل واحدة من سبع مناطق قبلية على الحدود الباكستانية الأفغانية، تؤدي إلى تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص، حسب وسائل الإعلام المحلية. غير أن مركز رصد النزوح في جنيف حذر من أن هناك اختلاف كبير بين مختلف التقديرات الخاصة بعدد النازحين.

8 أكتوبر 2005: زلزال قوي في القسم الباكستاني من كشمير وأجزاء من الإقليم الحدودي الشمالي الغربي يترك 3.5 مليون شخص بلا مأوى. وبالرغم من أن الكثير من النازحين اضطروا للبقاء في المخيمات لشهور عديد أو حتى لسنوات طويلة إلا أن معظمهم عاد الآن بفضل مشاريع إعادة الإسكان التي ترعاها الحكومة.

2005-2007: اشتباكات في إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان بين القوات الحكومية والقبائل البلوشية التي تسعى للحصول على المزيد من الحكم الذاتي تتسبب في نزوح ما لا يقل عن 84,000 شخص معظمهم من قبائل بوجتي والمري إلى مناطق ديرا بوجتي وكوهلو، وفقاً لمركز رصد النزوح.

يونيو - يوليو 2007: الفيضانات الناجمة عن إعصار يمين تضرب المناطق الساحلية في 26 يونيو وتؤثر على 2.5 مليون شخص وتتسبب في نزوح 300,000 منهم في إقليمي السند وبلوشستان بالجنوب.

أكتوبر 2007: تصاعد القتال بين القوات الحكومية والمسلحين حول مدينة ميرالي شمال وزيرستان يخلف حوالي 80,000 نازح، نزل العديد منهم لدى أقاربه. وقد تجاوز عدد الأشخاص الذين نزحوا من وزيرستان 60,000 شخص بحلول شهر مارس 2008، وفقاً لتقديرات وسائل الإعلام. وقد تولت الحكومة إنشاء مخيم للنازحين في منطقة بانو المجاورة ولكن لم يتضح عدد الأشخاص الذين استخدموه.

25 أكتوبر 2007: القوات الحكومية تبدأ مواجهاتها ضد مقاتلي طالبان في وادي سوات بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي، مما يؤدي إلى مغادرة ما بين 400,000 و600,000 شخص للمنطقة خلال الفترة بين سبتمبر 2007 وفبراير 2008، وفقاً لوسائل الإعلام.

فبراير 2008: بعض النازحين يعودون إلى سوات بعد اتفاق سلام في مطلع عام 2008، ولكن تجدد الصراع بحلول نهاية العام يؤدي إلى مزيد من النزوح (انظر الجدول الزمني للنزاع في سوات على موقع الشبكة).

أبريل 2008: تقديرات عدد السكان الذين لا يزالون نازحين في بلوشستان في أعقاب الاشتباكات التي وقعت هناك تتباين من 200,000 إلى 50,000 نازح.

3 مايو 2009: الحكومة تبدأ عملياتها ضد المسلحين في مناطق سوات وبونر ودير في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، مما يتسبب في نزوح نحو مليوني شخص حتى الآن، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى حوالي 55,000 شخص كانوا قد نزحوا من قبل بسبب الصراع الدائر في المناطق القبلية. ويقيم معظم النازحين مع أسر مضيفة مما يضع عبئاً متزايداً عليها. وتقدر حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي عددهم بأكثر من ثلاثة ملايين نازح، في حين تقدر منظمة الإغاثة الإسلامية الواقع مقرها بالمملكة المتحدة العدد الإجمالي للنازحين في باكستان بحوالي 3.7 مليون شخص. وبالرغم من عودة بعض النازحين إلى ديارهم إلا أن معظمهم لا يزال يقيم في أكثر من 20 مخيماً أو مع الأقارب.

يونيو 2009: الصحف الوطنية تتناقل خبر فرار حوالي 40,000 نازح من وزيرستان في ظل اشتعال القتال بين القوات الحكومية والمسلحين في المنطقة.

في جنوب آسيا من تأليف باولا بانيرجي وسابياساشي باسو راي شودري وسمير كومار داس وبيشنو أديكاري، نيو دلهي 2005 ؛ وضع حقوق الإنسان في باكستان، التقرير السنوي للجنة حقوق الإنسان في باكستان: 1999، 2002، 2007، 2008؛ مجلة نيوزلاين؛ ملف النزوح في باكستان المعد من قبل مركز رصد النزوح؛ المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات: الصراع المنسي في بلوشستان، أكتوبر 2007؛ الصحيفة الباكستانية دون بالإضافة إلى مصادر إخبارية أخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آب/2010 - 7/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م