غوغل.. بين مصالح أمريكا وفلاتر الصين

 

شبكة النبأ: نتيجة لتفاعلات المواجهة الحادة بين شركة غوغل والصين تعرضَ محرك البحث الشهير جوجل لبعض العراقيل في بعض مناطق هذه الدولة التي تضع نصب أعينها الحد من التاثير الأمريكي عليها في كافة المجالات ومنها هذه القضية الحساسة ذات العلاقة بالمعلومات المختلفة والتوجهات الحقوقية والثقافية، ونتيجة لهذا الصراع ذُكر أن عددا من مستخدمي الشبكة الإلكترونية لم يتمكنوا من ولوج جوجل أو نسخته الصينية. واتهم الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية كين جانج جوجل بنشر المواقع الإباحية وبانتهاك القانون الصيني. ولكن جوجل من جهته قال إنه يحقق في أسبابا انقطاع خدماته في بيكين وشنجهاي.

وتتزامن هذه المصاعب مع دعوة الولايات المتحدة للسلطات الصينية إلى التراجع عن تنفيذ خطتها بوضع مصافي في كل أجهزة الحواسيب في الصين للحيلولة دون ولوج بعض المواقع.

وتعتبر الولايات المتحدة أن مثل هذه الإجراءات انتهاك لما التزمت به الصين من حرية التبادل التجاري، كما تضعف سلامة الإنترنت وتطرح مسألة الرقابة بشكل مثير للقلق.

ويرى المراقبون أن هذا الجدل بين الولايات المتحدة والصين قد يكون معركة في حرب تجارية أوسع من الحواسيب إلى استيراد الدواجن.

الصين تجدّد رخصة عمل غوغل

وجدّدت حكومة الصين ترخيصها لشركة خدمات الإنترنت الأمريكية العملاقة ''جوجل'' للعمل في الصين التي تضم أكبر تجمُّع لمستخدمي الإنترنت في العالم، وذلك بعد أسابيع من المفاوضات بين الجانبين والتكهنات بشأن مستقبل ''جوجل'' في الصين، في أعقاب إغلاق موقع ''جوجل'' في الصين نتيجة الخلاف بشأن الرقابة على محتويات البحث.

وقالت مارشا وانج متحدثة باسم شركة جوجل تشاينا التابعة لـ ''جوجل'' في الصين: إن الحكومة الصينية وافقت على طلب ''جوجل'' لتجديد رخصة العمل كموفر محتوى إنترنت في الصين. وذكرت ''جوجل'' في بيان ''نحن سعداء للغاية لأن الحكومة جدّدت رخصتنا ونتطلع إلى مواصلة تقديم خدمات البحث على الإنترنت والمنتجات المحلية لمستخدمينا في الصين''.

كانت شركة جوشيانج إنفورمشن تكنولوجي الصينية التي تشغل موقع ''جوجل دوت سي إن'' التابع لـ ''جوجل'' قد قدّمت طلبا لتجديد الترخيص الذي انتهى في 30 حزيران (يونيو) الماضي، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام الصينية الرسمية في وقت سابق. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن جوشيانج تعهدت بضمان ''ألا تقدم الشركة أي محتوى ينتهك القانون'' وفقا للقواعد الصينية لإدارة محتوى الإنترنت. تحظر القواعد الصينية بث أي مواد إباحية أو تحرض على العنف أو تهدد سلطة الدولة أو الأمن القومي أو تشوّه سمعة البلاد وتهدّد مصالحها.

كانت ''جوجل'' قد انتهجت سياسة جديدة تجاه مستخدمي الموقع في الصين مؤخراً حيث أوقفت تحويل المستخدمين إلى صفحتها في هونج كونج، على أمل أن يقنع ذلك بكين بتجديد ترخيصها. وكانت ''جوجل'' توجه مستخدميها في الصين بشكل آلي إلى موقعها في هونج كونج الذي لا يخضع للرقابة، وذلك إثر خلاف مع الحكومة الصينية، ما قوبل بتعليقات عنيفة من بكين وأثار شكوكا حول مستقبل الشركة في الصين.

استمرار الخلافات بين واشنطن وبكين..

وأزال الاتفاق بين شركة جوجل وبكين على انهاء نزاع بينهما بسبب الرقابة أحد مصادر التوتر في العلاقات الامريكية الصينية ولكن لا تزال هناك خلافات عميقة بين البلدين حول مستقبل الانترنت. وكانت شركة جوجل أعلنت يوم الجمعة أن الصين جددت ترخيصا لعملاق البحث جوجل لتشغيل موقعه الالكتروني باللغة الصينية بعد أن وافق على وقف توجيه عملائه في الصين تلقائيا الى صفحة البحث الخاصة بهونج كونج غير الخاضعة للرقابة.

وقال شيلدون هميلفارب خبير التكنولوجيا في معهد السلام الامريكي "كلا الجانبين تنازل عن شيء ما ومن ثم كان ذلك حلا دبلوماسيا ممتازا.

"ولكن هناك أمرا جانبيا مستمرا يتعين علينا أن نواصل النظر اليه.. انه النمط المربك لاساءة استغلال أخلاقيات الانترنت من قبل الصينيين."

ونزع الاتفاق الذي أبرمته جوجل فتيل خلاف بين واشنطن وبكين انفجر في يناير كانون الثاني الماضي بعد أن قالت شركة جوجل انها قد تضطر الى ترك السوق الصينية بسبب هجمات المتسللين والمخاوف من الرقابة. بحسب رويترز.

وقادت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون المسؤولين الامريكيين في تأييد جوجل ومطالبة الصين بتفسير حوادث التسلل المزعومة لتضيف توترا الى العلاقات المتوترة بسبب ممارسات العملة الصينية ومبيعات السلاح لتايوان وقضايا أخرى.

وقوبلت تلك المطالب باستنكار من بكين التي رفضت الاتهامات وجندت وسائل الاعلام الصينية لاتهام جوجل بالترويج لبرنامج سياسي.

ولكن نظرا لان العلاقات الامريكية الصينية متوترة بالفعل وأصبح مستقبل جوجل في أكبر سوق للانترنت في العالم موضع شك اختارت جميع الاطراف التراجع قليلا أملا في امكانية التوصل الى حل. وكانت النتيجة الاتفاق الذي أعلن يوم الجمعة.

وعلقت ربيكا ماكينون خبيرة الشؤون الصينية في مركز سياسة تكنولوجيا المعلومات في برينستون على الاتفاق قائلة "انه حل صيني تقليدي.

ومضت تقول "من الناحية الجوهرية لم يغيروا شيئا ولكنهم أذعنوا للقانون الصيني من الناحية الفنية." ويتضمن الاتفاق مزايا واضحة لجوجل التي تأمل في استغلال موقعها الصيني للدخول في مجالات أخرى مثل البحث عن المواد الموسيقية وترجمة النصوص بينما يلقى نظام اندرويد لتشغيل الهواتف المحمولة رواجا كبيرا في البلاد.

وقال محللون ان الصين استفادت أيضا بارسال اشارة مطمئنة الى الشركات الاجنبية بأنها ستلعب وفق قواعدها بينما ستبقي شركة عالمية مبتكرة مثل جوجل في سوقها المحلية حيث يمكن للشركات الصينية أن تتنافس معها وأن تتعلم منها.

وبالنسبة للولايات المتحدة فان توجيه الاضواء بعيدا عن جوجل يعزز التطورات الايجابية الاخرى بما في ذلك الخطوات التي يتخذها الجانبان لحل الخلاف حول تقييم الصين لعملتها وضغطها الفاتر والمستمر في الوقت نفسه على ايران بسبب برنامجها النووي.

ولكن المحللين قالوا ان خلاف الانترنت الرئيسي بين واشنطن وبكين حول حرية المعلومات وحرية التعبير لا يزال قائما وكذلك المخاوف الامريكية المتزايدة بسبب حوادث هجمات الانترنت والتسلل. ولكن قد تكون هناك علامات على حدوث تقدم.

غوغل يعتذر لعملائه..

وقدّمَ جوجل، اعتذارا لجميع مشتركيه التجاريين ومستخدميه من الافراد بسبب انقطاع الخدمة عنهم لفترة تزيد عن ساعتين.

وقد انقطعت خدمة البريد الالكتروني الخاصة بجوجل (جيميل) عن مستخدميها لمدة تزيد على ساعتين ونصف بحدود الساعة التاسعة والنصف بتوقيت جرينتش الثلاثاء، حسب تصريحات جوجل. الا ان هناك ما يثبت انها انقطت عن الكثيرين لمدة تزيد على اربع ساعات، وهي اطول فترة انقطاع عانت منها خدمات جوجل.

وتشير التقديرات الى ان عدد من تأثر بانقطاع الخدمة في العالم بلغ قرابة 113 مليون مستخدم خاص وتجاري. بحسب بي بي سي.

وقال جوجل ان مهندسيه يعملون حاليا على معرفة "جذر المشكلة"، مبديا أسفه الشديد لما حدث. يذكر ان ما يزيد على مليون مؤسسة وشركة تجارية حول العالم تستخدم جوجل حاضنا لمواقعها الالكترونية في الانترنت.

كما يقدم جوجل خدمات بريد الكتروني لنحو 283 مليون مستخدم خاص وتجاري، مقابل 274 مليون مستخدم لموقع ياهو المنافس.

واشنطن تحتج على هجمات الصين الالكترونية

كما وأعلنت الخارجية الأمريكية انها ستحتج رسميا على "الهجمات المعلوماتية التي تشنها الصين" على شركة غوغل العملاقة للبحث على الانترنت.

وقال بي-جاي كراولي المتحدث باسم الوزارة ان واشنطن ستستفسر لدى بكين رسميا بهذا الشأن وعما تعتزم القيام به في هذا الشأن. وقد هددت غوغل بانهاء أنشطتها في الصين بسبب الهجمات المتوالية على صناديق البريد الإلكتروني التي تكاثرت مؤخرا، على حد قولها.

وأضافت الشركة التي لم تتهم بكين مباشرة بالمسؤولية عن ذلك، إنها لم تعد راغبة في ممارسة الرقابة على موقع البحث التابع لها باللغة الصينية.

وكان وزير التجارة الأمريكي، جاري لوك، قد قال إن الصين مطالبة بضمان تأمين "بيئة تجارية" لغوغل وشركات أخرى. بحسب بي بي سي.

لكن الصين أكدت ان قضية غوغل لن يكون لها اي تأثير على علاقاتها التجارية والاقتصادية مع الولايات المتحدة، حيث قال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية ياو جيان: "مهما كان القرار الذي ستتخذه غوغل فهو لن يؤثر على العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة." واضاف ان "للبلدين قنوات اتصال متعددة. نحن نثق بالتطور السليم للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة."

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو اعلنت الخميس ان الانترنت في البلاد "مفتوحة".

وقالت ان "الصين ترحب بالعمليات على ارضها طبقا للقانون الصيني لشركات الانترنت العالمية." وأكدت جيانغ على انه يتوجب على الشركات الاجنبية ان "تحترم القوانين والمصلحة العامة والثقافة والتقاليد في الدول المضيفة وان تتحمل مسؤولياتها على هذا الاساس."

وافادت تقارير بان شركات اخرى تعمل في نفس الميدان، ومنها ياهو، لاحظات انها صارت هدفا لهجمات معلوماتية من الصين هي الاخرى.

يذكر أن غوغل دشنت محرك البحث باللغة الصينية عام 2006، موافقة على ممارسة الحكومة الصينية نوعا من الرقابة على نتائج البحث.

وتعد غوغل مسؤولة عن نحو ثلث عمليات البحث في الصين إذ تأتي في مرتبة ثانية ومتأخرة بعد شركة "بايدو" الصينية المنافسة والمسؤولة عن أكثر من 60 في المئة من عمليات البحث.

وقالت غوغل إن الحالات التي تعرضت فيها حسابات مشتركين للاختراق أظهرت أن المخترقين اقتصروا على الوصول إلى معلومات فنية من قبيل تاريخ إحداث الحساب وليس التسلل إلى مضمون صناديق البريد.

وأضافت شركة غوغل أنها اكتشفت أن حسابات عشرات المشتركين في الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي المناصرين لحقوق الإنسان في الصين يبدو أنها تعرضت للاختراق "بشكل روتيني". ويُذكر أن 340 مليون صيني يستخدمون خدمات الإنترنت مقارنة بـ 10 ملايين شخص قبل عقد مضى.

غوغل ترفض اشتراطات الرقابة الصينية

ومن جهتها أكدت شركة غوغل أنها لا تزال تفرض رقابة على محتوى موقعها على الانترنت في الصين، بعد يوم من تحذيرها بأنها ستتحدى القيود الصارمة التي تفرضها الحكومة على الانترنت في الصين.

وقال المتحدث باسم محرك البحث الشهير إنه لم يطرأ تغيير على سياسة الشركة في فرض رقابة على نتائج البحث والتي تهدف لمنع دخول متصفحي الانترنت إلى مواقع لدى الصين اعتراضات سياسية عليها.

وقالت جوجل إنها ترغب في اجراء محادثات حول المسألة مع الحكومة خلال الاسابيع القليلة المقبلة بعد أن كشفت ما قالت إنها هجمات قرصنة الكترونية ضد نشطاء صينين في حقوق الانسان. ولم تتهم الشركة الحكومة الصينية تحديدا بالقيام بذلك لكنها قالت انها لم تعد ترغب بمراقبة نتائج موقعها الصيني كما تطلب الحكومة الصينية. وتقول جوجل ان القرار قد يعني ايقاف العمل بموقعها الصيني الذي اطلق عام 2006.

وابدت الخارجية الامريكية اهتماما كبيرا باتهامات جوجل للصين بممارسة الرقابة وتقييد حرية البحث على الانترنت.

اذ قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون: "لقد اعلمتنا جوجل بهذه الادعاءات، التي تثير تساؤلات و(تستدعي) اهتماما جادا، ونحن نتطلع لان نرى توضيحا من الحكومة الصينية لذلك". وعلق الناطق باسم الخارجية الامريكية بي جي كرولي على الموقف قائلا بأن "الصين مثل أي امة اخرى يجب ان تساعد في الحفاظ على ان تكون قي شبكات الانترنت امنة".

واضاف ان: "اية امة لها التزاماتها، بغض النظر عن مصدر النشاطات الالكترونية الخبيثة، في الحفاظ على جانبها من الشبكة امنا".

واوضح وذلك يشمل الصين، فكل دولة ينبغي ان تجرم النشطات الخبيثة على شبكات الكومبيوتر". واوضح كرولي ان شركة جوجل كانت على اتصال مع وزارة الخارجية الامريكية قبل ان تعلن موقفها بأنها قد تنسحب من الصين.

وقد هبطت اسهم شركة جوجل بعد اعلان الخبر مباشرة بنسبة 1.39 % الى 584 دولارا في سوق الاسهم في نيويورك. وقال ديفيد درموند من جوجل : " ان الهدف الاولي للمهاجمين كان الدخول الى حسابات البريد الالكتروني (جي ميل) لناشطي حقوق انسان صينين".

وقالت الشركة ان تحقيقاتها كشفت عن ان حسابي بريد الكتروني (جي ميل) قد تم اختراقهما. واضافت ان الاختراقات كانت محدودة في معلومات حساب البريد الالكتروني مثل تاريخ انشاء صندوق البريد الالكتروني ومعلومات عامة وليس لمحتويات صناديق البريد الالكتروني ذاتها. كما كشفت ايضا ان صناديق البريد الالكتروني للعشرات من "المدافعين عن حقوق الانسان في الصين" ، في الولايات المتحدة والصين واوربا قد "تم اختراقها بشكل روتيني من طرف ثالث". واوضحت ان اختراق هذه الحسابات البريدية لم يتم عبر أي خرق امني في جوجل بل " في الغلب عبر تصيد احتيالي او برمجيات خبيثة توضع في كومبيوترات المستخدمين". وقال مراسل البي بي سي لشؤون التكنولوجيا روري سيلين جونز ان هذه الهجمات التي ترافقت مع محاولات اخرى لتقييد حرية التعبير قد دعت جوجل الى اعادة النظر في موقفها. واضاف :" اذا رفضت الحكومة السماح لها بتقديم خدمتها بدون رقابة، وهذا هو المتوقع في الغالب، فان جوجل ستنسحب".

وكانت جوجل قد بدأت خدمتها الصينية قبل اربعة اعوام بعد ان وافقت على فرض بعض الرقابة على نتائج بحثها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/تموز/2010 - 1/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م