الشخير يسبب مشكلات اجتماعية

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: الشخير ليست مجرد شكوى تثير التندر، لكنه طالما أدى أكثر من مرة الى الشجار بالأيدي، الى إقلاق نوم أولئك الذين لا يشخرون، الى الافتراق الزوجي أو التهديد بالطلاق والهجران.

ان المشكلة الأولى في الشخير هي حمل الشخص الذي يشخر على الاعتراف بأنه يثير الهرج والمرج في مخدع النوم. نحن نعتبر الاعتراف بالشخير أمرا لا يليق بسيد أو سيدة، لذلك فنحن نقول: من؟ أنا!.

الكثير منا، نحن معشر الرجال والنساء، نحرك أنسجة حناجرنا أثناء الرقاد، ان نسبة كبيرة تعد بالملايين يشخرون أثناء النوم، هذا يعني أن آخرين بقدرهم يعانون من ذلك، فما من شيء مزعج قدر الشخير؟. ان الانزعاج، الضيق، الإرهاق، النكد، الحنق، التفكير بالإيذاء هي عواقب الشخير، فهل هذه عوامل تثير الضحك؟.

في قياس قوة الشخير على جهاز لقياس الأصوات، اتضح ان شخير البعض يضاهي قوة الضجة في شارع مزدحم جدا، والأكثر من هذا بعض الناس يطلقون في نومهم شخيرا يحاكي هدير جرار زراعي كبير يتسلق أرضا مرتفعة، أو زئير أسد!

أن الضجة غالبا، حتى حين تكون أخف وطأة من ذلك، تسبب ضغط الدم والتوتر العضلي للشخص النائم على مقربة منها، بل توقظه وتحرمه من نومه، وقد يصاب المرء بالوهن والعصاب اذا تزوج من آخر يشخر في نومه.

الطب يشير الى أن الشخير ناجم عن أنسجة مختلفة في مجرى التنفس ترتعش حين يتنفس الإنسان من فمه.

لا يعتبر شخيرا في نظر الطب الجراحي الخاص بالأذن والأنف والحنجرة إلا الأصوات الناشئة عن ذبذبات اللهاة وأقصى الحلق أثناء الكرى.

الجزء المتذبذب في الشخير الحقيقي هو اللهاة أو الطرف القصي الرقيق من الحلقوم، وتتأثر الأجزاء المتذبذبة بالوضع النسبي الذي يكون عليه اللسان وأقاصي الحلقوم، كما تتأثر بنسيج اللهاة. يعتبر مدى مرونة أنسجة الجسم عاملا من عوامل الشخير.

إذن، ان شخيرك الحقيقي ليس شقشقة صادرة عن الفم، بل هو ارتعاشات أو ذبذبات تصدر عن أنسجة تنفسية معينة، بالتالي فهو شبيه بمرور الريح في القصب أو المزمار، وان تكن تنقصه طلاوة وحلاوة الموسيقى. أن أي شيء يسبب التنفس من الفم قد يؤدي الى الشخير أو يزيده قوة.

ويمكن التخلص من تضخم الزوائد الأنفية وانحراف بعض الأغشية عن موضعها، الحساسية وأورام الغشاء المخاطي الأنفي وغيرها من الأورام المماثلة بعمليات جراحية صغيرة، أو بمضادات الحيوية وما أشبه، ولكن ينبغي الانتباه الى أن طبيبك هو الذي يقرر ما إذا كان ثمة سبب مرضي لشخيرك. فاستعمال مضادات الحيوية وغيرها من العقاقير في غير مكانها قد يؤدي الى تفاقم الشخير.

أن نسبة كبيرة من حالات الشخير، هي حالات وظيفية، أي أن الأنف والحلق والبلعوم تكون سليمة كالعملة الصحيحة، لكنها تعمل كالطبل النحاسي.

ودلت بحوث معينة منها اجتماعية على أن الانكباب الشديد على العمل، الاجهاد، ضعف التوتر العضلي الطبيعي، تدهور الصحة عموما، السمنة، تناول الكحول، التدخين، التنفس من الفم، بسط الذراعين والساقين أثناء النوم هي من العوامل التي تساعد على الشخير.

في حالات الشخير العالي المزعج يزود بعض المرضى في أماكن كثيرة من العالم بما يسمى(ياقة توماس) هي وسيلة لإبقاء الرقبة ممتدة بحيث تظل أنسجة الحلق منفصلة عن أوتار الحنجرة.

قد تعلم بعض المرضى كيف ينامون على وسائد صغيرة قاسية، يضعونها تحت قذالهم قرب الحنك، تؤدي نفس الغرض الذي تؤديه ياقة توماس.

من العلاجات الأخر تثبيت فرشاة شعر في قميص النوم للحيلولة دون نوم المريض على ظهره، لأن النوم على الظهر غالبا ما يؤدي الى ارتخاء الفم. هنالك أنواع كثيرة من كرات الشخير والوسائل التي تطق صريرا حادا اذا بسط المريض ساقيه وذراعيه أثناء النوم. قد أفلح بعض الناس في أبقاء أفواههم مزمومة أثناء الليل.

هنالك الكثير من براءات الاختراع المسجلة دوليا، للحيلولة دون الشخير، كلها تستهدف تصحيح التنفس من الفم، من ضمنها قيود لليدين تبقي المريض نائما على جنبه، أطواق وياقات الرقبة، أنماط خاصة من أسرة النوم، مادة صمغية أو شريط لاصق يوضع على الفم تنبه النائم إذا فغر فاه أو تسبب نقص الأوكسجين في حالة انسداد الأنف.

تتضمن المعالجات المساعدة ما يلي:

1ـ حمل الشخص الذي يشخر على أدراك أنه يشخر، بدلا من المقاومة والنكران والعراك.

2ـ مراجعة الطبيب لتحديد ما اذا كان السبب وظيفيا أو مرضيا.

3ـ تدارك الأمر بصورة عملية في كلتا الحالتين.

من الحقائق أن التوتر العضلي الحيوي هام للتنفس، التمارين الرياضية المناسبة في الهواء الطلق تحول دون ارتخاء أنسجة البلعوم، هذا الارتخاء الذي ربما أدى الى كثير من الشخير الوظيفي.

أشد أنواع الشخير ازعاجا هي تلك التي يصادفها المرء غالبا في سيارة مزدحمة في طريق طويل. فقد ذكر شاهد أن أطفال صغار يصرخون ذعرا من غطيط يشبه زمجرة الضواري في الأدغال، أطلق الشخيرة رجل عامل متعب.

حين تشخص السمنة وتعاطي المسكرات والتدخين الكثير بوصفها من عوامل الشخير فأن على الشخص المعني أن يتخلص منها. يمكن تحقيق الكثير بتعويد المريض أن ينام على جنبه. ينبغي أن يكون تنظيف تجاويف الأنف جزءا من التأهب للنوم.

في الشخير، كما في غيره من بواعث الشكوى، لابد من أهمية تعاون المريض مع ذويه. فإذا  لم تستطع أن تثبت للشخص الذي يشخر بجانبك أن شخيره في الليل يحاكي زمجرة ثور أو نمر هائج فما عليك إلا أن تستعين بجهاز تسجيل أو الموبايل، بعد ذلك ستتمكن من أن تقتاد صاحبك الذي تنكر وركبه الخجل الى عيادة الطبيب.

ما أكبر الراحة التي سيحققها شركاء النوم لو أن كلا منهم ساعد صاحبه الذي يشخر على تهدئة ضجيجه والنوم بسلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/تموز/2010 - 8/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م