بريطانيا في شراك أزمة

كاميرون يعلن خفض الإنفاق والحد من الهجرة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: باتت بريطانيا العظمى تعاني مؤخرا تدرك إن سياساتها القديمة بحاجه الى تقنين يتلاءم مع ظروفها الحالية وقدرتها الفعلية في إدارة شؤون مجتمعاتها بالشكل الأمثل، سيما أنها على شفا أكثر من أزمة اقتصادية واجتماعية وفق معظم الدراسات والاستبيانات الميدانية والنظرية التي أجريت مؤخرا.

وتسعى الحكومة البريطانية من خلال بعض الإجراءات تجنيب البلاد خطر تفاقم أزمات معيشية وشيكة أفرزتها حالة الكساد الاقتصادي العام، وتداعيات أزمة المال الدولية، بالإضافة الى عوامل ديموغرافية لا تقل تأثيرا أخرى.

زيادة السكان

فقد قال تقرير أصدره مركز (منتدى المستقبل) للابحاث ان تزايد عدد السكان في بريطانيا يمثل خطرا على المدى الطويل على مستوى المعيشة وان الساسة في حاجة الى بحث كيف يمكن للبلاد التكيف مع هذا الوضع.

وأضاف التقرير أن عدد السكان في بريطانيا زاد في العقد الحالي بوتيرة أسرع من أي وقت منذ الستينات نتيجة لزيادة الهجرة وارتفاع معدل المواليد ومتوسط الاعمار.

ويتوقع مكتب الاحصاءات الوطنية أن يزيد عدد سكان البلاد الذي يبلغ حاليا 61 مليون نسمة بواقع عشرة ملايين بحلول عام 2033 وهو أعلى معدل للزيادة منذ أكثر من 50 عاما.

وجاء في التقرير أن "عدد السكان كموضوع للنقاش غير مطروح لدى أغلب ساسة بريطانيا."

وتابع "النقاش بشأن كيفية معالجة أي نمو في عدد سكان بريطانيا غائب بشكل مثير للقلق."

ويتناقض ارتفاع عدد السكان في بريطانيا مع بعض الدول الاخرى في أوروبا مثل المانيا حيث من المتوقع أن يؤدي انخفاض معدلات المواليد وارتفاع معدلات الوفيات الى خفض عدد السكان على مدى العقود المقبلة. بحسب رويترز.

لكن حالة بريطانيا تظهر اتجاها أوسع نطاقا في أنحاء العالم من المتوقع أن يؤدي الى رفع عدد سكان العالم الى نحو تسعة مليارات بحلول 2050 ارتفاعا من 6.8 مليار نسمة حاليا.

وجاء في التقرير أن بعض صناع السياسات في بريطانيا ودول أخرى كانوا يشجعون صراحة الزيادة السكانية كوسيلة لتعزيز النمو الاقتصادي وهو نهج غير قابل للاستمرار على المدى الاطول.

وأضاف أن من الوسائل الممكنة لمعالجة هذه المسألة تحسين وسائل تنظيم الاسرة واتاحة حوافز ضريبية مختلفة ومحاولة الحد من النزعة الاستهلاكية لدى السكان ووضع خطط تتعلق بسبل مواجهة الزيادة السكانية.

ومن هذه الخطط تحسين الخدمات في القطاعات المختلفة بما في ذلك الصحة والمدارس والنقل العام.

بريطانيات لا يفكرن بالإنجاب

في سياق متصل أظهرت دراسة أعدتها مجموعة تعنى بالأوضاع الاجتماعية للأمهات في بريطانيا أن الملايين منهن لا يفكرن في الإنجاب بسبب ضغط الظروف المعيشية وعدم توفر المال الكافي لذلك.

وذكرت صحيفة 'دايلي مايل' أن أكثر من نصف السيدات اللواتي شملهن المسح الذي أعده موقع 'مامبول' يرغبن في إنجاب الأطفال ولكن عدم توفر المال الكافي لذلك هو السبب الرئيسي للامتناع عنه.

وقالت تسع من بين كل عشر نساء إن وظائفهن لن تظل على ما هي عليه إذا أخذن العطلات من أجل رعاية الأطفال.

وقال متحدث باسم الموقع إن راتب المرأة يوازي راتب الرجل في هذه الأيام ولذا فهي تخشى من أنه إذا أنجبت وانقطــــعت عن العمل لبعض الوقت فقد تفقد حوالي نصف راتبها.

وأضاف ان المرأة تخشى أن يتراجع مركزها في السلم الوظيفي عند الانجاب 'ولذا من غير المستغرب أن ترجئ بدء الحياة العائلية حتى الثلاثينات من العمر'.

كما أظهر الاستطلاع أن غالبية النساء لا يعتقدن أن أوضاعهن المالية سوف تكون مريحة إلاّ بعد الثلاثين من العمر. بحسب يونايتد برس.

ولا تفكر المرأة بالإنجاب إلاّ إذا زاد راتبها السنوي عن 30 ألف جنيه استرليني (حوالي 46 ألف دولار أمريكي في السنة).

وقالت 61' منهن إن أوضاعهن قد تتحسن إذا كان لدى الشريك وظيفة أفضل لأن ذلك سوف يكفل الحصول على راتب شهري يلبي حاجات العائلة، و76' أعربن عن الرغبة بالانجاب و10' قلن إنهن يحسدن الأخريات على وجود أطفال لهن و89' يخططن للعودة إلى العمل فور إنجاب الطفل الأول.

أسعد مواطن

وقد لا يكون المال حلا لكل المشاكل التي يواجهها البشر في حياتهم لكن دخلا يصل الى 50 ألف جنيه استرليني سنويا ربما يجعل المرء واحدا من أسعد الناس في بريطانيا.

وأظهر استطلاع أن العاملين الذين يصل دخلهم السنوي الى 50 ألف استرليني (75840 دولارا) هم أسعد ناس ضمن فئة تتراوح راتبها بين 10 الاف و70 ألف استرليني وقال واحد من كل خمسة انه لم يشعر بمثل هذا الرضا عن حياته كما يشعر في الوقت الحالي.

وأوضح الاستطلاع الذي أجراه موقع (لاف ماني دوت كوم lovemoney.com) لادارة الاموال أنه كلما زاد الثراء كلما زادت التعاسة اذ أقر من يزيد راتبهم السنوي عن 70 ألف استرليني بأنهم يشعرون بأنهم ليسوا سعداء مثل من يبلغ راتبهم السنوي 50 ألف استرليني.

وقال ايد بوشر رئيس الشؤون المالية للمستهلك في (لاف ماني دوت كوم lovemoney.com) "براتب 50 ألفا ربما تمزج بين شخصية تشعر بالرضا بنصيبها وفي الوقت ذاته راتب أعلى كثيرا من المتوسط الوطني."

وفي تفنيد للاعتقاد بأن المال لا يمكن أن يشتري السعادة أقر 72 في المئة ممن شملهم الاستطلاع بأن امتلاك قدر أكبر من المال سيجعلهم أكثر سعادة كما قال 40 في المئة ممن يبلغ دخلهم 20 ألف استرليني سنويا أو أقل أنهم تقريبا لم يشعروا بالسعادة قط.

وقال أيضا كثيرون ممن شملهم الاستطلاع ان توفر وقت أطول للاسترخاء وحياة اجتماعية أفضل وتمضية وقت أطول مع الاحباء كلها عوامل يمكن أن تجعلهم يشعرون بالرضا.

ومضى بوشر يقول "هذا يظهر أن المال ليس كل شيء."

انتهاك القوانين

كما كشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة «ديلي تلغراف» أن نصف البريطانيين خالفوا القانون ثلاث مرات على الأقل في العام الماضي من دون أن يدركوا ذلك في الكثير من الأحيان.

ووجدت الدراسة التي شملت 3000 شخص أن البريطانيين على مدى العمر هم من منتهكي القانون بشكل وافر، واعترف %42 منهم أنهم يرتكبون مخالفة بشكل روتيني باستخدام الهاتف المحمول أثناء قيادة السيارة، و%36 يوقفون سياراتهم بانتظام بطريقة غير مشروعة.

وقالت إن %30 من البريطانيين اعترفوا بتعاطي المخدرات، و%24 بسرقة مواد من أماكن عملهم، و%18 بالسرقة من المتاجر، و%14 بقيادة السيارة وهم مخمورون، و%30 بممارسة الجنس في الأماكن العامة، و%7 بالاعتداء على الآخرين.

واضافت الدراسة أن %35 من البريطانيين يخرقون القانون في بيوتهم من خلال تحميل افلام اباحية أو أفلام عادية أو شرائط فيديو موسيقية بصورة غير مشروعة من شبكة الانترنت، و%15 يشاهدون التلفزيون من دون رخصة، و%7 تناولوا وجبات غذائية أثناء التسوق في المتاجر من دون أن يدفعوا ثمنها، و%7 تناولوا وجبات في المطاعم من دون أن يدفعوا الفاتورة. بحسب يونايتد برس.

واشارت الدراسة إلى أن البريطانيين وفي الكثير من الحالات، لا يدركون أنهم ينتهكون القانون، وأكد %43 منهم أنهم لا يعرفون أن ممارسة الجنس في مكان عام يُعد جريمة، و%21 أنهم كانوا يغفلون أنهم ارتكبوا مخالفات جنائية حين أخذوا مواد قرطاسية أو أشياء أخرى من العمل من دون إذن.

ووجدت الدراسة أيضاً أن الشبان من الفئة العمرية 21 إلى 29 عاماً هم أسوأ المخالفين، تلاهم الشباب من الفئة العمرية 30 إلى 35 عاماً، وكان سكان العاصمة لندن الأقل تقيداً بالقانون.

حد مؤقت للمهاجرين

من جانب آخر تزمع بريطانيا وضع حد مؤقت لعدد المهاجرين اليها من خارج الاتحاد الاوروبي لمنع قفزة كبيرة في عدد العمال الاجانب الوافدين قبل بدء العمل بسقف دائم للمهاجرين في ابريل نيسان القادم.

وقالت مصادر حكومية انه سيسمح لعدد يبلغ 4100 عامل فقط من خارج اوروبا بدخول البلاد قبل ابريل نيسان 2011 وهو ما يقل خمسة بالمئة عن العام الماضي. وقال مصدر حكومي "انه اجراء مؤقت لتجنب قفزة كبيرة في اللحظات الاخيرة."

وستعلن وزيرة الداخلية تيريزا ماي عن هذا الاجراء يوم الاثنين عندما تطلق عملية مشاورات لتقرير مستوى السقف الدائم.

ويمثل هذا الاعلان الخطوة الاولى في تعهد الحكومة بخفض عدد العمال الاجانب الذين يأتون الى بريطانيا.

وانتهج رئيس الوزراء ديفيد كاميرون خطا متشددا بشأن الهجرة في الفترة السابقة على الانتخابات التي جرت في الشهر الماضي ووعد بخفض صافي العدد السنوي للمهاجرين من "مئات الالاف الى عشرات الالاف". ويبلغ العدد حاليا نحو 170 ألفا سنويا. بحسب رويترز.

وأثبت الخط المتشدد الذي ينتهجه كاميرون انه يلقى تأييدا لدى الناخبين لكنه جلب انتقادات من مؤسسات أعمال تزعم ان تطبيق قيود صارمة قد يضر بتعافي الاقتصاد من خلال وضع مصاعب امام الشركات في جلب العمال المهرة الذين تحتاج اليهم.

ويشكل هذا الاجراء أيضا اختبارا لمدى تماسك الحكومة الائتلافية التي تشكلت في بريطانيا منذ سبعة اسابيع.

وانتقد الديمقراطيون الاحرار الشريك الاصغر في الائتلاف مقترحات كاميرون لتقييد الهجرة في الفترة السابقة على الانتخابات التي جرت في الشهر الماضي لكنهم وافقوا على مضض على دعم السياسة في اطار اتفاق الائتلاف.

ارتفاع نسب الأقليات

من جهتهم توقع باحثون في جامعة ليدز أن تشكل الأقليات في بريطانيا نسبة خمس سكان البلد في غضون 40 عاما المقبلة.

وأضاف الباحثون أن نسبة السود والآسيويين وأقليات أخرى ستنتقل من 8 في المئة من مجموع السكان حسب إحصاء عام 2001 لتصل إلى 20 في المئة بحلول عام 2051.

وذهبت الدراسة إلى أن بريطانيا ستكون أكثر تنوعا عرقيا وأقل عنصرية خلال السنوات المقبلة. وأشارت نماذج الكومبيوتر إلى أن نسبة السكان البيض ستشهد ارتفاعا بطيئا.

ويقول الباحثون إن البيض سيشكلون بحلول عام 2051 نسبة 79 في المئة من سكان بريطانيا مقارنة مع نسبة 92 في المئة في الوقت الحالي.

وتوصل الباحثون إلى استنتاجاتهم بناء على دراسة استمرت لمدة ثلاث سنوات وشملت توقعات غطت 532 بلدية محلية في إنجلترا إضافة إلى البلديات في مقاطعة ويلز واسكوتلاندا وإيرلندا الشمالية وذلك على مدى الـ 40 عاما المقبلة.

لكن رئيس فريق البحث، البروفسور فيليب ريز، قال إن استنتاجات الباحثين لا تشكل حقائق علمية دقيقة.

ويقول مراسل بي بي سي للشؤون الداخلية البريطانية، توم سيموندس، إن معدلات الهجرة إلى بريطانيا رغم أنها شهدت ارتفاعا خلال العقد الماضي، فإن الإحصائيات الرسمية تظهر أن نسبة مواليد الأقليات هي التي تغير المشهد السكاني في البلد وليس الهجرة في حد ذاتها.

وتابعت الدراسة أن المهاجرين في الفترة الأخيرة أكثر استعدادا لإنجاب أطفال بحكم أن أغلب المهاجرين من جيل الشباب.

وأضافت الدراسة أنها تتوقع أن تنتقل الأقليات من العيش في المناطق المحرومة إلى الاستقرار في المناطق الأكثر غنى.

وخلصت الدراسة إلى أن البيض من غير البريطانيين سينمون بسرعة كبيرة بسبب ارتفاع معدلات الهجرة من أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلاندا رغم أن التوقعات تشير إلى أن جماعات البيض البريطانية والإيرلندية ستشهد نموا بطيئا.

ومن ضمن المجموعات السكانية المرشحة للنمو بسرعة، المنحدرون من جنوب آسيا مثل الهند وباكستان وبنغلاديش.

وتوقعت الدراسة أن يصل عدد سكان بريطانيا نحو 78 مليون عام 2051 مقارنة مع 59 مليون عام 2001.

شرط الزواج

الى ذلك اعلنت الحكومة البريطانية عن نيتها الاسراع في فرض شرط الالمام باللغة الانجليزية لمنح تأشيرات الدخول للاجانب الى بريطانيا للم شملهم باقرانهم من الانجليز والانجليزيات.

وكانت الحكومة السابقة تنوي تطبيق هذا الشرط اواسط العام المقبل الا ان الحكومة الحالية قررت الاسراع في وضعه حيز التنفيذ خلال العام الجاري.

وقالت وزيرة الداخلية البريطانية ثيريزا ميي ان الاجراء سوف يساعد في الاسراع في دمج المهاجرين في المجتمع البريطاني.

لكن الاوساط المدافعة عن المهاجرين تقول انها تؤيد فكرة دمج المهاجرين الاجانب في المجتمع البريطاني لكن هذا الاجراء متحيز ضد المهاجرين.

وبموجب الشروط الجديدة يتوجب على الراغبين بالزواج من رجال او نساء انجليز من خارج الاتحاد الاوروبي اثبات انهم يلمون باللغة الانجليزية عند التقدم بطلبات للحصول على تأشيرات دخول الى بريطانيا من السفارات البريطانية في الخارج بهدف الالتحاق بالزوج او الزوجة ذوي الجنسية البريطانية.

ويتوجب حاليا على المتقدمين بطلبات للالتحاق بازواجهم او زوجاتهم في بريطانيا فقط تقديم وثيقة زواج واثبات ان لهم الدخل المادي الكافي لاعالتهم.

وقالت الوزيرة ان هذا الاجراء ليس سوى خطوة اولى حيث تقوم الحكومة حاليا بدراسة شرط اللغة لدى منح تأشيرات الدخول الى بريطانيا بهدف التشدد في شرط اللغة مستقبلا.

يذكر ان 59 الف شخص حصلوا على تأشيرات دخول الى بريطانيا العام الماضي للعيش مع اقرانهم اغلبهم من باكستان والهند وبنغلاديش.

ويقدر الخبراء ان يؤدي تطبيق القواعد الجديدة الى تخفيض عدد المهاجرين الى بريطانيا بموجب عقود زواج بنسبة 10 بالمائة فقط.

ترحيل الاجانب

الجدير بالذكر ان المحكمة البريطانية العليا أبطلت العمل باللوائح التي تنتهجها وزارة الداخلية في البلاد والتي تتيح سرعة ترحيل الرعايا الاجانب ممن رفض استمرار بقائهم في بريطانيا وقالت المحكمة ان هذه السياسة تتناقض وصحيح القانون.

وقضت المحكمة بان هذه السياسة التي سنتها الوزارة عام 2007 - الا انه تم توسيع نطاق العمل بها في وقت سابق من العام الحالي - تعني ان اولئك الذين تشملهم اللوائح لديهم اما فرصة ضئيلة او لا فرصة على الاطلاق للبقاء في البلاد وبالتالي فهم محرومون من اللجوء الى العدالة.

وتقضي السياسة العامة لوكالة الحدود بمنح مهلة مدتها 72 ساعة للمغادرة الا انه يمكن تقليل هذه الفترة او الغاؤها في ظروف تتعلق بفئات معينة مثل الاعتقاد بان اشخاصا ما قد يحيق بهم خطر شخصي او حالات اخرى.

وكانت العدالة الاجتماعية وهي هيئة منوط بها تقديم المشورة الطبية والقانونية للافراد من المنتظرين الترحيل قد أثارت قضية هؤلاء المرحلين.

وقالت الهيئة ان هذه السياسة "الاستثنائية" تستخدم للانقضاض فجأة على الرعايا الاجانب وعادة في ساعات متأخرة من الليل واقتيادهم للسفر على رحلات جوية تغادر البلاد في غضون سويعات قليلة مما يحرمهم من فرصة الاتصال بمحامين والطعن على قرارات ترحيلهم.

وقالت الداخلية البريطانية ان هذه السياسة تتسم "بدرجة كبيرة من المرونة" بحيث تضمن عدم وجود اي انتهاكات لحقوق الانسان مع منح المرحلين مهلة زمنية كافية ووضع الضمانات الكفيلة بتحقيق ذلك.

الغاء مشاريع مكلفة

فيما الغت الحكومة البريطانية 12 مشروعا سبق ان اقرتها حكومة العماليين، تبلغ قيمتها الاجمالية ملياري جنيه استرليني (2,4 مليار يورو) كما علقت 12 مشروعا آخر بكلفة 8,5 مليارات جنيه، وذلك في اطار اجراءات تقشف.

وقال وزير الدولة للخزانة داني الكسندر امام البرلمان خلال اعلانه عن هذه الاجراءات "نحن مصممون على معالجة العجز غير المسبوق في الميزانية، والادارة المالية السيئة التي شهدناها خلال العقد الاخير".

واضاف "بسبب الخيارات السيئة التي اتبعتها الحكومة السابقة، اتخذت قرار الغاء بعض المشاريع التي لا تساهم في تحسين مواردنا، وتعليق مشاريع اخرى".

وفي التفاصيل ان الحكومة المكونة من المحافظين والديمقراطيين الاحرار التي تسلمت الحكم الشهر الماضي بعد 13 عاما من سيطرة حزب العمال، قررت الغاء 12 مشروعا عاما كبيرا في ميادين مختلفة (الثقافة والصحة والمساعدة على التوظيف وغيرها)، تبلغ قيمتها الاجمالية ملياري جنيه استرليني (حوالى 2,4 مليار يورو). بحسب فرانس برس.

وتشمل هذه المشاريع مثلا بناء مستشفى في شمال شرق انكلترا من المفترض ان تبلغ تكلفته 450 مليون جنيه استرليني، وتشييد مركز لاستقبال زوار موقع ستونهانغي التاريخي (جنوب غرب) وهو مشروع كان على الحكومة ان تساهم فيه ب25 مليون جنيه استرليني.

وفي السياق ذاته، الغت الحكومة ايضا قرضا ب80 مليون جنيه استرليني كان سيستفيد منه مقاول في قطاع الصناعة النووية في وسط انكلترا.

وقررت الحكومة كذلك تجميد 12 مشروعا آخر تبلغ قيمتها 8,5 مليار جنيه استرليني (حوالى 10,2 مليار يورو)، بحسب ما اعلن وزير الدولة. وسيتحدد مصير هذه المشاريع خلال المراجعة العامة للانفاق العام، التي يجب ان تتم هذا الخريف.

وقال الكسندر ان الحكومة ستقتطع مليار جنيه استرليني على الاقل من التزامات الانفاق التي قررتها الحكومة السابقة في السنة المالية الحالية.

وتشير هذه الاجراءات الى رغبة حكومة ديفيد كاميرون في الخفض القوي ومن دون تاخير للعجز في الميزانية البريطانية الذي شهد خلال عهد العمال ارتفاعا غير مسبوق.

خفض الانفاق

من جانبها قالت وزارة المالية البريطانية ان الحكومة الائتلافية طلبت من عدة وزارات التخطيط لتخفيضات محتملة في الانفاق تصل الى 40 بالمئة وهو ما يزيد بكثير عما أعلن في ميزانية طارئة الشهر الماضي.

ومع سعي بريطانيا لخفض عجز قياسي في الميزانية تم ابلاغ الوزراء بتوقع تخفيضات في الانفاق العام تبلغ نحو 25 في المئة في بعض المجالات.

لكن الحكومة طلبت الآن من عدة وزارات اعداد تقارير بشأن تأثير تخفيضات بنسبة 40 بالمئة على الخدمات.

وقال متحدث باسم وزارة المالية انه طلب من الوزارات بحث مجموعة من التخفيضات المحتملة وان خيار الاربعين في المئة سيشكل أساس المفاوضات خلال الاشهر المقبلة.

وقال المتحدث "افتراضات التخطيط تلك ليست تسويات نهائية ولا تلزم الخزانة أو الادارات بتسويات نهائية. "هذه الافتراضات سيتم التفاوض عليها."

ولن تطال تلك المستويات غير المسبوقة من تخفيضات الانفاق وزارات التعليم والصحة والدفاع. ولكن سيتعين على معظم الوزارات الاخرى وضع هذه الخطط بما في ذلك وزارات الداخلية والنقل والعمل والمعاشات.

ولابد من الانتهاء من المقترحات المتعلقة بكيفية خفض 40 بالمئة من الانفاق بحلول نهاية الشهر على الرغم من عدم وجود تأكيد بأنها ستشكل جزءا من الموازنة الحكومية الرسمية في أكتوبر تشرين الاول. بحسب رويترز.

وكان وزير المالية جورج أوزبورن أعلن الشهر الماضي أكثر الموازنات صرامة منذ عشرات السنين اذ تضمنت خفض الانفاق وزيادة الضرائب لتجنب مواجهة مصير دول مثقلة بالديون مثل اليونان.

ودفع ذلك النقابات العمالية للتحذير من أنها قد تنظم اضرابات عامة احتجاجا على تلك التخفيضات واسعة النطاق.

ويبلغ عجز الموازنة البريطانية حوالي 11 بالمئة من الناتج العام ويمثل خفض العجز أكبر أولويات الحكومة الائتلافية الجديدة التي تضم حزب المحافظين الذي يمثل يمين الوسط وحزب الديمقراطيين الاحرار الذي يمثل يسار الوسط.

وقال المتحدث باسم وزارة المالية "لدينا تصميم على التصدي لعجز الموازنة القياسي من أجل الابقاء على أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول وحماية الوظائف والحفاظ على جودة الخدمات العامة الاساسية."

وقال مارك سيروتكا رئيس نقابة العاملين في قطاع الخدمات العامة والتجارية التي تضم 300 ألف عضو من بينهم كثير من الموظفين الحكوميين ان خفض الانفاق بنسبة 40 بالمئة سيؤدي الى خسارة حوالي مليون وظيفة في القطاع العام.

وزارة الدفاع

فيما اعلن جهاز رقابي في البرلمان البريطاني ان وزارة الدفاع تنفق أكثر من مواردها ولا تعطي أولوية للادارة المالية لدى اتخاذ القرار.

ووجه مكتب الرقابة الوطني انتقاده بينما تقوم الحكومة الائتلافية الجديدة بمراجعة انفاقها على الدفاع والتي من المتوقع ان تسفر عن خفض كبير لمساعدة بريطانيا على خفض عجز قياسي في الميزانية لم يحدث من قبل خلال فترات السلم.

ويشارك الجيش البريطاني بقوة في العمليات العسكرية الجارية في أفغانستان ويتعرض لضغوط كبيرة تطالبه بتبرير طلبات مشتريات مكلفة مثل شراء حاملتي طائرات جديدتين والطائرة المقاتلة جوينت سترايك.

وقال مكتب الرقابة الوطني ان مسؤولي وزارة الدفاع اعتادوا على ان يضعوا على أنفسهم التزامات عسكرية لا يمكن الوفاء بها وهو ما يدفعهم الى فرض قيود على الانفاق في اللحظة الاخيرة لضبط ميزانيتهم. بحسب رويترز.

وجاء في التقرير "الادارة المالية لا تعطى أولوية متقدمة لموازنة ميل الوزارة (الدفاع) للمغالاة في الالتزامات في خطتها الاستراتيجية."

وأقر ليام فوكس وزير الدفاع البريطاني الذي يشغل المنصب منذ مجيء الحكومة الائتلافية للمحافظين والديمقراطيين الاحرار الى السلطة في مايو ايار بأن برنامج الدفاع الحالي "لا يمكن الوفاء به تماما" والقى اللوم على حكومة العمال السابقة.

ايرلندا الشمالية

من جهته كشف ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني تقريرا تاريخيا عن أحداث الاحد الدامي لعام 1972 حين قتلت القوات البريطانية 13 محتجا في ايرلندا الشمالية.

ووقع التقرير الذي أحيى امالا بتحقيق العدالة ومخاوف من احياء التوترات في 5000 صفحة واستغرق اعداده 12 عاما وكان الاكثر تكلفة في تاريخ بريطانيا اذ اقترب من 200 مليون جنيه استرليني (293 مليون دولار).

ورأس اللورد سافيل وهو قاض بريطاني التحقيق الذي جمع أدلة من 2500 شخص في الفترة من عام 1998 وحتى عام 2004 .

وتأمل أسر الضحايا ان يثبت التقرير ان قتلاهم أبرياء ويلقي اللوم على الجنود البريطانيين بينما يخشى منتقدون من ان ينكيء التقرير جروحا مضى عليها 28 عاما ويخلق مشاكل لعملية السلام المتقطعة في ايرلندا الشمالية.

وعرفت أحداث 30 يناير كانون الاول عام 1972 بالاحد الدامي حين فتح جنود بريطانيون النار على مسيرة للحقوق المدنية غير مصرح بها في بلدة لندنديري في منطقة معادية تماما للحكم البريطاني من ايرلندا الشمالية.

وقتلت القوات البريطانية في الموقع على الفور 13 شخصا وجرحت 14 أحدهم توفي بعد أسابيع.

وقال الجنود انهم اطلقوا النار على أشخاص كانوا يحملون مسدسات وقنابل وهو ما نفاه تماما شهود عيان وأقارب الضحايا.

ودفع الاحد الدامي بمئات المتطوعين الجدد الى صفوف الجيش الجمهوري الايرلندي الذي صعد من حملته لانفصال ايرلندا الشمالية عن بريطانيا والانضمام الى جمهورية ايرلندا.

ووعد باجراء تحقيق سافيل رئيس وزراء بريطانيا الاسبق توني بلير حين كان يريد الحصول على تأييد الجمهوريين في ايرلندا الشمالية لاتفاق السلام الذي عرف باسم الجمعة الطيبة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/تموز/2010 - 17/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م