العراق ومقومات النهوض والتقدم

قبسات من أفكار المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: ما تحتاجه المجتمعات والدول للنهوض والتقدم يمكن حصره في قواعد أساسية يقوم عليها كيانه وبناؤه ومن أهم هذه القواعد توافر الثروات المادية وتوافر الثروات العلمية والفكرية، ومن هاتين القاعدتين تتشعب فروع وامتدادات أخرى كلها تصب في صناعة البلدان الناجحة، فهل يمتلك العراق هذه القواعد الأساسية الدافعة نحو البناء الأمثل؟.

إن الاجابة عن هذا السؤال لا تتطلب جهدا كبيرا، فالعراق يُطلق عليه منذ الازمان البعيدة بأنه بلد السواد، أي بلد الثروات الطبيعية الكبيرة والمتنوعة، حيث تزخر أرضه جوفا وسطحا بثروات معدنية وزراعية ومائية هائلة تفوق حاجة نفوسه بكثير، ولو تطلعنا الى ثرواتع العلمية والفكرية، فإن العراق بلد يزخر بالعلم والفكر الخلاق وهو بلد الانبياء وأئمة أهل البيت عليهم السلام وهم قمة الثراء الفكري الانساني.

هنا لابد أن يتفق الجميع على توافر شروط التقدم والنجاح لهذا البلد، ولكن ما هو قائم على الارض لا يتفق مع هذا القول، يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) كما نقرأ ذلك في كتاب (من عبق المرجعية):

(يملك العراق كل مقومات الرفاه، وفوق كل ذلك يحتوي على مراقد أهل البيت –عليهم السلام- التي هي مهوى قلوب العالم لا الشيعة فقط، ولا المسلمين فقط، بل هي مهوى قلب الانسان بما هو انسانن تليها الحوزات العلمية في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية وسامراء المشرفتين، وفي المرتية الثالثة الالوف المؤلفة من خيرة الاخيار المتقين).

وهذا ما يدل على توافر القاعدتين المذكورتين لنجاح المجتمع، حيث الوفرة المالية نتيجة كثيرة الثروات الاقتصادية، والوفرة الفكرية والدينية التي تتسق مع الجانب المادي لتدعم كينونة البلاد وتطوره وتقدمه من خلال بناء المجتمع السليم، حيث يؤكد سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب نفسه قائلا:

(إن في العراق كل مقومات التقدم والتطور، والرفاه والراحة، فهو يملك المال، والنفط، والارض الخصبة).

وهذه عوامل تدعم الاقتصاد وتجعله من اقوى الاقتصاديات العالمية فيما لو توافرت له الادارة الناجحة والمخلصة، بيد أن ما مرّ ويمر به العراق لا يتسق من ما يملكه من ثراء مادي وفكري، وهنا يقول سماحة المرجع الشيرازي "دام ظله":

(شعب العراق في محنة كبيرة، فهذا الشعب المؤمن، المظلوم، المضطهد، وهذه الامة المبتلاة، المؤمنة المضطهدة، بما فيها من الضعفاء والنساء والاطفال في العراق الجريح، هؤلاء منذ عدة قرون، وبالاخص منذ عدة عقود، في ظل حكم البعث، يعيشون مأساة شديدة).

نعم لقد عانى العراقيون اشد الويلات من الحكومات الظالمة التي تتالت عليه وهي تنهش من جسمه وكيانه بدلا من أن تبنيه بطريقة معاصرة نتيجة لوفرة ثرواته ورأسماله الفكري الكبير، حيث يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا:

(يقاسي الشعب العراقي المظلوم في داخل العراق أشد المآسي، وخاصة في ظروف الحرب، فيتعين على كل واحد منا، وبقدر طاقته أن يعين هؤلاء بما يتمكن من الدعاء والتوسل وإرسال المعونات وما أشبه).

هذا ما جاء على لسان سماحة المرجع الشيرازي في عهد النظام الزائل، لهذا لابد أن يتنبّه القادة الذين أعقبوا النظام المقبور الى المؤلات الكبرى التي يتحصّل عليها العراق، ولابد أن تتضافر الجهود المخلصة من لدن السياسيين وصناع القرار واصحاب الفكر والعلماء والمعنيين جميعا على الاستغلال الامثل لما ينطوي عليه العراق من قدرات مادية وفكرية هائلة.

وهنا لابد للمعنيين من تجاوز الصراعات والمناوشات التي تشغلهم عن الهدف الأسمى ألا وهو نقل العراق من حالة الظلم والحرمان والقهر والجهل الى حالة الرفاه والعلم والتنوير والتطور العلمي الذي يستحقه نتيجة لامتلاكه كل المستلزمات المطلوبة في هذا المجال، وهو أمر ليس مستحيلا فيما لو تضافرت الجهود الخيرة ووضعت الخطط والبرامج الصحيحة لنقل هذا البلد الى مصاف الدول المتقدمة وهو يستحق ذلك استنادا الى خزينه المادي الهائل ومنبعه الفكري الذي لا ينضب أبدا. وهنا ينبّه سماحة المرجع الشيرازي جميع المعنيين بالقول:

(ينبغي على الجميع الانتباه والالتفات لما يجري في العراق). ويضيف سماحته في الكتاب نفسه قائلا: (يكفي العراق كل هذه العقود من الزمن وهو يعيش أشد أنواع الظلم والجور، وأشد المآسي والويلات).

وهكذا تبدو حاجتنا كبيرة الى نقل العراق من حالة الجور والطغيان الى حالة الرقي الانساني التي يستحقها، وهو أمر ليس صعبا بعد الخلاص من الدكتاتورية التي أنهكت العراقيين ودمرت حياتهم، ولكن يبقى الامر منوطا بالقادة العراقيين الجدد الذين لابد أن ينقلوا العراق الى حال أفضل لكي يثبتوا بأنهم قادته المخلصون فعلا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/تموز/2010 - 4/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م