بلاك بيري... قلق مضاف لهواجس الحكومات

 

شبكة النبأ: رغم التسابق الالكتروني الحاصل بين الشركات للوصول الى أعلى مستويات التطور في هذا المجال،وتقديم أفضل الخدمات لعملائها المشتركين، داخلة بذلك في تنافس كبير بين شركات العالم، مستخدمة بذلك أفضل العقول الجبارة في اكتشاف تقنيات تتيح لمن يستخدمها الوصول الى ابعد حاجاته ومتطلباته ، لكن وفي الوقت نفسه فأن هذه الإمكانيات لكونها خارقة ولكفاءتها فأن الأجهزة الأمنية تهابها وتعتبرها تهديد امني في متناول الأيدي وبأبسط الأجهزة الا وهي الهواتف الذكية .

قلق امني

فالسعودية بعد الامارات، تطلب الايقاف الفوري لبعض خدمات هاتف بلاكبيري، مطالبة بتمكينها من مراقبة الاتصالات عبر الهاتف المتعدد الوسائط في حين تؤكد الشركة الكندية المصنعة عدم رغبتها في انتهاك نظام التشفير الآمن لاجهزتها.

وقال مسؤول في واحدة من شركات الاتصالات العاملة في المملكة ان مشغلي الخدمة معرضون لدفع غرامة بقيمة 1,3 مليون دولار ان لم يلتزموا بقرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية.

وقال المسؤول طالبا عدم الكشف عن اسمه ان "شركات الاتصالات ستلتزم بقرار هيئة الاتصالات لان عدم الالتزام يعرضنا لغرامة من خمسة ملايين ريال".

واعلنت هيئة الاتصالات السعودية انها طلبت من "مقدمي خدمة الاتصالات المتنقلة، شركة الاتصالات السعودية وموبايلي وزين، اعتماد الإيقاف الفوري لخدمة بلاكبيري لقطاع الاعمال والافراد نظرا لتعذر استيفاء الشركة المصنعة لأجهزة بلاكبيري للمتطلبات التنظيمية للهيئة".

ولم توضح هيئة الاتصالات السعودية ما هي هذه "المتطلبات التنظيمية"، لكن شركة ريسرتش ان موشن (ار اي ام) اعلنت في بيان انها تجري محادثات "مع بعض الحكومات". غير انها اكدت انها "تحترم القوانين المرعية الاجراء في كل بلد وحاجة الشركات والافراد لاجراء اتصالات آمنة".

وجاء قرار الهيئة السعودية في اعقاب قرار هيئة تنظيم الاتصالات في الامارات العربية المتحدة، مركز اعمال الخليج، والتي اعلنت تعليق الخدمات الرئيسية لبلاكبيري، خلال شهرين ونصف.

ويشمل التعليق خدمة التجوال (رومينغ) لخدمات المسنجر والبريد والتصفح الالكتروني. وتم تبرير الايقاف بالخشية من استخدام هذه الخدمات لأنشطة غير مشروعة.

واكد مسؤول في هيئة تنظيم الاتصالات الاماراتية ان "قرار تعليق البلاكبيري اعتبارا من 11 تشرين الاول/اكتوبر نهائي".ونقلت وكالة انباء الامارات عن محمد الغانم مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات ان "باب النقاش لا يزال مفتوحا لتطوير وتطبيق حل مقبول يتوافق مع التنظيمات الوطنية". بحسب وكالة فرانس برس .

وقررت الامارات تعليق بعض خدمات بلاكبيري، بسبب عدم توافقها مع التشريعات السارية في البلاد وتضمنها مشكلات امنية. ويرى خبراء في الاتصالات ان الاجهزة التي تصنعها شركة ريسرتش ان موشن الكندية اكثر امانا في تشفير المعلومات من باقي هواتف "سمارت فونز" ما يجعل مراقبة مستخدميها اكثر صعوبة. وقال جون هيرنغ، صاحب شركة لوك-اوت الاميركية المتخصصة في امن الاتصالات الهاتفية ان "التشفير اقوى بحيث لا يمكن لاحد ان يراقبه. ان مستوى الامان فيها عال بحيث ان بعض الدول لا تقبل بان لا تتمكن من مراقبتها".

وكانت الحكومة الهندية هددت اخيرا بتعليق نشاطات "ار اي ام" في اكبر سوق للهواتف النقالة بعد الصين في حال لم تتمكن من مراقبة البريد الالكتروني والرسائل النصية القصيرة لاسباب امنية.

وقال مسؤول هندي ان الشركة الكندية اكدت انها ستعالج قريبا القلق المتعلق ب"ضمان اتصالات آمنة".

وفي حين نشرت الصحف معلومات مفادها ان الشركة الكندية ستتيح لاجهزة الاستخبارات الاطلاع على رسائل مشفرة لبعض المستخدمين في الهند، في حين نفى متحدث باسم "ار اي ام" ذلك.

وقال ساتشيت غاياكواد"نامل التوصل الى حل (مع الهند). ولكن لا مجال للمساومة على امن اتصالات عملائنا".وكانت الشركة الكندية اتهمت سابقا بالاتفاق على تدابير خاصة مع بعد الدول. واكد سفير الامارات في واشنطن يوسف العتيبة ان بلاده "لا تتوقع من الشركة سوى احترام الاطر القانونية والتنظيمية الذي تمنحه للحكومة الاميركية وحكومات اخرى".

ولكن الشركة الكندية نفت منح اي امتيازات لاي دولة، مؤكدة في بيان انها "تتعاون مع جميع الحكومات بالطريقة نفسها في ما يتعلق بالقواعد (الامنية) وعلى درجة الاحترام نفسها".

ويستخدم بلاكبيري نحو 500 الف شخص في الامارات و700 الف في السعودية. وتمثل الدولتان نحو 2,6% من اجمالي مستخدمي الهاتف في العالم. ويوجد نحو مليون هاتف منها في الهند.

مباحثات امريكية

من جانبها قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون،إن المسؤولين الأمريكيين على اتصال بالدول التي قررت حظر خدمات هواتف "بلاك بيري" مثل الإمارات والسعودية، من أجل الوصول إلى حل لتلك المسألة.

وقالت الوزيرة الأمريكية "هناك مسألة متشابكة نعمل عليها مع تلك الدول، ونتشاور في جميع السبل المطروحة، فمن جانب هناك قلق أمني مشروع لدى تلك الدول، ومن جانب آخر هناك حق مشروع للناس في استخدام تلك الخدمة.. اعتقد أننا سنمضي قدما في نقاشنا." وتبدو تصريحات كلينتون تراجعا عن موقف وزارة الخارجية الأمريكية السابق، بعدما قال الناطق باسم الوزراة فيليب كراولي "لقد أصبنا بالخيبة إزاء هذا الإعلان.. سنستوضح من الإمارات العربية المتحدة الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذا القرار."وأعتبر كراولي القرار الإماراتي بأنه : "يشكل سابقة خطيرة حيث انتقد هذه الخطوة الإماراتية، بالقول: "الأمر يتعلق بما نعتقد أنه عنصر مهم من عناصر الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحرية المعلومات وتداولها في القرن الحادي والعشرين.."وأضاف "أعتقد أن ذلك يرسي سابقة خطيرة... يجب عليك أن تفتح المجتمعات أمام هذه التقنيات الحديثة التي تملك الفرصة لتمكين الناس بدلا من البحث عن طريقة لحجب تقنيات معينة.

لكن سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، قال في معرض رده على الانتقادات الأمريكية إن تصريحات واشنطن مخيبة للآمال وتتناقض مع توجه الحكومة الأمريكية نفسها فيما يتعلق بتنظيم الاتصالات الهاتفية. بحسب السي ان ان .

ورد سفير الإمارات بالإشارة إلى أن بلاده تطالب "بالالتزامات التنظيمية نفسها وبانتهاج نفس أسس الإشراف القضائي والتنظيمي التي تمنحها الشركة المشغلة لبلاك بيري للحكومة الأمريكية والحكومات الأخرى لا أكثر ولا أقل."واعتبر أن "هذا القرار هو قرار سيادي لدولة الإمارات" موضحاَ أن بلاده تطالب بذلك الالتزام لنفس الأسباب التي دعت الولايات المتحدة لفرض ذلك الالتزام التنظيمي، والتي تتمثل في حماية الأمن الوطني ومساعدة أجهزة حفظ القانون .

فرض رقابة

ولكن رغم ازدياد التخوف من الامكانيات الخطيرة التي تتيحها التقنيات المستخدمة في الهواتف في الوصول الى اماكن قد تؤثر على نظام دولة بكاملها ،فأن آزد صفي الله، وهو محلل في شركة تطبيقات إلكترونية، قلل من أهمية تلك المزاعم، قائلا إن الحديث عن "مخاطر ربما يتعرض لها مستخدمو بلاك بيري، ليس سوى مقدمة لتبرير حظر الخدمة في المستقبل، أو فرض رقابة ما عليها." وفي الوقت نفسه حذرت البحرين من استخدام برنامج "مسنجر بلاك بيري" في نشر أخبار محلية، وهو الغرض ذاته الذي يستخدم فيه البرنامج في الإمارات، إذ يتداول المستخدمون أخبارا وأحيانا بيانات لا يمكن التأكد من مصداقيتها، ولم تكن لتجد طريقها إلى وسائل الإعلام المحلية. وعن ذلك يقول صفي الله: "أعتقد أن ما تريده السلطات حقا في الإمارات ودول الخليج جميعها هو السيطرة على مستخدمي بلاك بيري، وإحكام الرقابة عليهم، وليس حمايتهم من الأخطار المزعومة، فكل مستخدم يعرف تماما ماذا يفعل، فلا فرق بين الهاتف والإنترنت الموجود في المنزل."

وتفرض الإمارات العربية المتحدة وسائر دول الخليج الأخرى (السعودية، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عُمان) رقابة على شبكة الإنترنت عبر برامج تحجب مواقع معينة ذات علاقة بالمعتقدات الدينية والإباحية الجنسية، وبعض المواقع السياسية. بحسب السي ان ان .

وترى منظمات حقوقية إن التحذير الصادر عن السلطات الإماراتية "يشكل شوطاً جديداً من الهجوم الذي تشنّه ضد خدمة بلاك بيري وقدرتها على نشر المعلومات."وتقول منظمة "مراسلين بلا حدود"، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إن "الإمارات ترد على لائحة الدول المصنفة ( قيد المراقبة) في تقرير أعداء الإنترنت، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في آذار/ مارس 2010. فقد وضع النظام خطة شاملة لترشيح الإنترنت. ومن بين المواقع المحجوبة تلك التي تعالج وضع حقوق الإنسان والسجون والعائلة المالكة وحرية التعبير."وتابع البيان "بلاك بيري يخضع للترشيح في الإمارات منذ كانون الأول/ديسمبر 2009. وفي تموز/يوليو 2009، حاولت السلطات تركيب برامج تجسس على الهواتف الذكية، ولكنها عدلت عن هذا المشروع إثر تعبئة مهمة نظمها المستخدمون المعارضون له."

في حين رفض متحدث باسم شركة "ريسيرش إن موشن الكندية" التعليق على أي تقرير بشأن الهواتف التي تصنعها الشركة.

ويشار إلى أن عددا من المدونات، والمواقع الإجتماعية نشرت بعض الأنباء عن صدور دعوات لتنظيم مسيرات سلمية وحملات مقاطعة انتشرت في الإمارات عبر خدمة "بلاك بيري مسنجر"،كان أبرزها حملة احتجاج ودعوة لمقاطعة محطات الوقود بعد قرار رسمي برفع أسعار المحروقات.وللسبب ذاته، وقعت "خدمات بلاك بيري" ضحية الرقابة في دول خليجية أخرى. ففي نيسان/أبريل 2010، حظرت البحرين خدمة "الأخبار الطارئة" التي تنقل أخباراً يومية من أهم ست صحف في البلاد وتوزعها على حوالي 11 ألف مستخدم.

يذكر أن الشركة الكندية المصنعة لهواتف "بلاك بيري" تستحوذ على نحو 21 في المائة من سوق الهواتف الذكية على مستوى العالم، وتنبع قوتها من أن المستخدم باستطاعته إرسال واستقبال رسائل البريد الالكتروني عبر الإشارات الهاتفية دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت.

إيقاف الخدمة

وبعد اصدار هذا الاعلان من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية التي طلبت فيه من "مقدمي خدمة الاتصالات والهواتف المتنقلة الموجودة في المنطقة، اعتماد الايقاف الفوري لخدمة بلاكبيري لقطاع الأعمال والأفراد نظرا لتعذر استيفاء الشركة المصنعة لأجهزة بلاكبيري للمتطلبات التنظيمية للهيئة تم العمل به حيث دخل قرار السلطات السعودية حيز التنفيذ، كما أعلن العديد من مستخدمي هذا الهاتف في المملكة. وقال المستخدمون انه اعتبارا من بعد الظهر لم يعد بمقدورهم استخدام خدمة الرسائل على هواتفهم المشفرة تشفيرا عاليا، في حين ان هذه الخدمة كانت متوفرة صباحا. وقال احد المستخدمين في مدينة جدة (غرب) المطلة على البحر الاحمر "لقد توقفت الخدمة"، مشيرا الى ان اصدقاءه ابلغوه ايضا بتوقف هذه الخدمة في اجهزتهم. بحسب وكالة فرانس برس.

في المقابل، اعلن مسؤول بحريني ان المملكة لن توقف خدمة بلاكبيري حاليا او في الفترة المقبلة، داعيا مزودي خدمات الهاتف المتعدد الوسائط لعدم توجيه اية رسائل للجمهور بهذا المعنى. وقال وزير شؤون مجلس الوزراء المعني بقطاع الاتصالات الشيخ احمد بن عطية الله ال خليفة "لا يوجد اي نية او توجه حكومي لقطع الخدمة حاليا او في الفترة المقبلة".

واضاف وفق ما نقلت عنه وكالة انباء البحرينية ان "المملكة ملتزمة بتحرير قطاع الاتصالات حسب القوانين المحلية وأن تقدم الشركات المزودة أفضل الخدمات للجمهور وفق المعايير المعمول بها دوليا".

واكد ان "المملكة حريصة على استمرار مكانتها المميزة على صعيد قطاع الاتصالات على مستوى منطقة الشرق الأوسط أو المستوى الدولي".

وذكر ان "عدد مشتركي الخدمة حاليا في المملكة وصل الى 78 الف مشترك حسب احدث الارقام المسجلة لدى هيئة تنظيم الاتصالات" وفق ما نقلت عنه وكالة انباء البحرين.

وتابع ان "مستخدمي خدمة بلاكبيري في البحرين يمثلون شرائح رجال الأعمال والموظفين وعامة الناس الذين أصبحت خدمات بلاكبيري بالنسبة لهم ضرورة تقنية عصرية في انجاز أعمالهم اليومية من جهة، وتواصلهم الاجتماعي من جهة اخرى". وشدد عطية الله على ان "التشريعات والانظمة والقرارات المعنية بتنظيم خدمات تشغيل بلاكبيري في مملكة البحرين توفر الارضية المناسبة للتعامل مع هذا المنتج باعتباره واقعا فرض نفسه على جميع دول العالم".

تقديم تنازلات

بينما أفادت تقارير صحفية أن شركة ريسيرش ان موشن (ار.اي.ام) المنتجة لهواتف بلاكبيري ربما تدرس حاليا تقديم تنازلات للحكومات التي أبدت مخاوفها بشأن التأمين الصارم للبيانات الذي يكسب هواتفها شعبية طاغية.

وقالت صحيفة ايكونوميك تايمز الهندية ان ار.اي.ام وافقت على السماح للسلطات الامنية في البلاد بمراقبة خدمات بلاكبيري بعد ضغط حكومي بسبب مخاوف مرتبطة بالامن القومي.

وبشكل منفصل قالت صحيفة "الجريدة" الكويتية نقلا عن مصدر لم تحدد هويته ان ار.اي.ام أبدت "موافقتها المبدئية" على حجب ثلاثة الاف موقع اباحي بطلب من وزارة المواصلات الكويتية. وأشارت الجريدة أيضا الى وجود مخاوف أمنية.

وقال البيان دون الخوض في تفاصيل "ار.اي.ام لا تفصح عن أي مناقشات تنظيمية سرية تجريها مع أي حكومة."

وقالت صحيفة ايكونوميك تايمز نقلا عن وثائق داخلية حكومية ان الشركة الكندية عرضت اطلاع الاجهزة الامنية الهندية على الشفرات الفنية لخدمات البريد الالكتروني للشركات واتاحة الوصول لجميع رسائل البريد الالكتروني للمستخدمين الافراد خلال 15 يوما وتطوير أدوات للسماح بمراقبة خدمة الدردشة خلال ستة الى ثمانية أشهر. بحسب وكالة الانباء البريطانية .

ولم يتسن لمصدر بالحكومة الهندية تأكيد أو نفي تفاصيل التقرير الصحفي لكنه أبلغ رويترز أن الشركة والاجهزة الامنية يناقشون عدة خيارات وانه سيجري التوصل لاتفاق قريبا. وقالت صحيفة الجريدة الكويتية ان الحكومة الكويتية تعمل مع ار.اي.ام وشركات الاتصالات "لوضع ضوابط قانونية تضمن سلامة الامن الوطني من جهة وحقوق المواطنين والمقيمين من جهة أخرى في استخدام خدمات الجهاز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 15/آب/2010 - 4/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م