مثلما شرع قانون لاجتثاث البعث لابد من تشريع قانون لاجتثاث العبث,
وإذا كان قانون اجتثاث البعث شرع ليكون جزاء عادلا ً لأولئك الذين
أجرموا بحق الشعب العراقي وتلاعبوا بمقدراته، فأن المبدأ ذاته قائماً
حينما يشرع قانون بحق العابثين بمستقبله واستقراره وثرواته وأمنه
وتعطيل دوره الإنساني من خلال توجيهه الى المجهول.
واذا كانت المادة التاسعة من هذا قانون الاجتثاث قد عرفت المجتثين
بأنهم أولئك النفر المستفيدين من نهب ثروات البلاد و العابثين بالمال
العام والمصالح العامة فان الحال ينطبق على البعض ممن يعطلون الحياة
ويهملون المواطن العراقي وهو مشغولون بالصراع على المناصب من أجل نهب
ما يمكن نهبه ولكي يكونوا في مأمن من العقاب من خلال تأخير تشكيل
الحكومة وجر البلد الى الفوضى أو الحصول على مناصب سلطوية تتيح لهم
استمرار حالة العبث.
أن الاساس الذي قام عليه قانون اجتثاث البعث هو محاسبة الذين
أساؤوا استخدام السلطة والمال العام او تطويع السلطة والدولة لخدمة
مصالحهم الخاصة، فقد عبثوا بالعراق لذا استحقوا العقاب، وإذا كان مبدأ
الردع هو وسيلة لعودة الحق الى نصابه فالمنطقي والطبيعي أن يكون هناك
قانون لاجتثاث العبث العراقي.
ان العابثين اليوم بالعراق هم أكثر خطورة من أؤلئك الذين عبثوا
بالعراق وطالتهم يد العدالة وأنزل القضاء بهم حكمه العادل وذهبوا الى
مزبلة التاريخ وذلك لسبب وحيد هو انه هذا البلد يقف اليوم على شفير
الهاوية ولربما يكون لهذه المرحلة تداعيتها الاجتماعية والنفسية
الكبيرة في المستقبل لأن العراقيون الذين ضحوا بدمائهم من أجل إزالة
الدكتاتورية وإزالة المجرمين قد أصيبوا بخيبة أمل جراء ما يشاهدونه من
تلاعب بمقدراتهم بأيدي السياسيين المتصارعين والاهثين وراء السلطة
والتسلط, فهم باتوا لا يميزون (أي العراقيون) بين البعثيين والعابثين
فكلاهما يريد ان يمرر شعاراته للوصول الى السلطة على حسابهم, فبالامس
القريب وقبيل الانتخابات كانت موجة الاجتثاث على أشدها واليوم موجة
التحالفات مع المتهمين بالاجتثاث بالامس على أشدها أيضا ً، فمن يا ترى
يستحق الاجتثاث البعث ام العبث أم الاثنين معا ً، فاذا كانت القاعدة
تشمل كل من يتلاعب بمقدرات البلد ويستغل السلطة والمال العام لأغراضه
الخاصه وكما عرفهم قانون الاجتثاث، فان الذين يستحقون الاجتثاث هم
العابثون سواء كانوا بعثيين أم غيرهم.
ويبقى السؤال هو ضرورة سن قانون يجتث العبث كما سُن قانون اجتثاث
البعث.
* كاتب وإعلامي |