تداعيات الأزمة المالية: مؤتمرات عولمة سرية وحقوق عمّال مُهانة

 

شبكة النبأ: حضر مع 130 من  القادة السياسيين ورؤساء الشركات والبنوك العالمية، كلا من إيريك شميت رئيس شركة غوغل وبيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت، للمشاركة في مؤتمر سري لقادة العولمة تقيمه سنويا منظمة سرية تعرف باسم بيلديربيرغ Bilderberg، وذلك في مدينة سيتغس في إقليم كاتالونيا الاسباني وفقا لصحيفة الاندبندنت.

وتثير السرّية التي أحاطت بهذا المؤتمر نظريات المؤامرة التي تتهم المنظمة بأنها تملك سلطة القرار العالمي وسلطة صناعة الرأي العام.

وتشير صحيفة التايمز أن مستقبل اليورو يتصدر أجندة المؤتمر التي ناقشها رئيس الوزراء الاسباني مع قادة المال والسياسة في هذا المؤتمر السري حيث يتوقع هؤلاء أنه في حال وقوع إسبانيا في تكرار لسيناريو الانهيار المالي في اليونان فإن ذلك سيعني نهاية لليورو. ويأمل الإسبان أن لا يواجهوا مصير اليونان حيث بدأ انهيارها المالي بعد شهور قليلة من انعقاد مؤتمر بلديربيرغ فيها.

فقد وصلت معدلات البطالة في إسبانيا إلى 18% نتيجة للأزمة المالية العالمية وجهود الحكومة في التحول إلى الاقتصاد "الأخضر" بموجب توصيات الاتحاد الأوروبي. ويدافع المؤتمر عن اليورو خاصة مع توجه دول خليجية وإيران لاستبدال الاحتياطي المالي لديها من اليورو والدولار بمعدن الذهب وفقا للصحف الإسبانية. 

ومن جانب آخر أظهرت دراسة عالمية أن الازمة المالية العالمية أدت الى تراجع السلام العالمي من خلال اذكاء معدلات الجريمة والاضطرابات المدنية ولكن خطر اندلاع نزاعات مسلحة مباشرة يبدو في انخفاض.

وأظهر مؤشر السلام العالمي 2010 -الذي يدرس عشرات من المؤشرات من معدل الجريمة الى الانفاق الدفاعي الى النزاعات بين الدول المجاورة واحترام حقوق الانسان- انخفاضا عاما في مستوى السلام.

لكن افريقيا والشرق الاوسط هما المنطقتان الوحيدتان اللتان شهدتا ارتفاعا في مستوى السلام منذ بدء هذه الدراسة في 2007 بينما ظهرت زيادة واضحة في احتمالات حدوث اضطرابات في بلدان منطقة اليورو التي تواجه صعوبات مثل البرتغال وأيرلندا وايطاليا واليونان واسبانيا.

وشهدت افريقيا انخفاضا حادا في عدد النزاعات المسلحة وتحسنا في العلاقات بين البلدان المجاورة مما غطى على اثار ارتفاع معدل الجريمة. وجاء تحسن التقييم بالنسبة للشرق الاوسط وشمال افريقيا بفضل تحسن العلاقات بين بلدان المنطقة كسبب رئيسي.

لكن الصورة مازالت متباينة بالنسبة للمنطقتين. فاثيوبيا حلت في المركز الاول في قائمة البلدان "الاكثر تحسنا" في 2010 بينما ضمت قائمة البلدان الاقل سلاما العراق والصومال وأفغانستان والسودان. بحسب رويترز.

وكانت العوامل الرئيسية لتراجع السلام العالمي ارتفاع معدل جرائم القتل بنسبة خمسة بالمئة وزيادة المظاهرات العنيفة وتفاقم الخوف من الجريمة.

وقال ستيف كيليليا -وهو رجل أعمال استرالي وصاحب فكرة المؤشر- لرويترز "شاهدنا ما يشبه تأثيرا مباشرا بسبب الازمة." وأضاف "على أقل تقدير ثمة بعض الاضطرابات التي ربما لا مفر منها لكن المهم هو اتخاذ اجراءات لجعلها عند الحد الادنى."

وقال ان هذا قد يعني ضرورة مشاطرة الاثار الاقتصادية السلبية بالتساوي في المجتمع للحفاظ على الترابط الاجتماعي.

وربما أدى نقص السيولة الى انخفاض نسبة الانفاق الدفاعي الى الناتج المحلي الاجمالي الى أدنى مستوياتها في أربع سنوات مع تحسن العلاقات بشكل عام بين الدول وجيرانها.

وقال كيليليا "في أغلب مناطق العالم يبدو أن خطر الحرب يتراجع."

ويقوم باعداد المؤشر معهد الاقتصاد والسلام بناء على بيانات من ايكونوميك انتليجنس يونت. ووفقا لتقديراتهما فان العنف يكلف الاقتصاد العالمي سبعة تريليونات دولار سنويا.

أي أن خفض مستوى العنف بنسبة 25 بالمئة سيوفر حوالي 1.7 تريليون دولار سنويا وهو ما يكفي لسداد ديون اليونان وتمويل أهداف الالفية للتنمية التي وضعتها الامم المتحدة وتمويل جهود الاتحاد الاوروبي لبلوغ أهدافه المناخية ومستويات انبعاثات الكربون لعام 2020.

وقال "ثمة فوائد اقتصادية واضحة للسلام وهو أمر يراقبه المستثمرون الان عن كثب." وأضاف أن البعض يستخدم المؤشر الى جانب مؤشرات البنك الدولي للحوكمة ونظم تصنيف أخرى لدعم اتخاذ القرارات الاستثمارية.

الفقراء يرزحون تحت كاهل الأزمة

ومن جهة أخرى أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تقريرا بعنوان "صوت المستضعفين" حول تأثير الانتعاش الاقتصادي على الأكثر فقرا في أنحاء العالم، أكد فيه أن الفقراء والمستضعفين يتحملون العبء الأكبر للتكيف مع الأزمة الاقتصادية.

ويقيّم التقرير تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على الفقراء والمشاكل الناجمة عنها ومنها البطالة وعدم القدرة على شراء الطعام المغذي والتكلفة العالية غير المتناسبة لتكيف الأطفال واليافعين والنساء مع الأزمة بالإضافة إلى تزايد التوترات داخل الأسر والمجتمعات فيما تحاول تغطية نفقاتها، وفق الأمم المتحدة.

وحث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قادة الدول الصناعية والدول النامية الكبرى للتركيز على التنمية والنمو الأخضر واحتياجات الفئات الضعيفة عند صنع السياسات وذلك بالنظر إلى ضعف الاقتصاد العالمي الراهن. بحسب رويترز.

وقال كي-مون في رسالة وجهها إلى قيادات مجموعة العشرين: "إنني أحث على دعم المبادرات التي تعزز جهود الإنعاش والاستقرار الاقتصادي والبيئة النظيفة وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية."هذا ومن المقرر أن تعقد مجموعة العشرين  قمة أخرى في نوفمبر/تشرين ثاني، في سيؤول.

وأشار إلى أن ارتفاع معدلات البطالة وأسعار الغذاء والبضائع قد ساهم في زيادة الفقر والجوع والتوتر الاجتماعي، منوهاً:  "الآن وأكثر من أي وقت مضى، فإن الاستثمار في الفقراء ضروري لاسترداد المكاسب الإنمائية التي خسرناها بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية بما في ذلك الأهداف الإنمائية للألفية."

وأضاف بان كي مون أن الإنعاش الاقتصادي يتقدم بخطى مختلفة في أنحاء العالم، ولا يزال هشا في معظم الدول، لذا فإن مقولة المقاس الواحد يصلح للجميع ليست قابلة للتطبيق في هذه الحالة."

وأشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من الحوافز المالية في العديد من الدول، إلا أن الأدلة تشير إلى أنها لم تستطع تلبية الاحتياجات الفورية للفقراء ولمعظم المستضعفين.

وقال روبرت أور، مساعد الأمين العام لتخطيط السياسات، "إن التقرير يشير إلى أن الكثير من المعاناة تجري في الدول النامية، وفي الحقيقية وعلى الرغم من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية في عدد من الدول النامية إلا أن العديد من مواطني تلك الدول يعانون بصورة كبيرة"، بحسب ما أورد المصدر.

الأزمة المالية فاقمت الفقر..

وذكر تقرير حديث صدر عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن الأزمة المالية الدولية أبطأت جهود الحد من الفقر في الدول النامية، وأن آثارها ستمتد إلى العقد المقبل وما بعده.

ويقول "تقرير الرصد العالمي لسنة 2010: الأهداف الإنمائية بعد الأزمة" إن الأزمة العالمية أثرت على عدد من المجالات الرئيسية لهذه الأهداف الإنمائية، بما فيها تلك المتعلقة بالجوع، ووفيات الأطفال والمساواة بين الجنسين، والقدرة على الحصول على المياه النظيفة، ومكافحة الأمراض، وإنها سوف تستمر في التأثير على آفاق التنمية في الأمد الطويل إلى ما بعد عام 2015.

ونتيجة للأزمة العالمية، سيقع 53 مليوناً آخرين من البشر فريسة للفقر المدقع حتى حلول عام 2015،  وتوقع التقرير، الذي نشر في الموقع الإلكتروني للبنك الدولي، أن يبلغ إجمالي عدد من يعانون من الفقر المدقع نحو 920 مليون شخص بعد خمس سنوات من الآن، وهو ما يعني حدوث انخفاض كبير قياساً على عدد من كانوا يعيشون في فقر مدقع عام 1990 والذي بلغ 1.8 مليار شخص.

واستبعد التقرير النجاح في تحقيق الهدف الإنمائي الحاسم بخفض نسبة من يعانون من الجوع إلى النصف خلال الفترة 1990 إلى 2015، حيث يواجه أكثر من مليار شخص صعوبات بالغة في تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.

ويذكر أن أزمة ارتفاع أسعار الغذاء والأزمة المالية اللتان نشبتا في عام 2008 لعبتا دوراً في تفاقم الجوع ببلدان العالم النامية. بحسب سي ان ان.

وورد في التقرير أن أكثر من مليون طفل تحت سن الخامسة قد يلقون حتفهم بين عامي 2009 و2015 بسبب آثار الأزمة المالية.

وقال موريلو بورتوغال، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، إن "الأزمة المالية كانت بمثابة صدمة شديدة أصابت البلدان الفقيرة بقوة."

وأوضح ديلفين سيا غو كبير الخبراء الاقتصاديين بقسم شؤون أفريقيا في البنك الدولي، إن "أهم النقاط التي تضمنها تقرير الرصد الدولي لعام 2010 هي أن آثار الأزمة المالية ستكون بعيدة المدى وسنشعر بها لسنوات طويلة على الرغم من مرحلة التعافي التي تمر بها الاقتصاديات."

وتابع:" فقد شهدت الفترة السابقة للأزمة تحقيق تقدم كبير على صعيد عدد من الأهداف الإنمائية للألفية، ولكن الآن ستظل هناك فجوات على مسار عدد من الأهداف مثل تخفيض معدلات الفقر ووفيات الأطفال ورفع نسب الالتحاق بالمدارس وتحسين صحة الأمهات."

قبل الأزمة بوقت طويل، كان التقدم المحرز نحو تخفيض أعداد الفقراء يتسم بالتفاوت فيما بين بلدان العالم النامية.

ومن المرجح، وبحلول عام 2015، أن يظل 38 في المائة من سكان المنطقة على فقرهم، وهو ما يعني عدم بلوغ الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية.

وتوقع التقرير تناقص أعداد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع بما يعني أن العالم سيتمكن من تحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية والمتعلق بتخفيض تلك الأعداد إلى النصف بحلول عام 2015.

عمال العالم يتعرضون للقتل والقمع

وفي ذات السياق قال تقرير للاتحاد الدولي لنقابات العمال إن حوادث قتل النشطاء العماليين شهدت ارتفاعا حادا في عام 2009 اذ أدت الازمة الاقتصادية العالمية الى أعمال عنف ضد العمال المطالبين بحقوقهم.

وذكر التقرير الذي نشر بحيث يتزامن مع المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية في جنيف أن الحكومات في البلدان المتقدمة والنامية تضيق الخناق على النقابات وأن أصحاب العمل يمعنون في التخويف وأشكال اضطهاد أخرى من بينها تفتيت النقابات.

وقال التقرير "يتواصل انتهاك حقوق نقابات العمال.. وفي حالات كثيرة يمر دون أي عقاب. ويستمر قمع نشطاء النقابات بينما تخفق الحكومات في تحمل مسؤولياتها في ضمان احترام هذه الحقوق."بحسب رويترز.

وذكر الاتحاد الذي يتخذ من بروكسل مقرا أن 101 من النشطاء العماليين قتلوا في 11 بلدا العام الماضي أغلبهم في أمريكا اللاتينية وبعضهم في اسيا وافريقيا مقارنة مع 76 قتيلا في عام 2008.

وقال ان كولومبيا شهدت أكبر عدد من حوادث قتل العمال اذ بلغ عدد القتلى 48 شخصا بينهم 22 من قادة نقابات العمال منهم خمس نساء. ويليها في الخطورة جواتيمالا التي قتل فيها 16 شخصا ثم هندوراس التي قتل فيها 12 شخصا.

وذكر التقرير أن ستة نشطاء قتلوا في كل من بنجلادش والمكسيك في حين قتل أربعة في البرازيل. وبقية الدول التي شهدت حوادث قتل لنشطاء نقابيين هي جمهورية الدومنيكان والفلبين والهند والعراق ونيجيريا.

وقال التقرير ان كثيرا من الدول التي وقعت على اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن معايير العمل الاساسية التي تشمل حق الاضراب وحق تشكيل النقابات تجاهلت تلك الاتفاقيات وأخفقت في حماية عمالها.

واستخدمت كثير من الحكومات والشركات الازمة الاقتصادية كذريعة لاضعاف وتقويض حقوق النقابات في ظل الغاء عشرات الملايين من الوظائف ومواجهة اللذين احتفظوا بوظائفهم تهديد البطالة المستمر.

وقال التقرير انه بخلاف حوادث القتل كانت هناك محاولات قتل وتهديدات بالقتل في حين سجن الاف النشطاء النقابيين في بلدان من بينها ايران وباكستان وكوريا الجنوبية وتركيا وزيمبابوي.

وذكر أن الشرق الاوسط هي المنطقة التي يوجد فيها أقل قدر من الحماية لحقوق النقابات مع وضع الحكومات عراقيل كبيرة أمام تأسيس النقابات. والعمال المهاجرون في هذه المنطقة معرضون لمخاطر على وجه الخصوص ويعملون غالبا في ظروف صعبة.

ووفقا للاتحاد الدولي لنقابات العمال فان تشكيل التنظيمات في اسيا صعب على العمال بشكل عام. وفي بلدان مثل الفلبين وباكستان والهند يستخدم أصحاب العمل وسائل شتى من المضايقة الى فصل القياديين لتقويض النقابات.

تكلفة الأزمة للعوائل الأمريكية..

وأظهرت دراسة اقتصادية نشرت نتائجها أن الأزمة المالية التي ضربت الولايات المتحدة في 2008 ودفعت الاقتصاد الأمريكي إلى أسوأ موجة ركود منذ الحرب العالمية الثانية كلفت الأسرة الأمريكية حوالي 100 ألف دولار في المتوسط.

وأشارت الدراسة التي أجراها مركز بيو للسياسة الاقتصادية (بيو إيكونوميك بوليسي جروب" إلى أن أكبر الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية جاءت في صورة انخفاض لقيمة الأسهم والعقارات منذ بداية الأزمة في منتصف 2008 .

وقد انخفضت قيمة العقارات في الولايات المتحدة بمقدار 4ر3 تريليون دولار في حين تراجعت قيمة الأسهم بمقدار 4ر7 تريليون دولار خلال الفترة من تموز/يوليو 2008 إلى آذار/مارس 2009 .

وبالنسبة للأسرة الأمريكية المتوسطة فإن هذا يعني انخفاض قيمة مسكنها بمقدار 30 ألف دولار مقارنة بالفترة السابقة على الأزمة كما أن قيمة محفظة الأسهم التي تمتلكها انخفضت بمقدار 66200 دولار.

علاوة على ذلك فإن دخل الأسرة انخفض في المتوسط بمقدار 11 ألف دولار منذ أيلول/سبتمبر 2008 عندما انهار بنك ليمان براذرز الاستثماري مشعلا شرارة أسوأ أزمة مالية تتعرض لها الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/تموز/2010 - 25/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م