مهاجرون على ذمة القدر وقوانين الدول

 

شبكة النبأ: الهجرة الى أوربا، قد تتبادر هذه الفكرة لأذهان البعض ممن لا يجدون عملا في بلادهم، او لتمضية بقية حياتهم مع عائلاتهم باستقرار وأمان، ولكن ما لا يعرفه البعض ان هذا الامان ليس متاحا دائما، ففي بعض البلدان الاوربية تجد نفسك مرحبا بك وتفتح أبواب العمل والاستقرار بوجهك على مصراعيها، ولكن في الاخرى لا تعرف متى تطرد من تلك الدول اذا لم تكن هجرتك في وضع قانوني.

14 الف شخص يطردون من فرنسا

فقد افادت حصيلة لوزارة الهجرة ان حوالى 14 الف مهاجر في وضع غير قانوني طردوا من فرنسا وتم تفكيك 115 شبكة للهجرة السرية في النصف الاول من العام الجاري.وحدد وزير الهجرة اريك بيسون هدف طرد 28 الف شخص من الحدود وتفكيك 200 شبكة حتى نهاية العام. وفي 2009، تم طرد اكثر من 29 الف شخص من دون اوراق ثبوتية وكان الهدف طرد 27 الفا. وفي اطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، تم تفكيك 115 شبكة مقابل 77 في النصف الاول من 2009، اي بزيادة 50%. بحسب وكالة فرانس برس .

وفي الوقت نفسه، اعتقل 2421 من مهربي المهاجرين (منظمون ومهربون ومؤجرون غرف منامة ومزودون) و880 صاحب عمل استخدموا اجانب من دون رخصة عمل. واصدرت فرنسا ايضا 90838 اقامة طويلة الامد، بينها 13077 لاسباب حرفية (-2,7%) و41238 في اطار لم شمل العائلات (+3,1%) و31744 لطلاب (+28,6%) و2779 طلب لجوء.

من جهة اخرى، زاد عدد الاجانب الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية بفعل الزواج او بموجب مرسوم بنسبة 11,7% من 56251 في النصف الاول من 2009 الى 62824 في النصف الاول من 2010. وهذه الزيادة "تعود خصوصا الى تطبيق اصلاح اجراءات تقديم طلبات الحصول على الجنسية الذي ادى الى قسمة مخزون الطلبات المقدمة في 21 دائرة للشرطة وفي الادارة المركزية الى النصف"، كما قالت الوزارة. والاصلاح الذي جرى تعميمه في الاول من تموز/يوليو، يخفض مهلة الانتظار ويقلص من عدد الطلبات المخزنة.

سد النقص

من جانب اخر مخالف لما تفعله فرنسا، فقد ابدت ايطاليا ترحيبا بمسألة المهاجرين لسد النقص الحاصل في الايدي العاملة فيها، وقد ذكر ذلك في تقرير إيطالي رسمي ان توافد المهاجرين إلى البلاد سيسد النقص في العمالة خلال السنوات المقبلة نظرا لزيادة الشيخوخة بين الإيطاليين.

وأفادت وكالة أنباء "آكي" الإيطالية أن التقرير الذي أعده المجلس الوطني للعمل والاقتصاد عن حالة سوق العمل أفاد بان "عدد العاملين في البلاد بلغ العام الفائت حوالي 20 مليون شخص ولكن بحلول عام 2018 سينقص هذا الرقم بمقدار مليون واربعمئة الف سيحالون على التقاعد". وتوقع التقرير بأن يزيد عدد المهاجرين خلال تلك الفترة بمقدار مليون وثلاثمائة فرد ما يعوض النقص في سوق العمل المحلي.

وذكر انه "من دون المهاجرين ستحدث فجوة في سوق العمل"، ودعا الى " دعم استقرار المهاجرين ودمجهم في المجتمع". وعن الهجرة الداخلية قال التقرير انه "بين الاعوام 1997 و2008 شهدت البلاد هجرة كثيفة من الجنوب الى الشمال تقدر بحوالي 700 الف شخص ما يعني أن حاجة الأقاليم الجنوبية للعمالة ستزيد خلال الفترة" المقبلة.

عنف

بينما في المانيا فهناك مشاكل مع المهاجرين، حيث دعت وزيرة شؤون المجتمع والاندماج في ولاية سكسونيا السفلى الألمانية، أيجول أوزكان، الآباء المنحدرين من أصول مهاجرة إلى تشجيع أبنائهم على الاندماج في المجتمع الألماني والتفاعل مع الأنشطة الشبابية.

وقالت أوزكان، وهي أول مسلمة منحدرة من أصول تركية تتولى وزارة محلية في ألمانيا، في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية: "لا يتعين علينا قبول مجتمعات موازية، فكلما نأى الآباء بأنفسهم عن ألمانيا، كلما زاد ابتعاد أبنائهم عنها، لذلك يتعين علينا أن نتحدث مع الآباء بشكل مباشر".

وأكدت الوزيرة ضرورة تحفيز الآباء على المشاركة في مجالس الآباء بالمدارس والمؤسسات المعنية بشئون الشباب، وقالت: "يتعين علينا أن نوضح لهم أنه ليس من المستهجن أن يرسلوا أطفالهم إلى جمعيات الشباب أو السماح لهم بالمشاركة في الأنشطة الشبابية".

وتأتي تصريحات الوزيرة تعقيبا على فيلم وثائقي بثته القناة الأولى للتليفزيون الألماني "أيه.آر.دي" حول تعرض تلاميذ ألمان لمضايقات وعنف من قبل أقرانهم من أبناء المهاجرين في إحدى المدارس بمدينة إيسن في ولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا.

ووفقا لبيانات الفيلم يشكل المسلمين نسبة 70% من التلاميذ في تلك المدرسة، وأكثرهم من أصول تركية ولبنانية وكردية.وذكرت مديرة المدرسة في الفيلم أن ممارسات العنف تأتي من التلاميذ اللبنانيين على وجه الخصوص. بحسب وكالة الانباء الالمانية .

وفي المقابل يرى وزير شؤون الهجرة المحلي في ولاية شمال الراين ويستفاليا، جونترام شنايدر، أن الانتماء لأصول مهاجرة ليس هو السبب الرئيسي في العنف الموجود بالمدارس.

وقال شنايدر في تصريحات لنفس الصحيفة: "إنني أحذر من التعميم والأحكام المتعجلة".

وذكر شنايدر أنه يوجد بالفعل "الكثير من العنف في المدارس الألمانية، لكن الدراسات أثبتت أن هذا الأمر له علاقة بالخلفية الاجتماعية والأسرية للتلاميذ وليس لانتمائهم لأصول مهاجرة".

وقال شنايدر: "لا يمكن تحميل السياسة مسؤولية كل شيء، فالسياسة يتعين عليها دعم الاندماج، لكنها لا تستطيع تنظيم النواحي الاجتماعية".

العمالة المتخصصة

من جانبها طالبت وزيرة التعليم الألمانية أنيتا شافان بإزالة العقبات في بلادها أمام هجرة العمالة الأجنبية المتخصصة. وقالت شافان المنتمية للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل، إن المجتمع يستشعر في الوقت الحالي تراجع عدد السكان في ألمانيا وبالتالي تراجع العمالة المتخصصة وأضافت الوزيرة في تصريحاتها لاذاعة "دويتشلاند فونك":"يعني هذا ضرورة زيادة درجة جذب ألمانيا للعمالة المتخصصة من كل العالم".

وأشارت الوزيرة إلى خفض الحد الأدنى لرواتب المهاجرين ولكنها أشارت إلى ضرورة فعل المزيد والعمل على إزالة هذا الحد الأدنى على المدى الطويل.

ودعت شافان زملائها في الحكومة الألمانية إلى التقدم باقتراحات من أجل تسهيل اجراءات الحصول على التأشيرات وتسهيل حصول أزواج أو زوجات المهاجرين في ألمانيا على عمل وتوفير الرعاية اللازمة لأطفالهم. بحسب وكالة الأنباء الألمانية .

في الوقت نفسه طالب خبراء اقتصاديون ألمان بتسهيل هجرة العمالة الأجنبية المدربة إلى ألمانيا لسد العجز في القوى العاملة المتخصصة في البلاد. وطالب مانفريد فيتنشتاين، رئيس الرابطة الألمانية لمصنعي الآلآت الميكانيكية، في حديث مع مجلة "يورو آم زونتاج" بسرعة إيجاد حل لهذه القضية.

وفي سياق متصل أشارت تقديرات خبراء معهد الاقتصاد الألماني بمدينة كولونيا إلى أن تسهيل هجرة العمالة الأجنبية المتخصصة من شأنه أن يزيد الناتج القومي بحلول عام 2020 بمقدار يصل إلى مئة مليار يورو.

وحذر أوليفر كوبل، خبير سوق العمل بالمعهد، من أن عدم تسهيل هجرة العمالة الأجنبية المدربة من شأنه أن يزيد من نقص العمالة المتخصصة بالبلاد فضلا عن تهديده للقدرة التنافسية للاقتصاد الألماني.

من جانبه، انتقد يوهانس فوجل، خبير سوق العمل بالحزب الديمقراطي الحر، الشريك في الائتلاف الحاكم، خلال حديثه مع صحيفة "فيلت آم زونتاج" ما سماه "سياسة الهجرة غير المسئولة" لبرلين. وحذر فوجل قائلا :"حتى إذا استطعنا تشغيل جميع القوى المتاحة لدينا، فإن مصانعنا ستعاني من نقص ملايين القوى العاملة المتخصصة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/آب/2010 - 5/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م