المتخمون كعكا

لطيف القصاب

لا اجد تعبيرا اكثر موافقة لحال العراق الذي نعيشه في هذه الفترة من تعبير عصر الكعكة لاسيما في اوساط السياسيين الذين اختلفوا على كل شيء واتفقوا على تغيير المبدأ القائل: نحن قوم نعيش لنأكل الى اخر يقول: نحن قوم نعيش لكي (نكعكع).

هذه الالقاب التي يتمسك بها جل سياسينا وتعود بهم الى الانتماء العشائري والمناطقي والقومي والديني لاتعطي يقينا هويات واضحة لهؤلاء بقدر ما تعطيهم ذلك لفظة كعكة ذات الدلالة الدقيقة العميقة.

رجال الكعكة هم من يتولى شؤوننا في هذه الحقبة الكعكية الفريدة في تاريخ مجاعتنا الدينية والقومية ولكن ليس الوطنية. طبعا لدينا نساء كعكعة ايضا فالكعكة و(الكوتة) يتألفان من ذات المقادير ويتحليان بنفس الطعم والنكهة واللون والعرق والدين ويختلفان فقط من ناحية العدد الاجمالي والطبيعة البايلوجية.

آد ملكيرت هو الاستثناء انه رجل ليس عراقيا هذا اولا، وثانيا ان هذا الشخص لم يثبت حتى الان على الاقل كونه شريكا من قريب او بعيد بحصة من الكعكة العراقية، ملكيرت نطق من غير سابق انذار بحقيقة عميقة لم يحاول النظر اليها بجد احد اللاهثين وراء عملية تجديد عقد (فلته) في المنطقة الخضراء او الاخرين ممن وضعوا اعينهم على فلل لمستأجرين لم يفلحوا بالبقاء على قيد النواب.

ملكيرت هذا الاجنبي استطاع ان يختزل العقل السياسي العراقي المعطل بفكرة عملية عالمية منقذة. لقد هدد جميع اصحاب معامل الكعك في بلادنا بسطوة مجلس الامن. وكما يبدو فان لمجلس الامن هذا صلاحيات ليست معروفة لدى سائر الناس لكنها بالتأكيد معروفة لكل ساع لتوقيع عقد ايجار سياسي.

 ان مجلس النواب اذا ما تحلى بشيء من الشرف المهني فان بامكانه ان يصنع المعجزات في مكافحة الاوبئة والامراض السياسية العالمية. انه يمكن ان يكون مستشفى خيريا يقدم خدمات علاجية للشعوب التي تعاني من كوارث صحية بسبب الطبخات الفاسدة التي يدأب على صنعها ليلا نهارا ابناؤها المتخمون جهلا وكعكا.

ان مجلس الامن هذا يشبه الى حد بعيد المارد الذي يختفى في قمقم عتيق لكنه يملك تغيير مصائر الافراد بل البلدان حينما يتحلى بالشجاعة الكافية لاستصدار قرار صحي يتضمن عنصري القسوة والرحمة المطلوبتين في كل عملية جراحية ناجحة. انه ببساطة مثل جهاز التقييس والسيطرة النوعية المتوقف لدينا لاسباب كعكية غير فنية لكنه اذا شاء له ملكيرت وامثاله ان يعمل بشرف استطاع بكلمة واحدة ان يغلق جميع معامل انتاج المياه المعبأة بماء البوري وبكتريا القولون.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/تموز/2010 - 11/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م