شبكة النبأ: (دمشق)، بقدر ما تبدو
فضاءات سوريا مدموغة بعادات وتقاليد المجتمع السوري إلا أن العراقيين
كونوا نسيجاً طاغي الحضور بجمالية التلاحم والتآخي فيما بينهم، وبقدر
ما تبدو الحياة لهم أكثر أماناً واستقرارا، إلا أن عيونهم تترقب بلهفة
وشوق وطنهم، ينامون ويصحون وأملهم في العودة الى أحضانه.
عاداتنا تختلف
يقول أبو كامل، مغترب عراقي في دمشق نحن هنا نلاقي معاناة لما
نحتاجه من طعام وملابس، فعاداتنا في تناول انواع معينة من الطعام تختلف
عما يتناوله السوريون، ناهيك عن الملابس التي نرتديها وخاصة (الجلابية
العراقية) التي تمثلنا وتميزنا عن غيرنا، فلا نجدها إلا في أسواق
السيدة زينب وبرزة والقدسية وجرمانة.
ويضيف أبو كامل إلى أن العراقيين الذين يحضرون من العراق لزيارة
سوريا أوجدوا جواً مناسباً لتوفير ما يحتاجه أشقاؤهم وأبناء وطنهم
المقيمون في سوريا، فهناك محال للخياطة مختصة بالزي العراقي ومطاعم
تطبخ الاكلات العراقية المعروفة.
اصبر نفسي
اما ابو محمد العزاوي وهو من اهالي بغداد في سوق مساكن برزة فيرى
أنه قد تعب وطال انتظاره وشوقه للعراق، مشيراً إلى أنه رجل مسن ويحتاج
الى الراحة فيقول، "قد اموت في دار الغربة ولايحملني اقاربي ولا ادفن
في ارضي التي عشت فيها، فهذا هو حالي وانا جئت الى هنا من مكان بعيد
استقل فيه سيارتين (باص) انزل من الاولى لاستقل الثانية واجد معاناة
لكثرة طالبي تلك السيارات ولقلة اجرتها".
ويضيف، "الناس تنتظرها بكل شغف ويتزاحمون فيصعب علي ذلك، حتى اصل
لهذا السوق لانني لا اجد طعماً ولذة عيش في لقمة لم اتعود عليها طيلة
حياتي وبسبب ذلك احمل نفسي كل متاعب الطريق لأصل الى هذا السوق، علني
اجد ما تشتهيه نفسي في اخر حياتي فقد حرمت من بيتي واقاربي واهلي وناسي
وبلدي فلا اجد لقمة عيشي التي تتوق نفسي لها على الاقل علني اصبر نفسي
في ذلك". وبعد برهة صمت أبو محمد وقد ذرفت عيناه بدموع الألم.
مستقبل مجهول
اما علي الذي التقيناه في احد المقاهي العراقية في السيدة زينب وهو
جالس يتناول الشاي العراقي يقول، "أنا طالب جامعي من عائلة بغدادية
الاصل وسبب تواجدي في هذ المقهى، لاني أشعر فيه وكاني في بغداد فصاحب
المقهى يتفنن في خلق اجواء تشعرنا اننا في العراق".
ويشير علي خلال حديثه، "مقاعد الجلوس الخشبية التي تشبه تلك المقاعد
في مقاهي بغداد التراثية، وصوت مذياع المقهى وهو يطربنا بالاهازيج
العراقية التراثية منها والشبابية ايضا، وصوت طرقة (أستكان الشاي) التي
أشتهر بها العراقيون ناهيك عن السمر والكلام العراقي".
بيع حصته الغذائية
الى ذلك اعتاد الشاب عبد العزيز المكوث بشكل دوري في مقهى الانترنت
ليتحدث مع اقاربه ويخبرهم بحاله وشوقه للعراق ويبلغهم تحايا عائلته
التي اصطحبها معه الى المهجر. حيث ابتدأ حديثه معنا بشرح ظروفه
ومعاناته فيقول، " اظطررت الى ترك دراستي الجامعية لعدم استطاعتتي
تسديد القسط السنوي، لاعمل في متجر يعود الى لشخص سوري منذ الصباح وحتى
المساء".
ويضيف عبد العزيز، "انقطعت لقاءاتي مع الاصدقاء وابناء جيلي من
العراقيين هنا في سوريا، بسبب ساعات عملي الطويلة".
ويشير، "صاحب العمل لا يسمح لي الا بساعة من الوقت اثناء النهار
للراحة فأستغلها وادخل الى مقهى الانترنت لإرسال رسالة الى أهلي وأسأل
عن حالهم في العراق".
ويضيف عبد العزيز، "كلما سمعت بخبر تفجير او تدهور في الوضع الامني
أحاول بكل الطرق الاتصال بهم والاطمئنان عليهم، فأنا أعاني من ارتفاع
تكلفة أسعار الأتصالات هنا في سوريا، فحالتي المادية لا تسمح لي بذلك
لذلك احاول الاتصال بهم عن طريق الانترنيت، ناهيك عن معاناتي في إرسال
لهم ثمن أيجار شقتهم فأنا شقيق لثلاث بنات ووالدي طاعنان في العمر وقد
وقع على عاتقي سد احتياجاتهم وما يطلوبنه مني، فالجأ الى بيع ما استلمه
من مواد غذائية من منظمة الامم المتحدة".
ويختتم حديثه معنا شاكيا،ً رداءة نوعها وقلة ثمنها الذي لا يساوي
الا نصف ثمن ايجاره ويصبر نفسه عسى الا يطول الوقت بغربته اكثر فقد
اصبح لايطيق الحياة في سوريا حسب قوله.
مبالغ ورشاوي
وفي السياق نفسه يحدثنا أبو سميرة عن اصحاب المحال التي تبيع السلع
العراقية في دمشق فيقول، هنا يوجد ابو نؤاس لبيع السمك والمخللات
العراقية المشهورة بطرشي النجف والمدبس وغيره، ناهيك عن القيمر والدبس
العراقي وافران الخبز.
ويضيف أبو سميرة بأننا جميعاً نعاني ونشتكي من قلة حيلتنا، فالقانون
هنا يجبرنا على عدم استيراد تلك البضاعة حتى لا نتسبب في مشكلات التضخم
التجاري في السوق السورية، من حيث الاسعار وغيرها، نحن نعاني الامرين
مابين ادخال تلك السلع لطالبيها وسد معيشتهم بغير تصريح رسمي ومابين
ملاحقة الحكومة السورية لنا حتى نطالب بدفع مبالغ ورشاوي لإسكات من
يلاحقنا ولمن يحاسبنا حتى اصبحنا نخسر أكثر مما ننتفع، ونصبر بعضنا
البعض علها غدا تفرج. |