العراقيون في سوريا... ذل القوانين وكرامة العمل

تحقيق: شاكر المحمدي

 

شبكة النبأ: عَمل العراقيين في المهجر هو أحدى القضايا المهمة التي تؤرقهم وتشغل بالهم كثيراً، فأغلبهم يعاني من عدم الحصول على رخصة لمزاولة العمل، وحتى من حظي منهم بفرصة عمل بائسة وجد من يستغل جهده وتعبه والقبول بهذا الاستغلال هو افضل الطرق لإستمراره في العمل.

غير مرخص بمزاولة العمل

علاء ناجح البالغ من العمر 29 عاما خريج اداب، يحدثنا عن عمله في غربته قائلاً : نحن العراقيين المهجرين لم يترك لنا القدر فسحة لاختيار قراراتنا، فكل بلد ندخله يختم على جوازاتنا عبارة(غير مرخص له بمزاولة العمل)، ما يؤثر ذلك علينا، حتى أن طلبنا العمل وان تغاضت السلطات عنا من باب الرأفة أو المساعدة فسنقع بفخ صاحب الحرفة والمحال الذي نعمل فيه، ولا يمنحنا ما نستحقه من الأجور الفعلية معللاً بذلك في انه يخاطر بنفسه لانه وافق على العمل معه.

صراعات

حسن البالغ من العمر 22عاما فيرى هو الآخر ان عمله في مطعم (بالخدمة) لتوصيل طلبيات الوجبات الغذائية، غير مستقر، بالرغم من العامل العراقي مرغوب في مثل هذه الاعمال أكثر من السوري وابن البلد، حيث أن العراقي لا يطالب الزبون ومن يعمل معه بإكراميات، مكتفياً بأجوره المتفق عليها. مشيراً لأسباب كثيرة منها انه غريب و يتحرج أن يرد طلبه، الأمر الذي يجعله يعمل وهو مغبون الحق في أكثر الأحيان.

ويضيف حسن أن العامل الذي يطلب إكرامية، يعطي انطباعاً عن المحل بأنه لا يقدر زبائنه ويحترمهم أو أن صاحب المحل غير موفر لعماله ما يستحقون،

ويشير، يكون العراقي العامل هنا هو الأفضل بنظر من يعمل عندهم لكنه تبقى لديه مشكلة، فهناك من الزبائن من يرفض التعامل مع غير السوريين، وأحيانا يصعب على العامل العراقي إيصال الطلبات بسبب عدم معرفته لازمة دمشق وطرقاتها.

أيمن العراقي هو الآخر عامل بناء، يواجه مصاعب جمى حسب ما ذكر لنا بقوله أن العامل العراقي يتقاضى 250ليرة سورية أما السوري فيتقاضى أجور 400 ليرة، لافتاً الى أن السبب هو أن الجميع هنا ينظر لنا أننا بحاجة ماسة للعمل، ونادراً ما نجد من يقدر لنا ذلك حتى أصبحنا سلعة تجارية يتسارع إليها من يريد كسبها بأقل ثمن وليتنا نجد استمرار العمل مع قلة أجورنا وما نواجهه من أتعاب فمن المستحيل أن يتخذ العامل سيارة أجرة خاصة (تاكسي)  لذهابه وإيابه للعمل ما يضطره أن يستقل سيارة السرفيس (الباص)، وهنا المشكلة قد تثاقلت وازدادت علينا لقلة هذه الوسائل وتأخر وصولها، ما يضطر العامل الى أن نستقل أكثر من واحدة للوصول إلى مكان العمل، ومنهم من يجبر على الخروج مبكراً من عمله للحاق بـ (الباص)  عند العودة.

شعور بالغبن

وفي سياق متصل يرى إسماعيل الفراجي خريج كلية الشريعة بغداد انه يواجه مشكلات كثيرة قائلاً: أجور عملي لا تسد ما احتاجه كما أن تعامل الناس معنا كعراقيين يؤذينا، مؤكدا نحن مغبونون في أتعابنا وحقوقنا لكن لا يوجد لنا خيار آخر فلا القانون الدولي رحمنا ولا أبناء جلدتنا، مشيرا الى اننا في بلدنا لا نستطيع العمل لأننا مهددون بالمخاطر، وهناك من يتصارع على العمل لتخويفنا وتهديد المقاولين لنكون الضحية.

ويشير اسماعيل الى أنهم مطالبون بالضرائب بعملهم في العراق، فالمقاول لا يسمح لنا بالعمل حتى يقطع من أجورنا وأتعابنا بل وصل الأمر الى أن يستقطع المقاول أو المراقب من ابسط واقل عمل وهو عامل النظافة المسكين الذي يحمل مكنسته للتنظيف، لقطع نصف الأجر أو دفعه مقدما للحصول على العمل، ما يضيع حقنا.  

متسائلاً لا اعلم متى ستنتهي ضريبة العراقي التي يدفعها في حياته دون غيره، فجميع الدول تستثمر شبابها وطاقاتها ونحن منذ أن وجدنا أنفسنا على ارض بلدنا نجد شبابنا مهجر وطاقاتنا مهدورة لغيرنا حتى يستغلها من لا يرحمها ولا يعطي ثمنها عند شرائها.  خاتما إلى الله نشكو حالنا وقلة حيلتنا. آملاً ان تنتهي غربتنا وضياع حقوقنا.

تقدم العمر

أما أبو احمد البالغ من العمر 48عاما موظف بلدية سابق، يرى انه يعمل هو وابنه في احد مطاعم دمشق من الساعة العاشرة صباحا وحتى وقت متأخر من الليل، واصفاً اعتماد صاحب المطعم عليه في إدارة عمل المطعم على أكتافهم وبأجر زهيد جدا، قدره لكل فرد منهم 150 ليرة سورية أي ما يعادل 3 دولارات أو أقل بقليل لكل منهم.

ويضيف أبو احمد، "بأنهم لا يستطيعون رفض ذلك العمل والأجر القليل، لان عملهم مستمر".

مؤكدا الى ان حالهم أفضل ممن يعمل في البناء فقد يجد عمل يوم ولا يجد لأيام عدة ولا حيلة لنا غير أن نرضى بما قسم لنا ونصارع القدر المكتوب.

مشيراً انه أب لعائلة من ثمانية أفراد خمس بنات وثلاثة أولاد ولن يحظى بقانون يمنحنه التقاعد على الأقل ليخفف عن كاهله لقمة عيش لبناتي الصغار اللواتي حرمن من أمور كثيرة مثل أقرانهن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آب/2010 - 1/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م