التعليم الأكاديمي في العراق... خطوات وكبوات في طريق الإصلاح

إعداد ومتابعة: علي فضيلة الشمري

 

شبكة النبأ: دون أدنى شك أن حركة التعليم الأكاديمي في العراق عانت أسوة بالمرافق الحيوية الأخرى من الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد، وخلفت إسقاطات سلبية كثيرة على الواقع التعليمي، حيث تشير اغلب الدراسات الميدانية الى الحاجة الفعلية من قبل القائمون على هذا المرفق المهم مراجعة جدية شاملة للارتقاء به مجددا.

تفوق الطالبات وتدني الطلاب

فقد فرضت الطالبات العراقيات " طوقا " من الحصار العلمي على زملائهم الطلاب من الصعوبة التخلص منه في الوقت الحاضر.

وثبتت الامتحانات الوزارية ونتائج امتحانات الصفوف غير المنتهية على مدى اكثر من عشر سنوات وبالتحديد منذ الحصار الاقتصادي على العراق في التسعينات، تفوق الطالبات بنحو ساحق واحتلالهن المراكز الاولى في الامتحانات الوزارية لجميع المراحل الدراسية.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، حصلت 15 طالبة على المراكز الاولى في العراق في الامتحانات الوزارية للدراسة المتوسطة من مجموع العشرين الاوائل للعام الدراسي 2008-2009 وحصلت 18 طالبة على المراكز الاولى في بغداد الكرخ من اصل 24 طالبا احتلوا المراكز الاولى، اي ان البنين حصلوا على 6 مراكز وفي ذيل القائمة.

وهذا الامر ينطبق على المحافظات، ففي البصرة مثلا حصلت 12 طالبة من اصل 16 على المراكز الاولى في الدراسة المتوسطة للعام الدراسي 2008-2009 وهذه النسب المرتفعة تنطبق على السنوات الماضية للدراسة الاعدادية ايضا وكذلك السنوات اللاحقة.

فقد حققت طالبات الثالث المتوسطة في الامتحانات الوزارية لهذا العام 2009-2010 نسبة تفوق مذهلة بحصول 27 طالبة على المراكز الاولى من اصل 31 من الاوائل، وبانتظار نتائج امتحانات السادس الاعدادي التي ستكشف عنها الايام المقبلة، فان السيطرة للسنوات الماضية كانت للطالبات وبامتياز.

وسلطت الوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ الضوء على هذه الظاهرة وحاورت مختصين ومسؤولين في التربية وادارات المدارس والمشرفين التربويين والمدرسين والطلبة انفسهم.

يؤكد المدير العام لتربية بغداد الكرخ الثانية ستار محمد كاظم :" ان هذه الظاهرة حقيقية، فنحن في العراق نجد تفوق الاناث على الذكور، ولو رجعنا الى نسبة المعلمات والمدرسات في التعليم فانها تشكل 75 بالمائة ". بحسب نينا للانباء.

ويضيف :" ففي احصائية اجريت على الملاك في مديرية تربية الكرخ الثانية، تبين ان مجموع الملاك يبلغ 19 الفا و484 موظفا وموظفة يتوزعون بواقع 4087 للذكور و15 الفا و397 للاناث، وهذا يعني ان نسبة 75 بالمائة للاناث والباقي للذكور ".

ويعزو كاظم هذه الظاهرة الى " ان اكثر الطلبة متمردون على انفسهم ولديهم من وسائل اللهو والفراغ اكثر من البنات، الى جانب ان العرف الاجتماعي يساعدهم بالخروج من البيت بينما البنت ملتزمة بالبقاء فيه ".

ويتابع :" ان مشاكل الطلاب اكثر من البنات في المدارس وتحتاج الى جهد كبير للسيطرة عليها، بينما تتمتع مدارس البنات بالهدوء والالتزام، ما يتيح للطالبات التفوق ".

وتسرد مديرة روضة المصطفى نادية عبود حكاية واقعية حدثت معها فتقول :" ابنتي حصلت على القبول في كلية طب الاسنان بينما ولدي لم يجتاز الامتحان الوزاري لسنتين متتاليتين على الرغم من توفير المدرسين الخصوصيين له ".

وتؤكد ان مغريات الحياة بالنسبة للبنين كثيرة ومنها الموبايل والستلايت وكرة القدم بينما البنت مكانها البيت.

ولمعاون مدير عام تربية بغداد الكرخ الثانية فلاح عبد الله الشمري رأي اخر، اذ يقول :" البنات اكثر حرصا من البنين في الدراسة الى جانب الالتزام بالدوام وانجاز الواجبات، كما ان صفوف البنات اكثر هدوءا ".

واستطرد :" البنات لهن القدرة على تنفيذ الواجبات المدرسية اكثر من البنين فضلا عن فرصة التعيينات للبنات اكثر من البنين لان البنات دائما يتخرجن بمعدلات عالية وهن المفضلات في التعيينات ".

فيما قال سامي مسلم مدير الاشراف الاختصاصي في تربية الكرخ الثانية :" ان مدارس البنين تشكو من العديد من الشواغر، بينما مدارس البنات ليس لديها مشكلة في الملاك الى جانب ان البنات موجودات في البيت بينما البنين لديهم وسائل للترفيه، عديدة ".

بينما عزا رحيم ماهود /مدير متوسطة/ تفوق الطالبات على الطلاب الى ان البنات اكثر انضباطا كما ان مدارس البنات " محصنة " اكثر من مدارس الذكور.

ويوضح ذلك بالقول :" يمكن للطالب ان يهرب بعد الحصة الثانية بسبب ان جدار المدرسة يمكن القفز منه الى جانب ان مدارس البنات لاتوجد فيها شواغر ولاسيما في الدروس المهمة ".

ويرى المشرف التربوي ناجي عبد الرحمن ان الطالبات همهن الرئيس هو الحصول على المستوى الدراسي العالي والشهادة بهدف الحصول على العمل وهذ الطموح ظهر في السنوات الاخيرة في العراق.

وتابع :" كما ان الفراغ المتوفر لها في البيت اكثر لان البنين غالبا ما ينشغلون في توفير العيش للعائلة ولاسيما اذا كانت كبيرة ورب الاسرة دخله المادي لايتناسب مع حجم العائلة ".

فيما قالت هناء محمود/معلمة/ :" بناتي من الاوائل في كلية الهندسة بينما اولادي نجحوا بدموعي ولم يحصلوا على الكليات التي كنت اطمح بها ".

وتضيف :" فالبنات يستجبن للنصيحة بينما الولد قليل الاستجابة، ولا اخفي الحقيقة، فالبنين يقولون حتى لو لم ننجح فسوف نتطوع في سلك الشرطة ونحصل على راتب جيد، وهذه النقطة تحتاج دراسة لان توجهات البنين تغيرت تماما في السنوات الاخيرة ".

وعلى ذكر العسكرية، فان عبد اللطيف شهاب /مدرس متقاعد/ يعتقد ان الحافز الاكبر الذي كان يدفع الطلاب سابقا لكي ينكبوا على دروسهم ـ ولو مضطرين ـ هو كي يتجنبوا الخدمة الالزامية، اذا ان فشلهم في الدراسة يعني 3 سنوات خدمة الزامية في الاقل وحرمانهم من الدخول الى الجامعة.

ويوضح :" اما اجتياز المرحلة الاعدادية ودخول الجامعة فمعناه اختصار فترة الخدمة الالزامية وربما يصبح الطالب احد الضباط الاحتياط، وبعد التسريح يجد وظيفته بالانتظار في احدى دوائر الدولة، وليس كما هو الحال في الوقت الحالي حيث ينتظرهم الشارع والبطالة ".

بينما قال محسن علوان /طالب اعدادية/ :" ان الطلاب يعانون ضغوطا نفسية ابرزها العامل الاقتصادي فالاسرة التي تتكون من خمسة افراد او اكثر تتطلب من رب الاسرة ان يكون له مساعد في اعالتها وهذا الحال ينطبق على الكثير من الطلاب في الوقت الحاضر ".

واضاف:" ان عدم وجود مدرسين اكفاء في التدريس حاليا يدفع العديد من الطلاب الى الاستعانة بمدرس خصوصي، فمستوى الاسئلة الوزارية ولاسيما في السنوات الاخيرة يحتاج الى مدرسين جيدين في المادة العلمية، الى جانب اجراءات وزارة التربية بجعل الامتحانات في الجامعات، ارهق الطلاب في الامتحانات ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي وانعدام الخدمات في كل شيء".

ثلاث جامعات أمريكية

الى ذلك قد صرح رئيس جامعة الكوفة الأستاذ الدكتور عبد الرزاق عبد الجليل العيسى عقب عودته من إيفاد الى الولايات المتحدة الأمريكية بان زيارته نجحت في تفعيل اتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين جامعة الكوفة والجامعات الأمريكية.

وقال، لمراسل (شبكة النبأ المعلوماتية) أسفرت الجولة عن زيارته لثلاث جامعات أمريكية هي جامعات أركون و منيسوتا وجامعة سفوك بوسطن ومركز والثر للأبحاث الطبية.

وأضاف رئيس جامعة الكوفة بان جامعات منيسوتا واركون أبديا استعدادهما لاستقبال طلبة الدراسات العليا من جامعة الكوفة لإكمال بحوثهم وتكون المدة ثلاثة أشهر للطالب الباحث في رسالة الماجستير مع أستاذه المشرف، وستة أشهر لطلبة الدكتوراه وكذلك استعدادهما بعمل بحوث مشتركة عن الواقع العراقي تتناول مواضيع الصحة والبيئة ومعاناة المجتمع وأبدت الجامعتان استعدادهما لقبول طلبة الدراسات العليا مهما كانت درجة امتحان التوفل على ان يتم إشراكهم ببرنامج (INTO) وهذا البرنامج هو لتأهيل الطلبة من اللغة الانكليزية للحصول على درجة أكثر من (550للتاهيل للدراسات العليا .

وأضاف رئيس الجامعة بان جامعة صفوك بوسطن المتخصصة في الدراسات الإنسانية والتي تخرج منها السفير الأمريكي لدى العراق كرستوفرهيل أعلنت عن استعدادها لقبول خريجي كلية القانون بجامعة الكوفة على ان يكونوا حاصلين على درجة أكثر من (450) في امتحان التوفل وستقوم هذه الجامعة بافتتاح دراسة الماجستير لأقسام الحاسبات وهندسة الديكور الداخلي لغرض قبول الطلبة العراقيين .

واختتم رئيس الجامعة حديثه بان الزيارة شملت أيضا مركز والثر للأبحاث الطبية وهو مركز متخصص لدراسة الإمراض الجلدية وأمراض الرئة حيث تمت الموافقة على فتح فرع لهذا المركز في كلية الطب بجامعة الكوفة ويكون التمويل من الجهة الداعمة وتمت تسمية المساعد العلمي لرئيس جامعة الكوفة الأستاذ الدكتور محسن ألظالمي مسؤول عن الإمراض الجلدية والدكتور علي حسن المحنة عن أمراض الرئة وتجري ألان إجراء الدراسات لافتتاح هذا الفرع .

يذكر ان جامعة الكوفة لديها عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع عدد من الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإيرانية كانت قد عقدتها خلال السنوات الثلاث الماضية وكانت جامعة الكوفة قد دخلت التصنيف العالمي هي والجامعة التكنولوجية كأفضل الجامعات العراقية اعلن ذلك علي كريم الرواف مدير الإعلام والعلاقات العامة .

فيما نظم قسم التعليم المستمر في جامعة الكوفة دورة تدريبية حول إدارة الوقت، حضرها عدد من منتسبي وموظفي الجامعة وتناولت الدورة عدة محاضرات حول كيفية استغلال الوقت وتسخيره لانجاز الأعمال المهمة التي يكلف بها الموظف أثناء الدوام الرسمي ومضيعات الوقت التي تشمل المكالمات الهاتفية والزوار والاجتماعات والمكاتب المزدحمة .

وتناولت الدورة سبل تنظيم واستغلال الوقت من خلال عدة عوامل أبرزها تحليل الوقت والتخطيط والتنظيم والمتابعة وتضمنت أيضا كيفية إعداد الخطط لاستغلال الوقت وتوزيع المهام بين الموظفين والمسؤولين وبعض النصائح التي تركز على عملية استغلال الوقت باعتباره أغلى الموارد في كل مؤسسة ومنظمة وهو يمر بسرعة ثابتة ومحددة حسب توقيتات الزمن الغير قابلة للعودة الى الوراء ويعتبر الوقت عنصر من عناصر العمل والسوق العالمية وعنصر من عناصر المنافسة بين الدول والمنظمات والمؤسسات.

وتضمنت الدورة أيضا تقسيم الموظفين والمنتسبين الى مجموعات لمعرفة المجموعة التي تتمكن من استغلال الوقت المناسب في انجاز الأعمال ذات الأهمية العالية ثم الأعمال ذات الأهمية الأقل.

جامعة براغ الجيكية

في سياق متصل زار جامعة الكوفة وفد من جامعة براغ الجيكية برئاسة الأستاذ الدكتور برشي باليك والأستاذ الدكتور جان هافون العميد السابق لكلية إدارة الأعمال والأستاذ الدكتور بوميل هافيراد مدير البحوث الزراعية الاستوائية وشبه الاستوائية، وكان في استقبال الوفد الأستاذ المساعد الدكتور عبد الصاحب البغدادي رئيس الجامعة وكالة والأستاذ الدكتور محسن الظالمي مساعد رئيس الجامعة للشؤون العلمية وعدد من أساتذة وتدريسي كليات الجامعة، وقد رافق الوفد في زيارته الأستاذ المساعد الدكتور حسين عبد الرضا مدير عام دائرة البعثات والعلاقات الثقافية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .

مساعد رئيس الجامعة العلمي دعا في اللقاء إلى تسهيل العقبات أمام الطالب العراقي الذي يرغب في الدراسة في الجامعات الجيكية وخصوصا تعلم اللغة الانكليزية والحصول على الموافقة للدراسة، مشددا على ضرورة تواصل الزيارات لفتح آفاق التعاون بين الطرفين، وكذلك استعرض الظالمي أعداد كليات جامعة الكوفة وتخصصاتها وفروعها العلمية والطلبة المتخرجين من اختصاصات الإدارة والاقتصاد والطب والهندسة والتطور الملحوظ في أعدادهم نتيجة للانجازات العملية التي حققتها الجامعة داعيا إلى مواصلة التعاون بين الجانبين قائلا " بان الزيارة فرصة جيدة لفتح باب التعاون بين الجامعات الجيكية وجامعة الكوفة الان وفي المستقبل القريب فقد قامت الجامعة بالعديد من الأنشطة المهمة في استحداث عدد من الكليات والأقسام العلمية خلال العام الدراسي المنصرم " .

وقدم رئيس الوفد الدكتور برشي خلال الزيارة مسودة اتفاقية مع جامعة براغ لدراستها من قبل جامعة الكوفة والتعرف على مدى الفوائد المتوخاة منها وسيتم عقد الاتفاقية في حال توافر الضرورة العلمية والتخصصات المرغوبة لدى الجامعة كما وبين الوفد طبيعة الجامعات الجيكية والأقسام العلمية فيها والية الحصول على شهادة أكاديمية منها وأعداد الكفاءات العلمية فيها من أساتذة وتدريسيين وقد أوعد الوفد بإمكانية تسهيل قبول الطلبة العراقيين في الجامعات الجيكية في مختلف الاختصاصات.

وقد أهدى الظالمي للوفد الزائر درع الجامعة وأعداد من مجلة آفاق جامعية الصادرة عن الجامعة ودليل محافظة النجف السياحي وأهدى رئيس الوفد من جانبه مجموعة من الهدايا للجامعة ثم تجول الوفد برفقة مساعدي رئيس الجامعة في موقع الجامعة الدائم واطلع على مباني الكليات والأقسام العلمية والمراكز البحثية المنجزة والتي في قيد الانجاز، بعد ذلك وبالتنسيق مع إدارة الروضة الحيدرية تم تنظيم زيارة للوفد الى مرقد الإمام علي عليه السلام للاطلاع على أهم الميزات العمرانية والبناء الإسلامي المزجج والنقوش الجميلة لجدران المرقد الطاهر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/آب/2010 - 27/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م