الصين... أسس راسخة وسوق رائجة

 

شبكة النبأ: بات الاقتصاد الصيني يشكل ثقلا مهما في حركة الاقتصاد العالمي بشكل فاعل ومؤثر خلال السنوات القليلة الماضية، له القدرة على التأثير سيما بعد أن استطاع هذا البلد من ترسيخ وجوده في السوق العالمية والتنافس مع اكبر اقتصاديات دول العالم.

إنعاش الاقتصادي العالمي

فقد قال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر إن الصين أفادت العالم بشكل كبير في مواجهة الأزمة المالية العالمية وان الصينيين قدموا برامج حوافز قوية خاصة بهم خلال فترة الكساد.

ادلى هاربر بتلك التصريحات خلال مقابلة مع قناة (بلومبيرج) التليفزيونية قبيل أيام من استضافته قمتين لقادة العالم هما قمة مجموعة الثمانية في منتجع هانتسفيل في موسكوكا وقمة مجموعة العشرين في تورنتو حيث سيناقش القادة التحديات الرئيسية التي تواجه الانتعاش الاقتصادي العالمي.

وقال هاربر "كان الصينيون مفيدون للغاية خلال تلك الأزمة". واضاف "طبق الصينيون برامج حوافز قوية خاصة بهم خلال تلك الأزمة ربما لم تكن ضرورية نظرا لاسس الظروف الاقتصادية الوطنية في الصين". بحسب وكالة الانباء الصينية.

واشاد هاربر أيضا بمساهمة الصين في الانتعاش العالمي. وقال إن هذا يعد علامة اخرى ليس فقط على ان الصين بدأت تتولى قيادة العالم بشكل متزايد واضطلاعها بدور أكبر في العالم ولكن أيضا على تبني الصين لمفهوم اوسع لمصالحها الخاصة في العالم "وهو ما يجب أن نشجعه".

من جهته أشار سي. إتش. كوان، زميل «معهد نومورا لأبحاث سوق رأس المال»، خبير اقتصادي ياباني مشهور في الاقتصاد الصيني، حاصل على شهادة دكتوراه من جامعة توكيو فى مقابلة صحفية مع مراسل صحيفة الشعب اليومية مؤخر إلى جدول وضع وفق البيانات المقدمة من صندوق النقد الدولي قائلا:"ان مساهمة الصين فى الاقتصاد العالمى لا شك فيها. ومن المتوقع ان تبلغ مساهمة الصين في نمو الاقتصاد العالمي 1/3 في عام 2010 متجاوزا الولايات المتحدة بكثير. والجدير بالذكر أن هذه المساهمة ليست بظاهرة جديد ظهرت باندلاع الأزمة المالية العالمية، بل هى واقع قد استمر لعشر سنوات. "

وقال كوان أنه في الوقت الذي عانت فيه معظم البلدان وبخاصة البلدان المتقدمة من الركود الاقتصادي في عام 2009، حافظت الصين وغيرها من البلدان النامية الناشئة على النمو الاقتصادي الكبير مما قدم مساهمة بارزة في الانتعاش الاقتصادي العالمي.

وبعد اندلاع الأزمة المالية الدولية، طبقت الصين بسرعة سلسلة من الحوافز الاقتصادية للتعامل مع الأزمة ولها تأثير لافت للنظر لانتعاش الاقتصاد. كما أن انتعاش اقتصاد الصين السريع قد لعب دورا واضحا جدا لدفع صادرات اليابان وغيرها من البلدان. ومنه فإن الصين قد لعبت دورا ايجابيا فى التعامل مع الأزمة المالية العالمية الأخيرة.

ويعتقد كوان أن "نظرية مسؤولية الاقتصاد الصيني"هي نسخة آخري ل"نظرية التهديد الصيني" التي نشرت في الكتاب المشهور "القيام بأعمال الصين نفسها" عام 2005 . وأن كيفية النظر فى مسؤولية الصين احدى القضايا التى تهمه أكثر حاليا. ولنظرية مسؤولية الصين خلفية عدوانية، مثل عدم ارتياح لان تصبح الصين دولة كبيرة اقتصاديا فى العالم، والقضايا الأيديولوجية، بالاضافة إلى خوف الغرب من "نمط الصين".

وعلى سبيل المثال، قد حددت الصين أهدافها لخفض انبعاثات غازات الدفيئة في حين اتهمتها بعض البلدان بأنها "مستهلك رئيسي للطاقة". في هذا الصدد، قال كوان انه قد رأى فى معظم الأوقات التقدم الهائل والدور النموذجي للصين فى مجال توفير الطاقة وخفض الانبعاثات.

وحول اختلال اقتصاد العالم، قال كوان أن هناك أسبابا عديدة لذلك، وحل هذه المشكلة تحتاج إلى جهود مشتركة من كلى الصين والولايات المتحدة. وأكد كوان على ضرورة إتمام الصين لأعمالها الخاصة بشكل جيد من أجل تحمل المسؤولية لمعالجة القضايا العالمية.

كما ان معدل المدخرات المرتفعة في الصين يتعلق بمدى تحسين نظام الضمان الاجتماعي والتركيب العمري للسكان، ووضع توزيع الدخل. وإن عمل الصين على تعديل توزيع الدخل، وتضييق الفجوة بين العمال فى المناطق الحضرية والريفية وبين الدخل المرتفع والمنخفض، ليست مفيدة لحفز الاستهلاك المحلي فقط، بل ستوفر فرص التطوير الهائلة أيضا للدول الأخرى من خلال الصادرات والواردات.

وحول تضييق الفجوة الاقليمية، اقترح كوان تنفيذ "نمط تشكيل الوزة البرية" فى الصين من أجل تحقيق تحويل الصناعة من الساحل إلى المناطق الداخلية باستمرار، وفى الوقت نفسه، تحسين نظام الدفع بالتحويل المالي، وتنفيذ المساعدة الإنمائية الرسمية. وبالإضافة إلى ذلك، ومن أجل الحفاظ على معدلات النمو العالية، يجب على الصين تحقيق تغيير نمط التنمية من خلال التحديث الصناعي وتحسين الإنتاجية. وقال كوان ان الصين بحاجة الى القيام بكثير من الأعمال، فاتمام هذه الأعمال بشكل جيد هو نفسه مساهمة في الاقتصاد العالمي.

وفي الأخير قال كوان :"إن الصين دولة نامية، فلا يوجد أي سبب لتحملها مسؤولية أكثر من قدراتها.

وفى نفس وقت فان تحمل الصين للمسؤولية، تقابلها الزيادة في حقوقها أيضا، مثل زيادة حقوق الصوت والتصويت للصين فى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشؤون الدولية. وينبغي أن ترتفع مكانة الصين باستمرار فى عملية إعادة بناء النظام الاقتصادي العالمي

اجتياز اليابان

يشار الى ان الصين انتزعت مكانة اليابان كثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد ثلاثة عقود من النمو السريع الذي انتشل ملايين الصينيين من براثن الفقر.

ووفقاً لتوقعات البنك الدولي و»غولدمان ساكس» وآخرين، واستناداً الى مدى سرعة ارتفاع سعر صرف عملتها، توشك الصين على أن تزيح الولايات المتحدة وتحتل المركز الأول قرب عام 2025.

وكانت الصين اقتربت من التفوق على اليابان عام 2009 وبالتالي لم يكن إعلان مسؤول كبير عن نجاحها من قبيل المفاجأة. وذكر رئيس ادارة الصرف الأجنبي في الصين يي جانغ، المعلومة بصورة عابرة خلال تصريحات.

وقال يي في مقابلة مع مجلة «الاصلاح» في الصين، نشرت على موقع الادارة: «إن الصين في الواقع الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم».

والتفوق على اليابان قد يمنح الصين الحق في التفاخر، لكن نصيب الفرد من الدخل الذي يبلغ نحو 3800 دولار سنوياً ليس الا جزءاً يسيراً من دخل الفرد في اليابان أو في الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

ورداً على سؤال عما اذا كان الوقت حان ليصبح «اليوان» عملة عالمية، قال يي: «لا تزال الصين دولة نامية ويجب أن نتحلى بما يكفي من الحكمة لنعرف قيمة أنفسنا».

وشهد الاقتصاد الصيني نمواً بمعدل 11. 1 في المئة في النصف الأول من 2010 مقارنة بالعام السابق، ورجح يي أن يحقق نمواً بأكثر من تسعة في المئة عن السنة بكاملها .

وبلغ متوسط نمو الصين أكثر من 9. 5 في المئة سنوياً منذ أن بدأت اصلاحات السوق عام 1978.

أسس قوية

ومن المتوقع ان تظل الأسس الاقتصادية الصينية قوية على الرغم من التراجع الضئيل في اقتصادها، وذلك بسبب تعديلات العرض مثل اغلاق المشروعات الصناعية التي تعتمد على الطاقة غير الفعالة وآثار الارتفاع الاساسية مثل ارتداد النمو الذى بدأ فى النصف الثانى من عام 2009, حسبما قال مسؤول رفيع المستوى لوكالة أنباء ((شينخوا)) فى مقابلة خاصة اجريت معه فى الآونة الأخيرة.

وقال سوندرام بوشباناثان، نائب الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (الأسيان) لشئون مجموعة الأسيان الاقتصادية, ان "أساسيات الاقتصاد الصينى لا تزال قوية, من وجهة نظرى".

وقال انه على سبيل المثال، فإن مؤشرات النمو مثل الصادرات ومبيعات التجزئة لا تزال قوية.

واضاف ان" الاجراءات التى اتخذت مؤخرا لتسريع مسيرة مشروعات الاسكان الاجتماعى فى البلاد كلها ايجابية للنمو ايضا". واوضح انه من منظور اطول فان الصين سوف تظل قوة هامة فى الاقتصاد العالمى.

واردف قائلا ان" هذا الاتجاه القوى والتوقعات الايجابية تقودها الأسس القوية للاقتصاد الكلى الصينى, وذلك نتيجة الالتزام القوى باصلاحات السوق, وسرعة تراكم رأس المال، والزيادة الملحوظة في القدرة الانتاجية للبلاد ".

ووفقا لما ذكر بوشباناثان, فإن مؤشرات الاقتصاد الكلي للصين اظهرت انها الأكثر حيوية بين بلدان الأسواق الناشئة.

وقال بوشباناثان "ان الاداء الاقتصادي القوي فى الصين لا يؤثر ايجابيا على منطقة شرق آسيا فحسب، بل على الاقتصاد العالمي ايضا، كما اتضح من النمو القوي وسط الأزمة ودورها المتزايد الاهمية فى مجال توفير الاستثمار الاجنبي المباشر وخاصة للبلدان النامية الأخرى. "

وفيما يتعلق بالتضخم، قال "ان الضغوط التضخمية الكامنة فى الصين بدأت تخف حدتها كما تشير الارقام الاخيرة، على الرغم من ان توقعات التضخم عموما ستظل جيدة.

وقال انه وفقا لمورغان ستانلي، فإنه من المحتمل ان يصل معدل التضخم لمؤشر أسعار المستهلك فى الصين الى ذروته فى الربع الثالث (حوالى 3. 4 فى المائة) بالمقارنة مع نفس الفترة فى السنة الماضية قبل ان يتجه الى ما دون 3 فى المائة بحلول نهاية السنة.

واوضح انه "مع ذلك، فانه ليس من المرجح ان يتراجع معدل التضخم بشكل حاد، فى رأيي، وذلك لأن هناك بعض العوامل التى تجرى الآن لمنع هذا الهبوط، بما فى ذلك الزيادة المحتملة فى أسعار المواد الغذائية، وتحرير اسعار المرافق، والارتفاع المحتمل لقيمة الرنمينبي. "

واضاف انه فى ضوء انحسار الضغوط التضخمية والاعتدال فى النمو، ستظل الظروف النقدية داعمة للانتعاش الجارى.

وقال "هذا يعنى ان السياسة النقدية الحالية ستبقى فى الوقت الراهن، مع عدم وجود اى احتمال لرفع أسعار الفائدة فى الشهور المقبلة. "

وأكد بوشباناثان ان الصين كأكبر الاقتصادات الناشئة فى الوقت الراهن، تقوم بعمل جيد جدا، بتوفير دعم قوي لانتعاش الاقتصاد العالمى.

وأضاف "على الرغم من انه من المتوقع ان ينمو الاقتصاد الصينى بنسبة 9. 6 فى المائة فى العام الحالى، الا ان بعض المخاطر لا تزال قائمة، وهو ما يعنى ضرورة ادارة السياسة المحلية على نحو فعال. "

اكبر مستهلك للطاقة

من جانب آخر رفضت الحكومة الصينية ما جاء به تقرير اصدرته وكالة الطاقة الدولية من ان استهلاك الصين من الطاقة تجاوز في العام الماضي استهلاك الولايات المتحدة، وان الصين اصبحت بذلك اكبر مستهلك للطاقة في العالم.

وكانت ارقام الوكالة قد بينت بأن الصين استهلكت عام 2009 ما يعادل 2,252 مليار طن من النفط، بينما لم تستهلك الولايات المتحدة سوى 2,17 مليار طن.

الا ان زو شيان، احد مسؤولي ادارة الطاقة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء الصيني، قال "إن الارقام التي نشرتها وكالة الطاقة الدولية حول الاستهلاك الصيني لا يعتمد عليها. "

وكان استهلاك الصين من الطاقة قد ارتفع نتيجة النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده البلاد، ولكن الحكومة الصينية تشعر بالحساسية ازاء الشكاوى القائلة إنها تسهم في رفع اسعار المحروقات وتزيد من نسب التلوث وتفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

ونقلت وكالة شينخوا الصينية الرسمية للانباء عن المكتب الصيني المركزي للاحصاء قوله إن استهلاك البلاد من الطاقة لم يتجاوز في العام الماضي ما يعادل 2,132 مليار برميل من النفط، وهو رقم يقل عن ذلك الذي اوردته الوكالة الدولية التي تخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها.

ونقلت عن زو شيان قوله: "إن وكالة الطاقة الدولية ما زالت تجهل جهود الصين الحثيثة لخفض استهلاك الطاقة والانبعاثات، وخصوصا التوسع الكبير الذي حققته في مجال انتاج الطاقة المتجددة. "

يذكر ان الصين تستثمر اموالا هائلة في تشييد مشاريع السدود المنتجة للطاقة الكهرومائية ومزارع انتاج الطاقة الكهربائية من قوة الرياح والمحطات النووية، وذلك في سعي منها لتقليل اعتمادها على النفط والغاز المستورد - وهو اعتماد ينظر اليه القادة الصينيون باعتباره يشكل تهديدا للامن القومي الصيني.

اهم ميناء نفطي

الى ذلك اغلقت الصين مرفأ داليان شينغانغ النفطي في شمال شرق البلاد بعد تسرب النفط في المحيط نتيجة انفجار خط انابيب.

وتوجد اكبر قواعد المخزونات النفطية الصينية في هذا المرفأ، كما توجد مصفاتان تابعتان لشركة بتروتشاينا النفطية.

ومن المقرر ان يستمر اغلاق المرفأ، الذي يعد ميناء تفريغ النفط الخام الرئيسي في الصين وكذلك منفذ تصدير المشتقات من بنزين وديزل، لمدة اسبوع.

واعلنت بتروتشاينا عن خطة طوارئ في ايام الاغلاق للحفاظ على استيراد النفط الخام وتصدير المشتقات، وان بدات بالفعل في خفض الانتاج من احدى مصافيها في داليان.

وحسب وسائل الاعلام الصينية، بدأت الكارثة عندما كانت ناقلة نفط ترفع علم ليبريا تفرغ حمولتها عبر خط انابيب الى حاوية تخزين. بحسب البي بي سي.

وانفجر الانبوب واشتعل به حريق ما ادى الى انفجار انبوب اخر قريب، وعمل مئات من رجال الاطفاء على اخماد الحرائق النفطية.

وتسرب النفط الخام في المحيط في بقعة مساحتها 50 كيلومترا على الاقل، قبالة شواطئ اقليم لياوننغ.

ويوجد في المنطقة ايضا اول قاعدة لمخزون النفط الاستراتيجي للحكومة الصينية، اضافة الى حاويات المخزونات التجارية الكبيرة.

احتجاجات اجتماعية

من جهة اخرى باتت التحركات الاجتماعية الأخيرة التي حصلت في مصانع في الصين، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة كلها كانت في شركات أجنبية، حيث كان الموظفون يراهنون على تعامل أفضل من قبل أرباب عملهم، وحظوا، كما يبدو بمباركة السلطات.

وأدت سلسلة من عمليات الانتحار في شركتي فوكسكون التايوانية العملاقة وهوندا اليابانية إلى رفع الأجور بشكل ملحوظ، ولا سيما أن هاتين الشركتين كانتا حريصتين على مواصلة وتيرة الإنتاج والحفاظ على سمعتهما في آن واحد.

واعتبر باتريك شوفانك الخبير الاقتصادي في جامعة تسينغهوا في بكين أن العمال ''يعتقدون على الأرجح أن بإمكانهم لفت النظر لأوضاعهم أكثر من خلال شركة أجنبية، ولا سيما عندما تكون معروفة''. وأضاف أن تلك ''المجموعات حريصة على سمعتها في بلدانها وخارجها، بينما لا يأبه مصنع صابون صيني على الأرجح بصورته في العالم''.

ودفعت هذه الاحتجاجات الاجتماعية إلى الاعتقاد أن زمن اليد العاملة الرخيصة قد يكون ولى بالنسبة للمستثمرين الأجانب الذين شيدوا مصانع في الصين، ''مشغل العالم''.

وبعد انتحار 11 من عمالها الصينيين ضاعفت فوكسكون، مزودة كبرى شركات التكنولوجيا مثل آبل وديل وسوني وباناسونيك وهوندا، رواتب عمالها في حين صدرت نداءات إلى مقاطعة عالمية لجهاز ''أي فون'' لشركة آبل.

ومنحت هوندا زيادة في الرواتب بنسبة 24 في المائة في أكبر مصانعها للتركيب في حين استأنف عمال هوندا لوك التي تنتج إقفال ومفاتيح السيارات العمل بعد رفع رواتبهم بنسبة لم يكشف عنها.

كذلك اضطرت شركة مكونات الهواتف ''ميري الكترونكس'' التايوانية إلى رفع رواتبها بسرعة من 17 في المائة لنحو سبعة آلاف عامل في مصنعها شنزهين، جنوب الصين لإنهاء الإضراب.

ويرى شوفانك أن نزاعات اليوم تذكر بنكسات ''نايكي'' مطلع التسعينيات عندما تعرضت المجموعة الأمريكية العملاقة إلى انتقادات بشأن ظروف العمل في مصانعها الآسيوية. وقال إن نايكي ''لم تكن مستهدفة لأنها كانت الأسوأ ''، بل لأنها المجموعة التي كانت تحظى بأكبر شهرة، وكان الناشطون يعتقدون أن ذلك سيلفت النظر أكثر، وأن نايكي ستسرع في معالجة الأزمة''. بحسب فرانس برس.

كذلك يعرف العمال أيضا كيف يعولون على دعم أكبر من السلطات عندما يقفون في وجه أرباب العمل الأجانب بدلا من الصينيين، كما يرى جوفري كروثال الناطق باسم تشاينا لايبور بولتين (نشرة العمل الصينية) في هونغ كونغ.

وأوضح أن ''أصحاب المصانع الصينية لديهم علاقات أفضل بالمسؤولين الرسميين، وأظن أن هذا يفسر ذلك كثيرا''.

وأثارت الاحتجاجات الاجتماعية ضجة كبيرة في الصين خلال الأسابيع الأخيرة، حتى إن رئيس الوزراء وين جياباو، الذي كان قلقا على ما يبدو من مخاطر انتشارها، دعا إلى تحسين رواتب العمال المهاجرين الذين يعتبرون من أنجز ''المعجزة'' الاقتصادية الصينية لكنهم غالبا ما ظلوا المنسيين في النمو.

من جهتها ركزت وسائل الإعلام التي يراقبها الحزب الشيوعي، تغطياتها على الشركات ذات الرساميل الأجنبية حتى إنها أعطت الانطباع بأن الهدوء يسود في المصانع الصينية. وقال كروثال إنه ''بشكل عام لا تحظى الإضرابات في الصين بتغطية إعلامية، وأظن أننا لن نسمع أبدا عن معظمها''.

لكن تفهم السلطات قد لا يطول كثيرا. وقال مارك وليامز المحلل في ''كابيتال ايكونوميكز'' في لندن ''يبدو أن الحكومة تأمل في رفع الرواتب وتوفير ظروف عمل أفضل للعمال الصينيين، لكن إذا دفعت التحركات الاجتماعية بالأجانب إلى مراجعة استثماراتهم في الصين، فإن الحكومة ستضع حدا على الأرجح للاحتجاجات''.

مناطق الغرب الفقيرة

على الصعيد ذاته وفي مواجهة ارتفاع الاجور ونقص العمالة المؤهلة في المناطق الساحلية الصناعية في الصين، تقوم شركات اجنبية بنقل نشاطاتها الى مناطق الغرب الفقير.

فبعد سلسلة اضرابات ادت الى زيادة الرواتب ورفع الحد الادنى للاجور، تعتزم هذه الشركات كما لفت المحللون، استخدام المساعدات الحكومية المخصصة لتنمية هذه المناطق المتخلفة قياسا الى مناطق الشرق.

فضلا عن ذلك سيكون بامكان هذه الشركات ان تجد يدا عاملة محلية من الشباب واصحاب الكفاءات ممن لا يرغبون بالتضحية بالحياة العائلية للذهاب بعيدا عن ديارهم سعيا وراء فرصة عمل.

وراى بافتوش فاجبايي المحلل لدى مؤسسة سي ال اس ايه لاسيا-المحيط الهادىء في هونغ كونغ "انه امر منطقي من وجهة النظر الاقتصادية".

واضاف ان "المردودية ضعيفة في قطاع وحدات التجميع. وبما ان هذه الشركات لديها هوامش عملانية تتراوح من 2 الى4%، ولن يكون هناك هامش كبير ان بدأت التكلفات في الارتفاع".

وبعد سلسلة عمليات انتحار في اوساط العمال وارتفاع الاجور نتيجة ذلك، اعلنت مجموعة التكنولوجيا المتطورة التايوانية فوكسكون التي تصنع لعلامات مثل آبل وباناسونيك ودل ونوكيا، عزمها على نقل قسم من مصانعها الانتاجية في شينجن (جنوب) الى اقليم هينان (وسط).  بحسب فرانس برس.

والاجر الادنى محدد فيها ب600 يوان مقابل 1100 في مدينة شنجن التي ترمز الى الاصلاحات الاقتصادية والقريبة من هونغ كونغ.

كما تعتزم فوكسكون التي توظف اكثر من 400 الف شخص في شينجن، توسيع انتاجها ايضا في منشآت موجودة اصلا في شنغدو (جنوب غرب) وفي تيانجين قرب بكين.

كذلك استقرت المجموعتان الاميركيتان هوليت-باكارد وسيسكو في كبرى مدن الغرب شونغكينغ التي تطمح لان تصبح اكبر مركز صناعي في مجال تقنيات الاعلام.

وتنوي الشركتان التايوانيتان كوانتا كومبيوتر وانفنتيك كوربوريشن اطلاق مشاريع رائدة لفروعها الانتاجية الجديدة في شونغكينغ قبل نهاية العام على ما اكد كيفن تشانغ المحلل لدى مؤسسة فيتش رايتنغز التي يوجد مقرها في تايوان. وراى هذا المحلل ان هذا التوجه للانتقال الى داخل الصين لن يكون مجرد ظاهرة عابرة.

فمنذ سنوات عدة استثمرت الحكومة بشكل كبير في البنى التحتية داخل الصين لكسر عزلة هذه المناطق الفقيرة.

فضلا عن ذلك فان هذه الاستثمارات دعمت فيها ايضا سوق العمل فوفرت فرصا امام ملايين العمال الذين اضطروا سابقا لهجر مناطقهم للذهاب للعمل في المناطق الساحلية.

واختار كثيرون من الشبان البقاء في اماكن قريبة من مناطقهم بدل الذهاب الى هذه المناطق حيث كلفة المعيشة كبيرة والانفصال عن العائلة مؤلم اكثر.

واوضح مارك وليامز الخبير الاقتصادي لدى كابيتال ايكونوميكس في لندن قائلا "مع ارتفاع العائدات الريفية تقلصت الدوافع التي تحث على الرحيل من القرى".

واضاف "بما ان العمال يطالبون باجور اكبر للتوجه الى المناطق الساحلية اصبح امرا منطقيا نقل المصانع الى اماكن اقرب منهم".

وتسعى السلطات المحلية ايضا لجذب المستثمرين الاجانب من خلال عرض شروط ملائمة لهم.

وفي الوقت الذي تشتد فيه المنافسة، ستضطر الشركات التي لا تستطيع تحمل عبء اجور مرتفعة او تحميلها للزبائن للذهاب الى الغرب برأي تشانغ.

وقال تشانغ ان "المزودين يتنافسون على الطلبات. فاذا زدتم اسعاركم سيتوجه الزبون الى منافسكم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/آب/2010 - 24/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م