العراق وأمريكا... طلاق إسلامي أم زواج كاثوليكي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بات الجيش الأمريكي في العراق يسابق الزمن لإتمام انسحاب قطعاته المنتشرة في الوقت المقرر حسب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن، والتي تلزم بنودها الإبقاء على خمسين ألف جنديا أمريكيا فقط نهاية شهر آب/ أغسطس القادم.

وعلى الرغم من الانخفاض الكبير في إعداد الجيش الأمريكي إلا إن الولايات المتحدة ستبقي في الوقت ذاته على قوة ضاربة تستطيع تحقيق أي هدف منتخب لها أو مواجهة أي تحدي في المستقبل، بما يؤمن السيطرة على أي طارئ قد يحدث أو التصدي لأي تهديد للمصالح الأمريكية.

العراق جوهري

فقد قال المرشح الجديد لقيادة القوات الامريكية في العراق، امام مجلس الشيوخ الامريكي، إن عراقا مستقرا ومعتمدا على نفسه امر “جوهري” لاستقرار الشرق الاوسط وجنوب غرب آسيا.

وسمت ادارة اوباما الفتنانت جنرال لويد اوستن قائدا للقوات الامريكية في العراق خلفا للجنرال رايموند اوديرنو الذي سيتولى قيادة القوات المشتركة.

ومثل اوستن اليوم امام لجنة الخدمة المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي للادلاء بشهادته في جلسة تأكيد ترشيحه لتولي قيادة القوات الامريكية في العراق خلفا لاوديرنو.

وقال اوستن لاعضاء مجلس الشيوخ إن مستقبل العراق لا ينفصل عن مستقبل الشرق الاوسط. بحسب اصوات العراق.

وذكر بيان صدر عن البنتاغون أن اوستن قال في شهادته إن “عراقا ذا سيادة، مستقرا ومعتمدا على نفسه سيسهم في استقرار المنطقة، وسيكون حليفا كبيرا في القتال ضد القاعدة وحلفائها المتطرفين”.

وقال الجنرال اوستن إنه على الرغم من التحسن الكبير في العراق منذ الغزو بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003، إلا أنه لا تزال هناك “عناصر تهدد بتقويض وجود حكومة ديمقراطية في العراق”، موضحا أن “التوترات الاثنية ـ الطائفية لا تزال تعيق تشكل رؤية وطنية موحدة لكل العراقيين”.

وأضاف اوستن أنه “خلال هذه المرحلة الانتقالية، من شأن قواتنا أن تواصل تقديم المشورة والتدريب للقوات العراقية، وتطوير قدراتها الامنية ودعم امكانياتها في حماية الشعب العراقي”.

العرب والاكراد

من جهته قال الجنرال راي أوديرنو ان قواته في الشمال المضطرب ستكون اخر من يغادر البلاد في نهاية 2011 وأقر بأن من غير المرجح أن تتم تسوية النزاعات بين العرب والاكراد قبل ذلك رغم اشارات احراز تقدم التي ظهرت العام الماضي.

واعتبر أوديرنو أن التوترات العرقية بين العرب والاكراد في شمال العراق هي أكبر تهديد على استقرار البلاد.

وقال ان الولايات المتحدة لازالت على طريق تقليل قواتها في العراق الى 50 ألف جندي بحلول أول سبتمبر أيلول عندما تنهي واشنطن عملياتها القتالية رسميا لكن القوات الامريكية في مدينة كركوك بشمال البلاد ستبقى كما هي "وربما تصبح احدى اخر الوحدات التي تنسحب من العراق ... بحلول نهاية 2011 ." بحسب رويترز.

وتشير تحذيرات أوديرنو بشأن الشمال الى شكوك أمريكية متنامية حول أفق تحقيق انفراجة بين العرب والاكراد في أي وقت قريب. وتخشى واشنطن من أن يؤدي اندلاع للعنف بين الجانبين الى دفع العراق مجددا الى الحرب.

وكان وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس قال بثقة خلال زيارة الى كركوك في ديسمبر كانون الاول ان القادة العرب والاكراد يتحركون صوب تسوية خلافاتهم.

لكن أوديرنو قال للصحفيين في واشنطن "لم نحل مشاكل المناطق المتنازع عليها. وهذه مشكلة يجب التعامل معها في المستقبل."

وأضاف مشيرا الى الميعاد المقرر لانسحاب القوات الامريكية من العراق "واذا كان السؤال هو هل أعتقد أنه من الممكن فعل شيء بهذا الصدد بحلول نهاية 2011.. فالاجابة هي.. لا .. لا أعتقد."

وقال "لا بد من مرحلة انتقالية حتى تكون هناك قوة تستمر في بناء الثقة وتقليل التوترات عندما نرحل في 2011 ."

وأوضح أن الجيش الامريكي يدرب مقاتلين من البيشمركة الكردية وقوات في الجيش العراقي لتحقيق هذا الهدف وأنه يريد "دمجهم حتى يصبحوا قوة يثق بها الناس وتكون ممثلة للناس وتحافظ على الامن بعد رحيلنا." وستتولى الحكومة العراقية في بغداد قيادة القوة المشتركة والسيطرة عليها.

ونحا أوديرنو جانبا مخاوف من أن يعرض تقليل عدد القوات الأمريكية في العراق الى 50 ألف جندي بحلول سبتمبر أمن البلاد للخطر وعبر عن ثقته في أن قوات الأمن العراقية "يمكنها السيطرة على مستوى العنف ويمكنها أن تتولى أمر القاعدة بمساعدتنا."

وقال ان 50 ألف جندي "هو رقم كبير" وأضاف "اذا أردنا فعل شيء فلدينا القدرة على فعله."

ولضمان الاستقرار بعد سبتمبر قال أوديرنو ان بلاده ستبقي على قواتها عند حد 50 ألف جندي خلال صيف 2011 وحينها سيجرى تقييم حول سحبها بحلول نهاية 2011 .

محافظات مضطربة

الى ذلك كانت إخبارية عن مخزن للسلاح هي التي دفعت جنودا أمريكيين للخروج من عرباتهم المدرعة في بلدة جلولاء العراقية المزدحمة في الشهر الماضي.

وخلال تلك الأحداث وقع هجوم انتحاري بسيارة ملغومة أحدث من الدمار ما جعل تفاصيل الهجوم الذي قتل فيه الجنديان إسرائيل أوبريان ووليام يوتش غير واضحة حتى الآن.

لكن كان هناك شيء واضح.. ألا وهو أن التمرد في جلولاء لم يخمد بعد.

وكما هو الحال في بلدات أخرى بمحافظات العراق الشمالية المضطربة مثل ديالى وكركوك ونينوى تتحدى جلولاء حديث الولايات المتحدة عن إنهاء العمليات القتالية الشهر القادم بمقتضى خطة للانسحاب التام من العراق بحلول نهاية 2011 .

وقال الكابتن مارك ادامز وهو قائد في السرية الاولى بسلاح الفرسان الامريكي الرابع عشر "يمكنني أن أقول اننا بعيدون جدا عن انتهاء التمرد في جلولاء... لا أشعر أننا حققنا تقدما كبيرا هنا."

وبالنسبة للمنطقة المختلطة الاعراق والاديان الممتدة من جلولاء قرب الحدود الشرقية للعراق مع ايران الى الحدود الغربية مع سوريا فان التحدث عن مرحلة وقف العمليات القتالية في 31 أغسطس اب يكاد يكون قولا أكثر منه فعلا.

فالاعمال التي تبدو أشبه بالعمليات القتالية ستستمر في المناطق التي ينشط فيها المقاتلون السنة رغم حدوث انخفاض حاد في أعمال العنف بوجه عام منذ ذروة الاقتتال الطائفي عامي 2006 و2007 .

غير أن هذه العمليات سيطلق عليها اسم "عمليات الاستقرار" وهو تعريف فضفاض يشمل أمورا مثل تقديم المشورة والمساعدة والتدريب والتجهيز للقوات العراقية وهي أمور تقدمها بالفعل القوات الامريكية منذ فترة.

وقال كبير المتحدثين الامريكيين الميجر جنرال ستيفان لانزا ان القوات الامريكية "ستظل تقوم بعمليات مشتركة للتصدي للارهاب بهدف ابقاء الضغط على الشبكات الارهابية المتطرفة."

وفي المناطق المتنازع عليها المجاورة لاقليم كردستان العراقي شبه المستقل حيث يتصارع العرب والاكراد على الارض والسلطة أعادت خلايا مقاتلة تجميع نفسها بعد اخراجها من معظم معاقل السنة.

وفي هذه المناطق سيستمر الجنود الامريكيون في اطلاق النار من ان لاخر كما سيستمر اطلاق النار عليهم بعد الاول من سبتمبر.

وقال الميجر جنرال توني كاكولو وهو قائد فرقة بالقوات الامريكية ان تنظيم القاعدة "انحسر نشاطه لكن لم يتم الاجهاز عليه." وأضاف "نجهز على خلية لكنها تعيد تشكيل نفسها على نطاق أصغر وأضعف."

وقال خلال رحلة تفقدية بطائرة هليكوبتر فوق ديالى ان قوات الامن العراقية "لا يمكنها التعامل" مع التهديد القائم "بمستواها الحالي".

ورد الفعل ازاء هجوم جلولاء في 11 يونيو حزيران يعطي لمحة عن التحديات والاحباطات التي تواجه القوات الامريكية التي تلعب دورا ثانويا تاركة المجال أمام القوات العراقية.

ففي حين تمكنت القوات الامريكية الخاصة من القبض على واحد أو أكثر من المقاتلين المشتبه بهم لم تظهر الشرطة العراقية في الموعد المحدد الساعة السادسة صباحا (0300 بتوقيت جرينتش) على الطريق المتفق عليه في اليوم الاخير من عملية تفتيش استغرقت أسبوعين في جلولاء. وبدأت القوات المهمة دون دعم أمريكي ولم تصل لشيء.

وقال اللفتنانت جان دادجينسكي (26 عاما) وهو يبحث عن ظل يحتمي به من حرارة الشمس بينما كان فصيله يشكل "طوقا" لعملية "صانع السلام في جلولاء" انه كان من المفترض "أن نطهر البلدة بأكملها لكنهم لم يعثروا قط على شيء." والثقة ضعيفة بين قوات الجانبين.

وقال السارجنت جيريمي هير (32 عاما) "التخطيط وأسلوب التنفيذ الذي يتبعونه لا ينجح... لقد سئموا الامر."

ومع اغلاق قواعد أخرى ستظل قاعدة كوبرا في ديالى على نفس القوة بعد الاول من سبتمبر.

وسيستمر الجنود الامريكيون في حراسة نقاط تفتيش مع الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية في تعاون يقول مراقبون انه قد ينهار بعد رحيل الامريكيين.

وقال الميجر روبرت هالفورسون الذي صاغ تقرير الجيش في هجوم جلولاء ان احتدام العنف في الاونة الاخيرة أبرز الحاجة لوجود أمريكي قوي.

وقال ضباط ان المقاتلين ربما يحاولون استغلال الجمود السياسي في العاصمة حيث لم تتمكن الفصائل السياسية السنية والشيعية والكردية من تشكيل حكومة بعد ما يقرب من أربعة أشهر من اجراء الانتخابات.

التقدم في مجال الامن

من جانب آخر اكد رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الاميرال مايك مولن ان خفض عديد القوات الاميركية في العراق تسير وفق الخطة المرسومة مشيدا بالتقدم الكبير المحرز في مجال الامن منذ ثلاث سنوات.

وقال مولن ان الجنود والشرطيين العراقيين اثبتوا قدراتهم خلال السنة الماضية. وقال ان القوات العراقية "مستعدة" لكي تتولى الامن في البلاد عندما يتم خفض القوات الاميركية الى 50 الفا في مطلع ايلول/سبتمبر.

وقال "رايت كيف يتصرفون في حالات عدة واجهوا فيها هجمات عنيفة وعلي ان اقول ان ردهم كان في الحقيقة جيدا". بحسب فرانس برس.

واعاد الى الاذهان الايام المرعبة في ذروة تصعيد العنف الطائفي قبل ثلاث سنوا عندما كان "الياس سائدا". وقال ان التقدم المحرز منذ 2007 يمثل "نجاحا مذهلا".

وقال، "نحن على الطريق السليم من اجل خفض عدد الجنود الاميركيين الى خمسين الفا، وحتى اقل بقليل من ذلك، في الاول من ايلول/سبتمبر. لا ارى ما يمكن ان يحول دون ذلك".

وينتشر في العراق حاليا اقل من 65 الف جندي اميركي لن يبقى منهم سوى 50 الفا لتدريب وتوجيه القوات العراقية حتى نهاية كانون الاول/ديسمبر 2011.

ووقال مولن "ستغادر كل قواتنا العراق في نهاية 2011". ويلتقي مولن قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال اوديرنهو. ويزور مولن بغداد بعد زيارة استمرت يومين لافغانستان حيث اطلع على التطور الحاصل في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات.

ستون بالمائة

وانجزت الوحدات الاميركية القتالية في العراق ستين بالمئة من انسحابها مع معداتها قبل شهرين من الموعد النهائي الذي سيكون بمثابة مقدمة لانسحاب شامل للقوات العسكرية نهاية العام 2011.

ومعسكر فيكتوري، القاعدة العملاقة المترامية الاطراف قرب مطار بغداد، واحد من ثمانية مواقع تم فرز معداتها من قبل الجنود الاميركيين لكي تنقل الى البلاد او افغانستان او يتم تدميرها.

ورغم حرص الجيش على تجنب اتهامات بانه يخفض عديده ليجري بعيدا عن العراق في حين باتت الافضلية للعمليات في افغانستان، يستمر عدد الجنود في الانخفاض بحيث سيبقى خمسون الفا فقط الى ما بعد 31 آب/اغسطس المقبل.

وقال العميد غوس بيرنا المسؤول عن الانسحاب لوكالة فرانس برس "نقوم بتصحيح حجم القوات".

وكان العميد بيرنا في ساحة عملاقة وسط 330 مركبة متوجهة الى الكويت المجاورة على ان تنقل الى الخارج في وقت لاحق.

واضاف ان "اكثر من 32 الف قطعة من المعدات تم سحبها من العراق منذ شباط/فبراير 2009"، مشيرا الى ان العربات الكاسحة للالغام المحمية بالدروع وناقلات جند من طراز همفي تستخدم منذ الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين العام 2003.

ويجري سحب المركبات العسكرية جنوبا الى الكويت قبل ان يتم نقلها الى افغانستان او الى الولايات المتحدة. وسبق نقل حوالى ثمانمئة الف قطعة اخرى من المعدات من العراق في حاويات البضائع.

ومعسكر فيكتوري هو المكان المركزي لعمليات التحرك اضافة الى اربعة مواقع في شمال العراق، وواحد في غربه واثنان في الجنوب حيث يتم معالجة المعدات وتوضيبها بغرض شحنها لاحقا.

وينتشر حاليا 84 الف جندي اميركي في العراق لكن قرار الرئيس باراك اوباما سحب جميع القوات القتالية يعني ان 34 الفا يعدون انفسهم للمغادرة بينما تبقى قوة التدريب لما بعد آب/اغسطس.

وقال ضابط الشؤون اللوجستية ان الانتهاء من تعبئة العربة الواحدة يستغرق ساعة وتبقى هنا مدة تتراوح بين ثلاثة او خمسة ايام قبل ان تتجه جنوبا ضمن قوافل. ويغادر القاعدة بين 30 الى 40 مركبة يوميا.

وغادرت حوالى 3500 مركبة العراق خلال شهر حزيران/يونيو حتى الآن، وهو اعلى معدل شهري لهذا العام.

من جهته، عبر مسؤول عسكري عراقي عن الارتياح ازاء وتيرة انسحاب القوات القتالية وشدد على اهمية تسليم المعدات الى القوات العراقية.

وقال اللواء محمد العسكري المتحدث باسم وزارة الدفاع "لقد تجاوز الانسحاب اكثر من ستين في المئة، ولم تحدث مشاكل حتى الآن".

وتم تسليم فائض الولايات المتحدة من معدات قيمتها 91,4 مليون دولار الى الحكومة العراقية، وكذلك لوازم اخرى مثل ذخيرة البنادق التي سيتم التخلي عنها لان شحنها الى الولايات المتحدة سيكلف غاليا. بحسب فرانس برس.

هناك ايضا اجهزة ومرافق جددتها الولايات المتحدة ضمن اطار صندوق حجمه ملياري دولار مخصص لقوات الامن العراقية وافقت عليه واشنطن.

ورغم ان بعض المعدات منحت للعراقيين، هناك ايضا كميات هائلة من المواد التي تدمرها الالة العسكرية الاميركية لانها تعتبر "غير صالحة للاستخدام".

وفي معسكر فيكتوري يجري تجريد الشاحنات العسكرية وتقطيعها وبيعها لتجار الخردة المحليين، في حين يتم تدمير العشرات من اجهزة الكمبيوتر والطابعات بواسطة الات عملاقة.

ويتم رفع الحاويات المليئة بالمعدات بواسطة الات عملاقة الى الشاحنات المتجهة الى الكويت يوميا.

المخلفات العسكرية

في سياق متصل اعلن نائب القائد العام في القوات الامريكية في العراق، الانتهاء من معالجة 32 مليون رطل من المخلفات العسكرية في العراق، فيما اشار المتحدث باسم القوات الامريكية ان عدد قواعدهم العسكرية انخفض الى 100 قاعدة فقط بعد ان كانت 505 قواعد.

وقال الجنرال كينيث هنزيكر في مؤتمر صحفي إن “القوات الامريكية بدأت بعمليات معالجة النفايات السامة في قاعدتي سبايكر والاسد بعد عمليات نقل واعادة المعدات الى الولايات المتحدة وقسم اخر الى افغانستان”.

واضاف ان “عملية معالجة المواد بدأت في 14 مكانا داخل القاعدتين الامريكيتين بعد احصائها منذ صيف عام 2008″، مبينا انه “تم معالجة 32 مليون رطل من النفايات بكلفة تصل الى 255 مليون دولار”.

واوضح هنزيكر ان “النفايات الحربية ليست مشعة اونووية وبايولوجية، بل مواد نفطية وتنظيفية وهايدروليكية” مشيرا الى ان “عمليات طمرها تتم بعد ان تتم معالجتها من خلال معادلتها بمواد قاعدية او حرقها وبنفس المقاييس التي تنفذ في الولايات المتحدة”.

واكد ان “قوات بلاده اتفقت مع وزارة الصحة العراقية على اجراء فحص متزامن للمخلفات التي يقوم بمعالجتها”، لافتا الى ان “جزءا من الاتفاقية المبرمة بين واشنطن وبغداد يتضمن بندا خاصا لنقل قاعدتي الطمر(سبايكر والاسد) الى الحكومة العراقية بعد تدريب الكوادر العراقية على استخدام الاجهزة الخاصة بعمليات المعالجة التي سيتركها الجيش الامريكي فيها من اجل منع التلوث البيئي”. بحسب اصوات العراق.

من جهته اشار المتحدث باسم القوات الامريكية الجنرال ستيفن لانزا الى ان “عدد القواعد العسكرية الامريكية انخفضت من 505 قواعد الى 100 قاعدة في عموم محافظات العراق بعد تنفيذ خطة خفض عدد القوات والمعدات في البلاد”.

وذكر لانزا ان “ادارة قوات بلاده تعمل على تهيئة الامور اللوجستية لتنفيذ خطة خفض عدد القوات من 71 الفا الى 50 الفا مع معداتهم العسكرية بداية ايلول المقبل، مشيرا الى ان “قوات الامن العراقية تتولى مسؤولية ادارة القواعد العسكرية التي تغادرها القوات الامريكية”.

السجون والسجناء

من جهة اخرى قال مسؤول إن الولايات المتحدة سلمت للعراق العشرات من المسؤولين السابقين المحتجزين من حكومة صدام حسين بمن فيهم واحد من أهم الشخصيات العامة وزير الخارجية الاسبق طارق عزيز.

وجاء هذا التسليم في اطار اتفاق أمني وقع في عام 2008 وافقت فيه الولايات المتحدة على وقف الاعتقالات وتسليم مراكز الاعتقال المتبقية والانسحاب تماما من العراق بحلول نهاية عام 2011.

وكان عزيز (74 عاما) أيضا نائبا لرئيس الوزراء في عهد صدام وهو الذي استسلم بنفسه للقوات الامريكية في ابريل نيسان عام 2003 بعد أسبوعين من سقوط حكم صدام على يد قوات الغزو التي قادتها الولايات المتحدة.

وقال بوشو ابراهيم وكيل وزير العدل المسؤول عن السجون "عزيز كان من ضمن الستة وعشرين معتقلا تم تسليمهم لنا."

وأضاف أن مسؤولين اخرين من حكومة صدام جرى تسليمهم في السابق مما رفع اجمالي عددهم الى 55. ولكن جرى الافراج عن واحد منهم.

وباغلاق معسكر كروبر سينتهي فصل مثير للجدل من الاحتلال الامريكي للعراق. واحتجزت القوات الامريكية الاف العراقيين ومعظمهم لم توجه اليه تهمة. وظلوا شهورا بل سنوات.

وأدين عزيز في مارس اذار 2009 لدوره في قتل عشرات التجار بسبب مخالفة التسعيرة الحكومية في عام 1992.

وقال محاميه عبد البديع عارف المقيم في العاصمة الاردنية عمان انه يخشى على حياة موكله من بطش الحكومة العراقية وانه يعتزم توجيه التماس الى الفاتيكان كي يتدخل. وعزيز مسيحي كلداني يعاني من مشكلة في القلب.

وقال عارف بالهاتف من عمان "هم (ألامريكان) سلموا كل المعتقلين الموجودين لديهم من قائمة الخمسة والخمسين ضمنهم طارق عزيز عدا خمسة وهم المحكومون بعقوبة الاعدام."

"هو قال لي بالحرف الواحد.... سيقتلوني حتما لاني امتلك معلومات كثيرة."

" سيقتلونني بشكل مباشر او غير مباشر. اما عن طريق حجب العلاج عني او بدس السم في طعامي."

وقال الجيش الامريكي انه سيبقي على احتجاز ثمانية من مساعدي الرئيس السابق بناء على طلب الحكومة العراقية.

وأشار عارف الى أن هؤلاء منهم الاخوان غير الشقيقين لصدام وهما وطبان ابراهيم الحسن وسبعاوي ابراهيم الحسن ووزير الدفاع السابق سلطان هاشم ورئيس اركان الجيش السابق حسين رشيد قدوري وعبد الغني عبد الغفور الذي شغل منصب عضو قيادة قطر العراق.

الفراغ الامني

من جانبه اعرب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، جيفري فيلتمان، عن عدم تخوفه من فراغ امني بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق العام المقبل، مضيفا ان تأخر تشكيل الحكومة يعود لحسابات عراقية وليست لتدخلات اقليمية.

وقال فيلتمان في حوار اجرته معه صحيفة الحياة، “لا أرى فراغا امنيا بعد انحساب القوات الامريكية من العراق”، مضيفا ان العراق “سيد منذ سنة ونصف السنة، ومسؤول عن أمنه ولا أرى تغييرا بعد 31 آب”.

وتابع فيلتمان “لا أريد التقليل من وقع الهجمات، انما القوات الأمنية قامت بعمل جيد جدا والعنف تدنى كثيرا”.

وبشأن تشكيل الحكومة المقبلة، قال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، إن واشنطن “لا تسمي أسماء لرئاسة الحكومة وليس لديها فيتو”، مشيرا الى ان إيران “فشلت في زج نفسها في عملية تشكيل الحكومة، اذ ان تأخير تشكيلها بسبب الحسابات العراقية وليس التدخل الإيراني”.

وكان من المقرر ان تنتهي المدة الدستورية لانتخاب رئيسي البرلمان والجمهورية الذي ينبغي أن يكلف خلال 15 يوما الشخصية التي تتولى رئاسة الحكومة، في 13 من تموز الجاري، في وقت فشلت فيه الكتل السياسية في البرلمان المؤلف من 325 مقعدا في التوصل الى توافقات بشأن تقاسم المناصب الرئاسية الثلاثة (الجمهورية والبرلمان والحكومة) التي تمهد لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد مرور نحو أربعة أشهر على الانتخابات التشريعية التي جرت في (7/3/2010) حيث حل ائتلاف العراقية أولا فيها بحصوله على 91 مقعدا، وحل ائتلاف دولة القانون ثانيا بـ 89 مقعدا والائتلاف الوطني العراقي ثالثا بـ70 مقعدا.

وحول مباحثاته مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في واشنطن، قال فيلتمان، إن “عملية تشكيل الحكومة العراقية كانت على طاولة البحث، وكلنا متفق على أن العراق بحاجة إلى حكومة تعكس انتخابات السابع من آذار وكلمة الشعب العراقي”.

وعن مطالبة زيباري بدور أمريكي أكبر لتسهيل تشكيل الحكومة، قال فيلتمان “العراقيين مسؤولون عن العراق اليوم، وهناك دستور عراقي وحوار بين الكتل ولسنا بديلا لذلك ولا نريد أن نكون بديلا”.

وتابع مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ان “الاتفاق على الحكومة يجب أن يكون في العراق، ونحن سعداء في تسهيل هذا الأمر من خلال لقاءات السفير كريستوفر هيل أو زيارة نائب الرئيس جوزيف بايدن، ونعتقد بأن الوقت حان للقيادات العراقية لاتخاذ خطوات لمصلحة العراق وليس لطموحاتهم الشخصية”.

وعن الدور الإيراني في العراق، قال فيلتمان إن واشنطن تدعم “علاقة إيجابية بين إيران والعراق، مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ولن نقف في وجه هكذا علاقة”، أما بالنسبة إلى تشكيل الحكومة فهناك محطات، حاول الإيرانيون زج نفسهم في هذه العملية بدعوتهم القادة العراقيين الى طهران وأشياء مماثلة ولا نرى أنهم نجحوا”، مضيفا “ما نراه هو أن العراقيين يتخذون قراراتهم انطلاقا من حسابات عراقية”.

وزاد إن “الإيرانيين لا يستفيدون بالضرورة من الأزمة الحكومية، وعدم حسم توزيع الحقائب ليس بسبب التدخل الإيراني بل بسبب الحسابات العراقية داخل العراق”.

أمريكا أكثر أمناً

الى ذلك أعرب حوالي نصف الناخبين الأمريكيين عن اعتقادهم بأن بلادهم باتت أكثر أمناً بعد الاطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وتبين في استطلاع للرأي أجراه مركز «راسموسين ريبورتس» الأمريكي انه فيما يقول %42 من المستطلعين ان الاطاحة بصدام حسين حسنت الوضع الأمني للولايات المتحدة، أكد %55 ان الحياة في العراق أفضل من دونه.

وقال %22 من المشاركين في الاستطلاع ان الولايات المتحدة أقل أمناً بعد غياب صدام عن السلطة في بلاده.

واعتبر %33 من المستطلعين ان الحرب على العراق حققت نجاحاً، في حين وجد %36 انها فاشلة و%31 ليسوا واثقين. بحسب يونايتد برس.

وسجل الاستطلاع انقساماً حزبياً حول العراق، ففيما يعتقد %78 من الجمهوريين بأن غزو ذاك البلد والاطاحة بصدام حسنت الحياة فيه، انقسم الديموقراطيون والمستقلون. يشار الى ان المسح شمل ألف ناخب أمريكي وبلغ هامش الخطأ فيه %3.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/تموز/2010 - 19/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م