شبكة النبأ: تُعتبر بقعة النفط في
خليج المكسيك الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة إلا أن آثارها على
المدى الطويل على الأنظمة البيئية الحساسة في الساحل الجنوبي الأميركي
لا تزال مجهولة بحسب الخبراء.
وحذر بحث بريطاني بأن تسرب النفط قد يرفع من مستويات مادة الزرنيخ
السامة في المحيطات، مما يخلق خطراً إضافياً، على المدى الطويل، للنظام
البيئي البحري.
وجاء في البحث الذي نفذه باحثون من جامعة "إمبريال كوليج لندن"،
ونشر في دورية "بحوث المياه"، أن ارتفاع معدلات الزرنيخ، وهو عنصر
كيميائي سام يتواجد في النفط كما في المعادن، في مياه البحر قد يؤدي
لتلوث السلسلة الغذائية.
وقد تعطل المادة السامة كذلك عملية التمثيل الضوئي في النباتات
البحرية وتزيد فرص التعديلات الوراثية التي يمكن أن تسبب تشوهات خلقية
وتغيرات سلوكية في الحياة المائية. كما ويمكن أن تقتل أيضا الحيوانات
مثل الطيور التي تتغذى على الكائنات البحرية المتضررة من الزرنيخ.
في الدراسة، اكتشف فريق العلماء أن التلوث النفطي يمكن أن يسد جزئيا
نظام الترشيح الطبيعي في المحيطات مما يعني تراكم المادة السامة وصعوبة
التخلص منها.
ويقول الباحثون إن دراستهم تسلط الضوء على التهديدات السامة الجديدة
التي يمثلها تسرب النفط في خليج المكسيك، منذ انفجار منصة في أواخر
إبريل/نيسان الماضي. بحسب سي ان ان.
وفشلت مساعي شركة "بريتيش بتروليوم" لوقف التسرب النفطي كلياً فيما
تعد أسوأ كارثة بيئية في تاريخ الولايات المتحدة.
وقال البروفيسور مارك سيفتون، من قسم علوم الأرض والهندسة في "امبريال
كوليج لندن": "لا يمكننا الآن قياس كمية الزرنيخ بدقة في الخليج لأن
التسرب مازال مستمراً، لكن الخطر الحقيقي يكمن في قدرة الزرنيخ على
التراكم، وهو ما يعني أن كل بقعة جديدة ترفع مستويات هذه الملوثات في
مياه البحر."
وأضاف: "دراستنا تمثل تذكير زمني بأن التلوث الزمني قد يخلق قنبلة
سامة موقوتة.. يمكن أن تهدد نسيج النظام البيئي البحري في المستقبل."
وبدأ التسرب النفطي بعد انفجار منصة بحرية تابعة لبريتيش بتروليوم
في 25 إبريل/نيسان، مما أدى لمقتل 11 شخصاً، وتسرب كميات من النفط،
اختلف عملاق النفط البريطاني والإدارة الأمريكية في تحديد كميتها.
وأعلنت الشركة البريطانية حينئذ أن أكثر من 5 آلاف برميل نفط تتسرب
يومياً، إلا أن علماء أمريكيين حددوا التسرب بما بين 15 ألف برميل إلى
19 ألف برميل، وتضاعف الرقم مؤخراً إلى قرابة 40 ألف برميل يومياً (1.7
مليون غالون) وفق باحثين أمريكيين.
آثار التسرب لا تزال مجهولة..
وتعتبر بقعة النفط في خليج المكسيك الأسوأ في تاريخ الولايات
المتحدة إلا أن آثارها على المدى الطويل على الأنظمة البيئية الحساسة
في الساحل الجنوبي الأميركي لا تزال مجهولة بحسب الخبراء.
وقال مايكل بوفاضل خبير الهندسة المدنية والبيئية في جامعة تمبل في
فيلادلفيا ان "هذا اسوأ وضع شهدته في حياتي .. ولكننا لا زلنا لا نعلم
اثاره المستقبلية".
الا ان الشيء الوحيد الذي يقول بوفاضل، الخبير المستقبل ومستشار
الحكومة الاميركية، انه متاكد منه هو ان "تاثير البقعة النفطية سيستمر
لسنوات". ويتفق عدد من المسؤولين الحكوميين البارزين مع بوفاضل.
وتقر ليزا جاكسون المسوؤلة في جهاز حماية البيئة ان "الاثار الطويلة
المدى للتسرب النفطي على الحياة المائية لا تزال غير معروفة". بحسب
فرانس برس.
وقد تضررت ثلاث ولايات حتى الان بالتسرب النفطي وتلوث اكثر من 200
كيلومتر من المناطق الساحلية في لويزيانا مما اثار مخاوف على الحياة
البرية المهددة بالخطر في المنطقة.
ويتوقع ان تكون فلوريدا هي الولاية التالية على قائمة الولايات
المتضررة من التسرب النفطي الذي نجم عن انفجار منصة "ديبووتر هورايزن"
البحرية في 20 نيسان/ابريل على بعد 80 كلم قبالة شواطئ لويزيانا مما
ادى الى مقتل 11 من العاملين عليها.
واشارت التقديرات الى ان 20 مليون غالون على الاقل تسربت الى مياه
خليج المكسيك، وحذر الخبراء من وجود اعمدة ضخمة من النفط المتدفق تحت
الماء والتي لا يمكن قياسها من فوق سطح الماء.
والسؤال الصعب الذي يواجه العلماء هو ما هي تاثيرات جزئيات النفط
والمواد الكيميائية المستخدمة لتحليل النفط على سلسلة الغذاء والحياة
العضوية في الخليج. ويعتقد ان البئر النفطي يضخ ما بين 12 و19 الف
برميل يوميا في مياه الخليج.
ويمكن للجزيئات الكيميائية التي تبقى في الماء ان تلتصق بالنباتات
والمواد الغذائية الصغيرة وتنزل الى قاع الخليج حيث ستصبح المصدر
الغذائي للاحياء الاخرى.
ونظرا لان النفط والمواد الكيميائية تحتوي على العديد من الجزيئات
الكيميائية "مما يجعل التنبؤ بالتاثير الطويل الامد اكثر صعوبة"، حسب
بوفاضل الذي اشار الى احتمال حدوث تحولات جينية او فقدان انواع من
اشكال الحياة.
وقام بوفاضل بدراسة التسرب النفطي الذي تسببت به شركة اكسون في
الاسكا في عام 1989، والذي كان اكبر تسرب في الولايات المتحدة. الا انه
قال ان الدراسات التي اجريت على التاثير البيئي للتسرب النفطي في مياه
المحيط العميقة قليلة للغاية، لا يعرف الكثير عن تاثيره على ضغط المياه
الهائل على تركيبة المواد التي تقوم بتحليل النفط التي لم تستخدم على
مثل هذه الاعماق من قبل.
ويقول عالم البيولوجيا ايريك غورديس من جامعة تمبل انه يشعر بالقلق
من ان تحمل التيارات التحت مائية موجة جديدة من اعمدة الخليط النفطي
باتجاه الشعب المرجانية على بعد 40 كلم من مكان التسرب.
وقال "مع تحلل النفط بواسطة الجراثيم فانها ستحرم الشعب المرجانية
من الاكسجين". وكانت شركة بريتش بتروليوم اعلنت انها لن تتمكن من وقف
التسرب قبل اب/اغسطس.
وذكر دوغلاس رادير كبير علماء المحيطات في جماعة صندوق الدفاع
البيئي انه "حتى ذلك الوقت ستكون كمية النفط المتدفق كبيرة للغاية".
وتعد مياه خليج المكسيك من اغنى المياه في العالم من حيث الثروة
السمكية والحياة البحرية حيث تعود على الولايات الساحلية بعائدات تبلغ
عشرة مليارات دولار.
كارثة في قطاع الصيد بثلاث ولايات
ومن جانب اقتصادي قال وزير التجارة الأمريكي جاري لوك إن الحكومة
الأمريكية اعلنت "كارثة في مصايد الاسماك" في الولايات المنتجة
للمأكولات البحرية في لويزيانا ومسيسبي والاباما بسبب التسرب النفطي في
خليج المكسيك وهو ما يجعل الولايات الثلاث مأهلة للحصول على أموال
اتحادية.
وقال لوك في بيان "نتخذ هذا الاجراء اليوم بسبب الصعوبات الاقتصادية
الكبيرة المحتملة التي قد يسببها هذا التسرب النفطي للصيادين والشركات
والمجتمعات التي تعتمد على هذه المصايد."
واضاف قائلا ان هذا القرار "سيساعد على ضمان أن تكون الحكومة
الاتحادية في وضع يمكنها من تعبئة كل أنواع المساعدة التي قد يحتاجها
الصيادون ومجتمعات الصيد."
وتقدم صناعة المأكولات البحرية التي تبلغ حجمها 2.4 مليار دولار في
لويزيانا ما يصل الى 40 في المئة من مدادات الأغذية البحرية الامريكية
وتوظف أكثر من 27 الف شخص. والولاية هي ثاني أكبر مصدر لصيد المأكولات
البحرية الامريكية وأكبر مورد للروبيان (الجمبري) والمحار والكابوريا
وجراد البحر.
وقالت وزارة التجارة إن اعلان الكارثة جاء استجابة لطلبات من بوبي
جيندال حاكم لويزيانا وهالي باربر حاكم مسيسبي. بحسب رويترز.
ومن ناحية اخرى قالت ليزا جاكسون مديرة وكالة حماية البيئة إن
الحكومة الأمريكية أمرت شركة (بي.بي.) النفطية بأن "تقلص بشكل كبير"
استخدامها للمواد الكيميائية في مكافحة البقعة النفطية الضخمة في خليج
المكسيك.
إنقاذ الطيور وإعادة تأهيلها..
ومن جهة أخرى تلقت عشرات الطيور التي تم إنقاذها من بقعة النفط في
خليج المكسيك بالقرب من جراند ايسل الرعاية اللازمة يوم الجمعة في
منشأة خاصة في فورت جاكسون بولاية لويزيانا.
وقالت ريبيكا دوني التي تدير مركز اعادة التأهيل ان ما بين 50 الى
100 طائر يصلون الى المنشأة كل يوم.
وأضافت "في الأسبوع الماضي تعرضنا لانتقادات عنيفة. وزاد عدد الطيور
بشكل كبير للغاية. ونحن نزيد طاقمنا ومواردنا بشكل كبير. ولكن من الصعب
العمل عندما تتعرض لانتقادات. ومن الصعب دائما ان تشعر بانك تزيد
مواردك بسرعة كافية. ولكننا نقوم بعمل جيد للغاية على ما اعتقد." ومعظم
طيور البجع التي تصل الى المنشأة تكون جائعة وملوثة بالنفط ومنهكة
وتعاني من الجفاف.
ويتم في باديء الامر تقييم حالتها ثم معالجتها من الجفاف. وتستريح
الطيور بعد ذلك لمدة 24 ساعة ثم تخضع لعملية استحمام لنحو 45 دقيقة.
وبعد تجفيفها يتم وضعها في اقفاص في الهواء الطلق للتعافي واستعادة
قوتها. بحسب رويترز.
وبعد ذلك تقلهم طائرة تابعة لخفر السواحل الى تامبا باي في فلوريدا
لاطلاق سراحهم على مسافة بعيدة بما يكفي كي لا تعود الى المياه الملوثة
ببقعة النفط. وعادة ما يتم اطلاق سراحها في البرية خلال ما يتراوح بين
خمسة وسبعة ايام.
اتفاق لإنقاذ السلاحف..
وفي ذات السياق قالت جماعة مدافعة عن البيئة ان جماعات معنية
بالبيئة تقترب من التوصل الى اتفاق مع شركة بي.بي النفطية وخفر السواحل
الامريكية بشأن اجراءات لمنع مقتل سلاحف بحرية خلال عمليات احراق
محكومة لنفط متسرب في خليج المكسيك.
وسيسوي الاتفاق قضية تواجه فيها بي.بي اتهاما بخرق قانون الانواع
المعرضة للانقراض في الولايات المتحدة وشروط عقدها مع الحكومة
الاتحادية لاستئجار البئر النفطية في أعماق الخليج والتي وقع بها
انفجار في 20 ابريل نيسان تسبب في أسوأ كارثة تسرب نفطي بحري في
التاريخ الامريكي.
وقال تود شتاينر المدير التنفيذي لمنظمة (شبكة احياء جزيرة السلاحف)
ان محامي الاطراف الثلاثة توصلوا خلال مفاوضات الى اتفاق أولي بشأن خطط
لابعاد السلاحف عن أماكن الخطر خلال احراق النفط في البحر.
وتسعى جماعات الحفاظ على البيئة لاستصدار قرار من محكمة أمريكية
بالوقف الفوري لعمليات الاحراق لحين اتخاذ خطوات تسمح لفرق الانقاذ
بالعمل مع أطقم الاحراق لنقل أكبر عدد ممكن من السلاحف البحرية من
المناطق المحددة. بحسب رويترز.
وتوقفت أعمال الاحراق المحكوم للنفط على مدى الايام القليلة
المنصرمة بسبب ظروف الطقس غير المواتية.
وسلحفاة كيمبز ريدلي البحرية من بين الكائنات الاكثر عرضة للخطر
بسبب عمليات الاحراق المحكوم للنفط المتسرب وهي أصغر سلحفاة بحرية في
العالم ومن أندرها. وتقول الحكومة انه جرى تنفيذ ما لا يقل عن 275
عملية احراق محكوم في الخليج منذ بدء التسرب.
ومن جانب آخر، ربما كانت اسماك القرش - وهي من بين اضخم الكائنات
البحرية - أحدث ضحايا كارثة التسرب النفطي المروعة في خليج المكسيك.
وقال مسؤولون في الادارة القومية للمحيطات والاحوال الجوية هذا
الاسبوع ان اربعة من سلالة اسماك القرش الرقطاء التي يصل طول الكائن
منها الى 12 مترا رصدت وهي تبحر بحثا عن الغذاء قرب موقع انتشار بقعة
الزيت.
ولان اسماك القرش تتغذى من خلال ابتلاع كميات من المياه تحت سطح
الماء مباشرة ثم اخراج هذه المياه عن طريق خياشيمها مع الاحتفاظ
بالمواد الصلبة فان العلماء ينتابهم القلق من احتمالات ان تبتلع هذه
الاسماك كميات كبيرة من النفط السام ربما تودي بحياتها وهي حيوانات
ضخمة لكنها ضعيفة التحمل.
وقال اريك هوفماير المتخصص في دراسة سلوك الحيتان المنتشرة بالمنطقة
بجامعة مسيسبي "المشكلة في انها من الحيوانات التي تتغذى من خلال طبقات
المياه السطحية واذا ازدردت النفط فانها ستهضمه وتغوص وسيتعذر علينا
انئذ معرفة عدد من نفق منها."
وقال انه ما من شك في ان اعدادا من هذه الاسماك ستنفق بسبب بقعة
الزيت مشيرا الى ضرورة تثبيت بطاقات بأجسام هذه الحيوانات لتسهيل مهمة
رصد حركتها وبالتالي معرفة نسبة النفوق جراء بقعة الزيت.
وأمضى هوفماير ثلاثة ايام في منطقة خليج المسيسبي الى جانب خبراء
اخرين في مجال الاحياء المائية للوقوف على سبب تجمع غامض لاكثر من 100
من هذه الكائنات قرب منطقة التلوث.
وقال هوفماير ان من بين المشاكل العويصة انعدام أي وسيلة لابعاد
اسماك القرش عن منطقة الخطر.
وقالت جماعات مدافعة عن البيئة انها على وشك التوصل الى اتفاق مع
شركة بي.بي النفطية وخفر السواحل الامريكية بشأن اجراءات لمنع مقتل
سلاحف بحرية خلال عمليات احراق محكومة لنفط متسرب في خليج المكسيك في
أسوأ كارثة تسرب نفطي بحري في التاريخ الامريكي. |