الآباء والأمهات والسلوك السيّئ لأطفالهم

 

شبكة النبأ: إذا كان الإنسان عارفا بما يفعله، فتلك ميزة تجنبه الكثير من المفاجآت، لكن ثمة من يقوم ببعض الأفعال التي يجهل نتائجها، كما أنه قد لا يتعمّد القيام بها، ومع ذلك ربما تعود عليه او على من يهمه (كأولاده مثلا) بأضرار فادحة لم يكن يقصد التسبب بها، ولا يعرف انها حدثت نتيجة لبعض الأفعال التي قام بها شخصيا.

هذا ما يحدث بسبب بعض الآباء او الأمهات في طريقة سلوكهم مع أولادهم من كلا الجنسين، فليس من المستغرب أن تقوم الأم بفعل معين تجاه طفلها ولا تعرف بأنها تتسبب من خلال هذا الفعل بترسيخ السلوك السيّئ لديه، بل أنها تظن بصحة فعلها وتهدف من خلاله الى مساعدة طفلها على تجاوز سلوك غير مقبول، ولكن هل يجوز مكافأة الطفل على سلوك خاطئ يقوم به ؟.

لنقرأ هذا المثال في الكتاب التربوي الذي يحمل عنوان (كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك)! للكاتب ( د. سال سيفير ) حيث يرد فيه عن بعض السلوكيات الخاطئة للوالدين مع أطفالهما ما يلي:

(ينتحب الأطفال ويتبرمون ويتشنجون للحصول على ما يريدون، فالأطفال خبراء في التحكم بآبائهم، وبعضهم يتبع هذه الوسائل بطبيعته والبعض الآخر يعلمه والداه ان يتبع هذه الوسائل ويسبب خضوع الآباء لهذه الوسائل ولأوامر الطفل زيادة نسبة هذه العادات السيئة في المستقبل وفي الغالب يُنشئ الآباء ذلك النموذج في اطفالهم عند بلوغهم عامين.)

فالطفل وفقا لطبيعته سيبكي ويتشنج من أجل الحصول على شيء محدد حتى لو كان ذلك الشيء يضر به، وهو يظن بأن البكاء هو سبيله الاسرع للحصول على ما يريد، وفعلا قد يكون هذا السلوك الطفولي فاعلا مع الكثير من الآباء والامهات، فبسبب عطفهم ومحبتهم للطفل سيقومون بمحاولة إرضائه عن طريق تحقيق طلباته بعد البكاء، لهذا سينمو مثل هذا السلوك الخاطئ مع الطفل وسوف يعتاد البكاء لكي يحصل من والديه على كل ما يريد، والمشكلة أن هذا السلوك سيكبر معه ويشكل جزءً من شخصيته.

وهناك سلوكيات خاطئة أخرى قد يستخدمها الوالدان من أطفالهما، فحين تطلب الام من طفلها أن يقوم بفعل معين ربما يرفض الطفل القيام بذلك إلا مقابل مكافأة نقدية او غيرها، وفي حالة تنفيذ الأم لضغط طفلها عليها سيعدّ هذا السلوك بمثابة رشوة للطفل وسوف يتعود على عدم القيام بأي عمل إلا في حالة حصوله على مقابل مادي او غيره والمشكلة أيضا أن هذا السلوك سينمو مع نمو شخصية الإنسان وهنا تكمن الخطورة.

قطعا ان الأم او الأب الذي يكافئ ابنه لكي يؤدي العمل الفلاني لا يقصد إلحاق الضرر به ولكن للأسف هذا ما سيحدث من دون أن يعلم الأبوان بذلك، وهذا يعني أنهما شاركا في بناء شخصية غير سوية لابنهما من دون علمهما او قصدهما، حيث سيكبر البن او البنت ويكبر معهما هذا الاعتياد الخاطئ على عدم القيام بأي عمل من دون استلام المقابل المادي او غيره، لذا لابد للوالدين التنبّه الى مثل هذه الافعال العفوية التي قد يقصدون بها مساعدة ابنائهما على السلوك الصحيح بيد أن ما يحدث هو العكس.

لأن الطفل كما يقو د. سال (عندما يحصل على ما يريد عن طريق الهياج والتشنج فهو يتعلم انه يكافأ على سوء السلوك وبمجرد ان يتمكن منه هذا الشعور يصبح من الصعب تغيير هذا المفهوم عنده).

كذلك الحال مع إعطاء المكافأة المادية للطفل نتيجة العناد او الرفض، وهنا تكمن أهمية أن يتنبّه الأبوان الى جميع الأفعال والأقوال التي يتعاملون بها مع أولادهم وأهمية معرفة النتائج التي سوف تتمخض عنها.

واذا افترضنا تنامي مثل هذه السلوكيات لدى الاطفال فهل يمكن معالجتها مبكرا وهل يمكن أن يجنب الأبوان أولادهم خطورة مثل هذه السلوكيات والحد من نموها مع نمو أجسامهم ووعيهم وشخصياتهم ؟.

الجواب سنجده في الكتاب المذكور آنفا، نعم ثمة إمكانية متاحة للاباء والامهات في معالجة السلوكيات الخاطئة لدى الابناء قبل استفحالها ونموها ومن رسوخها وتطورها معهم، فهناك حالة تسمى الاندثار ويُقصَد بها القضاء على هذه السلوكيات الضارة لدى الاطفال، يقول ( د. سال):

(إن السلوك الذي لا يكافَأ عليه لا يتكرر، ويسمى ذلك بالاندثار والعادات التي لا يكافأ عليها صاحبها تندثر. وحتى تندثر العادات السيئة التي يمارسها الطفل يجب ان تتوقف عن مكافأته عليها حتى لا تشجعه على ممارسة المزيد منها في المستقبل).

وليس هناك خطأ او خطر في أن يتعامل الأب او الام بجدية مع الطفل في هذا المجال، بمعنى لابد أن يكون هناك قرار حاسم في عدم مكافأة الطفل على الخطأ مهما تسبب ذلك من أذى له كالبكاء والحزن والتشنج وما الى ذلك، لأن جميع هذه الأعراض ستنتهي وسيعرف الطفل انه لن يكافأ على الخطأ أبدا لهذا سوف يتجنبه تماما.

وهكذا يكون الوالدان في هذه الحالة قد ساهما بتصحيح الأخطاء العفوية التي ارتكبت بحق أبنائهما كما أنهما سيسهمان في بناء الشخصية الصحيحة المتوازنة للأطفال، حيث ستنخفض السلوكيات والعادات الخاطئة لديهم الى أدنى حد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/آب/2010 - 24/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م